يتم التحميل...

إرشادات الإمام الخامنئي (دام ظلّه) لحجّاج بيت الله الحرام

ذو القعدة

إنّ الحجّ ينطوي على جانبين مختلفين يكمّل أحدهما الآخر: جانب فردي وجانب اجتماعي، ينبغي الالتزام بهما والاهتمام بهما معًا. فالجانب الفردي للحجّ يرتبط بالحجاج فردًا فردًا؛ فليعمل كلٌّ منهم في هذه الحقبة الزمنية ــ وهي حقبة الحجّ والعمرة ــ على توطيد الارتباط بالله تعالى، والاستغفار، والتزوّد، حيث ورد في الآيات الكريمة المختصة بالحج

عدد الزوار: 213

إرشادات الإمام الخامنئي (دام ظلّه) لحجّاج بيت الله الحرام 22-08-2015


الحج تطهير للذّات: "إنّ الحجّ ينطوي على جانبين مختلفين يكمّل أحدهما الآخر: جانب فردي وجانب اجتماعي، ينبغي الالتزام بهما والاهتمام بهما معًا. فالجانب الفردي للحجّ يرتبط بالحجاج فردًا فردًا؛ فليعمل كلٌّ منهم في هذه الحقبة الزمنية ــ وهي حقبة الحجّ والعمرة ــ على توطيد الارتباط بالله تعالى، والاستغفار، والتزوّد، حيث ورد في الآيات الكريمة المختصة بالحج: ﴿وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَیرَ الزّادِ التَّقوی، وهي توصي بالتقوى. وعلى كلّ واحد من الحجّاج الكرام الذين فازوا بهذه النعمة العظيمة أن يفكّر في أن يوفي كيله، ويملأ حمله ــ ﴿وَأَنِ ‌استَغفِروا رَبَّکُم ــ ويستغفر ربّه، وينيب إليه، ويسأله، ويعاهد الله لمستقبله وحياته وأعماله... هذا هو العمل الفردي.

الحج مظهرٌ للوحدة وهيبة للأمّة:
"وهناك جانب آخر وهو الجانب الاجتماعي. فإنّ الحج يمثّل مظهر الوحدة الإسلامية، حيث يجتمع الناس بصنوف ألوانهم وقومياتهم وجنسياتهم ومذاهبهم وميولهم جنبًا إلى جنب من دون أي فارق؛ فيطوفون معًا، ويسعون معًا، ويقفون في عرفات والمشعر معًا، فكم لهذه الوحدة من أهمية كبيرة. ومن هنا، فإنّ التعاطف والانسجام الإسلامي يتجلّى على حقيقته في الحجّ.

لعنة الله على الذين يحاولون إقصاء حقيقة الأمة الإسلاميّة وأهميّتها وإبعادها عن الأذهان، والذين يقسّمون المسلمين إلى أصناف متعدّدة، ويحدّدون لهم دوافع مختلفة، ويضخّمون الجانب القومي لتهميش عظمة الأمّة الإسلاميّة، ويعملون على دقّ إسفين الخلاف في الأمة، والحال أنّ الأمة الإسلامية هي التي تتمتّع بالأهميّة، وأنّ العظمة تعود إلى الأمة الإسلاميّة، وأنّ الله سبحانه وتعالى يفيض برحمته على الأمّة الإسلاميّة، وأنّ الحجّ مظهر لتشكيل الأمّة الإسلاميّة، وهذا بالطبع غيض من فيض. حيث يجتمع المسلمون ﴿مِن کُلِّ فَجٍّ عَمیق ومن كلّ مكان، ومن أقصى البلاد جنبًا إلى جنب، ويا لها من فرصة كبيرة توفّر لهم إمكانية التحادث والتعاطف بعضهم مع بعض، والاستماع إلى آلام وشجون البعض الآخر، والتضامن مع بعضهم بعضاً، وهل يمكن أن تتاح هذه الفرصة في غير الحجّ؟ وهذا هو واحد من جوانب الحجّ الاجتماعية المتمثلة بالوحدة.

والجانب الاجتماعي الآخر، هو إظهار عظمة الأمة الإسلامية وهيبتها. فإنّ اجتماع ملايين الناس في مراسم معينة يدلّ على إظهار الأمة الإسلامية في مكان واحد. [يكفي أن] يشارك مثلًا من كلّ بلد يبلغ عدد سكانه سبعين أو ثمانين مليون نسمة، خمسون ألفًا أو ستون ألفًا أو سبعون ألفًا، حتى يجتمع هذا العدد الهائل، فهذا مؤشّر على عظمة الأمة الإسلامية".

اعرفوا قدر هذا المكان واغتنموا الفرصة:"وإن من الأمور المهمة في الحجّ هي الجوانب الشخصية والفردية. وإنّ تأكيدنا على الجوانب الاجتماعية في الحجّ لا يتسبّب في غفلتنا عن جوانبه الفردية المتمثلة في التضرّع والخشوع والخشية والدعاء. وهي فرصة ثمينة، فهل يوجد مكان [آخر] كالمسجد الحرام؟ وهل يوجد مكان كمسجد النبي(صلى الله عليه وآله)؟ هذه فرصة قد توافرت لكم وللحجّاج. بادروا إلى الأعمال التي لا يمكن القيام بها في الأماكن الأخرى ويتأتّى إنجازها في ذلك المكان، كالنظر إلى الكعبة، والصلاة في المسجد الحرام، وتقبيل موضع أقدام النبي (صلى الله عليه وآله). فقد كان النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في هذه المدينة يتمشّى ويتكلّم، وهذه الأجواء مفعمة بأمواج صوت النبي الكريم(ص)، أليس من المؤسف أن لا يتنفّس الإنسان في هذه الأجواء! في أيّ بقعة من بقاع العالم يمكنكم العثور على مثل هذا المكان؟ فليعرف الحجاج قدر ذلك، وإلا فبالإمكان التَّجوال في الأسواق ونحوها في كلّ منطقة من مناطق العالم، ويمكن القيام [أثناء الحجّ] بهذه الأعمال في طهران وفي أصفهان وفي تبريز وفي مشهد وفي جميع أقطار العالم. وما عليكم إلا القيام بالأمور التي لا يمكنكم إنجازها في هذه الأماكن وهي من مختصّات الحج.. هذه هي وصايانا.

نسأل الله تعالى أن يكتب لكم جميعًا حِجَّةً مقبولةً، ونطلب منكم أن لا تنسونا من الدعاء، والسلام عليكم‌ ورحمة الله".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

2015-09-04