يتم التحميل...

خطاب الامام الخامنئي دام ظله في لقائه جمعاً من أهالي آذربيجان_18-02-2015

2015

في البدء أرحّب بجميع الإخوة والأخوات الأعزّاء الذين اجتازوا كلّ هذه المسافة الطويلة، وأشكركم إذ نوّرتم حسينيّتنا بحضوركم، وبإخلاصكم، وبمعنويّاتكم، التي هي بحمد الله حالة عامّة بين أهالي آذربيجان وتبريز، وأخصّ بالشكر عوائل الشهداء والجرحى الأعزّاء، والعلماء والمسؤولين المحترمين.

عدد الزوار: 70

خطاب قائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي في لقائه جمعاً من أهالي آذربيجان الشرقيّة بمناسبة ذكرى انتفاضة29 بهمن من العام  1356[1] هـ.ش. في حسينيّة الامام الخميني رضوان الله عليه._18/2/2015

بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية أرحّب بجميع الإخوة والأخوات الأعزّاء الذين اجتازوا كلّ هذه المسافة الطويلة، وأشكركم إذ نوّرتم حسينيّتنا بحضوركم، وإخلاصكم، ومعنويّاتكم، التي هي بحمد الله حالة عامّة بين أهالي آذربيجان وتبريز، وأخصّ بالشكر عوائل الشهداء والجرحى الأعزّاء، والعلماء والمسؤولين المحترمين.

29 بهمن يوم مبارك
 إنّ يوم التاسع والعشرين من بهمن من كلّ عام يعتبر، واقعاً، يومًا مباركًا بالنسبة لنا، وأن نوفّق في مثل هذا اليوم للالتقاء بجمع من الشباب الأعزّاء، والشعب العزيز والمؤمن وصاحب التجربة في مراحل طويلة من تاريخ البلد، في هذه الحسينيّة[2]، هذا واقعاً مدعاة سرور بالنسبة لي أيضاً، وهذا اليوم هو بالمعنى الواقعي للكلمة، هو يوم مبارك  ومجلس مليء بالمضامين؛ إنّني واقعاً أؤمن  بما ذكرتموه في هذا النشيد الجميل "الشباب مستعدّون، الشباب أحرار"[3]؛ لقد لفتت نظري جملة في نشيدكم هذا وهي: "لا يمكن للشيطان أن ينال منّا" وواقعاً الأمر كذلك؛ ومن دون شكّ، إنّ ما يذكره الانسان من ماضي آذربيجان وتبريز والحوادث المختلفة والتقلّبات المثيرة للعجب، يؤكّد هذا الأمر ويقوّيه. كما إنّي أشكر حقيقةً  السيّد شبستري، فوجوده بركة ونعمة لتبريز؛ ويقيناً، إنّ وجود رجل دين ملتزم وذي بصيرة ومبجّل من قبل العناصر الثوريّة، هو فرصة لأيّ مدينة، خاصّة لمدينة مثل تبريز ومحافظة مثل محافظة أذربايجان؛ وآمل أن تتمّ الاستفادة من هذه الفرصة إن شاء الله تعالى.
 
وعي أهالي اذربيجان ومناقبهم
لقد ذكرت في ما مضى أموراً كثيرة عن مناقب آذربيجان وتبريز، وأنا واقعاً أعتقد بها من أعماق قلبي. أقول فقط هذه الكلمات وهي أنّ أهالي آذربيجان وأهالي تبريز قد أظهروا أنّهم طليعة، ويقومون بالعمل في الوقت المناسب، وكذلك هم ذوو نخوة وشجاعة، لا يهابون الصعاب، ومؤمنون بالمعنى الحقيقي للكلمة. هذه حقائق يؤكّدها كلّ شخص مطّلع على تاريخ آذربيجان؛ فسواء في قضايا [الحركة] الدستورية في إيران، أو قبل ذلك في مسألة تحريم التنباك ومواجهة الشركات الإنكليزيّة، أو بعد ذلك في أحداث النهضة الوطنية والحوادث الأخيرة، [وبعد] العشرينيات (الهجرية الشمسية) -أي في العامين 1951 و 1952- وسواء في أحداث الثورة الإسلاميّة، أو في انتصار الثورة الإسلاميّة، عندما ننظر في جميع هذه الحوادث، نرى أنّ آذربيجان وتبريز كانتا تتحركان في الوقت والموقع المناسب، وأيضاً تردان الميدان قبل الآخرين، وأنّهما كانتا السبّاقتين، وقد أظهرتا شجاعة؛ وأنّ شيبهما وشبابهما، رجالهما ونساءهما، قد جعلوا الإيمان الإسلامي والديني هو المعيار. وهكذا أيضاً كانتا بعد انتصار الثورة وإلى الآن: في سنوات الدفاع المقدّس الثمانية، أو في فرقة عاشوراء التي كانت مبعثًا للفخر والعز، أو أولئك القادة الالهيّين والمعنويّين العظام أمثال الشهيد باكري؛ ومن بعد ذلك في القضايا الأخرى وإلى الآن؛ [ففي] يوم 9 دي من العام 88(2009م)، فقد كان 9 دي في كلّ مناطق إيران، إلاّ في تبريز كان 8 دي؛ هذه أمور ذات معنى،  وأمور ذات دلالات. إنّني لا أستعرض هذه المسائل من أجل أن تسرّوا بها؛ أقولها من أجل أن يُعلم أنّ هذه القطعة من أرضنا فيها هذه الاستعدادات العظيمة. وأنّه لا زال أمام هذا النظام وهذه الثورة طريقٌ طويلٌ؛ ويمكن لكلّ هذه الخصائص أن تساعد في اجتياز هذا الطريق الطويل.

29دي؛ كحضور زينب والسجاد عليهما السلام
كان حضور الشعب في التاسع والعشرين من بهمن من العام 1356 [1978م]، شبيهاً بعمل الامام السجّاد (عليه السلام) والسيّدة زينب (عليها السلام) اللذين لم يسمحا لحادثة عاشوراء أن تبقى طي النسيان. والتبريزيّون لم يسمحوا لهذا الحمل أن يبقى مطروحاً أرضاً، وإلّا فقد كان المطلوب أن تُنسى مجزرة قم ومشاركة الشعب وكلّ شيء؛ وهذا ما لم يسمح به التبريزيّون. إنّني لا أنسى تلك الأيّام، حيث وردت الأخبار أنّ أجهزة النظام الجبّار والطاغوتي قد أرسلت شخصيّات عسكريّة بارزة إلى تبريز للحؤول دون مشاركة الشعب، لكنّ الشعب أوجد [حادثة] التاسع والعشرين من بهمن؛ ولا زال هذا اليوم حيّاً إلى الآن، وإنّني إذ أصرّ على لقائكم في هذا اليوم من العام، فلأهميّة هذا اليوم.
 
إبداع الإمام الخميني قدس سره؛ في دور الشعب
الأمر بيد الشعب، الميدان بيد الشعب، ابتكار العمل بيد الناس؛ كان هذا إبداع الامام؛ وفنّ إمامنا العظيم؛ لقد سلّم الميدان إلى أصحاب الأمر؛ لأنّ الوطن له أصحاب. كانوا يقولون في زمان الطاغوت: إنّ هذا الوطن له صاحب؛ من هو؟ إنه الشاه!؛ في حين كان الشاه أداةً يتمّ تحريكها، وعبئاً، وطفيليّاً على البلد، وليس صاحب البلد! ؛ إن صاحب البلد هو الشعب؛ نعم، للبلد صاحب؛ وهو الشعب. عندما تُوكل الأمور إلى الشعب - الذي هو صاحب البلد، وصاحب المستقبل - حينها ستنتظم.

إيكال الأعمال الى الشعب
 نحن أيضاً، منذ بداية الثورة إلى الآن، في كلّ وقت كنّا نوكل أمراً ما إلى الشعب، كان ذلك الأمر يسير إلى الأمام؛ وكلّ عمل حصرناه في يد المسؤولين والرؤساء وأمثالهم، كان العمل يتوقف. لا أقول أنّه كان يتوقف دائماً، لكنّه كان غالباً كذلك أو كان يسير ببطء؛ فإذا لم يكن يتوقّف كان يسير ببطء. لكن حين كان العمل يولى إلى الشعب، كانوا يتقدّمون به جيّداً.

هذا الأمر ليس مختصّاً بنا نحن الإيرانيّين. ففي كلّ منطقة من مناطق العالم، إذا أوكلت الأعمال إلى الشعب، وكان الشعب ذا هدف - وليس عبارة ً عن أناس لا هدف لهم، وأناسٍ تائهين في أمور الحياة، ومشغولين بشؤونهم الحياتيّة الشخصيّة - فإنّ أيّ عمل من الأعمال، [ولو كان من] أصعب الأعمال، كالأعمال العسكريّة، الأعمال الأمنيّة، عندما يكون في أيدي الشعب، وعندما تكون الساحة في يد الشعب، فإنّه سيتقدم.

المقاومة الإسلاميّة والفلسطينية؛ تقدم مستمر
لاحظوا الآن كم مرّة استطاعت المقاومة في لبنان، وفي ظرف أقلّ من عشر سنوات، التفوّق على الجيش الصهيوني الجرّار؛ أوّلاً المقاومة في لبنان، ومن ثمّ المقاومة في فلسطين. في البداية، أجبرت المقاومة العدوّ على الانسحاب من لبنان؛ ومن ثمّ مرّغت أنف الصهاينة في حرب الثلاث والثلاثين يوماً بالتراب. لقد دعمت أمريكا إسرائيل في حربها تلك، وآزرها عملاء الداخل، لكنّ شباب المقاومة -الذين كانوا عناصر شعبيّة، مؤمنة، صاحبة هدف، وتدرك ماذا تفعل - استطاعوا أن يخرجوا كلّ هؤلاء من الساحة. أخيراً هذه الضربة التي وجّهتها المقاومة الإسلاميّة إلى الجيش الاسرائيلي، والتي لا تزال حامية، هي من الضربات التي لا تُنسى.

 وهكذا المقاومة الفلسطينيّة؛ في حرب الاثنين وعشرين يوماً، وفي حرب الأيّام الثمانية، وفي حرب الواحد والخمسين يوماً في شهر رمضان الصيف الفائت، فقد استطاعت جماعة من الشعب الأعزل، القليل العتاد- في منطقة صغيرة، ولأنّهم شعب متديّن، مؤازر- [استطاعت] إخضاع الجيش الصهيونيّ الجرّار، وإذلاله، وإجباره على التوسّل للقبول بوقف إطلاق النار.

في العراق وسوريا أيضًا؛ دور الحشد الشعبي
لاحظوا ما جرى مؤخّراً في العراق؛ حيث تقدّمت أدوات أمريكا والصهيونيّة وآخرون، إلى تخوم بغداد؛ واستطاعت القوّات العراقيّة الشعبيّة المجاهدة، وبمؤازرة الجيش العراقي، توجيه هذه الضربة إلى عناصر ما يُسمّى بـ داعش. وهكذا الأمر في سوريا؛ حيث سارعت قوّات الدفاع الشعبي إلى مؤازرة الجيش. هكذا هو الشعب؛ في كلّ مكان يُسلّم الميدان إلى الشعب، فإنّ الدوافع الشعبيّة، والقوى الشعبيّة المختلفة، ستسير بالأمور إلى الأمام. وإحدى دلائل هذا الأمر هو الثاني والعشرون من شهر بهمن.

22 بهمن؛ مشاركة واسعة
إنّ لساني عاجز حقيقةً، عن شكر شعبنا العزيز، الشعب الإيرانيّ العظيم، ووصف مشاركته هذا العام في الثاني والعشرين من بهمن[4]؛ ففي التقارير الدقيقة التي وردتني، وهي في الغالب من جميع مراكز المحافظات تقريباً - وقد كانت التظاهرات هذا العام في ألف مدينة، بحسب الإحصاءات - أنّ عدد المشاركين هذا العام يفوق عدد المشاركين في العام الفائت؛ ففي بعض المدن شارك الناس في التظاهرات رغم البرد القارس والأمطار والثلوج؛ وفي مناطق أخرى كالأهواز، شارك الناس رغم العواصف الرمليّة؛ هل هذا مزاح؟ لقد مضى على انتصار الثورة ستّة وثلاثون عاماً. هل يوجد مكان في العالم يقيم فيه الشعب ذكرى انتصار الثورة بهذا الحجم وهذه العظمة أيضاً؟ هذا مردّه إلى كون الأمور بيد الشعب. إنّ أنظار الثورة والنظام في يوم "الثاني والعشرين من بهمن" وإحياء ذكرى الانتصار متوجّهة نحو الشعب؛ الأمر موكل إلى الشعب، والشعب هو الذي يتحرّك هكذا. هذه قاعدة كليّة. إنّنا في كلّ قضيّة من قضايا البلاد الصغيرة والكبيرة، التي يشارك فيها الشعب، نشهد هذه المعجزة.
 
اقتصاد البلاد؛ طاقات وفيرة
أريد اليوم أن أتكلّم قليلاً عن الاقتصاد؛ اقتصاد البلاد؛ إنّني منذ بضع سنوات أؤكّد في بداية كلّ عام على المسائل الاقتصاديّة، أستند إليها؛ هذا البلد بلد كبير، وممتد، عدد سكّانه كبير، وسوقه المحلّي سوقُ لسبعين مليون نسمة ونيف، هذه أمور غاية في الأهمّيّة والعظمة.

أنظروا إلى إمكانيّاتنا وطاقاتنا: سواء طاقاتنا البشريّة وشباب هذا البلد العظماء جدّاً- فهم شباب مطّلعون، متعلّمون، ذوو دوافع، مفعمون بالحماس، مستعدّون للعمل أم الثروات الطبيعيّة الموجودة فيه؛ لكن في الوقت نفسه، لدينا مشاكل إقتصاديّة؛ أين تكمن المشكلة؟ وما هو الحلّ؟ وما الذي ينبغي علينا فعله؟

المخطط ؛ تحجيم إيران
أقول لكم، إنّه بعد انتهاء الحرب [المفروضة]، أي منذ العام 67 [1988]، حيث انتهت سنوات الدفاع المقدس؛ كان المخطّط العام للقوى الاستكباريّة يقضي بعدم السماح لإيران الإسلاميّة بأن تتحوّل إلى قوة اقتصادية مؤثرة في المنطقة؛ وقد سعوا، وعملوا على هذا الأمر.

 حسنٌ، عندما انتهت الحرب، بدأنا نحن التخطيط للمسائل والتطوّر؛ وانشغلنا بالتخطيط؛ وأدرك هؤلاء أنّهم إن لم يقفوا بوجه إيران، وإن لم يثيروا الاضطرابات، ولم يتدخّلوا ويؤذوا، ستتحوّل إيران الإسلاميّة  بطاقاتها[5]. وباعتمادها على الاسلام، واعتمادها على الشعب، إلى قطب إقتصادي إقليمي، وستؤثّر على اقتصاد المنطقة والاقتصاد العالمي. [لذا] خطّطوا للحؤول دون ذلك. هذه الأمور ليست مرتبطة بالملفّ النووي؛ هي قبل الملفّ النووي فلنفرض أنّ الملفّ النوويّ قد بدأ منذ عشر سنوات أو اثنتا عشرة سنةً، [لكن] هذه مرتبطة بما قبل الملفّ النووي مرتبطة بعامي 1988و1989م وتلك السنوات؛ لقد بدأ أعداؤنا السعي منذ ذلك الوقت.
 
من المخطط؛ الحظر الصامت
 إنّ المطّلعين يعلمون أنّ المخطّطات الغربيّة وخاصّة الأميركيّة قد بدأت من أجل إقصاء إيران: أن يقصوا إيران في خطوط نقل النفط والغاز؛ أن يقصوا إيران في خطوط النقل والمواصلات الجويّة والبرّيّة والبحريّة الأساسيّة؛ أن يقصوها في خطوط نقل شبكات تقنيّة المعلومات والاتّصالات؛ أحد أشكال الحظر الصامت، [الذي يتمّ] من دون ضجيج؛ فكلّ نشاط إقتصاديّ مهمّ تريد إيران القيام به كانوا يعمدون إلى تخويف الأطراف الأخرى فيه. هذه أمور حدثت في هذا البلد. ولا يأتينّ بعض المدّعين وغير المطّلعين، ويقولون إنّ أحداً لم يقم بأيّ شيء! لا، فقد بُذلت جهود كثيرة.

إنّ للأعداء برامجهم في هذا المجال، ولا يزالون إلى اليوم يعملون عليها ويتقدّمون بها شيئاً فشيئاً. ما تشاهدونه الآن، نتيجة التحركات الداخلية في البلاد وعداوة الأعداء. لا ينبغي أن نغفل عن العدوّ. إنّ العدوّ قد خطّط على المستوى الاقتصادي بالمعنى الواقعي للكلمة؛ في بعض المواطن تدخّل بشكل علني، وفي بعضها الآخر بشكل خفيّ، لكنّ المطّلعين كانوا ملتفتين، ويدركون ماذا يفعل الأعداء؟ ومن هو العدوّ؟ إنّه أميركا وحفنة من الدول الأوروبية التابعة لها. وهؤلاء ليسوا أعداءً جددا.

حسنٌ ما هو الحلّ؟ من الواضح أنّ العدوّ يُعمل عداوته؛ هل ننتظر شيئاً من العدوّ؟ كلا، لا يصحّ أن ننتظر شيئاً من العدوّ، ولا يصحّ أن نعتب عليه. هل نعتب على أمريكا؟ أبداً؛ يعتب الانسان على الصديق؛ أما العدوّ فطبيعته العداوة؛ ما هو الحلّ؟ الحلّ هو أن يبذل الشعب جهداً في داخله، ويعمل على إبطال مفعول ضربة العدوّ التي هي حتميّة، أو التخفيف من آثارها؛ هذا هو العلاج.

 أعزّائي، أيّها الشباب، التفتوا لهذا.
ثمة مشكلتان كبيرتان في اقتصادنا:
الأولى:
أنّه اقتصاد "قائم على النفط"؛ والثاني أنّ اقتصادنا "اقتصاد حكوميّ"؛ فهاتان معضلتان كبيرتان.

 1- الاقتصاد النفطي
ما معنى أن يكون اقتصادنا نفطيّاً؟ يعني أن نستخرج النفط الذي هو رأسمالنا الدائم (القائم)، والذي يمكن أن تزيد قيمته أضعافاً عدّة، فنبيعه للعالم خاماً، ونأخذ ثمنه ونصرفه على شؤون البلاد الراهنة؛ وما من خسارة أكبر من هذه الخسارة. هكذا هو الاقتصاد النفطي.

 حسنٌ، يمكن تبديل النفط إلى منتجات. أنا أظنّ - وبعض الأبحاث العلميّة تؤكّد ذلك- أنّنا لو أنتجنا من هذا النفط، الذي نحوّله إلى البنزين والكازوئيل والنفط الأبيض ونصرفه مثلاً على هذا النحو، منتجات لم ينتجها البشر إلى الآن، فيمكن أن يؤدّي ذلك إلى زيادة قيمة النفط أضعافًا مضاعفة؛ إنّنا غافلون عن هذه الأمور؛ إذ نستخرج النفط الخام من الآبار، ونبيع هذه الذخيرة -التي لا تنتجها الأرض مرّة ثانية؛ إنّها من الأشياء التي تنفد؛ ولا يعوضها شيء آخر، حتّى نقول نستخرجها وينبع (ويحل) غيرها مكانها؛ لا، فعندما نستخرجها تنفد؛ هكذا هو النفط، وهكذا هو الغاز- وننفق ثمنها في مصاريف البلاد الحاليّة؛ وواقعاً، لا شي أسوأ من هذا؛ هذا من الميراث المشؤوم للنظام الطاغوتي والنظام السابق. إنّه طريق سهل للحصول على المال، وبعض المسؤولين على امتداد الأزمنة المختلفة رجّحوا الاستفادة من هذا المال السهل. هذا إشكال.

2- الاقتصاد الحكومي
المعضلة الثانية: الاقتصاد الحكومي. هذا من القضايا التي كانت موجودة في بداية الثورة -وكان هذا قرارنا نحن ولم يفرضه الآخرون علينا- حيث جعلنا، نتيجة لبعض وجهات النظر التي كانت موجودة آنذاك، الاقتصاد في يد الدولة؛ والآن مهما سعينا إلى نقل الاقتصاد إلى الناس، وجعله بيد الشعب، من خلال التخطيط الصحيح بحيث لا يكون مخالفاً للعدالة، أيضاً نجد أنّ هذا العمل لا يسير بشكل صحيح؛ ويكون أمراً صعباً.

لقد أعلنّا سياسات الأصل 44، والذي معناه هذا نفسه: أن نخرج الاقتصاد من حالة كونه حكوميّاً. ولقد شرحت في هذه الحسينيّة، حيث كان المسؤولون مجتمعين في الطبقة العليا، أننا بحاجة إلى العملة الصعبة، وهذا غير ممكن، وغير ميسور إلّا إن قمنا بهذا الأمر: أي العمل بالأصل 44 بهذا النحو الذي أعلنا سياساته[6]. وهذا ما ينبغي أن يكون.

 حسنٌ، لقد تحدّثت في بداية هذا العام، والعام الماضي، والذي قبله، وما قبله، عن الاقتصاد؛ يبذل المسؤولون واقعاً جهودا. وأنا أؤمن أنّ هناك جهوداً تُبذل -حيث بُذلت جهود طوال هذه السنوات- لكن ليست كافية. ما أريد أن أقوله هو: ينبغي أن يُبثّ نفسٌ جديدٌ في هذا العمل.

الاقتصاد المقاوم ضرورة
اليوم هو التاسع والعشرون من بهمن، وقد أعلنا العام الفائت في التاسع والعشرين من بهمن للأجهزة المختلفة عن سياسات الاقتصاد المقاوم؛ ها وقد مضى اليوم عامٌ. والاقتصاد المقاوم ضرورة للبلاد، هو لازم: سواء كانت العقوبات موجودة أم لم تكن. وحتّى في الوقت الذي لا تُفرض فيه عقوبات على هذا البلد، الاقتصاد المقاوم ضروريّ ولازم.

الاقتصاد المقاوم يعني أن ننظّم البنية الاقتصاديّة للبلاد بنحو لا تؤثّر فيها الاهتزازات العالميّة. وأن لا نقيم مجالس العزاء لهبوط سعر برميل النفط من 100 دولار إلى 45 دولار؛ أن لا نقيم العزاء يوماً لأنّ الأميركيّين يهدّدوننا بأنّنا سنحظر الشيء الفلاني والشيء الفلاني، أو يحظرونه فعليّاً؛ أن لا نقيم العزاء لأنّ الأوروبيّين فرضوا حصاراً ملاحيا علينا. فعند وجود الاقتصاد المقاوم لن يكون بمقدور أيّ من هذه الهزّات العالميّة الإضرار بحياة الناس.

دور الشعب والإنتاج المحلي
هذا هو معنى الاقتصاد المقاوم؛ يعني أن تكون البنية الاقتصاديّة في داخل البلاد بنحو يُستفاد فيها من طاقات الشعب، يُستمدّ منه الدعم الحقيقي، يتمّ التخطيط، تُقوّى البنية الاقتصاديّة - حيث سأذكر الآن أموراً ينبغي إنجازها- أن يكون اعتماد مسؤولي البلاد على هذه المسألة وهي أن يجعلوا الحركة الاقتصاديّة في البلاد بهذا النحو. إن حصل هذا ستزدهر البلاد، ولن يخيفنا تهديد الأعداء، ولن ترتعد فرائصنا من الحظر، ولن نقيم مأتماً لهبوط أسعار النفط؛ هذا هو الاقتصاد المقاوم. إن الاعتماد الأساسي للاقتصاد المقاوم هو على الشعب، على الإنتاج المحلّي.

إنجاز الأعمال الصعبة، ممكن
المسألة الأساسيّة في ما يتعلّق باقتصاد البلاد هي أنّه يجب وقف اعتماد ميزانيّة البلاد على النفط؛ يجب أن نصل إلى هذه المرحلة. بالطبع، إنّ ما أقوله لكم اليوم، وقد كرّرته مراراً، هو سهل على اللسان، أمّا في مقام العمل فهو أمر صعب. أنا نفسي أمضيت سنوات في الأعمال التنفيذيّة؛ وأعلم أنّ العمل التنفيذي أمر صعبّ، لكنّي أؤمن أنّ هذا العمل الصعب يمكن أن يُنجز. الإجراء أصعب من الكلام؛ لكنّ هذا العمل الصعب نفسه، يمكن إنجازه من خلال الهمّة، والاعتماد على هذا الشعب، والاعتماد على هؤلاء الشباب، والاعتماد على الطاقات الداخليّة للبلاد، والاعتماد على الله تعالى الذي وعدنا بالنصر.

إحدى هذه الأعمال – إذ إنّ هذا العمل من أهمّ الأعمال - هو أنّه ينبغي أن يكون اعتماد الميزانيّة على الإنتاج الداخلي، أي على المدخول [المحصول] الذي ينتجه الشعب، ويدفعون ضرائبه. كلمتان أقولهما في ما يتعلّق بالضرائب.

دفع الضرائب فريضة
 أعزّائي! الضرائب فريضة إلهيّة. إنّنا اليوم نأخذ الضرائب من الضعفاء - نأخذ الضرائب من الموظّفين، والعمال، نأخذ من صغار الكسبة، لكنّنا لا نأخذ الضرائب من صاحب رأس مال الكبير الفلاني، وصاحب المداخيل والعائدات بلا حسيب ولا رقيب؛ هؤلاء يتهرّبون من دفع الضرائب؛ وهذه جريمة؛ التهرّب من دفع الضرائب جريمة. فالذي يتجنّب دفع الضرائب ولا يعطي الضرائب المستحقّة عليه للدولة - فذلك المدخول الحاصل والذي صار في يده، إنّما كان بفضل الجوّ الذي توفّره الحكومة، والعمل الذي تعمله الدولة، لذا، ينبغي له أن يدفع الضرائب-  إنّما هو في الحقيقة يربط البلاد بمال النفط الرخيص الذي يأتي بسهولة، وعندما يرتبط البلد بمال النفط، تظهر هذه المشاكل: فيومٌ يُفرض الحظر؛ ويوم آخر تتدنّى أسعار النفط؛ ويوم يهدّدون ويتوعّدون؛ يبتلي البلد بهذه الحالة. إنّ مسألة الضرائب غاية في الأهمّيّة.

بالطبع، سمعت أنّ المسؤولين عن الضرائب في البلاد يضعون الخطط والمشاريع، ويقومون بأعمال جيّدة؛ ينبغي لهذه الأعمال أن تُنجز بسرعة؛ وينبغي أن تتحقّق؛ ينبغي أن يُطلب العون من الشعب، وينبغي على الشعب المؤازرة؛ هذا هو القسم الأوّل.

 القسم الأوّل من الأعمال المهمّة التي ينبغي أن تُنجز هو أن تكون ميزانيّة البلاد، وإدارة الحكومة، عن طريق عائدات الشعب الداخلية، أي عن طريق هذه الضرئب، حيث تُربط الضرائب بالإنتاج والربح والعمل.

تحسين الكفاءة
هناك مسألة أخرى، تحسين الفائدة (الكفاءة الانتاجية) والذي هو من التعابير الرائجة التي يستعملونها؛ إنّني ألخّص هذه المسألة بكلمتين بالفارسيّة. على منتجينا وأصحاب المؤسّسات السعي من خلال الحدّ من التبذير، إلى تقليل تكاليف الانتاج، ورفع مستوى الجودة؛ هذا هو تحسين الفائدة. [بالطبع]، إنّ جزءاً من تكاليف الإنتاج مرتبط بأمور خارجة عن إرادة صاحب المؤسّسة؛ افرضوا أنّ التضخّم كبير، وأنّ أجر العامل أو المواد الأوّليّة مرتفع؛ هذا جزء منها، لكنّ الجزء الآخر منها أيضاً هدر وتبذير ونفقات في غير محلّها؛ فينبغي الحؤول دون ذلك.

الطاقات الداخلية
مسألة أخرى مهمة هي الاستفادة القصوى من الطاقات الداخليّة. يقع بلدنا في منطقة حسّاسة؛ لدينا الكثير من الدول المجاورة. في الشمال لدينا بحر، وآخر في الجنوب، يمكننا الوصول إلى أقصى مناطق العالم. فإذا ما نظرنا إلى بلدنا على الخارطة، نرى أنّه يشكّل مفترق طرق برّيّ وجوّيّ هامّ جدّاً، كما يمكننا الوصول إلى المياه الحرّة؛ هذه فرص مهمّة جدّاً؛ فليجري التخطيط، والتفكير، مضافاً إلى مصادر الثروة، والإمكانات، ولتتمّ الاستفادة من هذه الفرص بنحو أحسن.
 
الإنتاج والاستهلاك المحلي
 هناك مسألة أخرى أكثر ما ترتبط بالشعب، وهي استهلاك المنتوجات المحلّيّة، والتي كرّرتها مراراً في خطابات بداية العام وغيرها. أقول لكم اليوم أيضاً: على الشعب أن يستهلك المنتوجات المحلّيّة؛ فلا يسعى وراء هذه الماركات. الآن قد أصبح من الدارج القول: إنّه "براند" [علامة]. العلامة الفلانية؛ أيّ علامة؟ اسعوا لاستهلاك المنتوجات المحلّيّة. على الشعب الإيراني أن لا يستهلك المنتوجات الخارجيّة التي لها نظائر محلّية، وبكل انحيازٍ وحمية. أنا لا أوجّه كلامي لفئة خاصّة؛ حسن؛ نعم، عندما نتكلّم، تمتثل جماعة من المتديّنين فوراً لكلامنا، ويبعثون الاستفتاءات أيضاً، هل نشتري المنتوج الخارجي الفلاني؟ لا نشتري المنتوج الفلاني؟ إنّني لا أقول هذا للمتديّنين والأفراد الذين يعتبرون كلامنا حجّة شرعيّة؛ أقوله لكلّ شخص يحبّ إيران، ويتطلّع إلى مستقبل البلاد، ويفكّر بأولاده الذين من المفترض أن يعيشوا غداً في هذا البلد. أنتم عندما تستهلكون السلع الأجنبيّة، فإنّكم في الواقع تساعدون دوماً، على تضخيم حجم تلك المؤسّسة الخارجيّة، وصاحب ذلك المركز الانتاجي الخارجي، وذلك الرأسمالي الأجنبي، وتوجّهون ضربة إلى الانتاج المحلّي وتفشّلونه. أقول هذا لكلّ الشعب، خاصّة أولئك الذين لديهم مصاريف كثيرة؛ وهكذا الأمر بالنسبة للمسؤولين الرسميّين؛ فعليهم في المصاريف الحكوميّة، وفي الأمور التي ينفقونها في الوزارات، وفي الأمور المختلفة، أن يلتفتوا إلى المنتوجات المحلّيّة.
 
اجتناب الإسراف
مسألة أخرى تكمن في اجتناب الإسراف؛ فاجتناب الإسراف والتبذير، وهدر الثروات العامّة، وهدر الماء، والخبز، وتدمير التربة. التربة ثروة، والماء ثروة، والخبز منتوج ذو قيمة؛ فليلتفت الجميع، وليحذروا، وليشعروا بالمسؤوليّة، ولا يتمّ هدر هذه الثروات.

المؤسسات العلمية المحور
المؤسّسات العلميّة المحور؛ وهنا أشدد على هذه المؤسّسات العلميّة. لدينا اليوم الكثير من الشباب المتعلّم. لقد أقام الطلّاب الثانويّون من حوالي الأسبوعين في هذه الحسينيّة معرضاً، وقدّموا لنا أشياء متطوّرة، ومثيرة للعجب والدهشة واقعاً؛ وغالبا ما كانوا من الشباب الثانويّين! حسنٌ، هؤلاء رأسمالنا، وهؤلاء ثروتنا. فلتُنشأ المؤسّسات العلميّة. ليست المؤسّسات العلميّة مختصّة بالصناعة فقط؛ هي تختصّ بالصناعة، والزراعة، والخدمات، ومعرفة الحاجات؛ فلتُجمع، وليُنظر وليُرى إلامَ تحتاج المؤسّسات الاقتصاديّة المختلفة، وما الذي ينقصها، ولتُقدّم هذه الأمور إليهم؛ إنّ المؤسّسات العلميّة يمكنها أن تكون فعّالة، حتّى في هذا المجال.

مكافحة التهريب وسوء الاستفادة البنكية
 المكافحة الجدّيّة للتهريب، هي من جملة الأعمال اللازمة في اقتصاد البلاد. المكافحة الجدّيّة للمعاملات المصرفيّة السيّئة؛ هناك جماعة تستفيد من غير حقّ، وبشكل غير سليم من التسهيلات المصرفيّة؛ يأخذون تسهيلات مصرفيّة لأمر معيّن، ويصرفونها في أمر آخر يتعارض ومصلحة البلد؛ بعد ذلك لا يصفّون حساباتهم مع البنوك؛ هؤلاء واقعاً مجرمون. أنا لا أقول أنّ كلّ مديون لمصرف هو مجرم؛ لا، قد يكون أحدهم مديوناً لمصرف، لكن تجب مساعدته أيضاً؛ هناك موارد يكون بعضهم فيها مديوناً، ولكن يجب مساعدته، وموارد أخرى تجب فيها معاقبته، ومحاسبته. ينبغي لهذه الأمور أن تُنجز في البلاد.

من الذي عليه القيام بهذه الأمور؟ لقد حذّرنا كثيراً خلال هذه السنوات؛ كما أن المسؤولين بذلوا جهوداً كبيرة، لكن لا التحذيرات التي وجّهتها كافية، ولا الجهود التي بذلها المسؤولون كافية؛ هذه ليست كافية. ينبغي أن يمارس عمل جدّي؛ على الشعب أيضاً أن يؤازر الحكومة، والمسؤولين، والقوّة القضائيّة، ليكون باستطاعتهم إنجاز هذه الأعمال.

إنّنا قادرون؛ قادرون على الوقوف بوجه الضغوطات والضجيج الذي يطلقه أعداؤنا حول الحظر وأمثال هذه الأمور؛ قادرون على إفشال أهدافهم.

عندما لا نقوم بهذه الأعمال، ستكون النتيجة عندها هذه، حيث تلاحظون الآن؛ العدوّ يجلس هناك، ويشترط شروطاً معيّنة للملفّ النوويّ؛ ومن ثمّ يقول: إن لم توافقوا على هذه الشروط، سنفرض عليكم الحظر بهذه الطريقة وبتلك؛ حسنٌ، وهذا ما يحصل، حيث يستفيد العدوّ الاستفادة القصوى من سلاح الحظر؛ هدفهم هو إذلال الشعب الإيراني؛ هدفهم إيقاف هذه الحركة العظيمة التي لا يمكن أن تُنجز إلّا على كاهل الشعب الإيراني.

مسار حركة الثورة ؛تهديد لمصالحهم
يريدون إيقاف حركة الثورة الإسلاميّة، حركة النظام الاسلامي، الحركة نحو الحضارة الإسلاميّة الجديدة؛ لأنّهم يعلمون أنّ هذه الحركة هي النقطة المقابلة تماماً لمصالح الرأسماليّين الصهاينة، وأصحاب الشركات العالميّة الظالمة والسفّاحة. إنّهم يدركون هذا ويرون كيف تنتشر هذه الحركة في العالم، وتلفت أنظار الناس إليها؛ إنّهم يريدون الحؤول دون ذلك. وما هذا الحظر، وهذه التهديدات، وهذه الشروط إلا لهذا السبب.

أعتقد أنّنا حتّى لو سرنا في قضيّة الملفّ النووي حسبما يملونه علينا، وقبلنا إملاءاتهم، فلن يتراجعوا عن حركتهم المخرّبة ولن يرفعوا الحظر؛ سيختلقون لنا أشكالًا أخرى من المتاعب والمشاكل؛ لأنّهم يعارضون أصل الثورة. وأنا حتماً أؤمن بأنّ استعدادات شبابنا استعدادت عالية. في اليومين الأخيرين أرسل لي، التعبويّون من طلبة الجامعات رسالة، عتبوا عليّ أن: لماذا لا تستفيدون منّا، نحن الطلبة الجامعيّين، في التقدّم بأهداف الثورة الإسلاميّة؛ إنّه لكلام مهمّ. فالطالب المشغول بالتحصيل العلمي ينتظر منّا ويرسل إلينا رسالةً أن، لماذا لا تستفيدون منّا في مسائل الثورة المهمّة في المنطقة- سواءً المسائل العسكريّة والأمنيّة، أم المسائل الأخرى- هذه هي روحيّة شبابنا. ولقد رأيتم أنتم روحيّة الشعب الإيراني في الثاني والعشرين من بهمن. والآن، نرى من ناحية، أنّ الحكومة الأمريكيّة الظالمة، مع كلّ الإخفاقات التي واجهتها في المنطقة، لا تمتنع عن الظلم، ومن ناحية أخرى، نرى أذنابها الأوروبّيين يفرضون حظراً جديداً.

سنفرض الحظر عليهم أيضًا
إنّ الشعب الإيراني أيضاً يمكنه أن يفرض الحظر؛ أقول هنا بصراحة: إذا كان القرار هو الحظر؛ فالشعب الايراني هو الذي سيفرض الحظر عليهم في المستقبل. إنّ الحصّة الأكبر من غاز العالم موجود لدينا، وهو ملك للشعب الإيراني؛ والغاز الذي هو مصدر من مصادر الطاقة المهمّة والمؤثّرة جدّاً، والذي يحتاجه العالم، وتحتاجه أوروبا المسكينة، هو عندنا؛ وإيران الآن تمتلك السهم الأكبر من الغاز الموجود في العالم -إلى حدّ الاكتشافات الحاليّة  في إيران -؛ وإذا ما حسبنا  مجموع النفط والغاز، نرى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة أيضاً، تمتلك المقدار الأكبر من النفط والغاز مجموعين؛ نفرض عليهم الحظر في الوقت المناسب؛ ويمكن للجمهوريّة الإسلاميّة أن تقوم بهذا.

لقد أظهر الشعب الإيراني والجمهوريّة الإسلاميّة قوّة الإرادة؛ وأثبتت جمهوريّة إيران الإسلاميّة بشكل جدّي، في كلّ مجال، وكلّ مسألة خاضتها، أنّها قويّة الإرادة وثابتة العزم، وقادرة على العمل.

في قضيّة داعش هذه، شكّل هؤلاء ائتلافاً؛ وحتماً هم يكذبون، وهو ائتلاف شكليّ؛ لقد بعثوا رسالة إلى وزارة خارجيّتنا، قالوا فيها: إن كنتم تقولون إنّ أميركا تحمي داعش، فهذا كذب، إنّنا لا نحميها. حسنٌ، بعد مدّة، نُشرت صور، حصل عليها المجاهدون الثوريّون، تظهر المساعدات العسكريّة الأمريكيّة لداعش! إنّهم يقولون ذلك، يدّعون، [لكنّهم] يقولون ما هو خلاف الواقع، وهو أيضاً خلاف ظهر بهذا الوضوح وهذه السرعة. ليست الجمهوريّة الإسلاميّة كذلك؛ إنّنا عندما نرد ميداناً ما، نكون كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "ولسنا نرعد حتّى نوقع ولا نسيل حتّى نمطر"[7]. لا شكّ أنّ الشعب الإيراني في المستقبل، الذي إن شاء الله لن يكون بعيداً، وسوف تشاهدونه حتماً، أنتم أيّها الشباب الأعزّاء، سيكون على قمم الشرف والمجد في مختلف المجالات. أسأل الله تعالى أن يوفّقكم؛ ويشملكم برحمته ولطفه؛ بلّغوا سلامي لأعزّائي التبريزيّين والآذربيجانيّين[8]؛ عشتم؛ دمتم موفّقين ومسدّدين.


[1] الموافق لشهر آذار من العام 1978م. قبل خطاب قائد الثورة الإسلاميّة، تحدّث أية الله محسن مجتهد شبستري (ممثّل الوليّ الفقيه في محافظة آذربيجان الشرقيّة وإمام جمعة تبريز).
[2]حسينيّة الامام الخميني (قدس سره)
[3] ردد النشيد بالتركية: آماده جوانلار، آزادهجوانلار
[4] 11 شباط: ذكرى انتصار الثورة علم 1979م.
[5] استطرد الإمام القائد قائلًا: "حيث كان الوجود الشريف للإمام الخميني العظيم يظلّلنا، وكان لا يزال حيّاً”
[6]خطابه في لقاء الفعاليّات والنخب في الأقسام الاقتصاديّة (27-8-2011).
[7]نهج البلاغة، الخطبة
[8] قالها الامام القائد بالتركية: "مندن ده سلام يتيرينعزيزلريم، تبريزلى لرو آذربايجانى لار"

2015-02-24