لماذا الوحشة من الموت؟
الأخلاق والثقافة الإسلامية
هو آخر أيَّام الدُّنيا وأوَّل منازل الآخرة، وهو بمثابة القنطرة الَّتي يعبر عبرها الإنسان من مكان إلى آخر، والموت هو هذه القنطرة الَّتي يعبر من خلالها الإنسان من عالم الدُّنيا إلى عالم الآخرة.
عدد الزوار: 119
ما هو الموت؟
هو آخر أيَّام الدُّنيا وأوَّل منازل الآخرة، وهو بمثابة القنطرة الَّتي يعبر عبرها
الإنسان من مكان إلى آخر، والموت هو هذه القنطرة الَّتي يعبر من خلالها الإنسان من
عالم الدُّنيا إلى عالم الآخرة.
إلى عالم لا زيف فيه حيث تبدو كلُّ الحقائق ماثلةً أمام العين، وهو ارتقاء لمرحلة
أقوى وأشدّ حياة من الحياة الدُّنيويَّة الماديَّة.
الموت في الأحاديث الشَّريفة
وصفت الرّوايات الشَّريفة الموت بالعديد من الأوصاف، منها:
1- الجسر:
فقد وصف النَّبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الموت بقوله: "الدُّنيا
سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم"1.
فحريَّة المؤمن في التَّخلُّص من قيود الدُّنيا وأسرها، لعالم القرب من الله تعالى،
وكلُّ ما في الدُّنيا بالنِّسبة له بلاء وامتحان، ولذلك كانت سجناً كبيراً. أمَّا
بالنِّسبة للكافر فالدُّنيا هي الجنَّة، لأنَّه لم يعش فيها بهمٍّ سواها، ولم يكن
يعمل لذلك اليوم، الَّذي هو أحوج ما يكون فيه لِمَا استغلَّه في دنياه الَّتي ذهبت
إلى غير رجعة، ولاتَ حين مندم.
2- القنطرة:
وتحدَّث الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام عن الموت فقال: "ما الموت
إلاّ قنطرة تعبر بكم من البؤس والضَّرَاء إلى الجنان الواسعة، والنَّعيم الدَّائم،
فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر"2. فهو ليس بالنِّهاية، بل هو البداية
للعالم الآخر، العالم الَّذي تتجلَّى فيه كلُّ الحقائق الَّتي لم نكن ندركها
بالحواسّ المحدودة في إطار المادَّة، فهناك العالم الأرحب، ولذا شبَّهها عليه
السلام بالقصر.
3- النَّوم الطَّويل:
سئل الإمام الباقر عليه السلام: ما الموت؟ قال: "هو النَّوم الذي
يأتيكم كلَّ ليلة إلّا أنّه طويل مدَّته، لا يُنتبه منه إلى يوم القيامة..."3.
الموت سنَّةٌ عامَّةٌ في الخلق
قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ
فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾4. وقال تعالى في آية أخرى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ
الْمَوْتِ﴾5.
الموت الحقيقة الحتميَّة الَّتي لا مفرَّ منها لأحد، مهما علا شأنه في الدُّنيا،
فالبشر يموتون حتَّى الأنبياء منهم، ولو كان الخلد يحقُّ لأحد لفضل استحقَّه، لكان
الأنبياء صلوات الله عليهم أحقَّ النَّاس بالخلد، وإلى هذا المعنى أشار أمير
المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام بقوله: "ولو أنّ أحداً يجد إلى البقاء سُلَّماً،
أو لدفع الموت سبيلاً، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السلام، الَّذي سُخِّر له ملك
الجنِّ والإنس".
الموت مرحلة
الموت هو المرحلة الثَّالثة من أربع مراحلَ جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان على
ميعادٍ معها:
المرحلة الأولى: حياة الأجنَّة، إذ يكون الجنين
في عالم الأرحام.
المرحلة الثَّانية: هي مرحلة هذه الحياة
الدُّنيا، الَّتي نتقلَّب في غمارها ونُبتلى فيها، وهي الفرصة السَّانحة لنا
للتَّزوُّد فيها لسفر الآخرة الطَّويل والشَّاقّ.
المرحلة الثَّالثة: هي الحياة البرزخيَّة،
الَّتي نحن على ميعادٍ معها عمَّا قريب.
المرحلة الرَّابعة والأخيرة: هي مرحلة الحياة
الآخرة.
وكلُّ مرحلة من هذه المراحل الأربع أوسع من المرحلة الَّتي قبلها، فمرحلة الحياة
الدُّنيا أوسع بكثير من تلك المرحلة الَّتي كنَّا نتقلَّب فيها حينما كنَّا في عالم
الأرحام، ومرحلة الحياة البرزخيَّة هي أوسعُ بكثيرٍ وأقوى من هذه الحياة الَّتي
نتقلَّب فيها اليوم.
ما هي حقيقة الموت؟
أكّد الله تعالى في القرآن الكريم، في أكثر من موضع، أنَّ الموت ليسَ عدما، وإنَّما
هو انتقال من الحياة الدُّنيويَّة هذه إلى الحياة البرزخيَّة التي تفصل ما بين
الحياة الدُّنيا والحياة الآخرة. ولمّا كان الموت فيما أخبر عنه القرآن الكريم
انفصالَ الرُّوح عن الجسد، فإنَّ كلَّ ما نراه من أمور عند موت الإنسان، كسكون
القلب، وغياب الإحساس،... هذه الأمور وأمثالها ليست هي جوهر الموت، وإنَّما هي من
عوارضه وآثاره.
وقد يؤمن أناس بأنَّ الموت هو انتهاء من الحياة إلى العدم، فأصبحت كلمة "العدم"
تعبيراً عن الموت عندهم، ولكنَّ الموت، - كما أخبرَنا عنه "خالق الموت والحياة
عزّ وجلّ" -، ليس عدَما، بل هو انتقال الكائن الحَيِّ من هذه الحياة الدُّنيا
إلى حياة البرزخ.. ومن ثَمَّ لِما أعدّه الله له من نعيم القبر أو عذابه. يقول
الإمام أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام: "أيّها النَّاس، إنّا خلقنا
وإيّاكم للبقاء، لا للفناء لكنَّكم من دار إلى دار تنقلون"6.
نعم أغلب النَّاس يتصوَّرون أنّ الموت أمر عدميٌّ ومعناه الفناء، إلّا أنّ هذه
النَّظرة لا تنسجم مع ما ورد في القرآن المجيد وما تدلّ عليه الدَّلائل العقليَّة
ولا توافقها أبداً.
أمَّا بمنطق القرآن فالموت أمر وجوديّ وليس عدميّاً، وهو إنتقال وعبور من عالم إلى
آخر، ولذلك عُبّر عن الموت في كثير من الآيات بـ "تُوفّي" ويعني تسلُّم الرُّوح
واستعادتها من الجسد بواسطة الملائكة.
والتَّعبير في الآيات القرآنية ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾7 هو إشارة
إلى هذا المعنى أيضاً، وقد جاء في بعض الآيات التَّعبير عن الموت بالخلق: ﴿الَّذِي
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾8.
وهناك تعبيرات متعدّدة عن حقيقة الموت في الرّوايات الإسلاميَّة، ففي رواية أنّ
الإمام عليَّ بن الحسين سئل: ما الموت؟ فقال عليه السلام: "للمؤمن كنزع ثياب وسخة
قملة وفكِّ قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر ثياب وأطيبها روائح وأوطىء* المراكب
وآنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنَّقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ
الثِّياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب"9.
وفي حديث آخر عن الإمام الصَّادق عليه السلام عندما طلب شخص منه أن يوصِّف له الموت
فقال الإمام عليه السلام: "للمؤمن كأطيب ريح يشمُّه فينعس لطيبه، وينقطع التَّعب
والألم كلُّه عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشدّ"!10.
وقد بيّن الإمام الحسين عليه السلام لأصحابه حقيقة الموت، يوم عاشوراء، عند اشتداد
المأزق والقتال بتعبير لطيف بليغ فقال عليه السلام: "صبراً بني الكرام، فما الموت
إلّا قنطرة، تعبر بكم عن البؤس والضَّرّاء إلى الجنان الواسعة، والنِّعم الدائمة،
فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر. وما هو لأعدائكم إلّا كمن ينتقل من قصر إلى
سجن وعذاب، إنّ أبي حدّثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّ الدُّنيا سجن
المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنَّانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم"11.
لماذا يستوحش الإنسان من الموت؟
إنَّ الإنسان محبٌّ للبقاء، وهذا ميلٌ طبيعيٌّ فيه، ويعبِّر عن ذلك بغريزة حبِّ
البقاء، والنَّاس في الحياة الدُّنيا إزاء الموت على قسمين:
الأوَّل: يستوحش منه لأنَّ كواهلهم مثقلة
بعظائم الذُّنوب، فإذا فوجئوا بالموت، يلجؤون إلى التَّوبة والإنابة، ويندمون، ولكن
لاتَ ساعة مندم.
الثَّاني: يشتاقون إلى الموت ويتلقَّونه بصدورٍ
رحبةٍ، ووجوهٍ مشرقةٍ، وهؤلاء هم الأنبياء والأولياء والعلماء والشُّهداء، ومن كان
يعمل صالحاً في حياته الدُّنيا من سائر المؤمنين.
فهذا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في أواخر لحظات حياته: "والله ما فاجأني من
الموت واردٌ كرهته، ولا طالعٌ أنكرته، وما كنت إلّا كقاربٍ وَرَدَ، وطالبٍ وَجَدَ،
وما عند الله خير للأبرار"12.
ويقول عليه السلام: "والله، لابن أبي طالب آنس بالموت من الطِّفل بثدي أمّه"13.
وللخوف من الموت عوامل وأسباب عديدة نذكر بعضها وهي:
1- ضعف الإيمان: إنّ السَّبب الأساسيَّ وراء
هذا الخوف هو عدم إيمان هؤلاء بالحياة بعد الموت، أو إذا كانوا مؤمنين بذلك، فإنّهم
لم يصدّقوا به تصديقاً حقيقيّاً، ولم يتمكّن من جميع أفكارهم وإحساساتهم ومشاعرهم.
إنّ خوف الإنسان من العدم شيء طبيعيّ، بل إنّ الإنسان يخاف من ظلمة اللّيل التي هي
عدم النُّور، وأحياناً يصل بالإنسان الخوف إلى أنّه يخاف من الميِّت.
ولكن إذا صدَّقت النّفس أنّ "الدُّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر"14، وإذا أيقنت هذه
النَّفس أنّ هذا البدن التُّرابيَّ إنّما هو سجن للرُّوح، وسور يضرب الحصار عليها،
إذا آمنت بذلك حقّاً وكانت نظرة الإنسان إلى الموت هكذا، فإنّه سوف لن يخشى الموت
أبداً، في نفس الوقت الَّذي يعتزّ بالحياة من أجل الارتقاء في سلّم التَّكامل.
لهذا نجد في قصّة عاشوراء: أنّه كلّما ضاقت حلقة الأعداء وازداد ضغطهم على الإمام
الحسين وأصحابه ازدادت وجوههم إشراقاً، حتّى إنَّ الشُّيوخ من أصحابه كانت
الابتسامة تطفو على وجوههم في صبيحة عاشوراء، وحينما كانوا يسألون يقولون: إنّنا
سنستشهد بعد ساعات "فنعانق الحور العين"15.
2- التّعلّق بالدُّنيا: السبب الآخر الَّذي
يجعل الإنسان يخاف من الموت، هو التَّعلُّق بالدُّنيا أكثر من اللَّازم، الأمر
الَّذي يجعله يرى الموت الشَّيء الَّذي يفصله عن محبوبه ومعشوقه، الَّذي هو
الدُّنيا. ورد في حديث رائع أنّه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقال: يا رسول الله، ما لي لا أحبّ الموت؟ قال: "ألك مال"؟ قال: نعم. قال: "فقدّمه"
قال: لا أستطيع. قال: "فإنّ قلب الرَّجل مع ماله، إن قدّمه أحبّ أن يلحق به، وإن
أخّره أحبّ أن يتأخّر معه"16.
3- الذُّنوب والمعاصي: إنَّ كثرة السَّيِّئات
وقلّة الحسنات في صحيفة الأعمال، هي السَّبب الثَّالث وراء الخوف من الموت، فقد جاء
أنّ رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا رسول الله، ما بالي لا
أحبّ الموت؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "لك مال"؟ قال: نعم، قال صلى الله عليه
وآله وسلم: "قد قدّمته"؟ قال: لا. قال: "فمن ثمّة لا تحبَّ الموت"17 (لأنّ صحيفة
أعمالك خالية من الحسنات). وجاء رجل آخر وسأل (أبا ذرّ) نفس السُّؤال فأجابه أبو ذرّ
قائلاً: "لأنّكم عمّرتم الدُّنيا وخرّبتم الآخرة، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى
خراب"18.
ينبغي التَّهيُّؤ لساعة الموت
اقتضت الحكمة الإلهيَّة أن يجهل النَّاس زمان ومكان موتهم. يقول سبحانه ﴿وَمَا
تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾19. ولعلَّ الحكمة في ذلك، أن يكون الإنسان
على استعداد لاستقبال الموت في أيِّ وقت جاء، وهو على طاعة الله. ولو علم الإنسان
بزمن موته، فإنَّ ذلك يشجّعه على الفجور والعصيان، متَّكلاً على التَّوبة والإنابة
والتَّسويف، قبل مدّة من حلول أجله.
والأسباب الأنفة الذِّكر حول الخوف من العدم، والجهل بالموت، وخوف العقاب، وغيرها
من العوامل، عالجها الإسلام حيث أحيا في القلوب الإيمان باليوم بالله واليوم الآخر،
وبذلك أبعد شبح الفناء والعدم من الأذهان، وبيّنَ أن الموت انتقال إلى حياة أبديَّة
خالدة مُنَعَّمة.
إذاً لعلاج مشكلة الخوف من الموت ينبغي أوّلاً أن نصحّح نظرتنا إلى الموت، ومن جهة
أخرى دعا الإسلام إلى العمل الصَّالح والابتعاد عن عصيان الله تعالى، كي يبتعد
الإنسان عن الخوف من العقاب.
ومن هنا نعرف سرَّ شغف الإمام عليّ عليه السلام بالموت فهو عارف بحقيقة الموت وما
بعده، وهو المطيع لله الَّذي لم يعص الله تعالى طرفة عين أبداً، وهو الشَّهيد بل
شهيد المحراب الَّذي ضرَّج بدمائه الطَّاهرة وهو بين يدي الله يصلّي، ولذلك قال حين
ضربه اللَّعين ابن ملجم: "فزت وربِّ الكعبة".
الموت إذا ليس فناء بل هو انتقال من دار إلى دار، وعلى الإنسان النَّبيه والفطن أن
يحضّر ويجهّز بشكل جيّد للدَّار الَّتي سوف ينتقل إليها، حتَّى يهنأ ويسعد بنقلته،
فكيف إذا كنت هذه النَّقلة سوف تحدّد وجهة الإنسان إلى الجنَّة أو إلى النَّار.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "الموت الموت. ألا ولا بدَّ من
الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالرَوْح والرَّاحة والكَرَّة المباركة إلى جنَّة
عالية لأهل دار الخلود، الَّذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم، وجاء الموت بما فيه
بالشَّقوة والنَّدامة وبالكَرَّة الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور، الَّذين
كان لها سعيهم وفيها رغبتهم"20.
لذا يوصي الإمام عليّ عليه السلام بضرورة الاستعداد للموت: "وبادِروا الموت وغمراته،
وامْهَدُوا له قبل حلوله، وأَعدُوّا له قبل نزوله"21.
الإنسان الحكيم والخائف على نفسه ومصيره، لا يمكن أن يغمض عينيه عن الأمور الخطيرة
والمصيريَّة المحيطة به، وأنْ يضع رأسه في التُّراب كما تفعل النعامة ظنّاً منها
أنَّها بهذه الحالة لن يتمكَّن الذِّئب الآتي إليها أن يفترسها! فالموت مهما غفل
عنه الإنسان وظنَّه أمراً بعيد المنال، فإنَّه عاجلاً أم آجلاً سوف يأتي ليفترسه من
حيث لا يحتسب ولا يتوقَّع.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "وما بين أحدكم وبين الجنَّة أو النَّار إلّا الموت
أن ينزل به، وإنَّ غاية تنقصها اللَّحظة، وتهدمها السَّاعة، لجديرة بقصر المدَّة، و
إنّ غائباً يحدوه الجديدان: اللَّيل والنَّهار، لحريّ بسرعة الأوبة، وإنّ قادماً
يقدم بالفوز أو الشَّقوة لمستحقٌّ لأفضل العدَّة، فتزوَّدوا في الدُّنيا من
الدُّنيا ما تحرزون به أنفسكم غداً"22. فإذا كان الموت هكذا بهذه الخطورة
والمصيريَّة فينبغي علينا أن نتهيَّأ لتلك السَّاعة الَّتي لا مفرَّ منها لأيِّ أحد،
وأن لا نغفل عنها لحظة واحدة. وكيف يمكن أن يغفل الإنسان عن حقيقة صارخة كالموت؟!
لذا يسأل أمير المؤمنين عليه السلام متعجِّباً من حال النَّاس كيف ينسَوْن الآخرة
ولا يتهيَّؤُون لها: "وكيف غفلتكم عما ليس يُغفلِكم، وطمعكم فيمن ليس يُمهِلكم.
فكفى واعظا بموتى عاينتموهم..."23.
* كتاب منار الهدى، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- بحار الأنوار، ج 44، ص 297.
(تحقيق: البهبوديّ).
2- معاني الأخبار، ص 289.
3- م. ن، ص 289.
4- سورة الأنبياء، الآية: 34.
5- سورة آل عمران، الآية: 185.
6- المفيد، الإرشاد، ج 1، تحقيق: مؤسَّسة آل البيت، ط 2، بيروت لبنان، دار المفيد،
1414هـ 1993م، ص 238.
7- سورة ق، الآية 19.
8- سورة الملك، الآية 2.
(*) كذا في المصدر، ولعلّ الصحيح: "وأوطأ".
9- بحار الأنوار، ج 6، ص 155 (تحقيق: العابديّ، مؤسَّسة الوفاء).
10- الصَّدوق، معاني الأخبار، تحقيق: الغفَّاريّ، قم المشرَّفة، مؤسَّسة النَّشر
الإسلاميّ، 1379هـ.ق 1338ش، ص 287، باب معنى الموت.
11- معاني الأخبار الصَّدوق، ص 259.
12- نهج البلاغة، تحقيق: الصّالح، ط 1، بيروت، لا.ن، 1387هـ.ق 1967م، ص 378، باب:
رسائل أمير المؤمنين، الرّسالة 23.
13- م.ن، ص 53، باب: خطب أمير المؤمنين: الخطبة 5.
14- بحار الأنوار، ج 44، ص 298.
15- م. ن، ج 45، ص 93. (تحقيق: البهبوديّ).
16- الشيخ الطبرسيّ، تفسير مجمع البيان: ج 8، تحقيق: لجنة من العلماء، ط 1، بيروت
لبنان، الأعلمي، 1415هـ 1995م، ص 253.
17- الفيض الكاشانيّ، المحجّة البيضاء: ج 8، ح 8، تحقيق: الغفّاريّ، ط 2، قم دفتر
إنتشارات إسلامي، ص 258.
18- م. ن، ص 258.
19- سورة لقمان، الآية: 34.
20- الكافي، ج 3، ص 257 - 258.
21- نهج البلاغة، تحقيق: الصَّالح، ص 281، الخطبة 190.
22- نهج البلاغة، ص 95، الخطبة 64.
23- م. ن، ص 278، الخطبة 188.