الاستعاذة
مواضيع قرآنية
وهذه الاستعاذة التي ندب اللَّه إليها لا تنحصر بقولك، "أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم"، بل ان إطلاقها يشمل الثقة باللَّه، والتوكل عليه، والخوف منه، وان لم يقترن باللفظ والقول.. فمن أقدم في المهمات معتقدا ان من ورائه قوة تمده وتعينه على العمل الصالح،
عدد الزوار: 89
إذا قرأت القرآن:
قال تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ
الرَّجِيمِ - النحل 89.
وقال: وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ
إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - الأعراف 200.
معنى الاستعاذة:
وهذه الاستعاذة التي ندب اللَّه إليها لا تنحصر بقولك، "أعوذ باللَّه من الشيطان
الرجيم"، بل ان إطلاقها يشمل الثقة باللَّه، والتوكل عليه، والخوف منه، وان لم
يقترن باللفظ والقول.. فمن أقدم في المهمات معتقدا ان من ورائه قوة تمده وتعينه على
العمل الصالح، ومن مالت نفسه إلى فعل الحرام فصدها عنه طاعة للَّه، ومن مر به خاطر
لا يدري: أربانيّ هو، أم شيطاني، وقبل تنفيذه عرضه على شريعة اللَّه، واتخذ منها
مقياسا للاقدام، والاحجام، كل أولاء مستعيذون باللَّه حقا وواقعا من الشيطان
الرجيم.
ولا ظاهرة أقوى وأدل على الاستعاذة باللَّه، واللجوء إليه من ثقة الإنسان بخالقه،
موقنا بأن العبد لا يضر ولا ينفع، وانه لا شيء إطلاقا يغني عن عناية اللَّه
ورعايته.. فلقد علمتنا التجارب ان من اعتز بغير اللَّه ذل، وان من استجار
بسواه خاب، وان الأماني لا تنال باللجوء إلى الحكام، ولا إلى السواد، ولا إلى خزائن
الأغنياء، انها في اللَّه وحده لا شريك له.
من هو الشيطان ؟
نحن لم نر الشيطان وجها لوجه، ولكن أخبر الوحي عنه فوجب التصديق، ولسنا مكلفين
بالبحث والسؤال عن هويته وشكله، وعرضه وطوله.. أجل، لقد وصفه اللَّه سبحانه في
كتابه العزيز بالتصدي لغواية الناس، وصرفهم عن طاعة اللَّه، وعمل الخير، وعلى هذا
فكل خاطر، أو انسان يحول بينك وبين الطاعة والخير، ويغريك بالمعصية والشر، ويموه
الأباطيل والأضاليل، ويلبسها ثوب الهداية والحقيقة فهو شيطان حسي أو معنوي.
ومن الطريف ان شياطين الإنس يتعوذون من الشيطان، وهم بذلك يتعوذون من أنفسهم، من
حيث لا يشعرون، تماما كمن يقرأ القرآن، والقرآن يلعنه، كما جاء في الحديث الشريف..
ذلك ان القرآن يلعن الكاذب الخائن، فإذا قرأه هذا فقد نطق بلعنة اللَّه على نفسه
بنفسه.. وقال تعالى: "أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ والْمَلائِكَةِ
والنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
الحكم:
الاستعاذة قبل قراءة القرآن مستحبة، وليست بواجبة، والأمر بها تماما كالأمر بغسل
اليد والتسمية قبل الطعام، ولو كانت واجبة لوجبت في الصلاة، لمكان الفاتحة والسورة،
مع ان الإجماع قائم على عدم الوجوب، قال صاحب مفتاح الكرامة: "لم يخالف في ذلك إلا
ابن الجنيد، وقد رموه - أي الفقهاء - بالشذوذ والغرابة".
* تفسير الكاشف الجزء الأول /19_ العلامة محمد جواد مغنية.
2015-03-16