مقتطفات من كلام الإمام عليّ عليه السلام

مقتطفات من كلام الإمام عليّ (عليه السلام)

نتقدّم من صاحب العصر والزّمان (عجّل الله فرجه) ووليّ أمر المسلمين (دام ظلّه الوارف) ومن جميع المؤمنين والمؤمنات بأسمى آيات التهنئة والتبريك بذكرى ولادة السيّدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) ابنة الإمام موسى الكاظم وأخت الإمام الرضا (عليهما السلام).

فيما يلي مقتطفات من كلمات للإمام عليّ (عليه السلام) فيها الكثير من العظات والعِبر قالها بعد تلاوته قوله تعالى: ﴿أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ﴾:

"... وَلَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْكَ الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ وَالرُّبُوعِ الْخَالِيَةِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ ضُلَّالًا وَذَهَبْتُمْ فِي أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا تَطَئُونَ فِي هَامِهِمْ وَتَسْتَنْبِتُونَ فِي أَجْسَادِهِمْ وَتَرْتَعُونَ فِيمَا لَفَظُوا وَتَسْكُنُونَ فِيمَا خَرَّبُوا وَإِنَّمَا الْأَيَّامُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ بَوَاكٍ وَنَوَائِحُ عَلَيْكُمْ, سَلَكُوا فِي بُطُونِ الْبَرْزَخِ سَبِيلًا سُلِّطَتِ الْأَرْضُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَشَرِبَتْ مِنْ دِمَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِي فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا يَنْمُونَ وَضِمَاراً (لا عودة لهم) لَا يُوجَدُونَ لَا يُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الْأَهْوَالِ وَلَا يَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ الْأَحْوَالِ وَلَا يَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ (لا يُبالون بالزلازل) وَلَا يَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ (لا يسمعون الرعد) غُيَّباً لَا يُنْتَظَرُونَ وَشُهُوداً لَا يَحْضُرُونَ وَإِنَّمَا كَانُوا جَمِيعاً فَتَشَتَّتُوا, وَلَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً وَبِالسَّمْعِ صَمَماً وَبِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً فَكَأَنَّهُمْ فِي ارْتِجَالِ الصِّفَةِ (لا يُستطاع وصفهم) صَرْعَى سُبَاتٍ جِيرَانٌ لَا يَتَأَنَّسُونَ وَأَحِبَّاءُ لَا يَتَزَاوَرُونَ بَلِيَتْ بَيْنَهُمْ عُرَا التَّعَارُفِ وَانْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الْإِخَاءِ, وَلَئِنْ عَمِيَتْ آثَارُهُمْ وَانْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ وَسَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ وَتَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ فَقَالُوا كَلَحَتِ (عبست) الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ وَخَوَتِ (فرغت) الْأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ وَلَبِسْنَا أَهْدَامَ الْبِلَى, فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وَتَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَطَالَتْ فِي مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا وَلَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً وَلَا مِنْ ضِيقٍ مُتَّسَعاً, فَكَمْ أَكَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَدٍ وَأَنِيقِ لَوْنٍ كَانَ فِي الدُّنْيَا غَذِيَّ تَرَفٍ وَرَبِيبَ شَرَفٍ يَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِي سَاعَةِ حُزْنِهِ وَيَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَةِ إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَيْشِهِ, وَإِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْيَا".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين