يتم التحميل...

علل وجذور الغزو الثقافي الإستعماري للعالم الإسلامي

الغزو الثقافي

في كل مكان يتواجد فيه الإسلام، لا بقاء لأركان النظام السلطوي العالمي.وفي كل مكان يستقر في الإسلام سيكون ذلك علامة على مواجهة الظلم والعدوان.. والاستعمار والاستغلال.. واذلال الناس.. وعلامة على مواجهة المرتكزات التي يتقدّم بها نظام التسلط في العالم المعاصر.

عدد الزوار: 217

الإسلام عائق كبير أمام المستعمرين
في كل مكان يتواجد فيه الإسلام، لا بقاء لأركان النظام السلطوي العالمي.
وفي كل مكان يستقر في الإسلام سيكون ذلك علامة على مواجهة الظلم والعدوان.. والاستعمار والاستغلال.. واذلال الناس.. وعلامة على مواجهة المرتكزات التي يتقدّم بها نظام التسلط في العالم المعاصر 1.

يسعى هؤلاء. أعداء الإسلام والقوى المستكبرة. لمحو الإسلام، بحيث لا يبقى له في العالم اسم ولا أثر.. لأنّ الإسلام يواجه علوّهم وطغيانهم.. أميركا تخاف الإسلام، وستظل تخشاه، وكذلك القوى العالمية الأخرى، لذلك توازروا على مواجهته والقضاء عليه 2.

ما نقصده بالعالم الاستكباري، هو هذه القوى السياسية العالمية.. هذه الحكومات والدول.. سواء كانت قدرات كبرى، أم قدرات صغيرة استبدادية وتابعة. إن في طليعة أهداف هؤلاء في العالم، حذف الإسلام، لأنه يخالف استبدادهم 3.

لماذا كل هذا العداء الإستكباري؟ لأن الإسلام حائل كبير أمام مطامع الاستكبار. ففي كل مكان يستقر فيه الإسلام، لن يسمح للقوى الإستكبارية أن تمارس النهب، وتفعل ما تريد، كما يحلو لها 4.

الإنسان الذي يفتقر للإيمان الديني سيفقد الأمل الواضح..والإنسان الذي يفتقد للإيمان الديني، سيفقد القدرة على مواجهة المشكلات بشكل اساسي، وحينئذ سيبقى في منتصف الطريق، أو يعود القهقرى. لذلك رأيتم أن البلدان التي تحكمها أنظمة لا دينية.. إلحادية.. بعيدة عن الله، تسقط في منتصف الطريق. هذا ما حصل مع الأنظمة الماركسية التي حمّلت شعوبها الفكر الماركسي، فتوقفت عجلتها، فغلبها الغرب وانتصر عليها.

أما مع الإسلام فثمة قصة أخرى.. الحركة الإسلامية حركة مستدامة، وجهاد الإسلام من أجل حياة كريمة عادلة للإنسان هو جهاد دائمي متواصل.
هذه الخاصية هي التي تفسّر لنا عداءهم للإسلام.. فما من يوم يمرّ إلاّ وثمة مؤامرة على الإسلام والمسلمين تخرج من جعبة الإستكبار.

انظروا إلى أوضاع العالم لتتبينوا هذا المعنى.. فهذه أميركا والقوى الشيطانية المستكبرة، تدخل بكل قوتها في حرب ضدّ الإسلام، وهي تبذل ما تقوى عليه في بهذا المضمار. بيد أنّ هذا الوجود ينمو ويتسع كل يوم ـ بحمد الله ـ فقدرة الإسلام في تزايد.. وروحية الإيمان الإسلامي تنتشر في العالم أبدا.. وهذا هو ما يخشاه الاستكبار.

عندما سعى المستعمرون لبسط مشروعهم في الفتوحات السياسية.. الاقتصادية.. الاجتماعية. والثقافية، اصطدموا بحائل مهم، تمثل بالمعتقدات الدينية للشعوب. بديهي أنّ المعتقدات الدينية لا تقف في كل مكان في مواجهة النهج الاستعماري. فالدين المحرّف.. والدين الذي صنع بيد القوى (الدولية) لايعارض ـ بالبداهة ـ القوى الاستكبارية.

لذلك فإنّ الإسلام هو الدين ـ وهو المصداق الأتم للدين ـ الذي ينهض حقا لمعارضة الاستعمار، ويواجه عدوانهم على الاقليم الإسلامي، وقد أدرك المستعمرون هذا المعنى من خلال بحوثهم.

جربّوا ذلك في الهند.. في البلاد العربية.. وفي إيران. ففي كل مكان كان الوجدان الديني مستيقظا بين الناس، واجه الاستعمار مانعا يقف دون مشروعهم. من امثلة ذلك ثورة التبغ في إيران.. والحركة الدستورية.. والحوادث الدموية التي ألمت بالهند في مواجهة الانكليز.. ومواجهة المسلمين الأفغان للانكليز أواسط القرن التاسع عشر.ومن الأمثلة الأخرى في هذا المضمار نهضة السيد جمال الدين الأسد آبادي في مصر، التي هزّت الانكليز 5.

طوال سنوات متمادية مارست الثقافة الغربية الفاسدة دورا تخريبيا في البلاد الإسلامية، دون أن يكون ثمة سدّ يحول بينها. فالحكومات التابعة لم تستطع أن توفّر ذلك السدّ يحول الذي ينتظر من حكومة صالحة، لمواجهة المؤامرات الثقافية والسياسية للأعداء. لذلك كله اندفع قادة الغرب في توسيع دائرة الثقافة الغربية الفاسدة في البلدان الإسلامية، في سبيل تعزيز سلطتهم السياسية والنهب الاقتصادي.. من دون أن يكون ثمة رادع 6.

الحيلولة دون نهضة الشعوب الإسلامية
عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، حصل ما كان متوقعا من انجذاب الشعوب الإسلامية ـ وحتى غير الإسلامية ـ إلى الإسلام، وذلك كأثر من آثار الثورة ومحبوبيتها. لذلك استنفرت الأجهزة الاستعمارية قواها لمواجهة النفود المعنوي (المتزايد) للإسلام.. وإلاّ هل يمكن أن نجد سببا يحلل لنا حالة الاستنفار الشاملة لأجهزة الاستكبار، سوى معرفتهم بأنّ اتساع نفوذ مفاهيم اللإسلام في أية بقعة من العالم يعني الايذان بإنهاء سلطتهم وكفّ أياديهم.

لقد جسّد انتصار الثورة المعنى الصحيح للتوحيد ونفي عبودية غير الله، وتمثلها في الواقع، مما دفع المسلمين في الكثير من مناطق العالم للاحساس بشخصيتهم وعزتهم فبعث روحا لمواجهة القوى المتجبرة، وتدشين عهد جديد من جهاد الشعوب الإسلامية.

من الأمثلة البارزة على ولادة عصر الجهاد الجديد بين الشعوب الإسلامية يمكن الاشارة إلى جهاد المسلمين في أفغانستان.. وفي فلسطين، وتصدّي الشعب الفلسطيني للأحزاب المساومة.. وانطلاق النهضات الإسلامية في البلدان الافريقية المسلمة.. وفي آسيا.. بل وحتى في أوروبا. انطلقت كل هذه النهضات على أساس جاذبة الإسلام، والشوق لتنفيذ الأحكام الإلهية.. والاحساس بأنّ هذا الدين يمثل طريق عزتهم وخلاصهم.

قبل انبثاق الجمهورية الإسلامية، لقنوا القاعدة الإسلامية العظيمة، بأنّ الإسلام غير قادر على أن يمنحهم العزة والعظمة، وأن يكون لهم خيار الانقاذ والخلاص، وألقوا في ذهنها أن طريق الخلاص يتمثل إمّا بتمثل النموذج الغربي المتحرك في إطار الثقافة (الحضارة) الأوروبية الأميركية، أو الاتجاه نحو نظرية خيالية فارغة تعكسها الأيديولوجية الماركسية.

بيد أنّ الذي أبطل النسيج الاستعماري الغربي، هو انتصار الثورة الإسلامية،وتأسيس الجمهورية الإسلامية، التي حققت العزة لشعب إيران، وأظهرت قدرة الإسلام على أن يكون خيارا لانقاذ الأمة من حالة الضعف والركود، وايصالها الى ذروة العزة والشجاعة، عن طريق الاعتماد على النفس.. كما أثبتت (التجربة الإسلامية في إيران) قدرة الإسلام على تشكل نظام ثابت ومقتدر، له القدرة على قطع دابر الظلم الاستكباري، ووضع نهاية لما كان يتعرض له الشعب من احتقار وذل على يد الاستعمار 7.

القوى (الدولية) تعادي الإسلام ونهضة المسلمين.. وعلى هذا الأساس يفسّر موقفها المعادي لإيران المسلمة. فهي تبذل ما في وسعها للقضاء على التحرك الإسلامي في العالم.

وأميركا تقف في رأس هذه القرى المعادية، تأتي بعدها قوى صغيرة وكبيرة، تواجه الإسلام على أساس خلفية تأريخية، أو على أساس ما يمثله من معارضة لمصالحها، أو أنها تحاربه لخشيتها منه.. إن عداء هؤلاء لإيران المسلمة، يعود إلى كونها تمثل مركزا لحركة الاحياء الاسلامي.. فالشعوب الإسلامية اليوم تستمد الأمل بالنصر من هذه الثورة، وتتقدم بخطى ثابتة ـ استلهاما من روحها.

ثمة حقيقة يجب أن نعيها جيدا، وأن لا نخطيء في فهم العدو، فلو قدر وأن فشل الاسلام في هذه التجربة (إيران) فسيكون ذلك أكبر نصر يحققه الأعداء إزاء حركة الاحياء الإسلامي التي تعم العالم. لذلك كلّه علينا أن لا نتصور أن العدو كفّ عن عدائه للإسلام والمسلمين 8.

لم تكن القوى الناهبة والمستبدة في العالم، على وفاق مع الاسلام في أي يوم من الأيام.. بيد أن عداءها وبغضها للإسلام اليوم بلغ مدى كبيرا لم تبلغه فيما مضى.. لقد تضاعف مرّات عداء القوى الشيطانية للإسلام.. فقد أصابته الضربات الموجعة التي انزلها بها الإسلام اليقظ، وتجرعت مرارتها. أثر ذلك فهم الشيطان الأميركي ـ وأذناب أميركا أيضا ـ ما معنى أن ينهض شعب مسلم ويقوم باسم الله.

لذلك أضحى خوفهم من الإسلام أشد.. وأضحت عدواتهم وبغضهم له أكثر 9.
يقول سبحانه في القرآن الكريم: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم سورة البقرة \120. هذا النص هو من معجزات القرآن حقا. فالأعداء لن يتركوا المسلمين حتى يتخلوا عن دينهم، ولن يرضوا عنهم بأقل من ذلك. أما المراد من التخلي عن الإسلام فهو أن تموت تلك الروح والطاقة الإسلامية النابضة، في أوساط المسلمين، وأن تتعطّل أحكامه الحيّة. فلو كان المسلمون يجهلون أصول الإسلام الأساسية، ويتمسكون بظواهر شكلية جزئية ـ لا أثر لها ـ فإن الأعداء لا يعبأون بهم.

بيد أنّ المشكلة في تلك الحال، إن هذا الذي بين يدي المسلمين لا يعد ّ حينئذ إسلاما.. ولايعكس الإسلام الذي جاء به النبي، والذي على أساسه يقول تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ آل عمران \110 10.

لعالم الاسلامي والغزو الثقافي,سلسلة الغزو الثقافي, نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية*


1- من حديث القائد في لقاء مع مجموعة من علماء وأئمة جمعة مازندرن، 22\5\1369.
2- من حديث القائد في مجموعة من عوائل الشهداء خرم آباد، 30\5\1370.
3- من حديث القائد في مجموعة من علماء مدينة جهار محال وبختياري، 15\7\1371.
4- من حديث القائد في مجموعة من أهالي مدينة جار محال وبختياري، أثناء لقائه معهم في ملعب مدينة شهركرد و 15\7\1371.
5- من حديث القائد في لقائه مع مجموعة من الطلاب والجامعيين، 28\9\1369.
6- من حديث سماحته في مراسم بيعة مجموعة من أهالي وعشائر خوزستان، 22\4\1368.
7- من بيان أصدره سماحته في الذكرى السنوية الأولى لوفاة الإمام الخميني (قدس سره)، 10\3\1369.
8- من حديث القائد في لقائه مع العلماء وأئمة الجماعات، 1371.
9- من حديث لسماحته أثناء لقائه بمجموعة من عوائل الشهداء، 42\6\1368.
10-خطاب لسماحته في لقائه مع مجموعة علماء وأئمة جماعات طهران، 7\5\1371.

2014-09-15