الشروط المادية للجهاد
التربية الجهادية
إنّ عقل الإنسان يحكم كما فطرته وغريزته بضرورة توفير الاستعداد الكافي في أيام الصلح والسلم، للتمكّن من الدفاع ومواجهة العدو وصدّه إن هو قام فجأةً بهجوم خاطف وسريع.
عدد الزوار: 335
وجوب الإعداد والاستعداد:
إنّ عقل الإنسان يحكم كما فطرته وغريزته بضرورة توفير الاستعداد الكافي في أيام
الصلح والسلم، للتمكّن من الدفاع ومواجهة العدو وصدّه إن هو قام فجأةً بهجوم خاطف
وسريع.
وقد دلّت التجارب على أنّ الشعوب اليقظة والمستعدّة تمكّنت على الدوام من صدّ
الحملات المفاجئة للعدو، وحفظت بقاءها واستمرار وجودها. وعلى العكس من ذلك، فإنّ
الشعوب التي كانت تعيش الغفلة واللامبالاة، كانت تسقط دائماً ضحيّة لغفلتها وتتعرّض
للهزيمة.
والإسلام يأمر أتباعه أن يُعدوّا ما استطاعوا من قوّة لأجل الدفاع عن أنفسهم وأن
يبقوا في جهوزيّة تامّة، وذلك قبل وقوع الحرب وظهور الحاجة إلى مستلزمات الدفاع.
فقد صرّح القرآن الكريم بوجوب التجهّز والاستعداد، في قوله تعالى
﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ
يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ
وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾1.
فهذه الآية هي بلسان التحذير البليغ لكلّ المجتمعات الإسلامية من الغفلة عن الأعداء
المعروفين بل وغير المعروفين أيضاً، ومن عدم الجهوزيّة المسبقة حتى على مستوى
التخطيط في مواجهة العدوّ. لأنّنا إن غفلنا فالعدوّ لن يدعنا وشأننا، وسيتحيّن
الفرص للهجوم والانقضاض على البلاد الإسلامية. وإلى هذا أشار أمير المؤمنين عليه
السلام بقوله: "من نامَ لم يُنَم عنه"2.
فهذه الآية تريد أن تشير إلى أنّ هذا الأمر الإلهي بضرورة الإعداد شامل لآحاد
المسلمين تماماً كما يشمل الحالة الاجتماعية وعلى رأسها الحكومة الإسلامية
والعاملين عليها. وقد استخدمت الآية في بيانها لمعنى الجهوزيّة المطلوبة مفردتين
اثنتين هما: "القوّة" و"رباط الخيل".
والمقصود من "القوّة" هو كلّ شيء يؤدّي إلى تقوية المجاهدين في كامل تخصّصاتهم سواء
على الصعيد المادي أم المعنوي. ولأنّ هذا التعبير هو تعبير مطلق، نستنتج منه أنّه
لا حدَّ لتنّوع هذه القوّة ومقدارها، وهي تشمل تهيئة كلّ الإمكانات اللازمة لتعلّم
فنون القتال المختلفة، وهي تتبدّل بتبدّل الأزمنة، والميزان فيها أن تكون مناسبة
لمواجهة العدوّ وفي الزمان والمكان المناسبين.
وهذا ما يستفاد من الروايات التي تبيّن مصاديق هذه القوّة وبيان اتّساع معناها
وشموله. فقد عُبّر عن هذه القوة في بعضها بتعبير "الرماية" كما قيل أيضاً أنّ
المقصود من القوّة هو "وحدة الكلمة والثقة بالله تعالى والرغبة في الثواب الإلهي"،
وفُسِّرت بمعنى "الحصن"، وأحياناً فُسِّرت - كما في بعض الروايات - بالسلاح
والسيف والترس، وحتى بصبغ الشعر الأبيض للمجاهدين3.
أمّا التَّعبير الثَّاني في الآية، وهو تعبير "رباط الخيل" (أي الخيل المربوطة
والمستعدّة)، فيُعَدُّ أيضاً من مصاديق تلك القوّة. ولأنّ الخيل الأصيلة والسَّريعة
كانت هي أفضل وسيلة للركوب والقتال في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد
ذُكِرَت بعنوان النموذج الأفضل, وذِكْرُ هذا المصداق يستطيعُ أن يُرشدنا أيضاً إلى
ضرورة إعداد أكثر العتاد الحربي تقدّماً وتأثيراً.
حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على إعداد القوّة:
ولأجل تحقّق وجود هذه القوّة والجهوزية عملياً، كان النبيُّ الأكرمُ صلى الله عليه
وآله وسلم يشجّع المسلمين على إقامة مسابقات الرماية وسباق الخيل، كما كان يرافقهم
بنفسه لمشاهدتها، وأحياناً كان يشارك شخصياً فيها4. وقد أولى صلى الله عليه وآله
وسلم استمرارية هذا التعليم لفنون القتال عناية خاصة، حيث كان يطلب من أصحابه أن لا
يغفلوا عن ذلك، كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من تعلّم الرمي ثمّ تركه
فقد عصاني"5.
ومن المعروف أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما علِم في أيام حرب "حُنين" باختراع سلاح جديد في اليمن أرسل على الفور رجلاً كي يشتري هذا السلاح للمجاهدين6.
وبناءً عليه، يمكن في هذا الزمان أن نعتبر إعداد الوسائل العسكرية المتطوّرة
كالدبابات المتنوّعة، والطائرات، والسفن الحربية، والتدريب المتواصل للقوات
العسكرية، هو من مصاديق إعداد هذه القوَّة.
وفي هذا الصدد يقول الإمام القائد الخامنئي دام ظله: "يجب أن تكونوا دائماً في
حالة تقدّم, لأنّ العدو ينتظر الأرضية الملائمة للنفوذ، وهو ينتظر تأخّركم ليشنّ
هجومه. وأفضل طريقة لصدّ هجومه هو الهجوم عليه. وإنّ تقدّمكم وتطوّركم هو هجوم على
العدو. فالبعض يتصوّر أنّ الهجوم على الأعداء معناه حمل المدفع والأسلحة إلى مكان
ما أو التصدّي السياسي من خلال الخطابات، ولا شكّ بأنّ هذا لازم في محلّه، ولكنّ
الهجوم لا يكون بهذه الأمور فحسب، فإنّ بناء الإنسان لنفسه ولأبنائه ولمن ولِّيَ
عليهم من أفراد هذه الأمّة الإسلامية هو من أعظم الأعمال"7.
توصيات جهاديّة من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام:
إنّ سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الأطهار عليهم السلام عابقة
بالعديد من المواقف الجهادية، ولا سيّما أمير المؤمنين عليه السلام الذي خاض غمار
الحروب. حيث نجد في كلامه العديد من التوصيات العسكرية التي تصلح لكل زمان ومكان،
وهي نتيجة أيضاً لخبرته عليه السلام وقدراته وبعد نظره.
فثمّة صفات ضرورية، يجب تربية المجاهد عليها مثل: هدوء الأعصاب، والسرعة، والحسم،
والدقّة، والقدرة على التنسيق والضبط...
يقول الإمام علي عليه السلام: "معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وتجلببوا
السكينة، وعضّوا على النواجذ، فإنه أنبى للسيوف عن الهام"8.
فالخشية هي الخشية من الله تعالى، والسكينة هي الهدوء في الأعصاب، والعضّ على
الأسنان يزيل توتر الأعصاب. ومن يتحلّى بهذه الصفات يكون مقداماً، حاضر الذهن، ثابت
الجنان، وبالتالي يستطيع أن يكون بعيداً عن متناول السيوف، بعد أن يتخلص منها
بسيطرته على أعصابه وهدوئه.
ويقول الإمام علي عليه السلام وهو يبيّن بعض مبادئ القتال التي يجب أن يأخذها بعين
الاعتبار كلّ مجاهد: "وأكملوا اللامّة، وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلّها،
والحظوا الخزر، واطعنوا الشزر، ونافحوا بالظّبى، وصلوا السيوف بالخطا"9.
ويقول عليه السلام في مجال اختيار ساحة الحرب والموقع الاستراتيجي:
"فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم:
- فليكن معسكركم في قبل الإشراف (المواقع المرتفعة) أو سفاح الجبال، أو أثناء
الأنهار، كما يكون لكم رداءً، ودونكم مردّاً.
- ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين.
- واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال، ومناكب الهضاب، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان
مخافة أو أمن.
- واعلموا أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم.
- وإياكم والتفرّق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً، وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً.
- وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرماح كِفَّة، ولا تذوقوا النوم إلا َّ غِراراً أو
مَضْمَضَة"10.
فالجيوش الجرّارة، والأسلحة الفتّاكة، والقوّة الجبّارة، لا يمكن ردّها وإلحاق
الهزيمة بها، إلا بالتفوّق عليها ـ ليس عبر الكلمة ـ وإنما بإعداد الرجال وامتلاك
القوّة التي ترهب العدوّ وتردّه خاسئاً على أعقابه.
وههنا بعض التوصيات العسكرية المهمّة التي نقلت عنهم صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين، وهي في موارد:
مباغتة العدو:
وهو أسلوب المفاجأة، ووضع الكمائن في أماكن لا يتوقّعها العدوّ، أو شنّ غارات
وعمليات عسكرية سريعة ومباغتة لضرب الخصم، وفي هذا الشأن يقول الإمام علي عليه
السلام: "اغزوا القوم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غُزِيَ قوم قطّ في عقر ديارهم
إلا ذلّوا"11.
الرصد والاستطلاع والحراسة:
وهو من الأمور الروتينية الأساسية التي لا تنفكّ الجيوش تستعد له باستمرار من قبيل
تجهيز أفراد وفرق مدرّبة على الرصد والاستطلاع، لأن الجيش بدون معلومات يكون أعمى،
وبدون معرفته بأماكن تواجد العدوّ وبدون درايته بالطرق والمسالك الأسلم يكون قد وضع
نفسه في معرض الخطر المحدق. وفي هذا المورد يقول الإمام علي عليه السلام - في
وصيّته لزياد بن النضر- "اعلم أن مقدّمة القوم عيونهم، وعيون المقدّمة طلائعهم ،
فإذا أنت خرجت من بلادك ودنوت من عدوك فلا تسأم من توجيه الطلائع في كلّ ناحية وفي
بعض الشعاب والشجر والخَمَر12 وفي كل جانب، حتى لا يغيركم عدوّكم، ويكون لكم
كمين"13.
هذا إضافة إلى الحراسة المشدّدة والواعية للأفراد، ولكلّ التجهيزات والعتاد العسكري
والمواقع العسكرية المختلفة، فقد روي بأنّ جيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قد سار يوم حنين فأطنبوا السير، حتّى كان عشيةً، ثم قال: "من يحرسنا الليلة؟ قال
أحد أصحابه: أنا يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم: فاركب، فركب فرساً له،
وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استقبل هذا الشّعب حتى تكون في أعلاه،
ولا نغرّنّ من قبلك الليلة"14.
قوة النفس:
ومن ضمن التوجيهات التي يسوقها أمير المؤمنين عليه السلام للحفاظ على كلّ مصادر
القوّة لديه، وبالأخصّ شحن الثقة في شخصيّة المقاتل يقول عليه السلام "فقدّموا
الدارع، وأخّروا الحاسر، وعضّوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في
أطراف الرماح فإنه أمْوَرُ للأسنّة، وغضّوا الأبصار، فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب،
وأميتوا الأصوات، فإنه أطرد للفشل"15.
مساعدة رفاق القتال:
وهو أمرٌ أساسيّ في الجبهة، إذ لا بدّ للمقاتل من أن يكون حاضراً في جنب إخوته
يساعد ضعيفهم إذا رآه عرضة للخطر أو القتل.. فعن الأمير عليه السلام "وأي امرئ
منكم أحسّ من نفسه رباطة جأش عند اللقاء، ورأى من أحد من إخوانه فشلاً، فليذبّ عن
أخيه بفضل نجدته التي فُضّل بها عليه كما يذبُّ عن نفسه، فلو شاء الله لجعله
مثله"16.
اعتماد التكتيكات العسكرية المناسبة:
كالخدعة مثلاً، واعتماد الأساليب الأمنيّة أو الإعلامية أو حتى التمويهات الميدانية
المناسبة، وهي بالتالي تحمي المجاهدين وتقرّب لهم النصر، وتخدع العدو وتوهمه بأشياء
غير حقيقية فتتأثر تحضيراته للمعركة تبعاً لنوعية هذا الأسلوب ومداه. قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم "إنما الحرب خدعة فاصنع ما تريد"17. وفي مجال الحرب
الإعلامية والنفسية يقول صلى الله عليه وآله وسلم "قل ما بدا لك، فإن الحرب
خدعة"18. وعن عديّ بن حاتم: يوم التقى أمير المؤمنين عليه السلام، ومعاوية
بصفّين ورفع بها صوته ليسمع أصحابه: "والله لأقتلنّ معاوية وأصحابه ثم يقول في آخر
قوله: إن شاء الله - يخفض بها صوته - وكنت قريباً منه فقلت: يا أمير المؤمنين! إنك
حلفت على ما فعلت ثم استثنيت، فما أردت بذلك؟! فقال لي: إن الحرب خدعة، وأنا عند
المؤمن غير كذوب، فأردت أن أحرّض أصحابي عليهم لكيلا يفشلوا وكي يطمعوا فيهم
فأفقههم بها بعد اليوم إن شاء الله"19. كما أن استخدام الخدعة في الميدان أثناء
القتال لا حدود له، كأن يستعمل المقاتل وسائل لإثارة الدخان أو الضباب أو الأصوات
ليوهم العدوّ فيأتيه من مكان آخر أو غير ذلك، ونرى ذلك مثلاً في ما حصل مع الأمير
عليه السلام وعمرو بن عبد ود العامري، وهي لفتة ذكية منه عليه السلام "فقال له
علي: يا عمرو! أما كفاك أني بارزتك وأنت فارس العرب حتى استعنت عليّ بظهير؟ فالتفت
عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين عليه السلام مسرعاً على ساقيه فأطنّهما جميعا،
وارتفعت بينهما عجاجة... وأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدماء تسيل
على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم... فقال رسول الله: يا علي! ماكرته؟
قال: نعم يا رسول الله! الحرب خديعة"20.
تفقّد السلاح والجهوزيّة الدّائمة
عندما نتدبّر في الإجراءات العسكرية التي كان يتّخذها النبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم والأئمة عليهم السلام في المعارك المختلفة التي خاضها المسلمون ضد الكفّار
والطواغيت، نجد بأنّهم كانوا يخطّطون للمعركة، ويؤمّنون كل الوسائل والمستلزمات بما
فيها المادية منها. فنلاحظ مثلاً بأنّ النبيّ عليه السلام قد أمر بحفر الخنادق
لحماية المدينة والمسلمين، وأنّ الإمام الحسين عليه السلام حفر خندقاً في بعض أطراف
المعركة، بهدف توجيه ميدان المعركة من جهة واحدة وتأمين الحماية للمقاتلين، وتوفير
أفضل مدىً للحركة لهم داخل الميدان. وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ولتكن
مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين"21.
وعندما نضمّ هذه الأفعال من قبلهم عليهم السلام إلى الروايات التي تؤكد على اليقظة
الدائمة وعدم الغفلة عن السّلاح طرفة عين، ندرك تماماً بأنّ الاستعداد والاحتياط
واليقظة والاهتمام بالسلاح والعناية به من الثوابت العسكرية في أيّة حرب.
فهذا أمير المؤمنين عليه السلام يأمر بتفقّد السّلاح قبل الحرب كما ذكرنا في الحديث
المتقدّم "وأكملوا اللاّمة وقلقلوا السّيوف في أغمادها و..."22، وكلّ ذلك
إشارةٍ واضحةٍ إلى ضرورة تفقّد السّلاح وإبقائه في حالة جهوزيّة. فالسّيف قد يصدأ
ويعيق الاستفادة منه في الحرب.
ونقرأ في السّيرة الحسينيّة بأنّ أصحاب الحسين عليه السلام كانوا يصلحون سيوفهم
ودروعهم ليلة العاشر من المحرّم مع أنّ معركتهم استشهاديّة.
وكذا الحال في يوم العاشر، مع أنّ الإمام قد بشّرهم بالجنّة، فكانوا يلبسون الدّروع،
والبيضة، ويحملون اللاّمة، كلّ ذلك في سبيل تأكيد مبدأ عسكريّ هامّ، وهو الاستفادة
من جميع التقنيات والوسائل المادية، بالإضافة إلى الإيمان والتّسليم والتوكّل على
الله تعالى.
استخدام مختلف الأسلحة في الحرب:
فعن الإمام علي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "يُقتل المشركون بكلّ ما
أمكن قتلهم به، من حديد أو حجارة أو ماء أو نار أو غير ذلك، فذكر أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف، وقال عليه السلام: إن كان معهم
في الحصن قوم من المسلمين فأوقفوهم معهم، ولا يتعمّدهم بالرمي وارموا المشركين،
وأنذروا المسلمين إن كانوا أقيموا مكرهين، ونكّبوا عنهم ما قدرتم"23.
القتال في كل مكان حتى البحر:
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من جلس على البحر احتساباً ونية احتياطاً
للمسلمين، كتب الله له بكل قطرة في البحر حسنة"24. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم
"من
لم يدرك الغزو معي فليغز في البحر"25.
الإسعاف الحربي:
لقد كان المسلمون يُخرجون معهم للحرب من يقوم بتطبيب جريحهم وإسعاف مصابهم، ولقد
كانوا يستعينون بالنساء حينها لقلّة عديد الرجال وعدم القدرة على تخصيص عدد منهم
لمهام الإسعاف، فسقوط وجوب الجهاد عن النساء لا يلغي بالضرورة السماح لهنّ بالخروج
مع الجيوش الإسلامية لمهام التَّمريض والإسعاف، على أن يكون ذلك بإذن الحاكم وتحت
نظره المقدَّس. فعن أحد الإمامين الباقرين عليهما السلام: "إنَّ رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم خرج بالنساء في الحرب حتى يداوين الجرحى، ولم يقسم لهن من الفيء،
ولكنه نفلهن"26.
المفاهيم الرئيسية
1- يأمر الإسلام أتباعه أن يُعدوّا ما استطاعوا من قوّة لأجل الدفاع عن أنفسهم وأن
يبقوا في جهوزيّة تامّة، وذلك قبل وقوع الحرب وظهور الحاجة إلى الدفاع.
2- المقصود من "القوّة" هو كلّ شيء يؤدّي إلى تقوية المجاهدين، فلا حدَّ لتنّوع هذه
القوّة ومقدارها، والميزان فيها أن تكون مناسبة لمواجهة العدوّ وفي الزمان والمكان
المناسبين.
3- من التوصيات العسكرية المهمّة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم
السلام:
4- مباغتة العدوّ. فعن الأمير عليه السلام: "اغزوا القوم قبل أن يغزوكم، فوالله ما
غزي قوم قطّ في عقر ديارهم إلا ذلّوا".
5- العمل على الرصد والاستطلاع.
6- الالتزام بتوجيهات قتالية ميدانية لتجنّب الخسائر.
7- مساعدة رفاق القتال وتقديم العون لهم عند الحاجة.
8- اعتماد التكتيكات العسكرية المناسبة، كالخدعة مثلاً وغيرها.
9- استخدام مختلف أنواع الأسلحة المناسبة في الحرب.
10- تخصيص عدد من الأشخاص مهمّتهم تقديم المعونة الطبية.
1- الأنفال، 60.
2- نهج البلاغة، الرسالة 62.
3- يُراجع: تفسير نور الثقلين، ج2، ص164-165.
4- كنز العمال، ح10812، 10841، 10844، 10847.
5- الدر المنثور، أبو بكر السيوطي، ج3، ص193.
6- تفسير الأمثل، ج5، ص472.
7- جمهوري إسلامي، 25، 9، 1375هـ.ش(1996م).
8- ميزان الحكمة، ج1، ص565.
9- نهج البلاغة، ج1، ص114. الخزر: النظر كأنه من أحد الشقين، وهو علامة الغضب.
اطعنوا الشّزر: بالفتح الطعن في الجوانب يميناً وشمالاً. نافحوا: كافحوا وضاربوا .
والظبا: بالضم جمع ظبة طرف السيف وحده . صلوا: من الوصل أي اجعلوا سيوفكم متصلة
بخطا أعدائكم، جمع خطوة، أو إذا قصرت سيوفكم عن الوصول إلى أعدائكم فصلوها بخطاكم.
10- بحار الأنوار، ج33، ص411.
11- ميزان الحكمة، ج1، ص561-571.
12- الخَمَر: كل ما يستتر به.
13- ميزان الحكمة، ج1، ص561-571.
14- ميزان الحكمة،ج1،ص578.
15- الكافي، ج5، ص39. الدارع: لابس الدرع . والحاسر: الذي لا مغفر له ولا درع.
وأنبأ أي أبعد وأشد دفعاً . قيل: الوجه في ذلك أن العضّ على الأضراس يشدّ شؤون
الدماغ ورباطاته فلا يبلغ السيف مبلغه. والهام جمع هامة وهي الرأس. قيل: أمرهم بأن
يلتووا إذا طعنوا لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحري أن يمور السنان أي يتحرك عن موضعه
فيخرج زالقاً وإذا لم يلتووا لم يمرّ السنان ولم يتحرك عن موضعه فينخرق وينفذ ويقتل.
وأمرهم بغضّ الأبصار في الحرب لأنه أربط للجأش أي أثبت للقلب لأن الغاضّ بصره في
الحرب أحرى أن لا يدهش ولا يرتاع لهول ما ينظر. وأمرهم بإماتة الأصوات وإخفائها
لأنه أطرد للفشل وهو الجبن والخوف وذلك لأنَّ الجبان يرعد ويبرق والشجاع صامت.
16- بحار الأنوار، ج32، ص172.
17- ميزان الحكمة، ج1، ص566.
18- م.ن.
19- م.ن.
20- ميزان الحكمة، ج1، ص567.
21- بحار الأنوار،ج33،ص411.
22- نهج البلاغة، ج1، ص 114.
23- م.ن، ص568.
24- م.ن، ص569.
25- م.ن، ص.
26- أصول الكافي، ج5، ص45.