كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان يوم الشهيد
2015
إنني في البداية أرحب بحضوركم الكريم في هذا اليوم في إحياء هذه المناسبة، التحية والترحيب بكل الإخوة والأخوات الحضور، هنا في الضاحية الجنوبية لبيروت في مجمع سيد الشهداء عليه السلام، في بعلبك في حسينية الإمام الخميني، في الهرمل في مجمع سيد الشهداء، في الجنوب النبطية، حسينية النبطية، وفي الجنوب حناويه حسينية حناويه، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
عدد الزوار: 185
كلمة
الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان يوم الشهيد 11-11-2015
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين
الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
الإخوة والأخوات، عوائل الشهداء، السادة العلماء، السادة النواب، الحضور الكريم،
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
إنني في البداية أرحب بحضوركم الكريم في هذا اليوم في إحياء هذه المناسبة، التحية
والترحيب بكل الإخوة والأخوات الحضور، هنا في الضاحية الجنوبية لبيروت في مجمع سيد
الشهداء عليه السلام، في بعلبك في حسينية الإمام الخميني، في الهرمل في مجمع سيد
الشهداء، في الجنوب النبطية، حسينية النبطية، وفي الجنوب حناويه حسينية حناويه،
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
الخطاب قسمان: القسم الأول يتعلق بالمناسبة مناسبة يوم الشهيد، والقسم الثاني يتعلق
بالمستجدات السياسية.
في القسم الأول: قال الله سبحانه وتعالى في
كتابه المجيد: ﴿
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ
بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ
مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ،
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ
لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ
لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا
عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ
ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
﴾.(سورة آل عمران:145-148)
في مثل هذا اليوم 11-11-1982 اقتحم المجاهد المقاوم الاستشهادي أحمد قصير بسيارته
المليئة بالمتفجرات مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور في أول عملية
استشهادية من هذا النوع في تاريخ المقاومة، بل في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي،
وكان المبنى يحتشد فيه عدد كبير من الضباط والجنود، وبينهم ضباط كبار، جنرالات كبار،
في هذه العملية الاستشهادية النوعية. وبحسب ما ذكرته الصحف الإسرائيلية في ذلك
الوقت قُتل 141 ضابط وجندي وفقد 10 – لاحقا المفقودون بان مصيرهم أم لا ، لا أعرف-
ودخلت "إسرائيل" في حداد عام. كانت العملية الأضخم في الصراع العربي الإسرائيلي،
وأنا كل سنة أؤكد على هذا المعنى لأنه يفترض أن يكون هناك مسابقة، هناك تنافس، هناك
سباق إلى ما هو أهم وأفضل، لكن حتى اليوم، بعد 33 عاماً ما زالت عملية الاستشهادي
أحمد قصير هي الأضخم والأقوى في تاريخ الصراع وتاريخ المقاومة.
وكان أحمد فاتح عصر الاستشهاديين العظام ولحق بركبه استشهاديون كبار واستحق بكل
جدارة لقب أمير الاستشهاديين، لأن الأمير هو من يكون إمامهم وفي طليعتهم، يضحي معهم
في صفوفهم، يحمل معاناتهم، يشعر بآلامهم، يحمل آمالهم، لذلك هو الأمير بحق.
إتخذ حزب الله هذا اليوم 11-11 من كل عام يوماً لشهيد حزب الله، يوم لشهدائه، وهو
بمثابة الذكرى السنوية لكل شهيد وشهيد وشهيد من شهدائنا ، من سيد شهدائنا وأستاذنا
السيد عباس الموسوي وزوجته أم ياسر وطفله حسين، إلى شيخ شهدائنا الشيخ راغب حرب،
إلى القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية، إلى كل شهدائنا من الرجال
والنساء والعلماء وأبناء العلماء والقادة وأبناء القادة والمجاهدين والكوادر الذين
ما زالوا يتقدمون، وما زالت هذه القافلة يلتحق بها العزيز تلو العزيز والشهيد تلو
الشهيد. في يوم الشهيد، أول من يجب أن نتحدث عنه هم الشهداء .
نقول لهم، وأيضا نقول للناس، نتحدث عن مشاعرنا الحقيقية، عن فهمنا ومعرفتنا
وثقافتنا، نحن الذين بقينا على قيد الحياة نغبط هؤلاء الشهداء، نغبطهم ونبارك لهم،
لماذا؟
أولاً: لأنهم انعتقوا وتحرروا من سجن الدنيا الفانية الدنية وانطلقوا إلى
تلك الحياة الأبدية الخالدة الأزلية، إلى الجنان الخالدة والنعيم الدائم، من السجن
إلى ذلك النوع من الحياة، إلى جوار الله تعالى، حيث الكرامة والعزة والسلام
والطمأنينة والأمن والأمان والسعادة وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب
بشر، ولا يمكن أن يحويه فكر أو تعبّر عنه لغة أو تطيقه لغة أو ألفاظ، ولأنهم
بشهادتهم أيضاً أصبحت حياتهم أشد وأقوى، هناك الحياة الحقيقية، هناك الحياة التي
يمكن أن يُقال إنها حياة، أما الحياة هنا فهي لعب ولهو. أولاً نغبطهم..
وثانياً: نشكرهم لكل ما قدموه من أجلنا ومن أجل الناس ومن أجل الأمة
والمقدسات والحاضر والماضي والمستقبل. نحن بحمد الله تعالى في هذه المقاومة وفي هذه
المسيرة ممن يعرفون النعمة ويعترفون بالنعمة ويشكرون صاحب النعمة على نعمته، والله
عز وجل هو المنعم العظيم الأكبر، ومكّن بعض مخلوقاته من أن ينعموا على الناس، ونقرّ
لأهل الفضل بالفضل، وهذا مقتضى الشرف، وبالشكر تدوم النعم، ولئن شكرتم لأزيدنّكم.
على هذا الأساس يجب أن نتذكر دائماً ونستحضر دائماً ما قدّمه هؤلاء الشهداء لشعبنا،
لأمتنا، لأجيالنا، لمستقبلنا.
بعض الناس، للأسف الشديد، يصل بهم الأمر إلى أن يقولوا، حسناً، يعني أنتم تمنّون
علينا. نحن جميعاً، الشهداء يمنّون علينا، ويجب أن نستذكر ما قدموا من أجلنا وما
قدموه لنا لنعرف النعم المترتبة على جهادهم وعلى جراحهم وعلى شهادتهم، ونشكر لهم
ذلك.
مثلاً عندما نتحدث عن زمن الانتصارات، الانتصارات ببركة هذه الدماء الزكية، هؤلاء
الشهداء.
طبعاً كل الشهداء، لا أتحدث هنا عن شهداء حزب الله فقط، شهداء كل فصائل المقاومة،
شهداء الجيش اللبناني، شهداء فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان، شهداء
الجيشين اللبناني والسوري في لبنان على مدى عقود، والجرحى والشعب الصامد والمجاهدون
الذين يواصلون العمل، ولكن ميزة الشهداء أنهم قدموا كل شيء، والجود بالنفس أسمى
غاية الجود، أقصى ما يمكن أن يقدمه إنسان لربه، لقضيته، لأمته، لشعبه، لما يؤمن به،
هو ما قدمه هؤلاء الشهداء. ففي النتيجة والمحصلة هذه انتصاراتهم هم، هذه إنجازاتهم
هم، نحن نعيش في ظلها.
عندما نتطلع إلى الوقائع الخارجية، عندما نتطلع إلى النتائج الملموسة والمحسوسة
والوقائع الخارجية، أرضنا التي عادت إلينا بلا قيد وبلا شرط وبلا مكاسب وبلا جوائز
بعد سنوات الاحتلال الطويلة، أسرانا الذين أخرجوا من السجون، الأمن والأمان الذي
ينعم به بلدنا وخصوصاً في الجنوب بسبب معادلة الردع في مواجهة العدو، وأيضاً في
الجبهة الأخرى في مواجهة التكفيريين، كل الإنجازات التي حصلت حتى الآن هي ببركة هذه
الدماء. لبنان اليوم بمنأى عن الخطر بنسبة كبيرة جداً، أيضاً ببركة هذه الدماء
والتضحيات والشهداء من رجال المقاومة ومن ضباط وجنود الجيش اللبناني، وما يحصل من
دفع لكل هذه المخاطر عن المنطقة ككل وعن شعوب المنطقة ككل، في مواجهة هذا المشروع
هي من إنجازات ونتائج هذه الدماء الزكية. ومن أهم انجازات هذه الدماء، هذا من ثواب
الدنيا، تحرير وحرية وكرامة وأمن وسلام وعزة، هذا من ثواب الدنيا الذي تكلمنا عنه
بالآيات قبل قليل.
ومن أهم الانجازات هي هذه الروح التي بعثها الشهداء في شعبنا وفي شعوب أمتنا، روح
الجهاد، روح المقاومة، روح الاستشهاد، العزة، الكرامة، الأنفة، الحمية، الإباء،
إباء الضيم، رفض الهوان والذل والتخلي عن القعود والتنبلة والكسل، هذا ما بعثه
الشهداء في هذه الأمة، هذه اليقظة الروحية والمعنوية، هذا الوعي، هذا العزم، هذا
التصميم، بتعبير آخر هذا الإحياء للنفوس، دماء الشهداء أحيت نفوس شبابنا وأجيالنا
وشعبنا وشعوب أمتنا، وقدمت ما هو ضمانة الاستمرار في طريق المقاومة وفي طريق الجهاد
لتحقيق بقية الأهداف، في تحرير الأرض والمقدسات والإجهاز على المشروع الصهيوني في
المنطقة وتحقيق حلم الاستقلال والسيادة والحرية لشعوبنا وحكوماتنا ومقدساتنا، هذا
من إنجازات وبركات دماء الشهداء، هذا التحول في العائلة، في الأب، في الأم، في
الزوجة، في الأولاد، في المحيط، في الجيران، في البيئة العامة، ما كان ليتحقق فقط
بالكلمة وبالموقف وبالخطابة وبالوعظ وبالإعلام، إن دماء الشهداء كانت الأقوى قدرة
على استنهاض الهمم وعلى بعث الوعي وعلى شحذ الإرادات والعزائم والذي أدى إلى ما نحن
عليه اليوم بحمد الله عز وجل من قوة ومن مكانة ومن تمكين ومن قدرة على مواجهة
التهديدات والتحديات.
هذه من بركة دماء الشهداء، هذا هو سلاحنا الأقوى والأمضى. منذ البداية، هذه الروح
الجهادية الاستشهادية، هذا الفعل الجهادي الاستشهادي هو سلاحنا الأقوى، في ظل جبروت
العدو وترسانته العسكرية الضخمة والدعم الأمريكي الهائل واللامحدود، منذ عام 1982
لو كنا نريد أن ننتظر الحصول على الإمكانات والعدة والعديد وشيء من التوازن
الاستراتيجي ـ كما يقولون ـ مع العدو لما كانت مقاومة، ولما كان تحرير، ولكان العدو
في بلدنا وفي أرضنا، لتمكن وسيطر وهيمن وحقق أهدافه من ذلك الغزو وذلك الاحتلال.
أيضاً في فلسطين، كان الأمر كذلك منذ البداية ولا زال. اليوم هذه الروح هي التي
تبعث من جديد المقاومة والانتفاضة وتفرض من جديد قضية المسجد الأقصى والمقدسات على
كل العالم، هذه الروح.
حكومة العدو تستطيع أن تحاصر الشعب الفلسطيني، وهي تفعل ذلك، تستطيع أن تقطع أوصال
المناطق الفلسطينية، تفصل غزة عن الضفة والضفة عن 48 وفي داخل الضفة هذه المدينة عن
تلك المدينة، تستطيع أن تقطع خطوط الإمداد، وهي تفعل، لتمنع وصول سلاح أو ذخيرة أو
إمكانات إلى الفلسطينيين في أي منطقة من المناطق، تستطيع من خلال عمل أمني أن تراقب
الفصائل وتفكك الخلايا والشبكات الجهادية التي تخطط لأعمال جهادية، ولكنها لا
تستطيع أن تحاصر الأفراد فرداً فرداً، لا تستطيع أن تمنع وصول سكين إلى يد رجل أو
امرأة، إلى شاب أو شابة، ولا تستطيع أن توقف هذه المواجهة طالما أن شباب فلسطين
وشابات فلسطين يملكون هذه الروح. ما شهدناه قبل أيام على التلفزيون يعتز به كل
إنسان، وهو عبرة أيضاً لكل إنسان، وخصوصاً للرجال في هذه الأمة، للرجال القاعدين
والساكتين والمتخاذلين والهاربين من تحمّل المسؤولية. عندما نشاهد على شاشات
التلفزة شابة فلسطينية، وبكل هدوء وطمأنينة وثبات، وهي تعلم مصيرها، إما القتل أو
السجن المؤبد، وبكل هدوء وطمأنينة تُخرج سكينها من حقيبتها وتطعن ذلك الجندي،
وعندما يهرب بين يديها تقتحم وتتقدم إليه، لكن الفيلم مقطوع ليس ظاهراً كله، هذه
حجة على كل الرجال في هذه الأمة، وهذه مفخرة في نفس الوقت.
هذه حصيلة ماذا، هذه الروح، هذه الروح الجهادية الأصيلة والقوية؟ في يوم الشهيد، ما
أريد أن أقوله لكم، لكل الحاضرين، لكل المشاهدين والمستمعين، هي مسؤوليتنا أن نحافظ
عليها، لأنهم منذ عقود يعملون على كسر هذه الروح، على إسقاطها، على إماتتها، على
تجميدها، وهناك حروب تُشنّ، حروب ينفق عليها مئات ملايين الدولارات، باعتراف
الأميركيين وباعتراف أدوات الأميركيين، حروب تشن في وسائل الإعلام عبر مواقع
التواصل الاجتماعي، في كل الوسائل المتاحة، من أجل التشكيك والتوهين والتسفيه
والتسخيف والسخرية والجحود والإنكار والتشويه لهذه المقاومة، لكل المجاهدين في
حركات المقاومة في كل المنطقة، (الهدف هو) النيل من هذه الروح، لأنه لو نالوا من
هذه الروح، ماذا تنفع الصواريخ والسلاح النوعي والسلاح المكدس والذخائر والهياكل
العسكرية الضخمة والعديد الكبير، لحم وعظم بلا روح، بلا كرامة، بلا إرادة، هذا الذي
يريدون أن يسلبوه منا.
ونحن يجب أن نواجه هذا النوع من الحروب الذي له أدواته الدولية والإقليمية والمحلية
والتي تعمل في الليل وفي النهار، مسؤوليتنا أن نواجه، كما هي مسؤوليتنا أن نحفظ
سلاح المقاومة لتحرير ما تبقى من أرض، لردع العدوان، لنكون جزءاً من الأمة التي
تستعيد مقدساتها، كذلك يجب أن نحافظ على هذه الروح، مسؤولية العلماء والخطباء
ووسائل الإعلام والنخب والسياسيين والآباء والأمهات والزوجات وعوائل الشهداء
والجرحى والكل يجب أن نحمل هذه المسؤولية. طبعاً نحن على ثقة بأننا نستطيع أن نحافظ
على هذه الروح وأن نطوّرها، بل هي تقوى وتتطور وتمتد، وهذا يؤكد فشل كل هذه الحروب
التي قامت منذ عقود، وهذا التطور النوعي والكمي الذي نجده في مسألة المقاومة، رجالاً،
نساءً، صغاراً كباراً وخصوصاً في جيل الشباب والشابات، هم شكل آخر من أشكال انتصار
المقاومة على أخطر أشكال الحروب التي تشن عليها. هذا التداوم هذا التواصل هذا
التطور في حركة المقاومة أيضاً هو من إنجازات وبركات دماء الشهداء.
اليوم ما زالت دماؤهم تدفعنا إلى الأمام، تحضرنا في الساحات، تجعلنا نرفع القبضة
والسلاح والصوت في وجه الاحتلال والظلم والقهر ومشاريع استلاب هذه الأمة. ومن أهم
مظاهر هذه الروح هو عوائل الشهداء الذين يكتسبون هذا الإسم وهذه الصفة ويلتحقون
بهذه الشريحة عندما يقدمون عزيزاً من أعزائهم شهيداً في سبيل الله، سواء كان ابناً
أو أخاً أو أباً أو زوجاً أو زوجةً أو أختاً أو بنتاً أو ما شاكل. عوائل الشهداء
اليوم هم من ثمار هؤلاء الشهداء، هذه الحالة الراقية التي نجدها في عوائل الشهداء،
هذه الحالة الإنسانية والأخلاقية والجهادية، هي أيضاً من بركات هذه الدماء التي
تترك آثارها في الأب والأم والزوجة والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والأرحام
والمحيط.
عندما ننظر إلى عوائل الشهداء ننظر إلى أحد إنجازات هؤلاء الشهداء. ماذا نرى في
عوائل الشهداء؟ كنا نسمع قبل قليل، وأنا سمعت هذا النص أمس وشاهدته كاملاً، ماذا
نجد عند عوائل الشهداء، والذين هم بيننا في هذه الحسينيات والمجمعات، لم نرَ منهم
إلا الثبات والصبر، الاحتساب، الرضا بما اختاره الله سبحانه وتعالى، الشكر لله على
ما اختاره لهم، الفخر، الاعتزاز بشهدائهم وبما قدمه شهداؤهم، العزم على مواصلة
الطريق والاستعداد للمزيد من العطاء والتضحية.
الأميركيون والصهاينة وأدواتهم في المنطقة وكثير من الأعداء والأخصام يتصورون أنه
عندما نأتي بخبر الشهيد أو بجثمان الشهيد، بجسده الطاهر إلى عائلته، أن حزب الله
يواجه مشكلة كبيرة، ولكن أنا أقول لكم، ما نراه من عوائل الشهداء ومن آباء الشهداء
ومن أمهات الشهداء يقولون للإخوة الذين يذهبون إليهم أو للأخوات، يقولون: هذا
استشهد، هذا ضمانتنا، أمانتنا، فخرنا، عزنا، نشكر الله على ما اختار لنا، بقية
أولادنا موجودون، واحد اثنان ثلاثة وأربعة وخمسة، والبعض بالفعل، يعني عندما تقدم
بعض عوائل الشهداء شهيدين وثلاثة شهداء وأربعة شهداء فهذا تعبير عن صدقية هذا القول،
هذا ليس قولاً للمكابرة ولا قولاً للمجاملة، وما سمعتموه قبل قليل من آباء الشهداء
هو تعبير عن حقيقة ما يؤمنون به، وهم صادقون في كل حرف وكلمة قالوها.
نعم هذا الذي نراه نحن من آباء الشهداء وأمهات الشهداء وعوائل الشهداء، هذا ببركة
هذه الدماء، لذلك عندما نملك في بلدنا وفي أمتنا أمثال هؤلاء الشهداء وأمثال هذه
العوائل الشريفة والصابرة والعزيزة والكريمة، لا يجوز أن نخشى لا من تهديد ولا من
تحدٍّ، ولا يجوز أن نقلق على المستقبل، لأننا نملك هذه القوة، حقيقة القوة هي هذه،
يأتي فيما بعد الهياكل، الخبرة، والتجربة والسلاح والإمكانات لتعزز قدرتنا في هذه
المعركة. ما دمنا شعباً حياً، ما دمنا نملك هؤلاء الأحياء، الأحياء من الرجال الذين
صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه واشتدت وقويت حياتهم، ومنهم من ينتظر،
ونسمع منهم هذا الكلام وهذه المواقف، إذاً هذا يدفعنا إلى المزيد من العزم، الثبات،
القوة، الحضور، اليقين والثقة بالمستقبل. هم يريدون لشعبنا وشعوبنا وأمتنا أن نصل
إلى حافة اليأس، حتى إذا يئسنا هجرنا قضايانا وتركنا مقدساتنا وتخلينا عن
المسؤوليات وهربنا في البحار، في الهجرة القاتلة، أو هربنا في الشعور إلى حيث لا
يرضى الله وإلى حيث ضياعنا جميعاً، لكن ما دامت هذه الحياة وهؤلاء الأحياء فينا،
يجب أن لا نسمح لليأس بالتسلل إلينا.
هذا ما أحببت أن أقوله في القسم الأول، ونحن في الحقيقة من خلال هذه المسيرة
المباركة نرى وعد الله سبحانه وتعالى لنا، هذا ثواب الدنيا، وشهداؤنا لقوا حسن ثواب
الآخرة في البرزخ وينتظرون القسم الأعظم في القيامة الكبرى، ونحن أيضا ننعم بثواب
الدنيا، هذا هو ثواب الدنيا، هذه الكرامة، العزة، الشرف، الإحساس بالقوة، القدرة
على مواجهة التحديات، الأمن، الأمان، السلامة، الطمأنينة.
في الأوضاع العامة كلمتين:
أولاً في أجواء زيارة نتنياهو للبيت الأبيض: بعد خلاف عميق وانقطاع لأكثر من سنة،
لدي ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: يظهر الموقف الأميركي الصلب إلى جانب إسرائيل والتزام
أميركا المطلق بأمن إسرائيل ومصالحها وتفوقها المطلق على كل الحكومات والشعوب
والدول العربية والإسلامية. والأميركيون ليسوا خجولين ولا هم سائلون عن أحد، لا عن
حلفائهم ولا عن أصدقائهم، إذا صنفناهم حلفاء وأصدقاء، وشاهدنا أيضاً المزيد من
التغطية الأميركية لكل ما يفعله نتنياهو في فلسطين المحتلة من قتل وقمع وعدوان
وتأييد لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في مقابل من؟ في مقابل الشعب الأعزل
المظلوم المحتلة أرضه، المحاصر.
هذه هي أميركا ، يجب أن نلفت إلى هذا لنقول لكل شعوبنا الذين، أو إلى كل الذين
يراهنون على أميركا هذه هي أميركا، في موضوع إسرائيل لا يوجد مزاح، في موضوع
إسرائيل لا يوجد خصومات شخصية، نتنياهو أوباما يزعلون من بعضهم، يتقاتلون، يسبّون
بعضهم، هذا شيء شخصي، بموضوع إسرائيل لا يوجد حزب جمهوري وحزب ديمقراطي، بحسابات
إسرائيل، يوجد أميركا التي تتبنى إسرائيل بالمطلق.
الملاحظة الثانية: أُعلِنَ أنه من جملة الموضوعات التي يريد أن يناقشها
أوباما مع نتنياهو هو موضوع حزب الله، وبعد ذلك لم يقولوا ماذا ناقشوا وما هي
النتائج التي توصلوا إليها. لكن أيضاً أود أن أعلّق على هذا الخبر وأقول: نعم هذا
الخبر بالنسبة إلينا هو خبر طيب، هذا جيد، نحن نفتخر ونعتز بهذا الأمر. يعني عندما
يجلس الشيطان الأكبر وأدواته في المنطقة، أداته الأساسية في المنطقة إسرائيل،
وينظرون إلى المنطقة ويعتبرون أنه لا يزال هناك بعض الأماكن تشكّل لهم مشكلة تهدد
مشروعهم، تقف عقبة في طريق احتلالهم وسيطرتهم وعدوانهم، واحد منهم هو حزب الله، حتى
لا أستثني الآخرين، وبالتالي سيجلسون لينظروا كيف سيتعاملون مع حزب الله؟ أنا أعتبر
في يوم الشهيد هذا شهادة جديدة لشهدائنا ولحزب الله ولكل من يقف معه أننا موجودون
في الجبهة الصحيحة، في المكان الصحيح، في الموقع الصحيح، في الموقف الصحيح، لأن
عندما يأتي اليوم تمدحنا أميركا وتبجّلنا وتتغزل بنا يجب أن نعرف أننا في الموقع
الخطأ وفي الموقف الخطأ وفي الجهة الخطأ، هذا يعني أننا نقوم بفعل شيء خاطئ، أما
عندما نكون عند من يحتل أرضنا ويعتدي على مقدساتنا وعلى أمتنا في موقع العدو الذي
يخطط له ويدرس ويبحث ويناقش على أعلى المستويات، هذا يعني أننا في الموقع الصح أولا،
ويعني أننا في موقع التأثير الحقيقي في معادلات المنطقة، وإلا إذا كنّا هامشيين
وتأثيرنا لا قيمة له وحكايتنا سهلة فليس هناك من داع أن نأخذ من وقتهم الشريف
والعظيم دقائق ليناقشوا موضوع حزب الله. هذا أيضاً من باب التأكيد والتثبيت. طبعاً
إلى ماذا يمكن أن يصلوا؟ حرب عسكرية على لبنان؟ هذا على كل حال قائم في أي وقت،
ولكن نحن نستبعد ذلك بسبب كلفة هذه الحرب على إسرائيل وهي تعرف ذلك، بسبب معادلة
الردع القائمة في لبنان، نعم سيستمرون في الاستهداف الأمني، في تشويه الصورة، مزيد
من الجهد الإعلامي والحرب الناعمة والأكاذيب والأضاليل والاتهامات، موضوع المخدرات
والسرقات والمافيات وتبيض الأموال وغيرهم، ستسمعون كثيراً أحاديث لها أول وليس لها
آخر، وأيضاً الضغط الاقتصادي على كل من يظنون أو يعتقدون أو يشتبهون وحتى من لا
يعتقدون أو يظنون أو يشتبهون بأنه يمكن أن يؤثر أو ساعد في البنية الاقتصادية
والمالية لبيئة المقاومة من خلال التحريم والعقوبات والحصار والوضع على اللوائح
ومنع العمل التجاري وما شاكل، ولكنهم قاموا بفعل هذا كله، يعني لا يوجد شيء جديد:
في القتل قتلوا خيرة قادتنا السيد عباس، الشيخ راغب، الحاج عماد، كله بالاغتيال
والقتل علناً أو سراً، الحرب الناعمة من عشرات السنين، كم هائل من الأكاذيب في
الليل وفي النهار منذ سنوات طويلة، ضغط اقتصادي وحصار مالي، لم يتغير شيء، وهذا لن
يغير شيئاً على الإطلاق.
لكن هذا يدعونا إلى الوعي واليقظة وتحمّل المسؤولية والانتباه، وأيضا يدعو مَن هم
في لبنان وفي غير لبنان لأن لا يكونوا شركاء أوباما ونتنياهو، يعني "شحطتين" تحت
نتنياهو، لأنه يوجد أناس ليس لديهم مشكلة بأن يكونوا شركاء أوباما، حسناً ونتنياهو؟
أن لا يكونوا شركاء أوباما ونتنياهو في استهدافهم لهذه المقاومة وإرادتها وحضورها
وفعلها وتأثيرها.
ثانياً على مستوى المنطقة خصوصاً في سوريا واليمن، يوماً بعد يوم يتأكد للجبهة
الأخرى، للمعسكر الآخر لأميركا وحلفائها وإداراتها من دول وتنظيمات وجماعات مسلحة
أنها غير قادرة على حسم المعركة، مهما أجّلت الحلول السياسية في اليمن وفي سوريا،
هي لن تستطيع أن تحسم المعركة إن شاء الله. الواقع الميداني، الصمود الميداني،
الثبات الميداني في هذه الجبهات يؤكد هذا الأمر، وكذلك في العراق. ما حصل بالأمس في
منطقة حلب، سواء على مستوى الريف الجنوبي والتقدم الواسع للقوات والخسائر الفادحة
للجماعات المسلحة أو على مستوى تحرير أو فك الحصار عن مطار كويرس، بعد ثلاث سنوات
من الحصار، أمر بالغ الدلالة، تصوروا أن هناك عدداً من الضباط والجنود في الجيش
السوري، يمكن 200 أو 300 لست أذكر العدد الفعلي بالتأكيد، محاصرون منذ 3 سنوات، 360
درجة حصار من قبل جماعات داعش، وعمليات انتحارية وسيارات مفخخة وقصف دائم، ولكنهم
ثبتوا في هذه المواقع إلى أن حصل التوفيق أمس بفك الحصار عنهم.
هذا له دلالة كبيرة جداً، قبل الموضوع العسكري، قبل الإنجاز العسكري، هو دلالة على
إرادة القتال والصمود والثبات عند هؤلاء الضباط وهؤلاء الجنود، هذه الرسالة خصوصاً
إلى أولئك الذين يريدون أن يقدموا دائماً تصويراً في فيينا أو غير فيينا أن الجيش
السوري منهار وغير فاعل وغير حاضر، وأن الذين يقاتلون بالنيابة عنه هم الجهة
الفلانية أو الجهة الفلانية. هذا غير صحيح، هذه الرسالة واضحة أن لدى الضباط
والجنود في الجيش السوري هذا المستوى من العزم والإرادة والثبات أن يبقوا صامدين في
مطار محاصر لمدة 3 سنوات. الإخوان يقولون سنتين، بعض وسائل الإعلام تقول 3 سنوات،
سنتين يا أخي، قليل سنتين؟ حصار كامل، هذا يعبر عن إرادة صمود وثبات وبقاء وعنفوان،
وأيضاً هذه العملية النوعية التي نفذت، المشي في الألغام وفي مواجهة الكمائن وفي
خطوط القتال في مواجهة داعش عشرات الكيلومترات للوصول إلى كويرس، أيضاً تعبر عن
الإرادة والعزم والتصميم الذي كانت تملكه القوة المتقدمة والمهاجمة.
في كل الأحوال، هذه الوقائع الميدانية أيضاً هي رسالة لأميركا وأدواتها وحلفائها
وأصدقائها أن عليكم أن تسقطوا الخيار العسكري، أن تذهبوا بشكل جدي إلى حل سياسي
واقعي بدون شروط تعجيزية ولا شروط خنفشارية ولا شروط استعلائية، لا في سوريا ولا في
اليمن ولا في أي مكان آخر.
في الشأن اللبناني، يأسف الإنسان بشدة للأوضاع التي وصلنا إليها في لبنان، لا نريد
أن نندب، لكن في توصيف سريع نرى حالة تهرب من المسؤولية، انتظار الخارج، إلقاء
التهم وتقاذفها، الشخص يفتح وسائل الإعلام، يقرأ الجرائد، يسمع بيانات وتصريحات،
ماذا يوجد؟ هل تُقدم حلول أم أن الناس تشتم بعضها وتتهم بعضها وتشهّر ببعضها؟ هذا
هو بالأغلب إلقاء التهم وتقاذفها، ولكن الأخطر والأسوأ من ذلك أنه على أي موضوع
يظهر مدى هشاشة البلد والدولة والمجتمع أيضاً، اسمحوا لي بأن أتكلم بصراحة. الآن
المجتمع اللبناني وليس فقط الدولة، يوجد أناس يقولون الدولة ضعيفة وهشاشة الدولة،
أنا أزيد لكم هشاشة المجتمع، للأسف الشديد اسمحوا لي بذلك، أنه عندما نختلف على
موضوع واحد، حتى لو لم يكن موضوعاً مصيرياً ويحددد مسقبل لبنان ومصير لبنان، تشعر
أن البلد سيفرط بين يديك، تشعر أن المجتمع والتركيبة الاجتماعية المجتمعية ستفرط
بين يديك، ولذلك تشاهدون في التحليلات بسرعة يقولون لك فرطت التحالفات، إعادة
الاصطفافات، على علمك أن فريقين يحبون بعض فننظر نراهم يسبون بعض، ما يعني ذلك؟
ليست الدولة لوحدها هشة، أيضاً لدينا مجتمع هش. وفي كل قضية من القضايا، وحتى عندما
نصل إلى الدستور، كل أحد يفسّر الأمور على مزاجه ـ فقط كم دقيقة لان هذا الأمر أخر
موضوع عندي ـ هذا يعني الجميع، والأيام التي مضت كانت صعبة وقاسية، ولكن إن شاء
الله يوجد فرج طيب سوف نتحدث عنه.
بعد غياب طويل، هناك دعوة لعقد جلسة تشريعية، لأن هناك نوعاً من القضايا باتت ملحة
ومستعجلة ولا يمكن تأجيلها فدخل البلد في نقاش طويل عريض.
أراء متفاوتة ومختلفة، البعض قال مجلس النواب ـ طبعاً نحن نحترم جميع الآراء ـ مجلس
النواب لا يحق له أن يشرّع في غياب رئيس للجمهورية، طالما لم ننتخب رئيس جمهورية
أصلاً أن يجتمع المجلس النيابي ليشرّع فهذا اجتماع غير قانوني وغير دستوري وغير
شرعي. هذا رأي. رأي آخر يقول إنه ليس طبيعيا ولا عادياً أن يجتمع مجلس النواب في
غياب الرئيس، الأصل أن يكون الرئيس موجوداً، ولكن إذا كان من أجل إعادة تكوين
السلطة أو من أجل أمور ضرورية وملحة جداً فلا مانع، يعني بشكل استثنائي، هذا رأي
آخر وله أنصاره. والرأي الثالث يرى أنه بوجود رئيس جمهورية أو عدم وجود رئيس
جمهورية، المجلس النيابي هو سلطة مستقلة وهي تمثل الشعب ويحق لها أن تجتمع وتناقش
أي بند من البنود على المستوى القانوني.
الحق مع من؟ مَن يحسم؟ من المرجعية التي تفسر لنا الدستور؟ سنظل متشاجرين، كل واحد
يقول رأيه على مزاجه، والقصة ليست قصة نقاش فكري أو بحث أكاديمي، القصة أنه هذه
الرؤية يتوقف عليها موقف وأداء وسلوك، مقاطعة أو حضور، أو إذا انعقدت جلسة أيضاً
ترتيب آثار أو ما شاكل.
بحث آخر دخل أيضاً في السنوات الأخيرة علينا جميعاً، ومن باب التوصيف أقول إنه في
حال سيجتمع المجلس النيابي، لو سلمنا أنه لديه حق بأن يضع قوانين وتشريعات في دائرة
معينة، يوجد أيضاً آراء، هناك رأي يقول إن هذه الميثاقية هي قصة غير صحيحة، ولذلك
لو اجتمع النصف زائد واحد من النواب يستطيعون أن يصوتوا على القوانين التي يريدونها
والتي تسمح فيها النصف زائد واحد أو الثلثين، ولكن النصف زائد واحد، غاب من غاب
وحضر من حضر، طائفة بكاملها غابت لا يوجد مشكلة هذا ليس له محل، هذا رأي.
يوجد رأي ثانٍ يتكلم بالميثاقية، وانه كلا، الميثاقية تفترض بأن يكون هناك حضور
متنوع، فلو غاب مكوّن من مكوّنات البلد تفتقد الجلسة ميثاقيتها.
الآن في الأيام الاخيرة جدّ بحث جديد، انه كيف تفقد إذا غاب المكون ميثاقيتها؟ هل
إذا غاب كل كل نواب هذا اللون فتفقد ميثاقيتها؟ طيب، لا نقاش، إذا غاب البعض وحضر
البعض، يعني كم هو العدد من الحضور الذي يؤمن ميثاقيتها؟ 20%، 15%، 50%؟ فتح نقاش.
افتراضاً إذا حضر عدد من النواب ولو كان كبيراً ولكنهم لا يمثلون كل الكتل الأساسية
في هذا المكوّن، في هذه الطائفة، هل تنسف الميثاقية أو لا تنسف؟ هناك آراء وهناك
نقاش، من الذي يحسم لنا هذه المسائل؟ الله أعلم.
نحن الآن أصبحنا بلداً معلقاً، حتى عندما نأتي ونقول من يحسم ومن يفسر؟ يخرج شخص
ويقول لك رئيس الجمهورية هو الذي يفسر، لا أعلم إذا كان هذا الكلام لديه أساس
دستوري، يخرج شخص آخر يقول المجلس النيابي هو الذي يفسر الدستور، طيب المجلس
النيابي ليجتمع نريد أن نفسر الدستور والمجلس النيابي هو المطلوب منه أن يفسر
الدستور يعني تقف الأمور على بعضها.
البعض يقول لك إن المجلس الدستوري لديه حق، ليس لديه حق، طيب من يحسم؟
بالنهاية نحن بلد عالق، الآن نكتشف من خلال أزماتنا السياسية وغيرها أنه يوجد مشكلة
حقيقية ومشكلة كبيرة وأنه يوجد فراغ هنا في مكان ما، يوجد فراغ يجب سدّه، لا سننتظر،
لا مؤتمر تأسيسي ولا تعديل اتفاق طائف ولا شيء، في مكان ما إذا كان نظرياً موجود
يجب أن نتفق على تفسيره. بالنهاية لا يمشي بلد إذا كان لا يؤول الأمر في نهاية
المطاف إلى مرجعية معينة، سواء هذا المرجعية دستورية واضحة جداً، مرجعية قانونية أو
مرجعية حكماء أو مرجعية سلطة، بلد من دون مرجعية نهائية تحسم عندها خلافاته هذا بلد
ليس لديه قابلية بقاء وقابلية حياة وينتقل من مشكلة إلى مشكلة ومن أزمة إلى أزمة.
في الموضوع الحالي، في موضوع الجلسة غداً، نحن من البداية كنا ندعو إلى الابتعاد عن
المشادات الإعلامية، لأنه يجب أن نصل إلى حل، نذهب إلى حوار حقيقي، إلى نقاش حقيقي،
إلى معالجات حقيقية. لأنه في نهاية المطاف الأفضل للبلد والأحسن للبلد أن نكون
جميعاً حاضرين في الجلسة التشريعية. أستطيع أن أقول الآن لأني علمت من خلال ورقة
أدخلت إلي، ومعلوماتي كانت قبل أن أدخل إلى الأستوديو أن الأمور كانت قاب قوسين من
الحل والعلاج، وما أخبرت به الآن أن العماد عون أعلن باسم تكتل التغيير والإصلاح
المشاركة غداً والحضور في الجلسة التشريعية، وهذا يعني، الحمد لله رب العالمين،
الشكر لكل الذين بذلوا جهداً وتعاونوا وتنازلوا وعملوا على تدوير الزوايا، الشكر
لكل من بذل جهداً وأخذ موقفاً مناسباً وتعاطى بمسؤولية وطنية مع هذا الأمر، ونأمل
إن شاء الله أن تنعقد جلسة مجلس النواب غداً التي هي مصلحة وطنية بالنسبة لنا ولا
توجد أي مصلحة خاصة على الإطلاق.
بناءً على هذه التجربة، وبناءً على كل الأوضاع التي وصلنا إليها، ما أدعو إليه في
النهاية، يبدو أن "المعالجة على الحبة" لم يكتب لها النجاح، كل شيء أصبح معقداً في
البلد، جميعكم رأى أزمة النفايات والآن، الشتاء قادم ويعدنا الطقس بعواصف وسيول
والله العالم ماذا يحصل في بلدنا. لا توجد إمكانية حل، فليخرج الكل ويقول نحن عجزنا:
الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية والقوى السياسية والشعب اللبناني- لا تعاتبوا
فقط القوى السياسية- والشعب اللبناني والناس والبلديات والأحزاب والكل، يجب أن يقف
اللبنانيون جميعاً، بدون أن يوجه أحد اتهاماً لأحد ويرمي التهمة على أحد ويحمّل
المسؤولية لأحد، هل تريدون إنصافاً أكثر من هذا؟ نقف كلنا ونقول: نحن اللبنانيون
حكومة وشعباً وأحزاباً ودولةً فشلنا وعجزنا عن حل مشكلة النفايات..
الآن، هناك مشاكل كبيرة يعاني منها البلد: سلسلة الرتب والرواتب، إضرابات واعتصامات
الموظفين والمعلمين وغيرهم، موضوع العسكريين المخطوفين لدى الجماعات الإرهابية
المنسيين في الأعم الأغلب. الهجرة القاتلة في البحار، أزمة البطالة، الأزمات
المعيشية، كل شي، نحن لدينا مشكلة حقيقية، وفي الدولة فراغ في الرئاسة، مجلس وزراء
معطل، مجلس النواب إن شاء الله غداً يمر على خير، يبقى لنا ولو مؤسسة ما زالت تعمل
حتى تقدر أن تفتح الباب لتعمل المؤسسات الأخرى، إذاً نحن أمام مشكل كبير.
المعالجة، هذا الذي أريد أن أطرحه في الأخير، "المعالجة بالحبّة"، بالموضوع، متعب
جداً ولا يوصل غالباً إلى نتيجة. ما أدعو إليه في يوم شهيد حزب الله وببركة هذه
الدماء الذين يجب أن نصغي إلى صوتهم وإلى قضيتهم وإلى أهدافهم، أنا أدعو إلى تسوية
سياسية شاملة على المستوى الوطني، يعني يجلس الناس ثنائياً، ثلاثياً، رباعياً،
يضعون كل شيء دفعة واحدة، لرئاسة الجمهورية، طبعاً لا أحد يطلع غداً ويقول إننا نحن
نتخلى، لا، لا، يمكن يكون النقاش في التسوية أنه يا أخي هذا مرشح فريقنا لرئاسة
الجمهورية ونحن نصرّ على هذا الترشيح، لكن نفتح باب نقاش حتى تقبلوا به، يا أخي
ماذا تريدون، تعالوا لنتحدث، أو هم يمكن أن يتصرفوا بهذه الطريقة. رئاسة الجمهورية،
الحكومة المستقبلية، رئيس الحكومة، تركيبة الحكومة، المجلس النيابي وعمل المجلس
النيابي، قانون الانتخاب، لأن قانون الانتخاب أيها الأخوة والأخوات أيها اللبنانيون
يختلف عن أي بند آخر يمكن أن تضعه على جدول أعمال جلسة مجلس نيابي، قانون الانتخاب
هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة، قانون الانتخاب يعني مصير البلد، قانون
الانتخاب يعني لمن تسلم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وسيادتك وحريتك واستقلالك،
هذه ليست شيئاً هامشياً وبسيطاً وتذهب بالمجاملات وبالضغوط وبالمزايدات، هذا يحتاج
لنقاش حقيقي. نحن ليس لدينا مشكلة، نحن كفريق نقول نحن جاهزون. تعالوا لنضع الأمور
الأساسية، وليس الأمور الهامشية والجزئية والجانبية، الأمور الأساسية في سلة واحدة
ونعمل تسوية، عندما أقول تسوية يعني "العالم بدا تأخذ وتعطي"، من أجل البلد، من أجل
مصلحة البلد، لا ننتظر أي شيء في الخارج، الخارج كله مشغول عنا، ويوماً بعد يوم
يتأكد هذا المعنى ولا ننتظر حتى حدث داخلي، أنا أقرأ بعض الأحيان مقالات تحليلات
تقول إن هناك أناساً ينتظرون 7 أيار جديد أو شيء مشابه.
هذا خطأ، هذا التفكير خطأ، 7 أيار وأعود وأذكر لم تكن من أجل إعادة تكوين سلطة ولا
من أجل مؤتمر دوحة، كانت رد فعل على 5 أيار ودفاعاً عن سلاح المقاومة، هذا هدفها،
لكن نتيجتها كانت مؤتمر الدوحة. لكن لو اليوم أي أحد عمل، أي أحد عمل شيء مثل 7
أيار، لا يوجد أحد في العالم العربي يستطيع أن يأتي ويلم العالم ويضعهم في طائرة
ويأخذها، لا على الدوحة ولا على الرياض ولا على القاهرة ولا على دمشق ولا على بغداد
ولا على أي مكان في العالم العربي، وهناك أماكن نحن لا نذهب، وهناك أماكن هم لا
يذهبون. إذاً بدون تضييع الوقت، وبدون هذا الاستنزاف في أعصاب الناس ومصير الناس
وحياة الناس وعيش الناس وصحة الناس، القوى السياسية الحقيقية في لبنان مدعوة إلى أن
ندخل، الآن نفس الحوار الذي يرعاه الرئيس بري في المجلس النيابي أو شكل آخر لا أعرف،
هذا في النهاية آليات نقاش. نبحث عن تسوية سياسية حقيقية، هذا هو المخرج، إذا كنا
نريد أن نبقى نعالج بالحبة غير معلوم إذا كنا نستطيع أن نحل مشاكلنا.
في كل الأحوال نحن في المقاومة، في حزب الله سنستمر في تحمل مسؤولياتنا إلى جانب
جيشنا الوطني وإلى جانب شعبنا الأبي، سواءً في الجنوب لنحمي بلدنا وندفع عنه
الأخطار ونواجه المشروع الصهيوني، أو في الحدود الشرقية لنحمي وطننا وشعبنا ونواجه
المشروع التكفيري، وفي الداخل نسعى جهدنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً في أمر يتطلب
تعاون الجميع وإخلاص الجميع وصدق الجميع وشراكة الجميع، لنبني وطناً لائقاً وجديراً
وبمستوى تضحيات هؤلاء الشهداء العظام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2015-11-12