على مـَنْ يجب التقليد؟
التقليد وأحكامه
وهو عبارة عن التكليف الذي شرّف الله تعالى به الإنسان وكرَّمه، وذلك لأنّه يعبِّر عن قابليّة الإنسان لتحمّل المسؤوليّة الإلهيّة خلافاً لغيره من كائنات الأرض، وهذا ما عبَّر عنه تعالى
عدد الزوار: 180
إنّ هناك نوعين من الشروط لا يجب التقليد إلّا على من تحقّقت فيه:
الأول: شرط تكويني
وهو عبارة عن التكليف الذي شرّف الله تعالى به الإنسان وكرَّمه، وذلك لأنّه يعبِّر
عن قابليّة الإنسان لتحمّل المسؤوليّة الإلهيّة خلافاً لغيره من كائنات الأرض، وهذا
ما عبَّر عنه تعالى ﴿إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ
أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ...﴾
وعليه فإنّ أدّى الإنسان المكلَّف ما أوجبه الله عليه استحقّ ثواباً
عظيماً. وإن عصى وخالف الأوامر الإلهيّة يستحقّ العقاب والعذاب لأنّه يكون قد ظلم
نفسه وخان الأمانة.
شروط التكليف
وللتكليف شروط لا يتحقّق بدونها وهي:
* البلوغ: فالإنسان غير البالغ لا يتعلّق التكليف بذمَّته، فهو لا يُعاقَب في
الآخرة على ما يقترف من أعمال سيّئة، لكنَّ فضل الله تعالى قد يطالُ أعماله الحسنة
لينال ثوابها في الآخرة.
نعم عدم تسجيل سيّئات على غير البالغ في الآخرة: لا يعني إعفاءه من المسؤوليّة في
الدنيا، فهو إن تسبّب بإضرار الآخرين كإتلاف أموالهم أو سرقتها أو ما شاكل فيجب
عليه بعد بلوغه أن يتحمَّل المسؤوليّة بسبب تصرفاته تلك.
علامات البلوغ
وللبلوغ علامات يصل إليها الإنسان عند تحقُّق إحداها وهي:
أ- أن يبلغ عمراً معيّناً يختلف بين الذّكَر والأنثى. ففي الذّكَر يتحقّق البلوغ عند
وصوله إلى سنّ الخامسة عشرة قُمريّة، وهي ما يُوازي أربعَ عشرةَ سنة وسبعة أشهر
شمسيّة (ميلاديّة) تقريباً. وفي الأنثى يتحقّق البلوغ عند وصولها إلى سن التاسعة
قُمرية، وهي ما يوازي ثماني سنوات وتسعة أشهر شمسيّة (ميلاديّة) تقريباً.
ب خروج المنيّ.
ج نبات الشعر الخشن على العانة التي هي الموضع الواقع بين العورة ونهاية البطن.
*
العقل: فالمجنون غيرُ مكلَّف كما هو واضح فقد رُفع القلم عنه حتى يفيق من جنونه.
*
القدرة: فمن عجز عن أداء التكليف لا يتوجَّه إليه لقول الله تعالى:
﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ
وُسْعَهَا﴾.
الثاني: شرط علميّ
وهو عبارة عن عدم وصول الإنسان إلى
مرحلة الاجتهاد، فالمجتهد وهو القادر على استنباط الحكم الشرعيّ من الأدلّة يستطيع
أن يحدِّد بنفسه تكليفه الشرعيّ في ضوء فهمه للشريعة المقدَّسة، فهو عالم. والتقليد
هو رجوعٌ من الجاهل إلى العالِم، أمّا العالم فمرجعه إلى نفسه، لا إلى عالم آخر.
وكذلك فإنّ من استطاع أن يحتاط في أعماله بحيث يستطيع أن يحدّد تكليفه بصورة
يتيقَّن أنّ ذمّته بريئة أمام الواقع المجهول لديه، لا يجب عليه أن يقلِّد، بل
يمكنه أن يحتاط في أعماله. لكنَّ العمل بالاحتياط ليس بالسهل إذ لا بدّ فيه من "مراعاة
كلّ الاحتمالات الفقهيّة للمورد ممّا يحتمل وجوب مراعاته.
لذا أجاب الإمام الخامنئي حينما سئل عن الأرجحيَّة بين التقليد والعمل بالاحتياط
بقوله -كما في أجوبة الاستفتاءات: "حيث إنّ العمل بالاحتياط موقوف على معرفة
موارده، وعلى العلم بكيفيّة الاحتياط، ولا يعرفهما إلّا القليل، مضافاً إلى أنّ
العمل بالاحتياط يحتاج غالباً إلى صرف الوقت الأزيد، فالأولى تقليد المجتهد الجامع
للشرائط".
* لماذا نقلد؟ الشيخ أكرم بركات.
1- سورة
الأحزاب، الآية/72.
2- سورة البقرة، الآية/284.
3- أجوبة الاستفتاءات، ج1، ص6.
4- المصدر السابق، ص5.