عيد التخرّج
عيد الفطر السعيد
عيد الفطر شبيه بحفل التخرُّج للناجحين في جامعة شهر رمضان، وبرنامج هذا الحفل يتألف من الأمور التالية:
عدد الزوار: 176بسم الله الرحمن الرحيم
عيد الفطر شبيه بحفل التخرُّج للناجحين في جامعة شهر رمضان، وبرنامج هذا الحفل
يتألف من الأمور التالية:
1- تحديد الناجحين.
2- توزيع الجوائز عليهم.
3- كلمة شكر من المتخرجين.
4- تلاوة التوصيات الناتجة عن تقييم المشاركات.
1-أمّا الناجحون
فهم الذين ورد ذكرهم في قول الإمام علي(ع): "إنما هو عيد لمن قَبِلَ الله صيامه
وشكر قيامه، وكلُّ يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد".
2-أمّا الجوائز
فهي التي أشار رسول اللهبسم الله الرحمن الرحيم إلى قيمتها بقوله: " إذا كان أول
يوم من شوّال نادى منادٍ: أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم... جوائز الله ليست
كجوائز هؤلاء الملوك... هو يوم الجوائز.
3-أمّا شكر المتخرّجين
فهو شكر منهم لله تعالى على توفيقه لصيام وقيام شهر رمضان المبارك،وهم وإن كانوا لا
يستطيعون أداء الشكر الحقيقي؛ لأنّه كما ورد عن الإمام زين العابدين(ع): "فكيف لي
بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر".
ولكن مع ذلك فلا بُدَّ من محاولة سلوك سبيل الشكر، وهذا ما حدَّدته الشريعة في هذا
العيد من خلال عناوين هي:
أولاً: من خلال ذكر الله تعالى بالتكبير والتهليل والحمد والشكر بأن نقول:
ألله أكبر ألله أكبر، لا إله إلا لله والله أكبر، ألله أكبر ولله الحمد، الحمد لله
على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا.
ثانياً: من خلال إدخال فرحة العيد على فقراء المسلمين بإعطائهم زكاة الفطرة التي هي
شرط في قبول صوم شهر رمضان.
ثالثاً: من خلال المشاركة في صلاة العيد التي يجتمع فيها المسلمون معاً، المنكب إلى
جانب المنكب، صفوفاً متراصّة كما يحب الله تعالى ففي الحديث: "إنما جعل يوم الفطر
ليكون للمسلمين مجتمعاً يجتمعون فيه فيحمدون الله على كل ما منَّ عليهم".
رابعاً: من خلال شكر صاحب الرسالة الذي عانى ما عانى لتبليغها حتى قالبسم الله
الرحمن الرحيم : "ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت"، وذلك بدعائنا لله تعالى في قنوت
العيد الذي نكررّه قائلين: "أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمد
صلى الله عليه وآله ذخراً وشرفاً ومزيداً أن تصلي على محمد وآل محمد.
خامساً: من خلال شكر من أولد الإسلام ولادة ثانية ولولاه لما بقي للإسلام من أثر
وهو الإمام أبو عبد الله الحسين(ع) الذي ورد استحباب زيارته في عيد الفطر، فلنتوجّه
إلى الشرق لزيارته شاكرين:
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبيَّ الله، السلام
عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك
يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد صلى الله عليه وآله حبيب الله،
السلام عليك يا وارث علي حجة الله.
سادساً: من خلال استحضار صاحب العيد، وإمامه الحقيقي صاحب العصر والزمان بالتأكيد
على قراءة دعاء الندبة في مثل هذا اليوم المعبّر عن التطلّع للأمل القادم بإزالة
العدوان واتحاد الأمة وفتح باب الكمال الإنساني نحو الله تعالى، فنقول فيه: أين
بقية الله... أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان، أين قاصم شوكة المعتدين، أين جامع
الكلمة على التقوى.
4-أمّا التوصيات الناتجة عن تقييم المشاركة في شهر رمضان فيمكن تلخيصها في ثلاثة
عناوين:
الأول: اكتشاف يحتاج إلى تثبيت
فقد اكتشفنا في شهر رمضان أن إرادتنا يمكن أن تتغلّب على شهواتنا من أكل وشرب
وتدخين وغيرها، فصمنا عنها وكرَّرنا الصيام شهراً كاملاً تغلّب فيه سلطان العقل على
الشهوة والغضب والوهم.
وهذا أمر يجب أن نستثمره في إبقاء غلبة العقل والإرادة لنقف عند ما حرَّم الله
تعالى ولننطلق فيما أحبَّ الله عزَّ وجل.
الثاني: عادات بحاجة إلى مداومة
• فقد تعوَّدنا في شهر رمضان على عبادات يحبّها الله تعالى، وعلينا أن نداوم عليها
بعد شهر رمضان:
أ- اعتدنا في شهر رمضان على صلاة الصبح في أول وقتها وليس قضاء، لعلنا نداوم على
ذلك بعده.
ب- اعتدنا في شهر رمضان أن نستيقظ في وقت السحر المبارك، لعلّنا نكمل الاستيقاظ في
هذا الوقت للتقرّب إلى الله تعالى بالنوافل، ولو في ليلة الجمعة من كل أسبوع.
ج- اعتدنا في شهر رمضان أن نقرأ القرآن الكريم، لعلّنا نستكمل ذلك بقراءة القرآن
الكريم كل يوم، فالمؤمن ينبغي أن يقرأ كل يوم خمسين آية، فعن أبي عبد الله (ع):
"القرآن عهد الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه
في كل يوم خمسين آية"، وبعض العلماء الكبار يحثّ المؤمنين أن يقرأوا يومياً ولو
صفحة واحدة.
د- اعتدنا في شهر رمضان أن نداوم الحضور في المساجد التي ورد فيها عن الله عزّ وجل:
"إن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على
المزور كرامة الزائر". وعلينا أن نبقى مداومين على هذه العبادة لنكون ممن يظللهم
الله يوم القيامة بظل عرشه.
• وقد اعتدنا في شهر رمضان على اجتماعيات يحبّها الله تعالى وعلينا أن نداوم عليها
بعد شهر رمضان.
أ- اعتدنا في شهر رمضان أن نجلس كأسرة على مائدة الإفطار جلسة كان النبيبسم الله
الرحمن الرحيم يفضّلها على الاعتكاف في المجلس النبوي المبارك بقوله "جلوس المرء
عند عياله أحبّ إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا".
كم نحن بحاجة إلى أن نحافظ على تماسك الأسرة وتطورها، ونحن في هذه الأيام نواجه
حرباً ناعمة تُمارس على مجتمعنا تستهدف الأسرة بهدف القضاء على المنعة الاجتماعية.
ب- اعتدنا في شهر رمضان على التواصل الاجتماعي مع الأرحام والجيران والأصدقاء، من
خلال سهرات يُذكر فيها الله تعالى، وهذا ما يُحصِّن المجتمع ويزيد في منعته ويرقيه
في كماله.
مضافاً إلى الاستفادة الكبيرة من ثواب زيارة المؤمن التي ورد فيها: "من زار مؤمناً
فكأنما زار الله تعالى".
كم من الجميل أن يخطّط أهلنا الأعزاء بعد شهر رمضان لسهرات دينية يباركون فيها
بيوتهم ويحصّنون عائلاتهم ويتقرّبون بها إلى الله تعالى.
ج- اعتدنا في شهر رمضان أن نلتفت أكثر إلى المحتاجين من فقراء ومساكين وأيتام بما
يحقّق ما يحبُّ الله تعالى من التكافل الاجتماعي الذي يحتاجه كثيراً مجتمعنا في ظلّ
هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لا سيّما أننا على أبواب التسجيل في المدارس
والجامعات.
وفي مجتمعنا من يعجز أو يصعب عليه تسجيل أولاده وتأمين مستلزماتهم الدراسية.
مع أننا بفضل الله تعالى وببركة المقاومة التي أُسست تحت عين الإمام الخميني قدس
سره الراحل واستمرت تحت رعاية الإمام الخامنئي دام ظلّه، انتقلنا من مجتمع كان في أسفل
قائمة المتعلّمين والأكاديميين في لبنان إلى مجتمع أضحى فيه من المكرَّر في السنوات
الأخيرة أن يكون أكثر المتفوّقين في لبنان هم من أبناء مجتمع المقاومة.
الثالث: مكتسبات بحاجة إلى محافظة
ففي شهر رمضان كسب كثير ووفير. كانت الآية فيه بقرآن، وصلاة الفريضة بسبعين،
والنافلة ببراءة من النار، ووصل الرحم وصل لرحمة الله تعالى عند اللقاء، والصلاة
على محمد وآل محمد تثقيل لميزان العبد يوم القيامة.
وغير ذلك كثير، وهذا ما يجب المحافظة عليه، من خلال عدم إحراقها بفعل الحرام، كما
فعل ذلك الجاهل الذي احترم شهر الله فامتنع فيه عن شرب الخمر، ولكن ما أن ولّى
الشهر الفضيل حتى ذهب إلى المخمرة ونادى:
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقة تهفو إلى مشتاقِ
لقد زرعنا في شهر رمضان وعلينا أن نحافظ على زرعنا الكثير، فقد ورد عن رسول اللهبسم
الله الرحمن الرحيم أنّه قال:" "من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنّة،
ومن قال: الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: لا إله إلا الله غرس
الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال الله أكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال
رجل من قريش: يا رسول الله إن الأشجار في الجنة لكثيرة. قالبسم الله الرحمن الرحيم
: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا إليها نيراناً فتحرقوا، وذك أن الله عزّ وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
﴾.
* سماحة الشيخ أكرم بركات
2015-07-15