صبر زينب الكبرى عليها السلام واستقامتها
عاشوراء في فكر الولي
لننظر إلى أوج شخصية امرأة كانت تعلم أن هذا الجمع في طريقه إلى جهاد غير متكافئ ولا انتصار ظاهري ولا دنيوي فيه، تعرفُ زينب الكبرى عليها السلام ذلك، ومع ذلك تحركت مع هذا الجمع، أي أنها تحملت الأخطار.
عدد الزوار: 252
لننظر إلى أوج شخصية امرأة كانت تعلم أن هذا الجمع في طريقه إلى جهاد غير متكافئ
ولا انتصار ظاهري ولا دنيوي فيه، تعرفُ زينب الكبرى عليها السلام ذلك، ومع ذلك
تحركت مع هذا الجمع، أي أنها تحملت الأخطار. ففي هذا السفر كان الخطر والشدائد.
إضافة إلى الشدائد والأخطار، كان هناك شيء أهم وهو المسؤولية، وهو أكبر بكثير من
المصاعب والمتاعب الشخصية.
كانت زينب الكبرى عليها السلام تدرك أنه لو افتقدت أخيها الحسين عليه السلام فليس
هناك من شخص يليق بقيادة هذا الجمع ورعايته وإدارته. فقد كان في انتظار هذا الجمع
أكثر مصير فيه المرارة والتعقيد، ومع ذلك واجهت عباب أمواج البحر وأضحت كرجل
بقابليات علوية، كأمير المؤمنين عليه السلام، كالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله،
ومثل أخيها الإمام الحسين نفسه عليه السلام، ودخلت هذا الميدان الصعب والشديد
التعقيد. ثم أدّت في كل المراحل، دور حكيمِ شجاع قدير يمتاز بجاذبية باهرة.
عندما يكون الإنسان في غم ومصيبة لا يستطيع القيام بأعماله اليومية. عندما يكون
مضطرب، يواجه مشكلة م، تجلس على صدره كجبل، يفتقد القوة والنشاط حتى لهذه الصلاة
التي يريد القيام بها. ليس لديه قدرة على الحديث مع رفيق او صديق، وإذا كان يشارك
في جلسة أنس، ليس لديه الحيل والقوة، وليس باستطاعته القيام بعمل. في ذلك الوقت،
كانت هناك امرأة مع كل ذلك الغم، مع جبال الغم الثقيلة، مع حضورها لشهادة الرجال،
وتلك الشدائد، استشهاد أبنائه، إخوته،، تشرذم عائلتها، وقد أطلت عليها تلك الحادثة
المرة، ولا يوجد في كل العالم آنذاك عين تدمع لها أو تغتم لحاله، ومثل ذلك الغم
الكبير وتلك الحادثة القاسية والقاسمة للظهر تحطم الكبار والعظماء، في ذلك الوقت
تدافعت عشرات الحوادث القاسية والمرة على امرأة، فهي إضافة إلى أنها لم تنهر ولم
تفقد صوابه، لم تعجز أيضاً عن التصميم واتخاذ القرار، بل أدارت الأوضاع وتدبرت
الأحوال على أفضل وجه، وبقيت بكامل قدرتها ومهارتها توجه دفة تلك السفينة التي
تقطعت وتحطمت بفعل تلاطم أمواج عاتية، وتحافظ عليها وترعاها للوصول إلى المحطة
المطلوبة، هذه هي عظمة زينب.
في عاشوراء الحسين عليه السلام، بعد أن قتل شباب بني هاشم وقطعت أجسادهم إربا إرب،
وبعد أن تحمّلت زينب أخت الحسين عليهما السلام، ومرآة الحسين كل تلك الآلام
والحرقات في عين الله، وفي اللحظات الأخيرة تقدمت إلى خندق القتل، وجدت جسد الحسين
المجروح والمدمى والمقطع، وضعت يديها تحت جسده الشريف وقالت:
"اللهم تقبل منا هذا
القربان".
* من كتاب دروس من عاشوراء، للإمام السيد علي الخامنئي دام ظله-يصدر قريباً-.
2013-11-13