المجتمع
مفاهيم
كلّ مسيرة واعية لها هدف. وكلّ حركة حضاريّة لها غاية تتّجه نحو تحقيقها. وكلّ مسيرة وحركة هادفة تستمدّ وقودها وزخم اندفاعها..
عدد الزوار: 192٭ كلّ مسيرة واعية لها هدف. وكلّ حركة حضاريّة لها غاية تتّجه نحو تحقيقها. وكلّ مسيرة وحركة هادفة تستمدّ وقودها وزخم اندفاعها من الهدف الّذي تسير نحوه وتتحرّك إلى تحقيقه. فالهدف هو وقود الحركة, وهو في نفس الوقت القوّة الّتي تمتصّها.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 4
٭ كلّما تبنّت المجتمعات في تحرّكها الحضاريّ هدفاً أكبر استطاعت أن تواصل السير وتعيش جذوة الهدف شوطاً أطول. وكلّما كان الهدف محدوداً كانت الحركة محدودة واستنفد التطوّر والإبداع قدرته على الاستمرار بعد تحقّق الهدف المحدود.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 4
٭ واجهت الماديّة التاريخيّة مشكلة فيما يتّصل بتصوّراتها عن مسار التطوّر البشريّ وفقاً لقوانين الديالكتيك وهي أنّ الهدف اللّاواعي الّذي تفترضه الماركسيّة لحركة التاريخ ومسيرة الإنسان هو إزالة العوائق الاجتماعيّّة عن نموّ القوى المنتجة ووسائل الإنتاج وذلك بالقضاء على الملكيّة الخاصّة وإقامة المجتمع الشيوعيّ. فإذا كان هذا هو هدف المسيرة فهذا يعني أنّها ستتوقّف وأنّ التطوّر سيتجمّد في اللّحظة الّتي يقوم فيها المجتمع الشيوعيّ.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّّة ص: 4
٭ والحقيقة أنّ الهدف الوحيد الّذي يضمن للتحرّك الحضاريّ للإنسان أن يواصل سيره وإشعاعه وجذوته باستمرار هو الهدف الّذي يقترب منه الإنسان باستمرار ويكتشف فيه كلّما اقترب منه آفاقاً جديدة وامتدادات غير منظورة تزيد الجذوة اتّقاداً والحركة نشاطاً والتطوّر إبداعاً.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 5
٭ شجب الإسلام أيّ اتّجاه إلى تحويل الأهداف النسبيّة والمرحليّة إلى هدف مطلق لأنّ ذلك يعيق الحركة عن الاستمرار وتجاوز الهدف النسبيّ في مرحلة تالية.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 5
٭ إنّ أيّ نظام اجتماعيّ لا يمارس دوره في فراغ وإنّما يتجسّد في كائنات بشريّة وعلاقات قائمة بينهم. وهو من هذه الناحية تتحدّد درجة نجاحه وقدرته على تعبئة إمكانات المجتمع وتفجير الطاقات الصالحة في أفراده تبعاً لمدى انسجامه إيجاباً أو سلباً مع التركيب النفسيّ والتاريخيّ لهؤلاء الأفراد.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 11
٭ إنّ الأمّة الإسلاميّّة ليست مجرّد تجميع عدديّ للمسلمين وإنّما تعني تحمّل هذا العدد لمسؤوليّته الربّانيّة على الأرض.
منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 11
٭ يجب أن نفرّق ـ إذا أردنا أن ندرس المسألة على مستوى أعمق ـ بين التجارب الاجتماعيّّة الّتي يكوّن الإنسان خلالها إدراكه للنظام الأصلح، وبين التجارب الطبيعيّة الّتي يكتسب الإنسان خلالها معرفته بأسرار الطبيعة وقوانينها وطريقة الاستفادة منها.
المدرسة الإسلامية ص:24
٭ في الوقت الّذي يستطيع فيه الإنسان أن يدرك أسرار الظواهر الطبيعيّة، ويرتقي في إدراكه هذا الى ذروة الكمال على مرّ الزمن، بفضل التجارب الطبيعيّة والعلميّة.. لا يسير في مجال إدراكه الاجتماعيّ للنظام الأصلح إلّا سيراً بطيئاً ولا يتأتّى له بشكل قاطع أن يبلغ الكمال في إدراكه الاجتماعيّّ هذا، مهما توافرت تجاربه الاجتماعيّة وتكاثرت.
المدرسة الإسلامية ص:24
٭ إنّ التجربة الطبيعيّة قد تكون قادرة على منح الإنسان عبر الزمن فكرة كاملة عن الطبيعة، يستخدمها في سبيل الاستفادة من ظواهر الطبيعة وقوانينها، وأمّا التجربة الاجتماعيّة فهي لا تستطيع أن تضمن للإنسان إيجاد هذه الفكرة الكاملة عن المسألة الاجتماعيّة.
المدرسة الإسلامية ص:25
٭ إنّ التجربة الطبيعيّة يمكن أن يباشرها ويمارسها فرد واحد، فيستوعبها بالملاحظة والنظرة، ويدرس بصورة مباشرة كلّ ما ينكشف خلالها من حقائق وأخطاء، فينتهي من ذلك الى فكرة معيّنة ترتكز على تلك التجربة. وأما التجربة الاجتماعيّّة فهي عبارة عن تجسيد النظام المجرّب في مجتمع وتطبيقه عليه.
المدرسة الإسلامية ص:25
٭ فالإنسان حين يريد أن يستفيد من تجربة اجتماعيّة، لا يستطيع أن يعاصرها بكلّ أحداثها، كما كان يعاصر التجربة الطبيعيّة حين يقوم بها، إنّما يعاصر جانباً من أحداثها، ويتحتّم عليه أن يعتمد في الاطّلاع على سائر ظواهر التجربة ومضاعفاتها.. على الحدس والاستنتاج والتاريخ.
المدرسة الإسلامية ص: 26
٭ إنّ التفكير الّذي تبلوره التجربة الطبيعيّة، أكثر موضوعية ونزاهة من التفكير الّذي يستمدّه الإنسان من التجربة الاجتماعيّة.
المدرسة الإسلامية ص: 26
٭ في التجربة الطبيعيّة، ترتبط مصلحة الإنسان ـ الّذي يصنع تلك التجربة ـ باكتشاف الحقيقة كاملة صريحة دون مواربة. وليس له ـ في الغالب ـ أدنى مصلحة بتزوير الحقيقة أو طمس معالمها، الّتي تتكشّف خلال التجربة.
المدرسة الإسلامية ص: 26
٭ أمّا في التجربة الاجتماعيّة، فلا تتوقّف مصلحة المجرّب دائماً على تجلية الحقيقة، واكتشاف النظام الاجتماعيّ الأصلح لمجموع الإنسانيّة، بل قد يكون من مصلحته الخاصّة أنّ يستر الحقيقة عن الأنظار، بوصفه النظام الأصلح حتّى تستمرّ منافعه الّتي يدرّها عليه ذلك النظام. فهو إذاً ليس موضوعيّاً بطبيعته، ما دام الدافع الذاتيّ يحثّه على اكتشاف الحقيقة باللون الّذي يتّفق مع مصالحه الخاصّة.
المدرسة الإسلامية ص: 27
* الكلمات القصار, السيد محمد باقر الصدر قدس سره, إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
2013-03-05