هل يؤيد القرآن ما جاء في التوراة والإنجيل؟!
مواضيع قرآنية
في مواضع عديدة يصرح القرآن بتصديقه لما جاء في الكتب الإلهية السابقة، كما جاء جاء في الآيتين 89 و 101 من سورة البقرة: مصدق لما معهم. وفي الآية 48 من سورة المائدة: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب.
عدد الزوار: 299
في مواضع عديدة يصرح القرآن بتصديقه لما جاء في الكتب الإلهية السابقة، كما جاء جاء
في الآيتين 89 و 101 من سورة البقرة: مصدق لما معهم. وفي الآية 48 من سورة المائدة:
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب.
بعض دعاة اليهودية والنصرانية. استدلوا بهذه الآيات لإثبات عدم تحريف التوراة
والإنجيل. وقالوا: إن التوراة والإنجيل في عصر نبي الإسلام لا يختلفان حتما عما
عليه الآن. وإن أصابهما تحريف فهذا التحريف يعود إلى فترة سابقة على ذلك العصر.
ولما كان القرآن قد أيد صحة التوراة والإنجيل الموجودين في عصر نبي الإسلام، فعلى
المسلمين أن يعترفوا بصحة هذين الكتابين الموجودين بين ظهرانينا اليوم.
الجواب
يؤكد القرآن في مواضع عديدة وجود علائم نبي الإسلام ودينه في تلك الكتب المحرفة
التي كانت موجودة في أيدي اليهود والنصارى آنذاك. وهذا يعني وجود حقائق في تلك
الكتب لم تمتد إليها يد التحريف، ذلك لأن التحريف لا يعني تغيير كل نصوص تلك الكتب
السماوية، بل إن تلك الكتب كانت تحمل بين طياتها حقائق، ومن تلك الحقائق علامات
النبي الخاتم ولا زالت بعض هذه البشائر مشهودة في الكتب الموجودة الآن.
بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وكتابه السماوي تصديق لما جاء في تلك
الكتب من علامات، أي تحقيق عملي لتلك العلامات. وكلمة التصديق بمعنى التحقيق العملي
وردت في مواضع أخرى من القرآن الكريم كقوله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام: قد
صدقت الرؤيا.
أي أنك قد حققت عمليا رؤياك.
وتصرح الآية 157 من سورة الأعراف بأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تحقيق
عملي لما يجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي
يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل....
على أي حال، ليس في الآيات المذكورة دلالة على تصديق جميع محتويات التوراة والإنجيل،
بل دلالتها تقتصر على "التصديق العملي" لما جاء في الكتب الموجودة بيد اليهود
والنصارى بشأن النبي الخاتم وكتابه. هذا، إلى
جانب وجود آيات عديدة في القرآن تتحدث عن تحريف اليهود والنصارى لآيات التوراة
والإنجيل، وهو شاهد حي صريح على مسألة التحريف.
شاهد حي آخر:
" فخر الإسلام " - الذي كان من كبار قساوسة المسيحيين، وتتلمذ عند
علمائهم حتى حاز مراتب كبيرة في الدراسات الكنيسة - يتحدث في مقدمة
كتابه " أنيس الاعلام " عن انتقاله من المسيحية إلى الإسلام فيقول:
"... بعد بحث طويل وعناء كبير وتجوال في المدن، عثرت على قسيس كبير
متميز في زهده وتقواه، كان يرجع إليه الكاثوليك بما فيهم سلاطينهم، تعلمت
عليه زمنا مذاهب النصارى، وكان له طلاب كثيرون، ولكنه كان ينظر إلي من
بينهم نظرة خاصة، وكانت كل مفاتيح البيت بيدي، إلا مفتاحا واحدا لغرفة
صغيرة، احتفظ به عنده...."
وفي يوم اعتلت صحة القسيس، فقال لي: قل للطلاب إني لا أستطيع
التدريس اليوم. حينما جئت الطلاب وجدتهم منهمكين في نقاش حول معنى
" فارقليطا " في السريانية، و " پريكلتوس " في اليونانية... واستمر بينهم
النقاش، وكل كان يدلي برأيه....
بعد أن عدت إلى الأستاذ سألني عما كان يدور بين الطلاب، فأخبرته، فقال
لي: وما رأيك؟
قلت: اخترت الرأي الفلاني.
قال القسيس: ما قصرت في عملك، ولكن الحق غير ذلك. لأن حقيقة هذا
الأمر لا يعلمها إلا الراسخون في العلم، وقليل ما هم. أكثرت في الالحاح عليه
أن يوضح لي معنى الكلمة. فبكى بكاء مرا وقال: لم أخف
عليك شيئا... إن لفهم معنى هذه الكلمة أثرا كبيرا، ولكنه
إن انتشر فسنتعرض للقتل ! فإن عاهدتني أن لا تفشيه
فسأخبرك... فأقسمت بكل المقدسات أن لا أذكر ذلك لأحد، فقال: إنه اسم من أسماء نبي
المسلمين، ويعني "أحمد" و "محمد".
ثم أعطاني مفتاح الغرفة وقال: افتح الصندوق الفلاني، وهات الكتابين
اللذين فيه، جئت إليه بالكتابين وكانا مكتوبين باليونانية والسريانية على
جلد، ويعودان إلى عصر ما قبل الإسلام.
الكتابان ترجما "فارقليطا" بمعنى أحمد ومحمد، ثم أضاف الأستاذ: علماء
النصارى كانوا مجمعين قبل ظهوره أن "فارقليطا" بمعنى "أحمد ومحمد"،
ولكن بعد ظهور محمد صلى الله عليه وآله وسلم، غيروا هذا المعنى حفظا
لمكانتهم ورئاستهم وأولوه، واخترعوا له معنى آخر لم يكن على الإطلاق هدف صاحب
الإنجيل.
سألته عما يقوله بشأن دين النصارى؟ قال: لقد نسخ بمجئ الإسلام، وكرر
ذلك ثلاثا، ثم قلت: ما هي طريقة النجاة والصراط
المستقيم في زماننا هذا؟ قال: إنما هي باتباع محمد صلى
الله عليه وآله وسلم.
قلت: وهل التابعون له ناجون؟
قال: إي والله، وكرر ذلك ثلاثا.
"ثم بكى الأستاذ وبكيت كثيرا ثم قال: إذا أردت الآخرة
والنجاة فعليك بدين الحق... وأنا أدعو لك دائما، شرط أن
تكون شاهدا لي يوم القيامة أني كنت في الباطن مسلما، ومن أتباع محمد صلى الله عليه
وآله وسلم... وما من شك أن الإسلام هو دين الله اليوم على ظهر الأرض".
وكما يلاحظ فإن هذه الوثيقة الهامة تصرح بما فعله علماء أهل الكتاب بعد
ظهور نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم من تحريف لتفسير اسم النبي
وعلاماته، تحقيقا لمصالحهم الشخصية1.
1 تفسير الأمثل /سورة البقرة / اية الله الشيخ مكارم الشيرازي.
2015-04-06