يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة مولد الإمام الحسين(ع)

2013

أرحب بكم أيّها الأخوة والأخوات والشباب الأعزاء، القادمين من أماكن بعيدة وقريبة، لقد جعلتم هذا العيد، عيداً بكل معنى الكلمة. حقيقةً أنّ اجتماع مُحبي أهل البيت، مُحبي سيد الشّهداء، وهذه الثغور الباسمة والقلوب المبتهجة، ليجعل العيد عيداً واقعياً.

عدد الزوار: 104

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه حشد من مختلف شرائح الشعب بمناسبة 3 شعبان، ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام)_12/6/2013

بسم الله الرحمن الرحيم

أرحب بكم أيّها الأخوة والأخوات والشباب الأعزاء، القادمين من أماكن بعيدة وقريبة، لقد جعلتم هذا العيد، عيداً بكل معنى الكلمة. حقيقةً أنّ اجتماع مُحبي أهل البيت، مُحبي سيد الشّهداء، وهذه الثغور الباسمة والقلوب المبتهجة، ليجعل العيد عيداً واقعياً.

وأتمنى للشعب الإيراني في جميع الأحوال، وعلى مرّ الأزمان، ويوماً بعد يوم، وبالتوسل بالعناية الإلهية والإقبال على أهل البيت والمعارف الإسلامية، نجاحاً، رفعة وبهجة أكبر، إنشاء الله. إنّ ذكرى مولد "أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)"، ذكرى عظيمة. وكما قال المرحوم "الحاج ميرزا جواد آقاي تبريزي ملكي"، العالم والفقيه والعارف الكبير، يجب أن نعتبر عظمة الثالث من شعبان ونَعُدّها قبساً من عظمة "الحسين بن علي" (عليهما السلام)، هو يوم عظيم. لقد ولد في هذا اليوم رجلٌ ارتبط مصير الإسلام به وبحركته، بانتفاضته، بتضحياته وبإخلاصه. لقد قدّم هذا العظيم للتاريخ وللبشرية حركةً لا مثيل لها ولا نظير، حركةً يُحتذى بها ولن تُنسى أبداً. إنّ التضحية لهدف إلهي بذلك الحجم وبذلك المقياس العظيم، التضحية بالروح وبأرواح الأعزاء، بسبي حريم (نساء) أهل البيت عليهم السلام،بتلك الطريقة وبتلك الفظاعة، وتَحَمُّلَ تلك الواقعة القاسية،من أجل بقاء الإسلام ومن أجل أن تبقى مقارعة الظلم كأصل في تاريخ الإسلام والبشرية، لهو أمرُ منقطع النظير. لقد استشهد الكثيرون في سبيل الله، في رَكْبِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في ركب أمير المؤمنين عليه السلام، وفي ركب أنبياء الله. لكن أيّاً منهم لا يُقارن بواقعة كربلاء. هناك فرق بين من يدخل ميدان الحرب وسط التهليل واستحسان الموالين، على أمل الفتح والنصر، ثم يستشهد ويُقتل، وبالطبع له الأجر الكبير، وبين تلك الجماعة في هذا العالم المظلم والظالم، التي دخلت الساح في حين أنّ زعماء ووجهاء عالم الإسلام الكبار آنذاك، قد امتنعوا عن مساندتهم، بل ولامتهم على تلك الخطوة. لم يكن هناك أمل في دعم أي شخص من أيّ جهة كان، ويأتي شخص كعبدالله بن عباس، وآخر كعبد الله بن جعفر لردعهم. كما امتنع الأصحاب والمخلصون والمحبّون في الكوفة عن مساندتهم. (كانوا) وحدة في وحدة، لا أحد معهم غير قلّة من الأصحاب المخلصين والعائلة،الزوجة، الأخت، أبناء الأخت وأبناء الأخ، الشُبان والرضيع ذو الستة أشهر.إنّها واقعة عجيبة، ومشهد عظيم في التاريخ قد تراءى أمام أنظار البشرية. كان "الإمام الحسين" (عليه السلام)، يُعدُّ نفسه لهكذا يوم.

بالطبع، فإن حياة "الحسين بن علي" (عليهما السلام)، وعلى مدى خمسين عاماً ونيف من عمره الشريف، كلّها دروس، حياته في مرحلة الطفولة درس، وفي مرحلة الشباب درس، سلوكه في مرحلة إمامة "الإمام الحسن" (عليه السلام) درس، كذا كان سلوكه بعد شهادة "الإمام الحسن" (عليه السلام)، ولم تكن أعمال "الإمام الحسين" (عليه السلام)، منحصرة في اليوم الأخير فحسب، لكن واقعة كربلاء بقدر ما هي عظيمة ومُشعة، تبقى كالشمس التي يطغى نورها على كلّ الأنوار. وإلّا (وكيف لا) فخطاب "الإمام الحسين" (عليه السلام)، للعلماء والأجلاء والصحابة والتابعين في "منى"- والذي ذُكر في كتب الأحاديث- لهو سندٌ تاريخيٌ، وإنّ رسالة ذلك العظيم للعلماء والأجلاء ولكبار وأركان الدين في عصره: "ثم أيتها العصابة، عصابةٌ بالعلم مشهورة"1 - والتي وردت في كتب الأحاديث المُعتبرة- لسندٌ تاريخي هام. إنّ سلوك ذلك العظيم كلّه خطوة بخطوة هو دروس، تعامله مع "معاوية"، رسالته لمعاوية، ووجوده إلى جانب الأب أثناء خلافة أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) القصيرة، حياته. لكن تبقى واقعة "عاشوراء" شيء آخر. اليوم هو ذكرى ولادة هذا العظيم، وعلينا في هذا اليوم أن نتعلم الدرس من "الحسين بن علي" (عليهما السلام)، ودرس "الحسين بن علي" (عليهما الصلاة والسلام) للأمة الإسلامية، هو أن نكون على أهبّة الاستعداد دوماً للدفاع عن الحق، عن العدل ولإحقاق العدل ومواجهة الظلم، وأن نُقدّم كلُّ ما لدينا في هذا الساح. ليس باستطاعتنا أنا وأنتم فعل ذلك بنفس المستوى والمقياس، لكن يمكننا فعل ذلك في المستويات المتناسبة مع حالتنا، وخُلقياتنا وعاداتنا. علينا تَعَلُم ذلك.

اليوم، ولحسن الحظ فقد تعلم الشعب الإيراني هذا الدرس من "الحسين بن علي" (عليهما السلام)، ومنذ نحو ثلاثين عاماً ونيف والشعب الإيراني قاطبةً، يسير في هذا الطريق. صحيح أن هناك بعض الحالات النادرة والشاذة في هذه الناحية أو تلك، إلّا أنّ حركة الأمة الإيرانية قاطبةً، هي في اتجاه حركة "الحسين بن علي" (عليهما السلام). كان مصير ذلك العظيم الشهادة، لكن لم يكن درسه لنا درس الشهادة فحسب. فهذه الحركة، مليئة بالبركات، يمكن في بعض الأحيان أن تنتهي حادثة كحادثة "الحسين بن علي" (عليهما السلام) بالشهادة، لكن هذه الحالة، وهذه الروحية لإقامة دين الله، وكلّ ما ترتّب عليها من بركات لأمر مفيد. لقد نزل الشعب الإيراني بهذه الروحية إلى الساح، ودمّر بناء الظلم الوطني والدولي في إيران. وأنشأ مكانهما بناءً إسلاميا. ليس الأمر دائماً، أنّه من المحتم على كل من سار على طريق "الحسين بن علي" (عليهما السلام)، أن يوفق بالمعنى الظاهري والدنيوي للتوفيق، لا أبداً، لقد وضعوا هذا الطريق، وهذا الدرس أمام أنظار البشرية وقالوا: إذا أردت الدنيا والعزّة أيضاً، فعليك السير في هذا الطريق. لقد اختبر الشعب الإيراني هذا، ويجب تقدير ذلك. فقد نزل الشعب الإيراني الحسيني والعاشورائي إلى الميدان، وانتصر في ثورة عظيمة، ربما أمكن القول بأن لا نظير لها على مدى العقود الماثلة أمامنا، أو على الأقل نادرة الحدوث. لقد أعتمد الشعب الإيراني هذا الأسلوب، واستطاع التقدُّم به يوماً بعد يوم. بالطبع فإن الأعداء بوسائلهم الدعائية وأبواقهم، غير مستعدين للاعتراف صراحةً بتقدُّم الشعب الإيراني، لكن شعوب العالم ليست عمياء، وهم يرون. فأين إيران زمن الطاغوت، من إيران الجمهورية الإسلامية اليوم؟ وإيران عام 1978 من إيران عام 2013؟ سواء في العلم، أو في السياسة، في الأمن، في تحكّمها بحوادث المنطقة، في تأثيرها على أحداث العالم، في أملها واعتمادها على النفس، في سلوك طريق العزّ والسعادة. شتان ما بين اليوم والبارحة. يسير الشعب الإيراني بتوثب إلى الأمام. وسيستمر على هذا المنوال يوماً بعد يوم، إن شاء الله. وأقول لكم إن جميع القرائن تدل على ذلك. حسنٌ، هذا فصل، وإلى جانب هذا الفصل، سأقول لكم، أنه وبغض النظر عن الثالث من شعبان، فقد دخلنا شهر شعبان، شهر العبادة، شهر التوسل، شهر المناجاة وشهر: "واسمع دُعائي إذا دعوتك، واسمع ندائي إذا ناديتك"2. فصل مناجاة الله المتعال، فصل وَصْلِ هذه القلوب الطاهرة بمعدن العظمة، معدنِ النور، ويجب معرفة قدر ذلك. فالمناجاة الشعبانية تُحفةً وُضعت في تصرفنا. حسنٌ، لدينا العديد من الأدعية، المليئة بالمضامين السامية، لكن بعضها أكثر تمايزاً. لقد سألت الإمام العظيم (رضوان الله عليه) وقلت له، أيّ دعاء من بين كلّ الأدعية التي وصلت إلينا عن الأئمة (عليهم السلام)، أحببته وتعلقت به أكثر؟ فأجاب دعاء "كميل" و"المناجاة الشعبانية"، بهذين الدعائين. كان الإمام مُقبلاً على الله، كان أهل التوسل، أهل التضرّع، أهل الخشوع، أهل الاتصال بمنشأ الخِلقة. وكان هذان الدعاءان بنظره هما الوسيلة الأمثل: "دعاء كميل والمناجاة الشعبانية". عندما يعود الإنسان لهذين الدعائين ويدقق فيهما، يجد كمْ هما متشابهان، متشابهان إلى حدّ كبير، مناجاة إنسانٍ خاشع، مناجاة إنسان متوكلٍ على الله، "كأني بنفسي واقفة بين يديك، وقد أظلّها حسنُ توكلي عليك، فقلتُ ما أنت أهله، وتغمدتني بعفوك"3. الأمل، أملٌ بالمغفرة الإلهية، بالرحمة الإلهية، بالتوجّه الإلهي، بالهمّة العالية في الطلب من الله، "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك"4. هكذا هو شهر شعبان، حيث تستغل القلوب الطاهرة، القلوب النورانية وقلوب الشباب هذه الفرصة، وتستفيد منها لتقوية علاقتها بالله.

إن للإقبال على الله والاتصال بالله دورٌ كبيرٌ وأساسي في طريق العظمة والعزّة الممدودة أمام الشعب الإيراني. بعضهم غافلون، ويعمدون إلى الحسابات المادية المحضة، ولا مكان للحسابات المعنوية والمدد الإلهي والتوكل على الله وحسن الظنّ بالوعد الإلهي في حساباتهم وكأنه لا طريق آخر. يقوم العالم المُستكبر أيضاً بهكذا حسابات، يقومون بذلك أفضل منكم، فلماذا يتقهقرون يوماً بعد يوم؟ لِمَ يبتلون بكلّ هذه المشاكل؟ لِمَ يصبحون مجبرين على الظلم؟ لِمَ يُجبرون على تجيّش الجيوش، إلى أفغانستان، إلى العراق، إلى باكستان، لقتل الأبرياء؟ "وإنّما يحتاج إلى الظلم ضعيف"5. الضُعفاء فقط من يحتاجون إلى الظلم، الضُعفاء يظلمون لأن أيديهم تعودت على السلاح، ويستخدمونه دون مهابة، يستخدمونه بظلم، بتعدٍّ وصَلَفٍ. حسنٌ، هذا تراجعٌ بحدِّ ذاته، تراجع في المعايير المعنوية وأيضاً في الحسابات المادية. المشاكل تطوق الحضارة الغربية يوماً بعد يوم، ولسوف تُقعِدُهم، والسبب في ذلك هو قطع التواصل مع منشأ الوجود، قطع التواصل مع معدن النور والعظمة. "فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قُدسك"6. هذا هو المطلوب. والأرضية مهيأة اليوم للشعب الإيراني. من هنا سأدخل إلى مسألة الانتخابات. قلنا "ملحمة سياسية"، لقد بدأت هذه "الملحمة السياسية" اليوم. بالطبع فإنّ يوم الجمعة هو ذروة هذه "الملحمة". لكن، وبحمد الله يرى الإنسان بأنّ "الملحمة السياسية" قد بدأت اليوم في البلاد. ولانتخابات هذا العام لون ورائحة أخرى. فأنظار العالم بأجمعه مشدودة إلى هذه الإنتخابات، أنظار أعداء الشعب الإيراني مشدودة إلى هذه الانتخابات، كما أنظار الأصدقاء. يريدون أن يعرفوا ماذا سيفعل الشعب الإيراني؟ لقد أنفق الأعداء الأموال، وتكبدوا العناء، ووضعوا السياسات، وشكلوا غُرف الفكر بحسب تعبيرهم، من أجل أن يجدوا طريقة لفصل الشعب عن النظام الإسلامي. وسيُثبت الشعب الإيراني من خلال حضوره أمام صناديق الاقتراع، والمشاركة في التصويت، على الارتباط والتواصل المستحكم مع النظام الإسلامي. هذا ماثل أمام أنظار الناس. سيُحقق الشعب الإيراني بهذا الحماس والشوق الذي يُشاهدُ اليوم، وبحمد الله هو حماسٌ وشوق مبارك، وبالتوكل على الله، والتوكل على الخالق، وبهمّة الشعب العزيز، ستتحقق هذه "الملحمة" بالمعنى الواقعي للكلمة. إنّه عرض للقدرة، سواء للشعب الإيراني أو لنظام الجمهورية الإسلامية، أمام أنظار الأعداء. لقد بذلوا الجهود في سبيل فصل الشعب، وجعله لا مبالٍ، وجعله يُسيء الظنّ بالانتخابات وبالجهاز المنظم للانتخابات، لكنهم فشلوا حتى الآن وسيفشلون فيما بعد إن شاء الله. هذه تجربة مهمة وعظيمة للشعب الإيراني. إنما تأكيدي على أكبر مشاركة للشعب الإيراني، هو لأنني أرى وأعلم بأن المشاركة الواسعة للناس، والحضور الحماسي والمتفائل والمقتدر للناس، سيؤدي إلى يأس الأعداء، وعندما ييأس العدو، ستفشل مخططاته. وإن وجدتم في بعض الأحيان بأن العدوّ قد تمكن من التعرُّض أو التعدي في مختلف المجالات، ومن مختلف الجوانب، فلأن هناك من يُعطيه الضوء الأخضر ويُؤمله. بعضهم يُؤمِلُ العدو من خلال تمظهره وسلوكه. وعندما يَأْمَلُ العدو، يزيد من ضغوطه. لكن عندما ييأس، سيرى بأن لا فائدة من الضغط ويسلك سبيلاً آخر. إن صَون البلاد مرتبط بمشاركة الناس، ومرتبط بالاتحاد والانسجام بين الناس والنظام وأجهزة الجمهورية الإسلامية، ومرتبط بحس الثقة المتبادلة بين الناس والمسؤولين. ويجب تقوية هذا الحسّ يوماً بعد يوم.

تجري الإنتخابات، بحمد الله،بشكل جيد إلى اليوم. ومن النقاط البارزة والإيجابية التي يشاهدها الإنسان، من خلال الأخبار التي نملكها والمعلومات البيّنة الموجودة، أنّ خطاب الناس في هذه الإنتخابات يَنْزعُ نحو القانون، فإلى أيّ شخص يتحدثون، أو يجرون معه المقابلات، يتحدث الجميع عن تبعيّة القانون، هذا أمرٌ قيّم وبارز، النزوع إلى القانون. لقد عانى الناس من عدم إتباع القانون، عانوا من ذلك عام 2009 عندما لم يتبعوا القانون، عندما داسوا على القانون ركلوا (لطموا) البلاد. من المظاهر البارزة هذه الأيام، أن نظرة الناس ونزعتهم، نزعة قانونية. لحسن الحظ، فإن المسؤولين والمرشحين المحترمين قد راعوا المسائل القانونية إلى اليوم. والنقطة المهمة الأخرى، أن الحركة التي قامت بها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، من خلال استضافتها للمرشحين مع اختلاف توجهاتهم، ثمانية مرشحين بثمانية توجهات وثمانية رؤى مختلفة لقضايا البلاد المختلفة، فجلسوا وتحدثوا إلى الجمهور. فقد شعر أولئك الذين كانوا يصرخون لسنوات بانعدام الحريّة في البلاد، بالخجل اليوم. فالعمل الذي قامت بها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، بأنّها وضعت الناس أمام مُجريات أفكار وآراء ونظرات المرشحين، برأيي عمل مفيد وقيّم جداً. والذين كانوا يصرخون لسنوات ويقولون: لا يسمحون لنا، ولا يعطونا المنابر، تفضلوا، هذا المنبر وهذا الكلام، وليس لتوجهٍ خاصٍ، بل لثمانية توجهات مختلفة، لقد كانوا ثمانية أشخاص في ذلك اليوم، وتحدثوا بثمانية أساليب مختلفة حول قضايا البلاد، تحليلات مختلفة، آراء مختلفة، وآراء الأشخاص محترمة. بالطبع لدي بعض الملاحظات حول بعض القضايا التي تناولها السادة، لكن ليس هذا أوانها، وإن شاء الله سأبين الحقائق للشعب الإيراني إن بقيت حيّاً بعد الإنتخابات، فلديّ كلامٌ ليُقال حول بعض المواضيع التي طرحها السادة، لكن هذا كان جيدا، وقد أفرحنا كثيراً. فقد خجل أعداء الجمهورية الإسلامية، والذين يكيلون الاتهامات للجمهورية الإسلامية. لقد رأوا كيف أن المرشحين يتقدمون بكل يُسر وحريّة، فيتحدثون ويهاجمون أحدهم ويدافعون عن آخر، يندّدون بسياسة ما، ويؤكدون تيار ما. لقد حضرت التيارات الفكرية والسياسية بشكل كامل في هذه المناظرات. هذه إحدى نقاط القوى في انتخابات هذا العام. وقد شعر الناس بالحماس تجاهها، من دون التعرُّض لأحد. كانت انتخابات عام 2009 حماسية أيضاً، لكن ترافقت مع الشتائم والفضائح. ففي مدينة طهران، وبشكل أخف منه في المدن الأخرى، كان الناس يجولون في الشوارع، فريق مع هذا وفريق مع ذاك، يردّد هذا الفريق الشعارات المُعادية لذاك، وذاك الفريق لهذا، يتكلمون ويهاجمون بعضهم بعضاً.وكان يظهر وسط هذا الهرج، قليلو الأدب، فيكيلون الشتائم. لكن الأمر مُختلف في هذه الإنتخابات، فالحماس والهيجان موجودان، الأحاسيس موجودة، لكن لا وجود لقلة الأدب وعدم الاحترام. وهذا أمرٌ قيّم جداً. لقد تقدّمنا إلى هذا المستوى خلال أربع سنوات فقط، ونشكر الله على هذا التقدّم وعلى جميع الأمور الأخرى الكثيرة التي تقدّمت فيها البلاد خلال تلك السنوات.

وصيتي الأولى والأهم، هي الحضور إلى صناديق الإقتراع، هذا أهم من أي شيء آخر للبلاد. ربما رأى بعضهم، ولأيّ سبب كان، أنّهم لا يريدون دعم نظام الجمهورية الإسلامية، لكنّهم يريدون دعم بلادهم، عليهم الحضور أيضاً إلى صناديق الإقتراع، على الجميع الحضور وإثبات وجودهم، فأي شخص يتم انتخابه، وهذا تقدير إلهي لا علم لنا به، فإن حاز على أكثرية الأصوات، وفي حال كان لديه رأي سديد وجيّد، فسيتمكن من الدفاع بشكل أفضل عن هذا الرأي، وستمكن من الوقوف في وجه مخالفي هذا البلد. لبلدنا أعداء ومخالفين.وعلى الصعيد الدولي، فعدونا العالمي ليس من النوع الّذي يمكن مواجهته بالإحراج والمجاملة، ولا تجري السياسات العالمية على هذا النحو، فلا نقول على سبيل المثال، لنحرج الطرف المقابل فيخجل ويتراجع، لا أبداً، فكلما أظهرتم ضعفاً تقدّم هو عليكم، وكلّما تراجعتم، تجرأ عليكم أكثر. لقد خبِرْنا هذا، فقد تراجعنا في مكان ما، فأصبح عدونا أكثر جرأة، لقد طرح شيئاً ما، وقبلنا به نحن في سبيل المصلحة، فرأيناه يدوسُ على ما اتفقنا عليه ويتقدّم علينا، هكذا هو العدو. علينا اختيار الطريق الأنسب في مواجهة العدوّ الدولي، وذلك بالاعتماد على الإرادة القوية، الشعور بالعزّة، والاعتماد على هذا الشعب، بالتوكّل على الله العظيم وحسن الظنّ بالوعد الإلهي، وأن نتقدّم بنظرة صائبة، عاقلة ومُدبّرة. عندها سيبارك الله المتعال هذا العمل وتشملنا جميعا العناية الإلهية.

أتمنى وبفضل الخالق وبفضل اللطف الإلهي، أن يساعدنا الله في اجتياز هذا الإمتحان القادم، إمتحان يوم الجمعة القادم، إمتحان الإنتخابات، إمتحان الحضور إلى صناديق الإقتراع، وسيُوفق الشعب الإيراني إن شاء الله في هذه الإنتخابات وينتصر، بحول الله وقوته.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1- تحفة العقول، ص 237.
2- مفاتيح الجنان، المناجاة الشعبانية.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر.
5- الصحيفة السجادية، الدعاء "48".
6- نفس المصدر.

2013-06-22