يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء أكبر حشد تعبوي

2013

هذا اللقاء، هو لقاء هام جداً، التعبئة هي مظهر عظمة الشعب والقوّة الذاتية الفعّالة لبلدنا. واللقاء هذا لقاءٌ للقادة، حيث اجتمعتم هنا بعشرات الآلاف، يمكن تقدير الحضور المفعم بالافتخار للتعبئة الشعبيّة من خلال هكذا اجتماع،

عدد الزوار: 242

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء أكبر حشد تعبوي ضمّ خمسين ألفاً من قادة التعبئة1 من مختلف أنحاء البلاد في مصلّى الإمام الخميني (رضوان الله عليه) طهران._20-11-2013

العناوين الرئيسة لكلمة الإمام الخامنئي:
* الملحمة الزينبية تضاهي الملحمة الحسينية
* التعبئة مفخرة النظام الاسلامي،
* النظام مسالم لجميع الشعوب، مواجه عنيد للاستكبار الامريكي
* الليونة البطولية: تحرف لقتال واستمرار المواجهة
* خصائص الاستكبار الامريكي والعالمي
* دعم الحكومة والخطوط الحمر

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطهرين المنتجبين لا سيّما بقيّة الله في الأرض.

السلام عليك يا ابا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليك منيّ سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.


السلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام2.

هذا اللقاء، هو لقاء هام جداً، التعبئة هي مظهر عظمة الشعب والقوّة الذاتية الفعّالة لبلدنا. واللقاء هذا لقاءٌ للقادة، حيث اجتمعتم هنا بعشرات الآلاف، يمكن تقدير الحضور المفعم بالافتخار للتعبئة الشعبيّة من خلال هكذا اجتماع، أنتم مصدر رضا وامل وثقة لأنصار النظام والثورة والبلاد وانتم مصدر خوف ورعب للأشرار والأعداء الحاقدين.

الملحمة كبرى، عظمة السيدة زينب عليها السلام

إنّ توافق أسبوع التعبئة مع هذه الأيام، التي هي أيام الملحمة الكبرى في تاريخ الإسلام، هو توافق مناسب وفرصة ينبغي اغتنامها. ونعني بالملحمة الكبرى التي ذكرناها، ملحمة (السيدة) زينب الكبرى (سلام الله عليها) والتي أكملت ملحمة عاشوراء، بل أن الملحمة التي سطّرتها السيدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) قد أحيت وحفظت ملحمة عاشوراء. لا يمكن قياس عظمة عمل السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) مع غيرها من الأحداث التاريخيّة الكبرى، بل ينبغي قياسها مع واقعة عاشوراء نفسها، للإنصاف فإنهما عدل بعضها.

هذه الإنسانة العظيمة، سيدة الإسلام الكبرى، بل سيدة البشرية، استطاعت ان تواجه جبل المصائب الثقيل بقامتها المنتصبة والشامخة، فلم يظهر حتى ارتجاف بسيط في صوت هذه السيدة العظيمة من كل تلك الحوادث، لقد وقفت كالقمّة المرفوعة الهامة في مواجهة الأعداء وكذلك في مواجهة المصائب والحوادث المرّة، صارت عبرة واسوة ورائدة وهادية، في سوق الكوفة وفي حالة الأسر والسبي، ألقت تلك الخطبة المدهشة: " يا أهل الكوفة يا اهل الخَتل والغدر أتبكون! ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة، إنما مَثَلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثاً" إلى آخر الخطبة، اللفظ صلب كالفولاذ والمعنى سلسٌ كالماء يصل إلى أعماق الأرواح. في تلك الوضعيّة، تكلّمت زينب الكبرى كأمير المؤمنين نفسه، زلزلت القلوب والأرواح والتاريخ، لقد بقي هذا الكلام عبر التاريخ، أمام الناس في موكب السبي. وكذلك بعدها، أمام ابن زياد في الكوفة، وبعد عدّة أسابيع أمام يزيد في الشام، خطبت بتلك القوّة، فحقّرت العدو وكذلك استهانت بالمصائب التي فرضها العدو. [حيث قالت له] أتريدون ان تغلبوا أهل بيت النبي بخيالكم الباطل وتذلّونهم؟ "لله العزّة ولرسوله وللمؤمنين" زينب الكبرى هي تجسّد للعزّة كما كان الحسين بن علي عليه السلام في كربلاء تجسّد للعزّة في يوم عاشوراء. كانت نظرتها للحوادث تختلف عن نظرة الآخرين، وعلى رغم كل تلك المصائب، حين أراد العدو أن يشمت بها، قالت: " ما رأيت إلاّ جميلاً" ما رأيته كان جميلاً، شهادة، ألماً، ولكنه في سبيل الله، لحفظ الإسلام، لإيجاد تيارٍ على امتداد التاريخ كي تفهم شعوب الأمة الإسلاميّة ماذا ينبغي أن تفعل، كيف يجب أن تتحرك وكيف يجب أن تقف وتصمد، هذا العمل العظيم للملحمة الزينبيّة، هذه عزّة ولي الله.

زينب الكبرى من أولياء الله، عزّتها هي عزّة الإسلام، لقد أعزّت الإسلام والقرآن. وبالطبع فنحن ليس لدينا ذلك الطموح العالي وتلك الهمّة نفسها كي نقول أن عمل تلك السيدة العظيمة هو نموذج لنا، إنّنا أصغر من هذا الكلام، ولكن ينبغي أن تكون حركتنا دوماً باتجاه الحركة الزينبية، أن تكون همّتنا نحو عزّة الإسلام وعزّة المجتمع الإسلامي وعزّة الإنسان، كما فرض الله تعالى من خلال الأحكام الدينية والشرائع على الأنبياء.

صبر زينب، والوفاء بالعهد الإلهي

ما أودّ أن أعرضه عليكم بشكل مختصر في القسم الأول من کلامي أيها الأعزاء التعبويين والشباب الغالي، بأنّ أحد العوامل المنتجة لهذه الروحيّة وهذا الصبر لدى زينب الكبرى (سلام الله علیها) وسائر الأولياء الإلهيين الذين تحرّكوا بهذه الطريقة هو الصدق في التعامل مع العهد الإلهي، تقديم القلب بصدقٍ في سبيل الله، هذا مهمّ جداً. لقد عُدّ هذا الصدق في القرآن الكريم لازماً للأنبياء الإلهيين العظام "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ليسأل الصادقين عن صدقهم وهذه "اللام" في ليسأل" هي لام" العاقبة كما نعبّر نحن طلاب العلوم الدينية، ونتيجة هذا العهد "الميثاق" أنّ الأنبياء سيُسألون عن صدقهم تجاه هذا الميثاق، أي ان نبيّنا والأنبياء الإلهيين العظام ينبغي أن يقدّموا في الساحة الإلهيّة مستوى صدقهم الذي قاموا به في مقام إعمال هذا الميثاق الإلهي، هذا بالنسبة للأنبياء، كذلك بالنسبة للناس العاديين والمؤمنين: " من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا، ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويُعذّب المنافقين إن شاء".

الصدق والإيمان مقابل الكفر والنفاق

بالنسبة للأنبياء العظام، جُعل الصادق النقطة المقابلة للكافر" وأعدّ للكافرين عذاباً أليماً وبالنسبة للمؤمنين النقطة المقابلة للصادقين هي المنافقين، وفي هذه المسألة أمورٌ ومعانٍ متعدّدة. سيسألوننا أنا وأنتم حول الوعد والعهد الذي عاهدناه الله، لدينا معاهدة مع الله. في هذه الآية الشريفة- من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه - هذا العهد الذي يذكره بأنّ المؤمنين قد عاهدوه مع الله وبعضهم قد وفى به بأحسن الوفاء وثبتت قدماه في طريقه، هو نفسه ذلك العهد الذي ذُكر قبل عدّة آيات من تلك السورة المباركة حيث يقول " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار"

ينبغي علينا جميعاً أن ننتبه إلى هذه النقاط. كانوا قد عاهدوا الله بأن لا يفرّوا من العدو وان لا يولوه الأدبار. التنازل عن المواقف والتراجع الانهزامي في مواجهة العدو، من جملة الأمور التي يؤكّد القرآن على عدم القيام بها، في الحرب العسكرية وفي الحرب السياسيّة وفي الحرب الاقتصادية، وفي كل مكان فيه اختبار للقوّة، يجب الوقوف مقابل العدو، يجب أن ينتصر عزمكم على عزم العدو، يجب أن تغلب إرادتكم إرادة العدو، وهذا يحصل وممكن. في ميدان أي نوع من الجهاد والمواجهة الانهزام وإدارة الظهر للعدو عمل ممنوع في نظر الإسلام والقرآن.

"الليونة البطولية" تحرفٌ لقتال

لقد استخدمنا تعبير "الليونة البطولية"،الأمر الذي فسّره البعض بمعنى التخلّي عن الآمال والأهداف الكبرى للنظام الإسلامي، كذلك فإن بعض الأعداء قد اتخذوا هذا التعبير مستمسكاً لاتهام النظام الإسلامي بالتراجع عن أصوله، هذا كلام باطل وفهم منحرف. الليونة البطولية تعني المناورة الفنيّة [الذكية] للوصول إلى الهدف، أي أن سالك طريق الله- في أي نوع من السلوك- حين يتحرّك نحو المُثُل والأهداف الإسلاميّة المتعدّدة والمتنوعّة، في أي شكل وطريقة، ينبغي عليه أن يستخدم أساليب متنوّعة للوصول إلى المقصد. "ومن يولهم يومئذٍ دُبُره إلاّ متحرّفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله" كل نوع من انواع الحركة -سواء للأمام او الخلف- كميدان الحرب العسكرية، ينبغي أن يتوجه للوصول إلى الأهداف المحدّدة من قبل. هناك أهداف موجودة والنظام الإسلامي يتابع في كل مرحلة أحد تلك الأهداف للتقدّم وللوصول إلى نقطة التسامي وإلى القمة ولبناء الحضارة الإسلاميّة العظيمة، يجب السعي للوصول إلى هذا الهدف في هذه المرحلة. بالطبع فإن وضع المراحل قطعة بعد قطعة المشرفون والهداة والمفكرون والمسؤولون المعنيون يحدّدون هذه القطعات ويصنعون الأهداف وتبدأ الحرك الجماعيّة يجب أن يسعى الجميع في كل حركة من كل مرحلة للوصول إلى هدفها. هذا هو النظام الصحيح للحركة المنطقيّة. وهذا ما يجب على جميع العاملين في الساحة السياسية والإدارة العامة للبلاد أن يتذكروه دوماً، كل الناس وانتم أيها الأعزاء التعبويون الفعّالون في ميدان التعبئة- على الجميع أن يتذكروا هذا الأمر دوماً.

النظام الاسلامي مسالم للشعوب

حسنٌ، أن نقول بأننا نريد أن نتحرّك، نتقدّم ونسير للأمام، هل يعني هذا الدعوة للحرب من قبل النظام الإسلامي؟ وهل يعني بأنّ النظام الإسلامي لديه نيّة الصدام [التحدي] مع جميع الشعوب ومع كل دول العالم؟ حيث يُسمع هذا الكلام أحياناً من أعداء الشعب الإيراني ومن جملتهم [ما يصدر] من الفم النجس لكلب المنطقة المسعور في النظام الصهيوني، حيث يزايدون بأنّ إيران هي تهديد لكل العالم، كلا، هذا كلام العدو وهو النقطة المقابلة تماماً للمنهج الإسلامي نقطة تهديد كل العالم إنما هي قوى الشر والعدوانية والتي لم تُظهر إلاّ الشر، ومن جملتها ذلك النظام المزوّر لإسرائيل وبعض داعميه. لقد تعلّم النظام الإسلامي درساً من القرآن، الدرس الذي تعلّمه من نبي الإسلام ومن أمير المؤمنين، إنه درس آخر [وليس التهديد المزعوم]: "إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان" العدالة والإحسان وفعل الخير. قال أمير المؤمنين بأنه يجب أن نحسن للجميع فهم "إمّا أخ لك في دينك أو شبيه لك في خلقك" فهو إما أخ إسلامي أو انه إنسان، هذا هو منطق الإسلام. إننا نريد أن نخدم جميع الناس وان نمنحهم المحبة، إننا نريد إقامة علاقات صداقة ومحبة مع كل الناس الشعوب، لا عداء لنا أبداً حتى مع الشعب الأميركي- مع ان الحكومة الأمريكية حكومة مستكبرة ومعادية وسيئة وحاقدة على الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية -، هو مثل بقيّة الشعوب، وإنّ النقطة المقابلة لنظام الجمهورية الإسلامية هي الاستكبار.

النظام الاسلامي مواجه شديد للاستكبار

إن جهة خصومة النظام الإسلامي مع النظام الإستكباري، هي إننا نخالف الإستكبار، نحن نحارب الإستكبار. الاستكبار هو مصطلح قرآني استخدم في القرآن لأمثال فرعون والمجموعات الشريرة والمعادية للحق والحقيقة. لقد كان الاستكبار موجوداً في جميع العصور وحتى اليوم، وإن هيكل الاستكبار هو واحد في كل العصور وحتى اليوم، بالطبع فإن الأساليب والخصوصيات والطرق تختلف من زمانٍ إلى آخر. فاليوم هناك نظام إستكباري أيضاً، ورأس الاستكبار في العالم حكومة الولايات المتحدة. علينا أن نعرف الاستكبار وأن نعرف خصوصياته وأسلوب عمله وتوجهاته كي نحدد اسلوب عملنا في مقابله بشكل حكيم.

نحن نخالف المواجهة غير الحكيمة في جميع المجالات، إننا نعتقد بأنّ علينا العمل بدراية وحكمة في جميع الميادين وجميع مجالات التخطيط والبرمجة والتوجهات الفردية والجمعية. إن لم نفهم الساحة ولم نعرف الصديق ولا العدو، إن لم نعرف اليوم نظام الهيمنة والاستكبار، فكيف يمكننا أن نتحرك بحكمة ودراية؟ كيف يمكننا أن نخطط بشكل سليم؟ لذا فإن علينا أن نعرف [كل هذه العوامل].

مؤشرات الاستكبار:

ما سأطرحه حول الاستكبار، عدّة نماذج أو شواخص من تصرفات النظام الاستكباري في العالم المعاصرـ وهو كذلك مشترك مع الكثير من المسائل التي حدثت في القرون الماضية من قبل الاستكبار القديم.

1- خاصية: "رؤية النفس أفضل من الأخرين"، وحق التدخل.
إحدى خصوصيات النظام الاستكباري "رؤية النفس أفضل من الأخرين". المجموعات الاستكبارية- أولئك الأشخاص الذين هم إمّا على رأس بلدٍ ما او على رأس نظام عالمي أو مجموعة من البلدان التي تهيمن على القرار- عندما ترى بأنها افضل من باقي الناس وباقي المجموعات، عندما تعتبر نفسها محوراً وأنّ كلّ ما سواها هو فرع لأصلها، تظهر معادلة خاطئة وخطيرة في العلاقات العالمية، فعندما يرى احد أنه الأفضل وأنه هو المحور والأصل فإن النتيجة ستكون بأن يرى لنفسه الحقَّ في التدخل في شؤون باقي الناس وسائر الشعوب - فما يعتبره قيمة، يجب على الجميع في العالم أن يسلّموا به ويقبلوه ويحنوا له الرقاب. وإذا اعتبر شيئاً ما قيمة ولم يقبله الآخرون فإن هذا يعطيه حقّاً بالتدخل في شؤونهم، بأن يفرضه عليهم وأن يضغط عليهم ويلزمهم ما يريد بالقوة. رؤية النفس أفضل من الآخرين يبعث على الادعاء بتولّي أمور الشعوب وادعاء إدارة العالم. فهو يرى بأنه رئيس لكل العالم. إنكم تسمعون كلام المسؤولين الأمريكيين والذين يتحدثون عن الحكومة الأمريكية وكأنها مالكة زمام جميع البلدان، [يقولون] لا يمكن أن نسمح بهذا العمل، لا يمكن أن ندع الشخص الفلاني [يبقى في الحكم أو لا يبق]! يتحدثون حول منطقتنا بشكل يوحي بأنهم أصحاب هذه المنطقة، يتحدثون عن النظام الصهيوني وكأن شعوب هذه المنطقة مضطرة إلى القبول والاعتراف بهذا النظام المزوّر والمفروض، يتعاملون مع الشعوب المستقلّة وكأنها لاحق لها بالحياة، إن رؤية النفس أفضل من الآخرين واعتبارها ذات مقام خاص بين مجموعات بني آدم والشعوب والبشر، هي أساس وأكبر مشكلة لدى الإستكبار.

2- خاصية: عدم قبول الحق
ونتيجة لهذا، تتفرّع خصوصيّة وشاخص آخر للاستكبار وهو عدم قبول الحق، لا يقبل كلام الحق ولا حق الشعوب، رفض مطلق للحق. لطالما حدث هذا في المفاوضات والمباحثات العالمية، حيث كان يطرح كلام حق لكن أمريكا لم تكن تقبله لسبب من الأسباب، فكانت تواجهه بالأساليب المختلفة ولا ترضخ للحق أبداً. أحد أمثلة هذا، المسائل المتعلقة بالأنشطة النوويّة والصناعات النووية، يوجد كلام حق، فإذا كان الإنسان من أهل الحق وأصحاب الاستدلال والمنطق، فإن عليه التسليم مقابل الاستدلال، لكن الاستكبار لا يقبل، يسمع الحق ولكنه لا يرضخ له، هذه هي إحدى خصوصياته، كذلك [هو] لا يقبل بأنّ للشعوب حقوقاً، لها حق أن تختار وتنتخب من تريد وما تريد من حركة أو توجّه اقتصادي أو اتخاذ الموقف السياسي الذي تريده. لا يقرّ الاستكبار بهذا للشعوب بل يعتقد بالفرض عليها.

3- خاصية: اعتبار الجرائم مسموحا بها
من شواخص الاستعمار والاستكبار الأخرى، اعتبار الجرائم مجازةً ومسموحاً بها ضد الشعوب والأفراد واللامبالاة تجاهها. وهذه إحدى الجنايات الكبرى للاستكبار في العصر الجديد، العصر الجديد، أي عصر تطوّر العلم، واختراع الأسلحة الخطيرة والتي عندما امتلكها المستكبرون صارت سبباً للقضاء على أرواح الشعوب الأخرى في العالم.

نماذج من جرائم الاستكبار

- رؤية الاستكبار: لا قيمة لروح الانسان:
هم لا يرون أي قيمة لروح الإنسان- أي إنسان ليس معهم ويتبعهم ولا يسلّم لهم- والأمثلة على هذا كثيرة وإلى ما شاء الله! أحد الأمثلة هو تعامل المستكبرين مع السكان الأصليين لأمريكا، ذلك البلد الذي يسيطر فيه اليوم شعب غير شعبه الأصلي على موارده المالية وإمكاناته وموقعه الجغرافي وعلى كل ما فيه.

- صيد البشر واسترقاقهم، سكان أمريكا واستراليا الأصليون
حسنّ، لقد كان هناك شعب محلّي أصيل، كان التعامل معه عنيفا ووحشيا وباعثا على الاشمئزاز بحيث أصبح واحدة من النقاط السوداء في تاريخ أمريكا الجديدة، هم أنفسهم كتبوا أشياء حول هذه المسألة، حول المجازر التي ارتكبوها والضغوط التي مارسوها. والأمر نفسه حصل في أستراليا على يد الإنكليز، لقد كان الإنكليز في أستراليا يقومون بصيد السكان المحليين الأصليين تماماً كحيوانات الكانغورو " للتسلية والترفيه!، لا يوجد لديهم أي قيمة لحياة الإنسان. هذا نموذج وحسب، ويوجد مئات الأمثلة التي ذُكرت في كتبهم وفي تدوين تاريخهم.

- استخدام القبلة النووية
نموذج آخر هو قصف الأمريكيين لمدينتين يابانيتين بالقنابل النووية في العام 1945 م حيث دمروهما وأبادوهما بالكامل، قُتل مئات الآلاف، وأضعاف مضاعفة قد أصيبت بالتشوهات والعاهات وولادة الأطفال المعوقين والمصابين بأمراض مختلفة منذ ذلك الوقت وحتى الآن ولا تزال معاناتهم مستمرة، لا يوجد أي استدلال صحيح لهذا العمل أبداً، وسأشير فيما بعد إلى هذه المسألة، ألقوا القنبلة النووية بكل سهولة وبساطة! لقد تم استخدام القنابل النووية لمرتين حتى الآن في العالم. وفي المرتين على يد الامريكيين الذين يعتبرون أنفسهم اليوم مسؤولي[مدراء] القضية النووية في العالم! يرغبون من أعماق قلوبهم بأن يتمّ نسيان هذه القضية، ولكنها غير قابلة للنسيان. كل هذه الضحايا التي فقدت أرواحها لا قيمة لها عندهم، روح الإنسان تصبح بلا قيمة. ويصبح ارتكاب الجريمة سهلاً عند الأجهزة الاستكبارية. ارتكبوا المجازر في "فيتنام" وكذلك فعلت الأجهزة الأمنية والشركات الأمنية والعميلة لهم مثل "بلاك واتر" - والتي أشرت لها في ذلك العام-.

- قتل الابرياء بالطائرات، وتعذيب المسجونين
وفي الباكستان لا تزال الطائرات دون طيار ترتكب المجازر، وفي أفغانستان يقصفون ويقتلون، حيثما تصل أيديهم وتقضي مصالحهم لا يأبون ارتكاب الجرائم، جرائم قتل، جرائم تعذيب، معتقل غوانتانامو الأمريكي لا يزال يعجّ بالمعتقلين منذ أكثر من عشر سنوات ما زالوا يحتجزون عدد من الأشخاص الذين تمّ خطفهم لاتهامات مختلفة من أماكن متعددة في العالم وسجنهم هناك دون محاكمة وفي ظروف قاسية جداً وتعذيب مستمر! في العراق كان سجن ابو غريب واحداً من السجون الأمريكية، كانوا يطلقون الكلاب على المعتقلين ويقومون بتعذيبهم.

- نهب الموارد الحيوية مباح وسهل
نهب الموارد الحيوية للشعوب بالنسبة لهم سهل. خطف واسر البشر من ذوي الشرة السوداء، من الأحداث المبكية في التاريخ والتي لا يودّ نظام الهيمنة في أمريكا وأمثالها أن يتم احياؤها وذكرها. [ومنها على سبيل المثال] مسألة خطف العبيد من الرجال والنساء من أفريقيا، كانوا يُحضرون السفن من المحيط الأطلسي ويرسونها على سواحل بلدان غرب إفريقيا مثل غامبيا وغيرها، ثم ينزلون بنادقهم وأسلحتهم، التي لم يكن يمتلكها الناس هناك في تلك الأيام، يخطفون المئات والآلاف من الشيوخ والشباب والرجال والنساء وينقلونهم في هذه السفن تحت ظروف صعبة جداً للاستعباد في أمريكا. ذلك الإنسان الحر الذي كان يعيش في بيته ومدينته صار أسيراً لديهم، السود الذين يعيشون الآن في أمريكا هم من نسل أولئك [الأفارقة]. استمرت هذه الضغوط العجيبة من الأمريكيين لعدة قرون وهناك كُتب ألّفت [في هذا المجال]، كتاب "الجذور" هذا هو كتاب جيد ومناسب لإظهار بعض جوانب هذه الفجائع. كيف يمكن للإنسان المعاصر أن ينسى هذه الأمور؟ ومع هذا كله لا يزال يوجد حتى الآن تميز بين البيض والسود في أمريكا.

4- خاصية: السلوك المنافق والمخادع
إحدى خصوصيات الاستكبار والتي هي من الشواخص المميزة له. الخداع والسلوك المنافق، انتبهوا إلى هذا. تلك الجرائم التي ذُكرت يسعون في اعلامهم إلى تبريرها وأن يُلبسون الجريمة لباس الخدمة! هذا النظام الاستكباري الذي يريد السيطرة على الشعوب، يستخدم هذا الأسلوب بشكل عادي ورائج في جميع أبعاد حياته، أسلوب تبرير الجريمة وإلباسها لباس الخدمة.

من أوجه الخداع:

- قتل الناس لوقف الحرب: هيروشيما وناكازاكي
في ذلك الهجوم على اليابان والقنبلتين اللتين دمّرتا "هيروشيما" و "ناكازاكي" يعتذر الأمريكيون ويقولون صحيح اننا ألقينا القنبلتين على هاتين المدينتين وقٌتل عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف على الفور ولكن هذا العمل هو ثمن إنهاء الحرب العالمية الثانية ولو لم نقم نحن الأمريكيون بإلقاء القنبلتين لكانت الحرب قد استمرت، فلئن قتل مئتي ألف إنسان، فهذا أفضل من قتل مليونين [في حال استمرار الحرب]، وعليه فإننا قد قمنا بخدمة والقينا القنابل النووية! أنظروا إلى هذا الكلام الذين يقوله الأمريكيون في إعلامهم الرسمي. والآن بعد مضى حوالي 65 سنة لا زالوا يكررون هذا الكلام دائماً وهذا من الكلام المخادع والمنافق ومن الأكاذيب العجيبة والغريبة والتي لا تصدر إلا عن الأجهزة الاستكبارية. لقد ألقيت هذه القنابل وانفجرت في هاتين المدينتين. في صيف العام 1945م وقعت هذه الجريمة، والحال أنه قبل اربعة أشهر- في اوائل ربيع 1945- كان هتلر وهو الركن الأصلي للحرب قد انتحر وتم اعتقال موسوليني- رئيس جمهورية إيطاليا- وهو الركن الثاني للحرب قبلها بيومين وكانت الحرب قد انتهت عملياً، حيث أن الياباني، الركن الثالث للحرب قد اعلنت قبل شهرين عن استعدادها للاستسلام. لك يكن هناك حرب ولكن تمّ تفجير هاتين القنبلتين لماذا؟ لأن السلاح النووي كان قد صنع وكان يجب أن يُجرب في مكان ما، صنعوا أسلحة وعليهم اختبارها. أين يجرّبوها؟ الفرصة الأفضل هي التذرّع بالحرب وإلقاء هاتين القنبلتين على رؤوس الناس الأبرياء في هيروشيما وناكزاكي ليعرف الأمريكيونهل يعمل هذا السلاح النووي بشكل صحيح او لا! إنه الوجه المخادع.

- ضرب الكيماوي واسقاط طائرة(300مسافر)
يدّعون بانهم من انصار البشرية [الإنسانية] يطلقون الصواريخ على طائرة ركاب مدنية إيرانية، يقتلون حوالي ثلاثمئة مسافر بريء. لا يعتذرون، ليس هذا فحسب وإنما يقدّمون ميدالية لذلك الشخص الذي ارتكب تلك الجريمة! في الأسابيع الأخيرة سمعتم كيف أن الأمريكيين -من رئيس جمهوريتهم إلى باقي المسؤولين- قد افتعلوا أزمة حول استخدام السلاح الكيمائي. أنا لا اقوم بالحكم في المسألة من الذي استخدمه، وإن كانت القرائن تشير إلى أن المجموعات الإرهابية قد استخدمت هذا السلاح. ولكنهم [الأمريكيون] قالوا بأن الحكومة السورية قد قامت بذلك، واحدثوا ضجيجاً وتهويلاً بأن استعمال السلاح الكيميائي هو خط احمر! لقد قال المسؤولون الأمريكيون هذا عشر مرات أو أكثر، صحيح! ولكن هذه الحكومة الأمريكية ونظام الولايات المتحدة نفسه، حين استخدم "صدام" السلاح الكيميائي في حملاته الإجرامية على إيران، ليس فقط انهم لم يقوموا بأدنى اعتراض على ذلك، بل زوّدوهم بخمسمائة طن من المواد الكيميائية الجاهزة للتبديل بغاز الخردل- حتى الآن لا يزال الكثير من شبابنا العزيز الذين أصيبوا في تلك الأيام يعانون من عوارضها ويتحمّلون الأمراض لسنوات متمادية- لقد استوردها صدام من أمريكا التي كانت تدعمه وتساعده، وبالطبع لقد اشترى هكذا أسلحة من أماكن أخرى، ولكن خمسمائة طن من المواد الكيميائية المنتجة لغاز الخردل قد استخدمها، وحين أرادوا إصدار قرار ضده في مجلس الأمن منعتهم أمريكا ذلك. هذا هو السلوك المنافق، هنا يصبح السلام الكيميائي في خط أحمر، وهناك - حيث يستعمل ضد نظام إسلامي مستقلّ، ولأنه في مقابل شعب لا يرضى الخضوع لأمريكا يُصبح أمراً جائزاً وينبغي المساعدة عليه! هذا بعض من الخصوصيات والشواخص، وبالطبع إن شواخص الاستكبار أكثر من هذا بكثير. حيث يثير الحروب ويزرع الفتن ويصارع الدول المستقلة، بل أنه يصارع حتى شعبه إذا اختصّت مصالح فئة خاصة ذلك، في حرب صدّام ضد إيران ساعدوه في انواع الدعم الممكن، طرحت مثال الكيميائي، كذلك كانوا يُقدّمون له المعلومات، مدير المخابرات في نظام صدّام صرّح فيما بعد خلال مقابلة بانه كان يذهب للسفارة الأمريكية في بغداد ثلاثة مرات في الأسبوع حيث كانوا يعطونه رزمة مغلقة تحوي كل المعلومات الاستخبارية المصوّرة بالأقمار الاصطناعية المتعلّقة بحركة نقل ومواصلات القوات المسلحة الإيرانية للاطلاع على تموضعها كانوا يقدّمون مساعدات كهذه.

هيكل الاستكبار مزمن

النظام الإسلامي يقف في مواجهة استكبارٍ لديه هكذا خصوصيات، النظام الإسلامي ليس في مقابل الشعوب والناس بل في مقابل الاستكبار. وهكذا كان الوضع من زمان إبراهيم الخليل والنبي نوح والأنبياء العظام ونبي الإسلام وحتى يومنا هذا: جبهة الحق في مقابل الاستكبار. لماذا؟ ما هي طبيعة المواجهة اليوم بين النظام الإسلامي والاستكبار؟

إن الاستكبار بما لديه من الخصوصيات التي ذكرناها غير قادر على تحمّل نظام إسلامي كنظام الجمهورية الإسلامية في إيران. لأن نظام الجمهورية الإسلاميّة قد وُجد في الأصل كاعتراض على الاستكبار، انطلقت الثورة لتعارض الاستكبار وعملاء الاستكبار في إيران وتشكلت على هذا الأساس، نمت وترعرعت وقويت وتحدّت منطق الاستكبار. لا يمكن للاستكبار أن يتحمّل هذا، إلاّ حين يُصيبه اليأس، على الشعب الإيراني والشباب الفعال والحركيين ولأولئك الذين يؤمنون بوطنهم وترابه لأي سبب من الأسباب ولو كان توجههم غير إسلامي، عليهم أن يوجدوا اليأس عند العدو، يجب إدخال اليأس على [قلب] العدو.

سبب العداء: استقلالية ايران

من الصعب جداً على الجهاز الاستكباري وعلى حكومة الولايات الأمريكية المتحدة اليوم أن ترى أنه في هذه المنطقة الحساسة من العالم، في غرب آسيا- والتي هي من أكثر المناطق حساسية في العالم سواء من البعد السياسي أو البعد الاقتصادي، الأحداث هنا تؤثر على كل العالم- يوجد بلد ونظام وشعب قد نهض ولا يعتبر نفسه مرتبطاً ولا تابعاً لهذه القوّة العظمى - حيث يعتبر الاستكبار نفسه قوّة خالدة- يتحرك [النظام] باستقلالية ويخالف الاستكبار بهذا الشكل، ويتمكّن من تجاوز كل هذه المشكلات والصعوبات وكما اعترفوا هم أنفسهم أن (هذا النظام الإسلامي) قد تحدّى النفوذ الأمريكي في هذه المنطقة ووّسع نفوذه وأطلّ كنموذج وقدوة لشعوب المنطقة، إن تحمّل هذا الأمر صعب جداً عليهم.

إنهم يريدون أن يقولوا بأنّ حياة الشعوب تتوقف على كونها تعتمد على أمريكا، والآن قد نهض شعب ليس فقط لا يعتمد على أمريكا، بل أن كل عداوات أمريكا له لم تستطيع أن تؤثر عليه، كل ما أقدمت عليه أمريكا ومنذ الأيام الأولى [الانتصار والثورة] قد فعلته ولكنها لم تؤثر، يوماً بعد يوم نما وأصبح أقوي أكثر فأكثر.

العداوات التي أظهرت حكومة الولايات الأمريكية المتحدة ورؤساء جمهوريتها المختلفون ضد النظام الإسلامي - لا يزعمن أحد بأن هذا العمل كان في عهد الرئيس الفلاني والآن لم يعد يحصل في العهد الحالي، كلا، جميعهم متشابهون- ومنذ الأيام الأولى للثورة كانت في عهود رؤساء جمهورية أمريكيين مختلفين ولكنهم من النوع نفسه. في البداية حرّضوا القوميات في داخل البلاد، ومن ثمّ حضروا انقلابا على الثورة، بعدها فرضوا على العراق أن يهجم علينا، ثمّ ساعدوا عدوّنا - الذي كان نظام صدام- في الحرب علينا ثم رفعوا راية العقوبات والحظر، ومن ثم أثاروا كل وسائل الإعلام العالمية للوقوف في مواجهة النظام الإسلامي، وقد حصل هذا في عهود رؤساء مختلفين ولا يزال يحصل حالياً. في عهد رئيس الجمهورية أمريكا الحالي، اثناء فتنة 1388هـ [2009م] كانت إحدى شبكات التواصل الاجتماعي3 - التي كان يمكنها أن تستخدم لمصلحة الفتنة والمفتنين- بحاجة إلى صيانة، طلبت الحكومة الأمريكية منها أن تؤجّل عملية الصيانة على أمل أن يستطيعوا، من خلال هذه الأعمال الإعلاميّة وشبكات "فيس بوك" و"تويتر" وأمثالها، أن يُسقطوا النظام الإسلامي، إنها أوهام ساذجة حمقاء! لذلك لم يسمحوا لهذه الشبكة بأن تقوم بأعمال الصيانة والتجديد خلال تلك الفترة، لقد جنّدوا كل الوسائل والأدوات للوقوف في مقابل نظام الجمهورية الإسلامية، فالخطر والعقوبات هي من هذا النوع ايضاً، وإن الخطر واحدة من هذه الأدوات والتي يعتقدون بأنها ستُلحق الهزيمة بنظام الجمهورية الإسلامية. إن خطأهم هو أنهم لم يعرفوا الشعب الإيراني، هؤلاء لم يتعرّفوا على عامل الإيمان والانسجام لدى شعبنا، وإن خطأهم هو أنهم لم يتعلّموا أي درس من زلاتهم وأخطائهم السابقة، لذلك كانوا يأملون أن يُركعوا هذا الشعب بواسطة الحظر والضغط وما شابه، هيهات! لدى الجمهورية الاسلامية تجربة مستمرة طوال 35 سنة تقول إن اقتدار الشعب وصموده هو العامل الوحيد لإبعاد الإزعاج الذي يسببه العدو، هذا هو العامل الوحيد الذي يمكنه أن يدفع العدو للتراجع. وبالطبع فإن العدو هو عدوّ! ويستخدم جميع الأدوات، كما ذكرت قد يستخدم الخطر وقد استخدمه سابقاً. إن علينا أن نعرف ما هو الطريق الذي يوصلنا إلى الهدف.

تشكيلات التعبئة: شريان حيوي للنظام

سأذكر بضع كلمات حول التعبئة، ثم سأشير باختصار إلى نقطة حول المسائل الحالية لسياستنا الخارجية. إن التعبئة- وكما قلت- هي مصدر عزةٍ للبلاد والنظام. لماذا؟ لأن معنى التعبئة هو الحضور وسط الناس في مجالات النشاطات الأساسية للشعب والبلاد. إن كل حكومة وكل بلد يكون فيها الشعب حاضراً ويتحرك نحو جهة محددة فانتصارها سيكون حتمياً. هذا أمر مسلّم. تتعرض البلدان للضربات والهزائم حين لا يكون الشعب حاضراً في الميدان وحينما لا يكون الشعب متحدا في [ميدان] العمل. حيثما يتواجد الشعب في الميدان ويوجد اتحاد وانسجام بين أفراد الشعب فإن الانتصار والتقدّم حتميان. التعبئة هي نموذج كهذا، هي مظهر من هذا الحضور الشعبي في الميدان وتلاحم الشعوب فيما بينها، ينبغي النظر إلى التعبئة بهذه الرؤية. بالنسبة للصدق- الذي ذكرته في مطلع كلامي- فإنّ التعبئة قد أدّت امتحان الصدق، في الحرب المفروضة في الدفاع المقدّس الذي كان الزمن الصعب للبلاد. وقد نجحت في امتحان الصدق في كل الأماكن أثبتت منظمة التعبئة ومجموعة التعبئة بأنها تتحلى بالصدق. وبالطبع فإن رأينا بأن التعبئة غير محصورة بهذا العدد المنتسب لمنظمة التعبئة، يوجد الكثير من الأشخاص ممن قلوبهم معكم، يشجعونكم ويؤيدونكم ويكنّون الاحترام والتقدير لكم وهم ليسوا داخل منظمة التعبئة، فإنهم من التعبئة أيضاً. أولئك الذين يعتقدون بقيمكم ويحترمونكم، يحترمون جهودكم وخدماتكم وجهادكم، هم برأينا من التعبئة أيضاً.

التعبئة حلالة للمشاكل والعقد

الحضور في الميدان هو من أهم الأعمال، قدرات التعبئة هي قدرات حلاّلة للمشاكل وللعُقد. اليوم ولحسن الحظ، يوجد داخل مجموعة التعبئة شخصيات علمية بارزة، شخصيات فنية بارزة، شخصيات اجتماعية، شخصيات سياسية، ناشطون اجتماعيون، أفراد مؤثّرون في اوساط الناس، هم كُثر وليسوا قلّة، لقد كانت التعبئة وحتى اليوم مجموعة إنسانية تتجه نحو الرشد والتسامي، وينبغي أن تستمر هكذا أيضاً.

مستلزمات التعبئة: السلوكية والاخلاقية

ما أوصي به أنا العبد لله بانه يجب تقوية مجموعة التعبئة ورفع مستواها، ولهذا مستلزمات:4

مستلزمات أخلاقية وسلوكية وعملية. المستلزمات الأخلاقية تعني أن نربّي الأخلاقيات الإسلامية الحسنة في داخلنا، من جملة هذه الأخلاقيات الصبر، ومنه العفو وكذلك الحلم وسعة الصدر والتحمّل، من جملتها التواضع، فلنقوّ هذه الخصوصيات في داخلنا. المستلزمات السلوكية هي أن نمارس هذه الأخلاقيات الحسنة عملياً مع الناس ومع المحيط والمجتمع والآخرين. كان الإمام الصادق(عليه السلام) يوصي أصحابه بأن يتصرّفوا مع الناس بحيث يقول كل من يراهم هؤلاء أنصار الإمام الصادق(عليه السلام) ويترحموا على الإمام فيكون الأصحاب مبعثاً للتعلق والإعجاب بالإمام.

إن سلوككم أيها الأعزاء التعبويين، فرداً فرداً، أنتم أيها الشباب وأيها الطاهرون، اصحاب القلوب الصافية والمنيرة، ينبغي أن يكون سلوك كل واحد منكم مع الناس- وكما ذكرت لكم فإن الكثير منهم هم تعبئة بالمعنى الحقيقي للكلمة- بشكل يقول الآخرون عنده: هؤلاء هم الذين ربّاهم النظام الإسلامي، مصدر لجذب المحبّة والاحترام للنظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية. هذه المستلزمات العملية والجهادية والاجتماعية هي اعمال يجب ان تُنجز، أي تقوية الخصال الحسنة في انفسنا، التعامل الحنون والخدوم المحبب مع المحيط، العمل الجدّي في جميع الجبهات- جبهة العلم وكذلك جبهة الأنشطة والخدمات للناس، وجبهة العمل وجبهة السياسة وجبهة الإنتاج- حيثما كان لكم حضور فلنعمل بشكل جدّي دون إحساس بالتعب ومع تجنّب الكسل.

هذا الجمع العظيم- عشرات آلاف القادة ممن اجتمعتم اليوم هنا- باستطاعته ان يحرّك البلاد بالمعنى الحقيقي للكلمة في جميع الجهات الإيجابية وان يكون مصدراً للاستقرار والثبات وعاملاً لهيبة النظام والحمد لله هو كذلك.إن التعبئة اليوم هي مصدر لهيبة النظام وافتخاره.

دعم الحكومة والمسؤولين، ورعاية الخطوط الحمر

هناك نقطة أذكرها أيضاً فيما يتعلق بالمسائل الأخيرة وهذه المناقشات في ساحة السياسة الخارجية والمسائل النووية والحوار والمفاوضات وما شابه. أولاً أنا العبد أؤكد على دعم المسؤولين الملقى على عاتقهم الأعمال التنفيذية، لقد دعمت جميع الحكومات، إنني أدعم المسؤولين- المسؤولين في الداخل وفي الخارج- وهذا هو واجبنا. لقد كنت شخصياً مسؤولاً تنفيذياً، كنت وسط الميدان، أحسست بثقل العمل وصعوبته بكل وجودي، وأعرف أن عمل إدارة البلاد هو عمل صعب لذلك فهم [المسؤولون التنفيذيون في الحكومة]بحاجة إلى المساعدة، وانا كذلك أساعدهم وأدعمهم. هذا جانب من القضية وهو حتمي. من الجانب الآخر أؤكد على إحقاق حقوق الشعب الإيراني ومن جملتها الحقوق النووية، إننا نصرّ بأن لا تراجع عن حقوق الشعب الإيراني ولو بمقدار خطوة واحدة، بالطبع فنحن لا نتدخّل في تفاصيل هذه المفاوضات، يوجد خطوط حمراء، هناك حدود ويجب أن تُراعى، لقد قلنا هذا للمسؤولين وواجبهم أن يُراعوا هذه الحدود، وأن لا يكون لديهم أي وهم ورهبة من تهويلات العداء والمخالفين ولا يسمحوا للخوف بأن يتسلل إلى أنفسهم.

الحظر= الحقد الاستكباري لأمريكا

على الجميع أن يعلموا بأن الخطر الذي فُرض على الشعب الإيراني، سببه الرئيسي هو الحقد الاستكباري لأمريكا، إن حقد أمريكا يشبه حقد الجمل. إنهم يفترضون بأن ضغوطهم قد تجعل الشعب الإيراني يستسلم، إنهم مخطئون، لن يستسلم الشعب الإيراني لأحد. أنتم لا تعرفوا هذا الشعب، إنه شعب قادر بحول الله وقوته أن يتحمّل ضغوطكم وتهديداتكم وأن يبدلها إلى فرصة له وهذا ما سيفعله الشعب الإيراني بتوفيق من الله. كان لدينا في المجال التخطيط الاقتصادي والبرمجة الاقتصادية نقاط ضعف. وهذه النقاط سمحت للعدو بأن يشعر بأنه يستطيع النفوذ من خلال الحظر والعقوبات وما شابه، هذه فرصة لنا كي نتعرّف على نقاط ضعفنا ونزيلها وإن شاء الله سنزيل نقاط الضعف هذه.

فشل الحظر ولّد التهديد العسكري

ولذلك فإن الخطر ليس فعالاً [مفيداً] بالنسبة لأمريكا، وأنا أظن أنهم يعلمون هذا. والدليل على قولنا، بأنهم يعلمون بأن الخطر والعقوبات ليست فعالة، أنهم يلوّحون بالتهديد العسكري. حسنٌ، إن كان الخطر يحقق هدفكم، فلماذا تهددون عسكرياً؟ هذا يدل على ان العقوبات لا تحقق هدفهم ولا تفيدهم، وبالتالي فهم مضطرون أن يطلقوا التهديدات العسكرية وبالطبع فإن تهديداتهم هي عمل باعث على الاشمئزاز والمزيد من الكراهية لهم، يهدّدون وبشكل متتالي، فليذهب رئيس جمهوريتهم، او لمسؤول الفلاني والناطق الفلاني، عوضا عن إطلاق التهديد والوعيد وليصلحوا اقتصادهم المنهار، اذهبوا وقوموا بعمل لا تضطر حكومتكم معه إلى التعطيل لأكثر من أسبوعين، إذهبوا وسدّدوا ديونكم، فكّروا بطريقة لتنظيم عملكم الاقتصادي.

نحن أصدقاء مسالمون للشعوب

فليعلموا - كما قلنا سابقاً- إن الشعب الإيراني هو مع كل شعوب الدنيا "إمّا أخاً لك في دينك أو شبيه لك في خلقك" ويحترم الآخرين، لكن تعامل الشعب الإيراني مع المعتدي سيجعله يندم، سيوجه للمعتدي صفعة لن ينساها أبداً5. هم يعتبرون انفسهم ملزمين، أمام النظام الصهيوني وشركاتهم الرأسمالية الصهيونية، بأن يطلقوا بعض الكلمات بين حين وآخر، أن ينطقوا بأمور هي مصدر وهنٍ وذِلّة لهم أيضاً. إن النظام الصهيوني في الحقيقة نظام أسسه متزلزلة جداً، النظام الصهيوني محكوم بالزوال، النظام الصهيوني هو نظام تمّ فرضه وإيجاده بالقوّة، لا يوجد ظاهرة أو موجود يمكن أن يستمر ويبقى إذا فُرض بالقوة وهذا النظام ليس قابلاً للبقاء.

ذلة فرنسا أمام الصهاينة

إنّ دفاع بعض الأشخاص، الذين هم مدينون بشكل أو بآخر للشركات الرأسمالية الصهيونية، عن هذا النظام الصهيوني المشؤوم، إنما هو إراقة لماء وجوههم. بعض الأوروبيين الذين يتملّقون وللأسف، يذهبون ليتملّقوا أمام هذه الموجودات التي لا يليق بها حتى اسم الإنسان- زعماء النظام الصهيوني في الحقيقة هم مثل الوحوش ولا يمكن إطلاق اسم الإنسان عليهم- إن هؤلاء [الأوروبيين] يحقّرون أنفسهم ويهينون شعوبهم. في أوروبا وفي يوم من الأيام، كان لشعب فرنسا اعتبار لأن رئيس جمهوريتها في ذلك الزمن قد رفض انضمام انكلترا إلى السوق الأوروبية المشتركة بسبب تبعية انكلترا لأمريكا. صار هذا مصدر اعتبار لفرنسا. لقد زادت قيمة حكومة فرنسا حينها لأنها وقفت في مقبل أمريكا ولم تسمح لإنكلترا - التي كانت تابعة لأمريكا- بالانضمام للسوق الأوروبية المشتركة، إنّ قيمة واعتبار شعب ما يتحقّق من خلال هكذا مواقف. والآن فإن مسؤولي ذاك البلد لا يخضعون فقط لأمريكا بل انهم يذهبون لتحقير أنفسهم وإهانتها أمام الصهاينة الأنجاس المناحيس. إنّ هذا مظهر لهوان الشعب الفرنسي وبالطبع فإنّ عليه أن يعالج الأمر.

يا شباب اليوم، المستقبل بأيديكم

هناك جملةٌ أقولها لكم ايها الشباب الأعزاء:

أيها الشباب! اعلموا، دون أي تردّد بأن المستقبل المنير والمؤمل لهذا البلد وهذا النظام متعلّق بكم، سوف تتمكنون من الوصول ببلدكم وشعبكم إلى ذروة الافتخار، ستبنون، بتوفيق إلهي، نموذجاً ومثالاً كاملاً للحضارة الإسلاميّة الجديدة على أرض هذه البلاد ومائها، ولكي تُنجزوا هذه الواجبات الكبرى ينبغي أن تنشروا فيما بينكم الدين والتقوى والعفة والطهارة الروحيّة أكثر فأكثر وأن تقووا هذا التوجّه.

إنّ شباب اليوم يحتاج إلى الدين والتقوى والعلم ونشاط العمل والأمانة والعفّة وكذلك إلى تقديم الخدمات الإجتماعيّة وممارسة الرياضة، هذه خصوصيات يحتاجها الشباب المعاصر وإن شاء الله ستوفّقون يا أعزائي التعبويين للقيام بهذا العمل.

اللهم ! بمحمدٍ وآل محمد بركاتك على هذا الجمع وعلى كل التعبويين.
اللهم! سدّد الشعب الإيراني للوصول إلى قمم الشموخ يوماً بعد يوم.
اللهم! بمحمدٍ وآل محمد أرضِ الروح المطهّرة للإمام عنا وعن هذا الجمع.
اللهم! بمحمدٍ وآل محمد أرضِ القلب المقدّس لول العصر عنا وعجّل في فرج ذلك العظيم.
اجعلنا من أنصاره والمجاهدين معه والمستشهدين بين يديه

والسلام عليكم ورحمة وبركاته


1- "أسبوع التعبئة : إحدى المناسبات التي يتم إحياؤها سنويا من خلال الانشطة والأعمال المختلفة ومن ضمنها اللقاء السنوي بالقائد الأعلى الإمام الخامنئي , حيث كان لقاء هذه السنة استثنائيا واقيمت مراسم غير عادية ؛ إذ احتشد اكثر من خمسين ألف قائد تعبوي في مصلى الامام الخميني والمساحات المحيطة به, واستغرقت كلمة القائد ساعة وعشرين دقيقة.
* التعبئة أحد التشكيلات الواسعة في الجمهورية الاسلامية والتي له امتداداتها في كل الميادين والقطاعات ولا يقتصر نشاطه على العمل الدفاعي والعسكري- حيث كان بارزا إبان الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية - إنما في مختلف الساحات التي تستدعي وجود العمل التطوعي, والمبادرة الفردية والاقدام وتقديم العون؛ الهدف من وجوده رفد مؤسسات المجتمع والدولة بالطاقات الواعية والمجاهدة في مختلف المجالات والاختصاصات, العسكرية والعمرانية والتعليمية وتقديم العون والمساعدة للطبقات الفقيرة ومساعدة اجهزة الدولة عند الحوادث والحالات الطارئة(كالزلازل والكوارث والحروب..). ومن الساحات التي تنشط فيها التعبئة: الجامعات والثانويات والحوزات والمؤسسات الصناعية والحرفية والقطاعات الصحية والإجتماعية..
2- بدا التأثر واضحا جدا على الجموع المحتشدة, خلال حديث القائد عن السيدة زينب عليها السلام, وماجت الباحات والقاعات بأصوات البكاء والهمهمة.. ويخال المستمع أنه مجلس عزاء.
3- في العام 2009 طلبت الولايات المتحدة رسميا من ادارة إحدى شبكات التواصل عدم التوقف عن العمل- بغية إعادة تجديد الموقع حيث تزامنت مع موسم الانتخابات الرئاسية في إيران- بهدف التأثير على الانتخابات من خلال بث الشائعات والأكاذيب ودفع وتضليل الراي العام ومن المعروف ان لهذه الشبكات امتدادها الواسع في كل البلدان..
4- مستلزمات او متطلبات.
5- ارتفاع هتافات الله اكبر والدعاء بحفظ القائد والموت لأمريكا

2013-11-30