الإسراء والمعراج
محاضرات رمضانية
الإسراء هو السير ليلا، ويطلق على سير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمعراج من العروج وهو الصعود، ويطلق على صعود النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الأقصى
عدد الزوار: 352
﴿سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾1
معنى الإسراء والمعراج:
الإسراء هو السير ليلا، ويطلق على سير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الليل
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمعراج من العروج وهو الصعود، ويطلق على
صعود النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الأقصى إلى السموات العلى وما
فوقهن..
زمان الإسراء ومكانه:
ومن المعروف أن الإسراء كان بعد مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث سنوات
على الأرجح، حيث أسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس، حسب نص
القران الكريم، وعرّج به من هناك إلى السماء بحسب ما ورد في أخبار كثيرة.
مدة الإسراء وكيفيته
استغرقت مدة الإسراء والمعراج أقل من ثلث الليل بحسب الروايات، وكانا بالروح والجسد
معا.
هدف المعراج:
ذهب المفسرون إلى أن الله سبحانه وتعالى حيث أراد لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن
ينهض بأعباء الرسالة وهداية البشر مع ما في ذلك من مخاطر وصعوبات جمة، كان من
المناسب أن يطلعه على عالم الغيب إطلاع شهود وعيان لا إخبار وسماع، فالنبي صلى الله
عليه وآله وسلم حين يدعو الناس للإيمان بالله تعالى ويخبرهم عن عوالم غيبه لا يكون
في ذلك مجرّد ناقل للخبر، بل يخبر عما راه وشاهده عيانا، وهذا ما كان صلى الله عليه
وآله وسلم يخبر عنه بين الحين والاخر بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لما أسري
بي إلى.. وقد كشف القران الكريم عن هذا الجانب حيث ذكر علة الإسراء والمعراج بأنها:
?لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا?. كما أخبر عن ذلك بقوله تعالى: "لَقَدْ رَأَى مِنْ
آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى".
وفي الرواية عن ثابت بن دينار أنه سأل الإمام زين العابدين عليه السلام عن علة
الإسراء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء؟ فقال عليه السلام: "ليريه
ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه".
وعليه فمن الواضح أن مجرد نقل الخبر الحاكي عن عالم الغيب لا يكون مؤثرا كما لو كان
الإخبار عن رؤية سابقة للايات وشهود تام للحقائق والأسرار.
ويظهر من بعض الروايات أن العروج إنما كان لمصلحة البشر في قبول الدعوة، وإلا فإن
عروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يعتبر تشريفا وتكريما للبشرية المتمثلة
بشخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو أيضا تكريم وتشريف لعالم الغيب، فقد أراد
الله سبحانه من عروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يشرّف ملائكته وسكان سماواته
ويكرمهم بمشاهدته كما جاء في الخبر المذكور في كتاب علل الشرائع. وكما جاء في بعض
الأخبار من أنه أمّ الملائكة في الصلاة، فهو إمام الخلق إلى الله تعالى، وفي هذا
غاية التكريم والتشريف لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
كيف نستفيد من مناسبة الإسراء والمعراج؟
من خلال الإطلاع على الحقائق في عالم الغيب، وكشف هذه الأسرار بالنصوص الشريفة، كان
ينبغي في هذه المناسبة أن نتعرف على حقيقة أعمالنا، وكيف تتجلى في روايات الإسراء
والمعراج.
الولاية
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنه لما أسري بي إلى السماء انتهي بي
إلى قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب يتلالا فأوحى (ربي) إلي أو فأمرني (ربي) في علي بثلاث
خصال: إنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين".
في تفسير الثعلبي لما صلى محمد بالأنبياء ليلة الإسراء بعث الله إليه ميكائيل أن
يقول للأنبياء: "على ما أرسلتم ؟ فقالوا:" على ولايتك وولاية علي بن أبي
طالب، وروى صاحب النخب أنهم كانوا تسعين نبيا منهم موسى وعيسى".
الأعمال الصالحة
عن علي عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما أسري بي إلى
السماء دخلت الجنة، فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر، يرى باطنه من ظاهره لضيائه
ونوره، وفيه قبتان من در وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذا القصر؟ قال: هذا لمن
أطاب الكلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام. قال علي عليه
السلام: فقلت: يا رسول الله، وفي امتك من يطيق هذا ؟ قال: أتدري ما إطابة الكلام؟
فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: من قال: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله،
والله أكبر)؟ أتدري ما إدامة الصيام؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: من صام شهر رمضان
ولم يفطر منه يوما، أتدري ما إطعام الطعام؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: من طلب
لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس، أتدري ما التهجد بالليل والناس نيام؟ قلت: الله
ورسوله أعلم، قال: من لم ينم حتى يصلي العشاء الاخرة، والناس من اليهود والنصارى
وغيرهم من المشركين نيام بينهما".
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى ليلة الإسراء هذه الكلمات مكتوبة على
الباب الأول من الجنة: "لا إله إلا الله. محمد رسول الله. علي ولي الله. لكل شئ
حيلة، وحيلة العيش أربع خصال: القناعة، وبذل الحق، وترك الحقد، ومجالسة أهل الخير.
وعلى الباب الثاني مكتوب: لا إله إلا الله. محمد رسول الله. علي ولي الله. لكل شئ
حيلة، وحيلة السرور في الاخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامى، والتعطف على الأرامل،
والسعي في حوائج المؤمنين، والتفقد للفقراء والمساكين. وعلى الباب الثالث مكتوب: لا
إله إلا الله. محمد رسول الله. علي ولي الله. لكل شئ حيلة، وحيلة الصحة في الدنيا
أربع خصال: قلة الكلام، وقلة المنام، وقلة المشي، وقلة الطعام".
في الخبر الطويل في المعراج، رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعذيب الذين يأكلون
الحرام، والهمازين، والذين يأكلون الربا، قيل: "إنما رأى النبي صلى الله عليه
وآله وسلم من أن قوما في الجنة يتنعمون، وقوما في النار يعذبون، يحمل على أنه رأى
صفتهم وأسماءهم".
إن قصة الإسراء تبقي المسجد الأقصى المحتل من قبل أعداء الله في ذاكرة المجاهدين
السائرين على طريق تحريره.
* مركز نون للتاليف والترجمة
1- الإسراء:1.
2013-07-01