يتم التحميل...

الواجبات التربويّة للأبوين تجاه الأبناء

تربية الأبناء

فالوالدان لهما دورٌ أساس في توجيه أبنائهم نحو المسائل الدينيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة، بل هما القدوة بأعمالهما وسلوكيّاتهما؛ لأنّ الأطفال لديهم عيون حسّاسة وثاقبة - مثل آلة تصوير - دقيقة تلتقط وتسجّل كافّة حركات وسكنات الوالدين ومشاهد الحياة العائليّة.

عدد الزوار: 392
الوظائف والواجبات التربويّة


يتأثّر الأبناء - عادة - بوالديهم أكثر من الآخرين، فيتقبّلون دينهم ومذهبهم وأخلاقهم وتوجّهاتهم. والرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم بيّن هذا الدور الواسع والنافذ للأبوين حيث قال: "إنّ كلّ مولود يُولَد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه"1.

فالوالدان لهما دورٌ أساس في توجيه أبنائهم نحو المسائل الدينيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة، بل هما القدوة بأعمالهما وسلوكيّاتهما؛ لأنّ الأطفال لديهم عيون حسّاسة وثاقبة - مثل آلة تصوير - دقيقة تلتقط وتسجّل كافّة حركات وسكنات الوالدين ومشاهد الحياة العائليّة.

من هنا، يصبح من الضروريّ مراعاة الوظائف والواجبات التربوية عند تسنّم الوالدين مقام القدوة والأنموذج بهدف تربية أبنائهما تربية دينيّة، وهذه الوظائف هي على النحو التالي:

التزام الوالدين بالأوامر الدينيّة

الطِّفل عادةً ما يتعلَّم المحادثة، آداب العشرة، مراعاة النظام أو الفوضى، الأمانة أو الخيانة، الصدق أو الكذب، الخير أو الشر والآداب والسنن الدينيّة من محيط عائلته. وعندما يولي الأب والأمّ أهمّيّة خاصّة للأوامر الدينيّة، ويكونان من أهل العبادة، والصلاة، والدعاء، وتلاوة القرآن، ويهتمّان بعالم المعنويّات، ويراعيان الموازين الأخلاقية؛ فإنّهما بلا شكٍّ سيتركان أثراً بالغاً في الأبعاد الروحية والدينيّة عند الولد.

ولهذا السبب، عندما يشاهد طفل ذات الثلاث أو الأربع سنوات والديه يصليان، فإنّه سوف يرغب في الصلاة، فيركع ويسجد مثلهما، ويتعلّم منهما الكثير من الآداب الإسلامية والدينية الأخرى.

وفي هذا الصدد يؤكِّد الإمام الصادق عليه السلام على حقيقة أثر الأب في توجيه أسرته: "لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العلم والأدب الصالح حتى يدخلهم الجنّة جميعاً حتى لا يفقد فيها منهم صغيراً ولا كبيراً، ولا خادماً ولا جاراً، ولا يزال العبد العاصي يُورث أهل بيته الأدب السيّء حتى يدخلهم النار جميعاً، حتى لا يفقد فيها منهم صغيراً ولا كبيراً، ولا خادماً ولا جاراً"2.

كما أنّ مرافقة الأطفال أمّهاتهم وآبائهم إلى المساجد والحسينيّات، ومشاركتهم في مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام والبكاء عليه مثلما يبكي عليه والداه، يعبّر عن التأثير العمليّ للوالدين على السلوك الدينيّ للأبناء.

وللأم الدور الأكبر من بين أفراد الأسرة في تربية الولد، فهي أوّل شخص له علاقة مباشرة مع الطِّفل؛ تؤمّن احتياجاته، وتلبّي طلباته. ومن هنا، فإنّ الطِّفل يتأثّر أكثر بإحساسات الأمّ وعواطفها وأفكارها. وعلى هذا الأساس، تعدّ وظيفة الأمّ تجاه التربية الدينية للطفل أثقل.

حسن اختيار المعلّمين والمربّين

ينبغي للأهل أن يراعوا الدّقّة في انتخاب المدرسة والمعلّمين والمربّين لأولادهم، وأن يكونوا على علاقة متينة ولصيقة مع المدرسة والمعلّمين والمربّين أثناء تواجد أولادهم في المدرسة. بالإضافة إلى التنسيق مع الهيئة التعليمية والتربوية بشكلٍ تامّ في إيصال المفاهيم الإسلاميّة والتربية الدينيّة، لأولادهم. والسعي لإزالة أيّ تعارض وتضاد بين المدرسة والبيت؛ لناحية التربية الدينية.

المساعدة في اختيار الأصدقاء

إنّ الأصدقاء والرفاق هم قدوةٌ سلوكيّة وتربويّة لأبنائنا. إذ يرغب الفتيان والفتيات بنحو طبيعيّ في إقامة علاقات صداقة، ويحبّون أن يتّخذوا من هم في سنّهم أصدقاء لهم، وأن يعمّقوا أواصر الصداقة معهم، ولكن لبراءتهم، ولغلبة انفعالاتهم؛ وعدم الالتفات إلى مصالحهم؛ فإنّه من الممكن أن تشتبه عليهم الأمور في انتخاب الأصدقاء، فينتقون أفراداً غير مناسبين لمعاشرتهم. من هنا، تكمن وظيفة الوالدين في أنْ يساعداهم، وأن يوضّحا لهم خطر رفقاء السوء، والأضرار الناجمة عن مصادقتهم، وأن يحذّراهم بأسلوب منطقيّ واستدلالي ومحبِّ من معاشرة الأفراد غير الصالحين والإفراط في الصداقة.

وقد وردت العديد من الروايات التي تحثّ على اختيار الصديق الجيّد، وترك أصدقاء السوء. روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "انظر إلى كلّ من لا يفيدك منفعة في دينك؛ فلا تعتدنّ به، ولا ترغبن في صحبته؛ فإنّ كلّ ما سوى الله تبارك وتعالى مضمحل وخيم عاقبته" 3 ؛ ليؤكّد أنّ الصحبة الحقيقية هي الصحبة التي تتّجه نحو الله تعالى.

وممّا لا شكّ فيه أنّ زيارة الوالدان للعوائل المتديّنة الملتزمة بالأحكام الشرعيّة، واصطحاب الأولاد إلى المساجد والمحافل ذات الطابع الدينيّ، وأمثال ذلك، يساعد بنحو غير مباشر على أن يجد الأولاد أصدقاء مناسبين لهم.

التوجيه نحو القدوة الصحيحة

من أهمّ أساليب التربية الدينيّة الصحيحة؛ أسلوب تحديد القدوة والتوجيه نحوها؛ وهو يتمتّع بالنفوذ والتأثير الكبير؛ لكونه تطبيقيّ وعمليّ. ولقد ذكر القرآن الكريم الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم والنبي إبراهيم عليه السلام على أنّهما أسوة حسنة، ودعا العالمين ليتّخذوهما قدوة وأسوة. كما تمّ تناول القدوة في عدد من الآيات ضمن عناوين كلّيّة، من قبيل: المؤمنون، المتّقون، الصادقون، المحسنون، أولو الألباب، أولو الأبصار وعباد الرحمان. وأحياناً تمّ الحديث عن بعض النماذج الإنسانية وتحديد معايير القدوة في قالب قصصيّ يتناول سيرة حياتهم.

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "كونوا دعاة الناس بأعمالكم، ولا تكونوا دعاة بألسنتكم"4.

وأساس تشكّل شخصيّة الطِّفل يكون في مرحلة السَّنوات السبع الأولى من حياته. والتقليد والاقتداء هما بنيان التعلّم في هذه المرحلة. فالوالدان، الأقارب، الأصدقاء، والرفاق، والمعلّمون، والمربّون؛ هم نماذج وشخصيّات مؤثّرة في تربية الأبناء دينيّاً، لكن يبقى دور الأب والأمّ أهمّ وأكبر.

لذا يمكن للأهل؛ بالاستفادة من مبدأ القدوة أن يوجّهوا أبناءهم باتّجاه القدوة والأسوة الحسنة، على سبيل المثال: يستطيع الأهل أن يشجّعوا أولادهم على المطالعات الدينية والسيرة الذاتيّة لعلماء الدِّين، ويُحضِرُون لهم الكتب المفيدة، والقصص الجميلة والجديرة بالقراءة. كما يمكن الحثّ على مشاهدة البرامج التلفزيونيّة المفيدة، والأفلام التعليميّة، مع إيجاد مساحة رحبة لانتقاد البرامج غير المفيدة والأفلام غير المناسبة.

تعليم المعارف والآداب الدينيّة

على الأب والأمّ أن يعلّما أولادهما المعارف والآداب والسنن الدينيّة. عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "حقّ الولد على والده إذا كان ذكراً أن يستفره أمّه 5، ويستحسن اسمه، ويعلّمه كتاب الله ويطهّره..."6.

وعن الإمام علي عليه السلام: "علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به؛ لا تغلب عليهم المرجئة برأيها"7.

وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليه المرجئة"8.

وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم بشأن تعليم الأولاد الصلاة: "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً..."9.

يظهر من هذه الروايات وأمثالها أنّ وظيفة الوالدين أن يعرّفا أولادهما على الله، وعلى التكاليف الدينية، والأخلاق والسلوكيّات الدينيّة، وآداب العشرة، وأمثال ذلك.

ويجدر بالوالدين أن يأخذا جيّداً بعين الاعتبار المسائل التالية عند تعليم أولادهما معارف الدين وأحكامه:

1. أن يسعيا لزيادة مطالعاتهما الدينيّة وعلومهما في هذا المجال، وأن يعلّما أبناءهما معارف الدين؛ انطلاقاً من معرفتهما الوافية بالدين، وأن يجتنبا إلقاء تعاليم خاطئة؛ لأنّها كثيراً ما تؤدّي إلى استنتاجاتٍ غير صحيحة، وانحرافاتٍ فكريّة عند الأبناء.
2. أن يسعيا للإجابة على أسئلة أبنائهما الدينية؛ بصبرٍ، وسعة صدر، وبنحو منطقي يتناسب مع إدراكهم وفهمهم.
3. أن يراعيا أثناء تعليم أبنائهما المفاهيم الدينيّة مسألة الاختلاف في شخصيّاتهم، وقابليّاتهم واستعدادتهم الذهنية، وميزان استيعابهم وفهمهم.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

يقول القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارً10.
وجاء في الحديث أنه عندما نزلت هذه الآية، جلس رجلٌ من المسلمين يبكي، وقال أنا عجزت عن نفسي وكُلّفت أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك" 11.

وفي رواية أخرى سأل أبو بصير الإمام الصادق عليه السلام: كيف نقي أهلنا؟ أجاب الإمام عليه السلام: "قال تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عمّا نهاهم الله؛ فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك"12.

ويمدح القرآن الكريم نبي الله إسماعيل عليه السلام: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّ13.

كما يروي الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه: "إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين"14.

من البديهي أنّ أمر الأولاد بالمعروف والنهي عن المنكر له خصوصيّاته، ومن الممكن لأدنى اشتباه وتعاطٍ غير صحيح أن يؤدّي إلى آثار مضرّة. لذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار المسائل التالية:

1. ينبغي للوالدين أن يمزجا أمرهما ونهيهما بالمحبّة، والعطف، والأخلاق، والسلوك الحسن.
2. ينبغي أن يعلم الوالدين أثناء التربية الدينيّة أنّ التعاليم الإلهيّة ليست من باب الإجبار والفرض، وإنّما هي من باب الاختيار والقبول. لذا عليهما أن يسعيا لتكون تعاليمهما الدينيّة وأوامرهما ونواهيهما مصحوبة بالترغيب والتشجيع والقول الحسن؛ لتكون مورد قبول.
3. ينبغي للأب والأم أن يُنسِّقا في إعطائهما الأوامر لأبنائهما، حتى لا يحتار الأولاد، ولا تتزلزل اعتقاداتهم. على سبيل المثال: عندما يكون الأب مهتمّاً بحجاب ابنته ويأمر بمراعاته، ينبغي للأمّ أن تُشدّد عليه وتطلب من ابنتها مراعاته. وعندما يمنع الأب ابنه من فعل شيء، فلا تعمل الأمّ عكسه.
4. ينبغي للوالدين كلّما أرادا من أبنائهما القيام بعملٍ ما، أن يكون ذلك العمل ذا قيمة بالنسبة إليهما وأن يعملا به أيضاً؛ ليكون قولهما مؤثّراً عند الأولاد.

الوعظ والإرشاد

على الوالدين أيضاً، نصح الأولاد وإرشادهم؛ فالموعظة تُجلّي القلب، وتُصفّيه، وتوفّر الأرضية المناسبة لتقبّل التعاليم الدينيّة عند الأبناء. فعلى سبيل المثال يوصي الإمام علي عليه السلام، ابنه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام فيقول له: "وأحْيِ قلبك بالموعظة" 15.

وينقل القرآن الكريم بعض وصايا لقمان لابنه؛ وهو يعظه، فيقول له: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور* وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ16.

كما ينبغي للوالدين أن يأخذا بعين الاعتبار قدرة الأبناء، وأن يضعا نفسيهما مكانهم. يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "من كان له صبي فليتصابَ له"17.

ولأجل أن تثمر مواعظُ الأهل ونصائحهم نتائجَ جيّدةً، يلزم الالتفات في الحدّ الأدنى

إلى الشروط الثلاثة المهمّة التالية:

1. ينبغي للوالدين أن يكونا أسوة كاملة؛ يعملان بما يوصيان به أولادهما؛ من نصح وإرشادات.
2. يجب أن يلتفت الأهل إلى تهيئة أبنائهم نفسياً لقبول النصح.
3. ينبغي أن تكون الموعظة بليغة ومؤثّرة، ومن شروط كونها بليغة أن تكون موزونة، وفي محلّها، ومتناسبة مع وضعيّة المستمع الفكريّة ومشاعره النفسيّة والروحيّة.

التقدير والاحترام لشخصيّة الأبناء

إنّ تقدير الأبناء واحترامهم ومعاشرتهم بإحسان ومراعاة شخصيّاتهم من المسائل المهمّة في العمليّة التربويّة؛ فالأبناء الذين ينعمون بقدرٍ كافٍ من الإكرام والاحترام في العائلة، يتمتّعون بروحيّة سليمة وطبيعية وتوازنٍ نفسيّ، ولديهم استعدادٌ أكبر لتقبّل التربية الدينيّة والأخلاقيّة.

وبالعكس، فإنَّ الأبناء الذين لم يلاقوا من أهلهم التكريم والاحترام والتقدير، يشعرون داخل أنفسهم بالحقارة والخسّة، ويتّصفون بروحيّةٍ انهزامية ونفسيّة كئيبة، ويصعب أن يكونوا في المستقبل أشخاصاً فعّالين ومؤثّرين في المجتمع. وهذا الصنف من الأولاد - عادةً - يتَّسم بالخجل، وضعف الشخصية في سلوكيّاته الاجتماعية، وليس لديه عزمٌ وإرادة لتطبيق الأوامر الإلهيّة، وهو متهوّر وجريء في ارتكاب المعاصي والذنوب. عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أنّه كان يأمر أتباعه فيقول: "أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم؛ يُغفر لكم" 18.

إنَّ إظهار نوع من الاحترام للأبناء وتقدير شخصيّتهم يُعدّ من أهمّ العوامل لجلب المحبّة والطاعة؛ فالأبناء الذين يتلقّون الاحترام والتقدير ويتمّ التعامل معهم بأدب، يكون عصيانهم لأوامر والديهما أقلّ.

تنمية الشخصية

وهناك عدّة طرق تساهم في تنمية شخصيَّة الطِّفل وقدراته المعنوية، منها:

1. إلقاء السلام والتحيّة:
من السُّنن الحسنة التي ثبّتها الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ؛ إلقاء التحيّة والسلام على الأطفال، فقد كان بنفسه يُسلِّم دائماً على الأولاد.
فمن الواجب إلقاء التحية على الأطفال؛ لأنّ ذلك يعوّد الأطفال على احترام الكبار، ويساعدهم على الانخراط في المجتمع بكلّ احترام وأدب. ينقل الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "خمس لست بتاركهنّ حتى الممات... تسليمي على الصبيان؛ لتكون سنّةً من بعدي"19.

2. التشاور:
إنّ التشاور مع الأبناء في الأمور العائلية وخاصّةً في مرحلة المراهقة يجعلهم يشعرون بأنّ لهم وزناً وقيمةً في العائلة وأنّه يُلتفت إلى آرائهم. لذا، على الوالدين أن يتقبّلا اقتراحات الشباب الصحيحة، وأن يُصحّحا اشتباههم بالدليل والمنطق. من دون أن يؤذيا شخصيّاتهم أو أن يولّدا لديهم إحساساً بالضعف. وفي حال لم يكن في اقتراحاتهم إشكالٌ أساس، يمكن أن يُغضّ الطرف عن إشكالاتهم الجزئيّة، وأن يُستفاد من المشاركة في التفكير نفسها؛ إذ يُنمّي هذا الأمر حسّ التعاون لديهم داخل العائلة.

3. مشاركتهم في اللعب:
إنّ مشاركة الوالدين الأطفالَ في اللعب، يجعل روحهم مفعمةً بالفرح، وينمّي حسّ الاستقلال والثقة في باطنهم. فعن جابر الأنصاري أنّه قال: "دخلت على النبي صلى الله عليه واله وسلم والحسن والحسين على ظهره، وهو يجثو لهما، ويقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما"20.

 الأخذ بعين الاعتبار شأنيّة الأولاد:
ينبغي أن تُراعى شأنيّة الأولاد والشباب، وأن يُتَعَامل معهم بوصفهم أفراداً لهم استقلاليّتهم، فيتمّ تهيئة مقاعد خاصّة لهم أثناء السفر، وعند الضيافة يُوضع لهم صحون وشوك وملاعق مستقلّة، وأثناء النوم يُمدّ لهم فُرُش مستقلّة. وعندما يدخلون المجالس يُفسح لهم المجال للجلوس في أمكنة خاصّة، وهكذا. فالأولاد يحاولون في كافّة المجالات إبراز وجودهم، ويحبّون أن يلتفت إليهم الكبار، وأن يتفاعلوا معهم بنحو مناسب.


1- بحار الأنوار،ج3، ص281.
2- مستدرك الوسائل، ج12، ص201.
3- بحار الانوار،ج71، ص191.
4- بحار الأنوار، ج5، ص198.
5- يستفره، من الأفراس أي يستكرمها ولا يدعو بالسبّ لأمّه واللعن والفحش.
6- وسائل الشيعة، ج21، ص 481.
7- وسائل الشيعة، ج15، ص 197.
8- م. ن، ج12، ص247.
9- مستدرك الوسائل، ج 3، ص19.
10-التحريم، 6.
11- وسائل الشيعة، ج16، ص148.
12- م.ن.
13- مريم، 55.
14- وسائل الشيعة، ج4، ص19.
15- نهج البلاغة، الخطبة 31.
16- لقمان، 17-19.
17- وسائل الشيعة، ج15، ص203.
18- وسائل الشيعة، ج15، ص 195.
19- وسائل الشيعة، ج12، ص63.
20- بحار الأنوار، ج43، ص285.
21- صحيفة الإمام الخميني، ج‏14، ص 36.

2016-03-05