أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ
أقوال وأشعار في الدنيا
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ وَتَحَلَّتْ بِالْآمَالِ وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا وَلَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ
عدد الزوار: 1101
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في ذم الدنيا
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ 
حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ 
وَتَحَلَّتْ بِالْآمَالِ وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا وَلَا 
تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ 
بَائِدَةٌ أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ لَا تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ 
أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ 
تَعَالَى سُبْحَانَهُ كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ 
الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ 
مُقْتَدِراً لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ 
بَعْدَهَا عَبْرَةً وَلَمْ يَلْقَ فِي سَرَّائِهَا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ 
ضَرَّائِهَا ظَهْراً وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ إِلَّا هَتَنَتْ 
عَلَيْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ وَحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ 
تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَى 
أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى لَا يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً 
إِلَّا أَرْهَقَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً وَلَا يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ 
أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ خَوْفٍ غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا 
فَانِيَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا لَا خَيْرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا 
التَّقْوَى مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُهُ وَمَنِ اسْتَكْثَرَ 
مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُوبِقُهُ وَزَالَ عَمَّا قَلِيلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ 
وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَذِي طُمَأْنِينَةٍ إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ 
وَذِي أُبَّهَةٍ قَدْ جَعَلَتْهُ حَقِيراً وَذِي نَخْوَةٍ قَدْ رَدَّتْهُ ذَلِيلًا 
سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ وَعَيْشُهَا رَنِقٌ وَعَذْبُهَا أُجَاجٌ وَحُلْوُهَا صَبِرٌ 
وَغِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَأَسْبَابُهَا رِمَامٌ حَيُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ 
وَصَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ 
وَمَوْفُورُهَا مَنْكُوبٌ وَجَارُهَا مَحْرُوبٌ أَ لَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ 
كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً وَأَبْقَى آثَاراً وَأَبْعَدَ آمَالًا 
وَأَعَدَّ عَدِيداً وَأَكْثَفَ جُنُوداً تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ 
وَآثَرُوهَا أَيَّ إِيْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ 
وَلَا ظَهْرٍ قَاطِعٍ فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً 
بِفِدْيَةٍ أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً بَلْ 
أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ وَأَوْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ وَضَعْضَعَتْهُمْ 
بِالنَّوَائِبِ وَعَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ وَوَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ 
وَأَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ 
دَانَ لَهَا وَآثَرَهَا وَأَخْلَدَ إِلَيْهَا حِينَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ 
الْأَبَدِ وَهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا 
الضَّنْكَ أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا 
النَّدَامَةَ أَ فَهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ أَمْ 
عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا وَلَمْ يَكُنْ 
فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا فَاعْلَمُوا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنَّكُمْ 
تَارِكُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا وَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا مَنْ 
أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً 
وَأُنْزِلُوا الْأَجْدَاثَ فَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ 
الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَمِنَ الرُّفَاتِ جِيرَانٌ 
فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً وَلَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً وَلَا يُبَالُونَ 
مَنْدَبَةً إِنْ جِيدُوا لَمْ يَفْرَحُوا وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا جَمِيعٌ 
وَهُمْ آحَادٌ وَجِيرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ 
وَقَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ وَجُهَلَاءُ 
قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ وَلَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ 
اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَبِالسَّعَةِ ضِيقاً وَبِالْأَهْلِ 
غُرْبَةً وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَدْ 
ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَالدَّارِ 
الْبَاقِيَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ 
نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ.
* من خطب نهج البلاغة.
2015-04-14


 
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                    