دعاؤكم فيه مستجاب
رمضان
ممّا ورد في خطبة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله في استقبال شهر رمضان قوله (صلّى الله عليه وآله): "دعاؤكم فيه مستجاب".
عدد الزوار: 289
"دعاؤكم فيه
مستجاب"
المناسبة: شهر رمضان المبارك
ممّا ورد في خطبة الرسول الأكرم صلّى
الله عليه وآله في استقبال شهر رمضان قوله (صلّى الله عليه وآله): "دعاؤكم فيه
مستجاب".
الدعاء وأهميـّته: يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم:
﴿ادْعُونِي
أسْتجِبْ لكُمْ إِنّ الّذِين يسْتكْبِرُون عنْ عِبادتِي سيدْخُلُون جهنّم داخِرِين﴾.
الدعاء عبادة يُمارسها الإنسان في جميع حالاته. وهو عبارة عن كلام المخلوق مع خالقه،
ويُترجِم عمق الصلة بين العبد وربّه، ويعكس حالة الافتقار المتأصّلة في ذات الإنسان
إلى الله سبحانه، والإحساس العميق بالحاجة إليه والرغبة فيما عنده. ولذلك، فإنّنا
نجد الدعاء من أبرز القيم الرفيعة عند الأنبياء والأوصياء والصالحين عليهم السلام،
ومن أهمّ السنن المأثورة عنهم، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: "ألا أدلّكم على
سلاح يُنجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلّى الله
عليه وآله: "تدعون ربّكم بالليل والنهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء".
وعنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال: "الدعاء مخّ العبادة، ولا يهلك مع الدعاء أحد".
وفي الحديث القدسيّ: "يا موسى، سلني كلّ ما تحتاج إليه، حتّى علف شاتك، وملح عجينك".
وعن الرضا عليه السلام أنّه كان يقول لأصحابه: "عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: وما
سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء".
من آداب الدعاء الابتداء بالحمد والصلاة على النّبيّ وآله: ومن المعلوم أنّ لكلّ
أمر عباديّ آدابه وشروطه، والدعاء واحد من أهمّ العبادات في حياة الإنسان، لا سيّما
الإنسان المؤمن، فله آدابه الظاهريّة والباطنيّة، ومنها: تقديم المدحة لله والثناء
عليه قبل المسألة: فقد روى الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: "إيّاكم إذا أراد أن يسأل أحدكم ربّه شيئاً من حوائج الدنيا حتّى يبدأ
بالثناء على الله عزّ وجلّ والمدحة له، والصلاة على النبيّ (وآله)، ثمّ يسأل الله
حوائجه".
قد لا يستجاب الدعاء: مع رعاية الكثير من الآداب الظاهرية والباطنيّة، والإلحاح
بالدعاء، نجد أنّ الله سبحانه وتعالى لا يستجيب دعاءنا، ولا تتحقّق آمالنا، فما
السرّ في ذلك؟ والجواب عن هذا السؤال نوجزه بما يلي:
أ- هناك أشخاص لا يُستجاب دعاؤهم أبداً مهما دعوا:
روى جعفر بن إبراهيم عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: "أربعة لا يُستجاب لهم دعوة:
1- رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني. فيُقال له: ألم آمرك في الطلب؟
2- ورجل كانت له امرأة فاجرة، فدعا عليها. فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك؟
3- ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: اللّهمّ ارزقني. فيقال له: ألم آمرك بالإصلاح (أي
الاقتصاد). ثمّ قال:
﴿والّذِين إِذا أنفقُوا لمْ يُسْرِفُوا ولمْ يقْتُرُوا وكان
بيْن ذلِك قوامً﴾".
ب- من دعا وهو مصرّ على المعاصي لا يُستجاب دعاؤه:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "كان
رجل من بني إسرائيل يدعو الله تعالى أنْ يرزقه غلاماً، ثلاث سنين، فلمّا رأى أنّ
الله لا يُجيبه قال: يا ربّ، أبعيد أنا منك فلا تسمعني، أم قريب فلا تُجيبني؟ فأتاه
آتٍ في منامه قال: إنّك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسانٍ بذيء وقلبٍ عاتٍ غير نقيّ،
ونيّة غير صافية (صادقة)، فأقلع عن بذائك، وليتّق الله قلبُك، ولتحسِّن نيّتك، ففعل
الرجل ذلك عاماً فولد له غلام".
وعن أبي عبد الله عليه السلام: "ترك لقمة الحرام أحبّ إلى الله من صلاة ألفي ركعة
تطوّعاً".
وفيما وعظ الله به عيسى عليه السلام: "يا عيسى، قل لظلمة بني إسرائيل: غسلتم وجوهكم
ودنّستم قلوبكم، أبي تغترّون، أم عليّ تجترئون؟ تتطيّبون بالطيب لأهل الدنيا
وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة، كأنّكم أقوام ميّتون، يا عيسى، قل لهم: قلّموا
أظفاركم من كسب الحرام، وأصمّوا أسماعكم عن ذكر الخنا (الفحشاء)، وأقبلوا عليّ
بقلوبكم، فإنّي لست أريد صوركم، يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل: لا تدعوني والسحت
تحت أقدامكم، والأصنام في بيوتكم، فإنّي آليت (أقسمت) أن أُجيب من دعاني، وإنّ
إجابتي إيّاهم لعناً لهم حتّى يتفرقوا".
اللهمّ وفّقنا في هذا الشهر الكريم لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك برحمتك يا أرحم
الراحمين.