مكانة المرأة
المرأة في فكر الإمام الخميني
وإلى هذا يشير الإمام الخميني قدس سره بقوله: "القانون أخذ بعين الاعتبار... حقوق النساء وبقية الفئات والطبقات، لا يوجد في الإسلام فروق بين جماعة وأخرى، التمايز بالتقوى فحسب"
عدد الزوار: 252خليفة الله
إن المرأة قبل أن تكون أنثى هي ـ كما الرجال ـ إنسان، خليفة الله على الأرض ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...﴾2، يحمل المسؤولية الإلهية على عاتقه ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ...﴾3، ترفعه الكرامة الإلهية ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾4، لا يتميز فرد من أفراد الإنسان سوءا كان ذكر أم أنثى... إلا بالتقوى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾5.
وإلى هذا يشير الإمام الخميني قدس سره بقوله: "القانون أخذ بعين الاعتبار... حقوق النساء وبقية الفئات والطبقات، لا يوجد في الإسلام فروق بين جماعة وأخرى، التمايز بالتقوى فحسب"6.
إذاً كل ما أعطاه الإسلام للإنسان هو المرأة، فهي الخليفة وهي المكرمة وهي تتحمل الأمانة الإلهية وهي مكلفة بإعمار الدنيا.. كالرجل تماماً يقول الإمام الخميني قدس سره: "المرأة إنسان بل إنسان عظيم..."7. بل هو يدعو إلى الالتفات لمقامها الإنساني والتصرف على هذا الأساس: "نحن ندعو لأن تحتل المرأة مكانتها الإنسانية السامية"8. والإسلام يريد لها أن تتقدم في هذا الإطار "الإسلام يريد للمرأة والرجل أن يسمو في مدارج الكمال"9.
هذه هي النظرة الإسلامية العامة للمرأة، ذلك المخلوق المبارك الذي صنعه الله تعالى بيد رحمته.
هي إنسان. وعليها أن تتصرف بناء على ذلك، وتسير باتجاه تحقيق الأهداف الإنسانية مرتفعة في مدارج الكمال.
يوم المرأة
لقد اهتم الإمام قدس سره بشأن المرأة حتى جعل لها يوماً خاصاً يتجدد كل عام، للتبقى قضاياها وحقوقها وفعالياتها حاضرة على الدوام، يقول: "مبارك للشعب الإيراني العظيم، وخصوصاً النساء المحترمات، يوم المرأة المبارك، اليوم المجيد لتلك الجوهرة اللامعة التي كانت على الأساس للفضائل الإنسانية والقيم العالية "لخلافة الله" في العالم"10.
لقد اختار لها يوماً من أشرف أيام الإنسانية وأعز الأيام على قلبه، يوم ولادة السيد فاطمة الزهراء عليها السلام. تلك الإنسان الكامل وقد عبر عنها أنها "الأساس للفضائل الإنسانية والقيم العالية" فاختيار هذا اليوم بالخصوص للمرأة ليس من قبيل الصدفة، وإنما يصيب أمرين في وقت واحد.
فهو يلفت إلى أهمية المرأة ودورها الأساسي في المجتمع، والذي تجسد بالسيدة الزهراء عليها السلام بأبهى صوره وأكمل شأنه وأرفع درجاته.
ومن جهة أخرى هو يوم القدوة الصالحة والكاملة للمرأة. فاليوم الذي ستنطلق منه المرأة كل عام هو يوم السيدة الزهراء عليها السلام، لتشكل القدوة التي يجب تقديمها للنساء، والتي يجب على النساء أن تسير على نهجها وبضيائها. كل هذا يشير إلى أهمية المرأة ومكانتها السامية في نظر الإمام الخميني قدس سره الشريف وبالتالي بنظر الإسلام الأصيل.
ما قدمه الإسلام للمرأة
"خدم الإسلام المرأة بنحو لم يكن له سابقة في التاريخ، لقد انتشل المرأة من تلك الأوحال، وأكرمها وجعلها إنسانة ذات شخصية"11.
"لم يخدم الإسلام الرجل بمثل ما خدم المرأة، إنكن لا تعلمن ماذا كانت عليه المرأة في الجاهلية، وما آلت إليه في الإسلام"12.
لم يكن سهلاً ـ بالمعايير المادية ـ أن يقف ذلك الرجل العظيم بين أهل الجاهلية ليصرخ فيهم ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾13. وفي غضون سنوات قليلة استطاع هذا النبي الكريم بمعجزة وتسديد إلهي أن يقلب ذلك المجتمع المتحجر الذي هضم حق المرأة واحتقرها حتى وصل إلى الوءد المادي بعد وأد مكانتها معنوياً وتحويلها إلى عنصر فساد في المجتمع.
هذا المجتمع الذي استطاع أن يحوله الإسلام من مجتمع: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾14، إلى مجتمع "الجنة تحت أقدام الأمهات" ومجتمع "فاطمة أم أبيها" ومجتمع "خير الأولاد المخدرات من كانت عنده واحدة جعلها الله ستراً له من النار" (كما في الحديث النبوي الشريف". هذا بعض ما قدمه الإسلام للمرأة بمجرد ظهوره.
وهذه الخدمة للمرأة لا تتوقف آثارها على خصوص المرأة بل هي خدمة للإنسانية جمعاء وللمجتمع بشكل عام، يقول الإمام قدس سره: "لقد من الإسلام على الإنسان بإخراجه المرأة من تلك المظلومية التي كانت تغط فيها في الجاهلية. فلقد كانت فينظرهم أدنى من الحيوان وكانت مظلومة، والإسلام هو الذي أخرجها من مستنقع الجاهلية"15.
ومع كل غياب للإسلام عن المجتمع عبر التاريخ، تنحط مكانة المرأة، ومع كل إشراقه جديدة له ترتفع مكانتها في المجتمع مجدداً لترجع إلى إنسانيتها. "لقد استعادت اليوم المرأة ـ هذا العضو الفاعل في المجتمع ـ مكانتها ـ إلى حد ما ـ ببركة النهضة الإسلامية"16.
لبنت جيدة جداً!
ينقل رحيميان في كتابه: "رزقني الله تعالى مولوداً جديداً، وكان طفلة، وبعد عدة أيام من ولادتها أحببت أن أدخل بها إلى الإمام الخميني قدس سره. كنت لا زلت أصعد درج الباحة عندما لفتت نظر الإمام، فاستعجل آذناً لي بالدخول مع بسمة واضحة على وجهه الشريف، وقبل أن أقول شيء سألني "هذا طفلك؟"، قلت له: "نعم" مباشرة مد يديه لحمل الطفل عني سائلاً: "بنت أم صبي؟"، قلت له: بنت، فأخذها في حضنه ووضع وجهه على وجهها وقبلها قائلاً: "البنت جيدة جداً، البنت جيدة جداً، البنت جيدة جداً!" وقرأ دعاءً في أذنها، ثم سألني: "ما أسمها؟"، فقلت: لم نضع لها اسماً تركنا التسمية لسماحتكم، فقال مباشرة: "فاطمة جيدة جداً، فاطمة جيدة جداً، فاطمة جيد جداً!".
2- سورة البقرة، الآية / 30.
3- سورة الأحزاب، الآية / 72.
4- سورة الإسراء، الآية / 70.
5- سورة حجرات. الآية / 13.
6- من كلمة بتاريخ 1/4/1979.
7- من كلمة له قدس سره بمناسبة يوم المرأة. بتاريخ 6/5/1979.
8- من حديث في جمع من نساء قم بتاريخ 6/3/1979.
9- من كلمة بتاريخ 9/11/1978.
10- الكلمات القصار صفحة 285.
11- من كلمة بتاريخ 9/11/1978.
12- من كلمة بتاريخ 9/11/1978.
13- سورة التكوير. الآيتان / 8ـ9.
14- سورة النحل. الآيتان / 58ـ59.
15- من كلمة بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 6/5/1979.
16- من كلمة بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 5/5/1980.
17- در سايه آفتاب. ص126.