ما هي الرؤية الإسلاميّة في تربية الفتاة؟
تربية الأبناء
لقد جاء الإسلام بنظرةٍ مخالفةٍ لما كانت عليه الجاهليّة تجاه الفتاة والمرأة بشكلٍ عام، حيث كانت النظرة الأساس لها قائمة على اعتبارها موطناً لإشباع الغرائز والشهوات؛ ولذا كانت القبائل الضعيفة ترى البنات مجلبةً للعار، فكانوا يعمدون إلى وأد فتياتهم، وفي ذلك يصوّر القرآن الكريم حال الإنسان آنذاك عندما تولد له أنثى...
عدد الزوار: 20لقد جاء الإسلام بنظرةٍ مخالفةٍ لما كانت عليه الجاهليّة تجاه الفتاة والمرأة بشكلٍ عام، حيث كانت النظرة الأساس لها قائمة على اعتبارها موطناً لإشباع الغرائز والشهوات؛ ولذا كانت القبائل الضعيفة ترى البنات مجلبةً للعار، فكانوا يعمدون إلى وأد فتياتهم، وفي ذلك يصوّر القرآن الكريم حال الإنسان آنذاك عندما تولد له أنثى، يقول -تعالى-: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّا وَهُوَ كَظِيم ٥٨ يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ﴾[1].
أمّا في الرؤية الإسلاميّة فالفتيات يتمتّعن بامتيازات خاصّة وتفضيل واضح؛ إذ ذُكرن في الروايات على أنّهنّ أفضل من الأبناء، فعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): «خير أولادكم البنات»[2].
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «البنات حسنات، والبنون نعمة؛ فالحسنات يُثاب عليها، والنِعم يُسأل عنها»[3].
ومن الخطوات التي رسمها الإسلام في عمليّة حفظ الفتاة وتربيتها، وتبيّن مدى اهتمامه بها، ما يأتي:
1. إنقاذها من ظلم المجتمع
جاء الإسلام فقضى على كافّة أشكال ظلم الفتاة، ولم يكن ذلك ردّة فعل لما حصل في الجاهلية فقط، بل لما تشكّله الفتاة في المستقبل من دور فعّال وكبير في بناء المجتمع وصلاحه، فهي اليوم بنت، وغداً زوجة، وبعده أمّ تربي الأجيال القادمة.
لذا، نرى بأنّ الله -تعالى- وعد بالحساب والمساءلة يوم القيامة على الظلم الذي كان يقع على الفتاة دون وجه حقّ، قال -تعالى-: ﴿وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ * بِأَيِّ ذَنۢب قُتِلَتۡ﴾[4].
2. الاهتمام بتربيتها تربيةً صالحة
لقد اهتمّ الإسلام بتربية البنات وتعليمهنّ وتثقيفهنّ وتكريمهنّ وغرس الاحترام في نفوسهنّ، فذلك من حقوقهنّ على الوالدين، فعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): «من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، وجبت له الجنّة»، فقيل: يا رسول الله، واثنتين؟ قال: «وإن كانتا اثنتين»، فقيل: يا رسول الله، وواحدة؟ فقال: «وواحدة»[5].
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «من كانت له ابنة فأدّبها وأحسن أدبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، فأوسع عليها من نِعَم الله التي أسبغ عليه، كانت له منعة وستراً من النار»[6].
3. إسعادها والرأفة بها
ففي الروايات أنّ الله -تعالى- أرحم بهنّ من الصبيان.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله -تبارك وتعالى- على الإناث أرأف منه على الذكور، وما من رجل يُدخل فرحةً على امرأة بينه وبينها حرمة، إلّا فرّحه الله -تعالى- يوم القيامة»[7].
4. إكرامها وتقديرها
الحرص على احترام البنات وتقديرهنّ وإشعارهنّ بالمحبّة والمودّة من قِبل الأبوين، وبالأخصّ من جانب الأب؛ فينبغي له أن يراعي عواطفها ومزاجها ويجنّبها الغضب.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما أكرم النساء إلّا كريم، وما أهانهنّ إلّا لئيم»[8].
5. مراعاتها والاهتمام بعواطفها
أكثر ما يتحمّل ذلك هو الأب، فينبغي ألّا يخدش عواطفها ويكسر قلبها، وإذا أراد أن يعاقبها فلا بدّ من اتّخاذ الأسلوب الذي يجنّبها الأذى والاضطراب المؤدّي إلى العقد النفسيّة.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نِعْمَ الولد البنات؛ ملطّفات، مجهّزات، مؤنِسات، مباركات، مفليات»[9].
* من كتاب: وَأَعِدُّوا - مواعظ في الأسرة والجهاد – سلسلة زاد الواعظ – جمعية المعارف الإسلامية
[1] القرآن الكريم، سورة النحل، الآيتان 58-59.
[2] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، مصدر سابق، ص219.
[3] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج3، ص481.
[4] القرآن الكريم، سورة التكوير، الآيتان 8-9.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص6.
[6] المتّقي الهنديّ، كنز العمال، مصدر سابق، ج16، ص 452.
[7] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص6.
[8] المتّقي الهنديّ، كنز العمال، مصدر سابق، ج16، ص371.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص5.