المرأة
حقوق وحرية وحجاب
لقد أكد سماحة الإمام الخامنئي دام ظله على أهميَّة موضوع المرأة لما للمرأة من دور خطير إذا أُهمِل أدّى بالمجتمع إلى الفساد والضياع والإنحلال، وإذا أعطي حقه ودوره الذي خُلق له، كان له الإيجابية البنّاءة على تطور المجتمع روحياً وعقلياً ومادّياً.
عدد الزوار: 273أهميَّة قضية المرأة
لقد أكد سماحة الإمام الخامنئي دام ظله على أهميَّة موضوع المرأة لما للمرأة من دور خطير إذا أُهمِل أدّى بالمجتمع إلى الفساد والضياع والإنحلال، وإذا أعطي حقه ودوره الذي خُلق له، كان له الإيجابية البنّاءة على تطور المجتمع روحياً وعقلياً ومادّياً.
فالمرأة والرجل شريكان في هذه الحياة، وعلى كلٍّ منهما أن يقوم بدوره وأن يأخذ حقه ويعطي الحقّ للاخر. فتعطيل النساء وهنَّ نصف المجتمع أو ظلمهنَّ، سيؤدي إلى شلِّ عنصر مهم من عناصر المجتمع، وبذلك يتأخر المجتمع ويتقهقر إلى الوراء.
يقول الإمام دام ظله: "... مسألة المرأة هي مسألة مهمة جداً، وجدّية جداً، ومؤثرة كثيراً في وضع المستقبل. ورغم البحوث والدراسات الكثيرة التي جرت خلال هذه الأعوام حول مسألة المرأة في الجمهورية الإسلامية، وحول المرأة الإيرانية، والمرأة في نظر الإسلام، وخاصة أحاديث الإمامرحمه الله الذي تبين أنه كان يهتم بقضية المرأة اهتماماً خاصاً، ويدافع عنها. لكن ما تزال هناك أعمال كثيرة لم تؤدِّ، بل إن ما أُدي منها فهو قليل...".
ولقد اهتم القران الكريم بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدِّ الذي أنزلت فيه سورة طويلة مسمَّاة باسم " النساء ". وهذا ما يدل على خطورة العنصر النسائي في المجتمع الإنساني؛ وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر والالتفات إلى قضاياه.
ورغم هذه الأهميَّة لهذا العنصر، إلا أن التاريخ والحاضر قد ظلمها ولم يلتفت إلى خطورة دورها، ذلك أن المجتمع في العصور القديمة وما يزال، رغم تطور الحياة الفكرية لدى البشر، لا ينظر إليها كعنصر فعّال له أهميَّة في نهوض المجتمع وتكامله.
العلاج الصحيح لقضايا المرأة
ولخطورة هذا العنصر، كان لا بد من المعالجة الصحيحة لأمور المرأة وقضاياها وهمومها، فأيُّ خطأ في التشخيص والمعالجة سيؤدي إلى زعزعة كيان وبناء المجتمع.
يقول سماحته دام ظله: " أبدأ حديثي حول مرحلة إعادة بناء هذا البلد الإسلامي،حيث الاعتماد الأكبر على الطاقات البشرية، ففي هذه المرحلة يعمل الشعب والمسؤولون على إعادة بناء حقيقية لإيران الكبرى، في المجال المادي وفي مجال النظم الاجتماعية وفي المجالات المعنوية أيضاً. فأيُّ بلد يُراد أن يعاد بناؤه بالمعنى الحقيقي، لا بد أن يكون جلّ اهتمامه والتفاته إلى الإنسان والطاقات البشرية. وعندما نتحدّث عن الطاقات البشرية علينا أن نلتفت إلى أن النساء يشكِّلن نصف عدد سكان البلد، ونصف الطاقات البشرية. فإذا كانت هناك نظرة خاطئة إلى المرأة، فإن إعادة البناء بمعناها الحقيقي وفي مستواها الواسع لن تحصل ".
فشل الحضارات في حلّ قضية المرأة
ومن يستقرئ التاريخ والحاضر يرى أن قضية المرأة لم تعالج العلاج الصحيح، يقول القائد دام ظله: " بالنسبة لقضية المرأة التي ما زالت تطرح في العالم، فإن كلاماً كثيراً قيل فيها ويقال، وعندما ننظر إلى الخريطة الإنسانية للعالم والمجتمعات البشرية وإلى المجتمعات الإسلامية كبلدنا وسائر البلدان الإسلامية، وإلى المجتمعات غير الإسلامية، ومنها المجتمعات التي تعدّ متمدِّنة ومتطوّرة، للأسف فإننا نجد في كل هذه المجتمعات قضية باسم المرأة ما تزال موجودة، هذا الأمر يدل على وجود نوع من النظرة المعوجّة والسيرة المعوجّة، ويحكي عن وجود نوع من قصر النظر تجاه القضايا الإنسانية. ويتبين أن البشر رغم كلِّ إدعاءاتهم، ورغم كل الجهود التي قام بها المخلصون والمتحمِّسون، ورغم كلِّ الجهود الثقافية الواسعة التي بذلت حول قضية المرأة خاصة؛ لكنهم حتى الان لم يتمكّنوا من العثور على صراط مستقيم وطريق صحيح لقضية الجنسين، ولقضية المرأة التي تتبعها قضية الرجل بشكل أو باخر. لعلّ بينكنّ أيتها السيدات من رأت أو قرأت الأعمال الأدبيّة والفنيّة لفنّانات العالم الموجودة بلغاتها الأصلية أو ما ترجم منها إلى اللغة الفارسيّة، فكل تلك الأعمال تتحدّث عن نفس المسألة التي تحدثنا عنها. مما يعني أن البشر لم يتمكنوا حتى الان من حل مسألة المرأة وما يتبعها من مسألة الجنسين المرأة والرجل، ومسألة الإنسانية. وبعبارة أخرى: فإن الإسراف والتعامل المعوج والفهم الخاطىء، وما ينتج عن ذلك من تعدّيات وظلم وخواء روحي ومشاكل أسرة ومشاكل متعلقة بالإختلاط والامتزاج والعلاقات بين الجنسين، كل تلك الأمور ما تزال جزءاً من القضايا التي لم تحلها البشرية. فالبشر الذين اكتشفوا الأجرام السماويّة وغاصوا في أعماق البحار، ويتحدّثون عن أدق الأمور في علم النفس وبحوثه وعن القضايا الاجتماعية والاقتصادية وسائر الأمور، وبالفعل قد تقدّموا في كثير من تلك العلوم، لكنهم ما زالوا عاجزين أمام هذه القضيّة، بحيث لو أردت أن أبيّن هذا العجز بفهرسة عناوينه لاحتجت لزمان كبير ".
المرأة تاريخياً
بعد أن تبيّن لنا من كلام القائد أهميّة العنصر النسائي، وضرورة الحلّ الصحيح لقضايا المرأة، يحسن بنا مراجعة التاريخ قليلاً لكي نرى ظلم التاريخ للمرأة، وكيف فشل التاريخ في تقدير المرأة وعلاج أمورها الحسَّاسة.
يقول سماحته دام ظله: " ... لو نظر الإنسان لوجد مع الأسف أن هناك ظلماً تاريخياً لحق بالمرأة طوال التاريخ، وأكثره ناشىء من الجهل بمكانة المرأة وقدرها، وهذا الأمر كان في كلِّ الدّول... ". " ... إني أعتقد أن الظلم قد لحق بالمرأة طوال التاريخ، وفي المجتمعات المختلفة... بسبب جهل البشر، فطبيعة البشر الجهل، حيث القوي يظلم الضعيف، إلا إذا كانت هناك قوة خارجية تسيطر عليه... كالقانون وسيف القانون وعصاه، أو أن يكون هناك رادع داخل الإنسان، أي إيمان قوي وواعٍ وصريح، وهذا الأمر نادر جدّاً ". لنمشي مع التاريخ باختصار لنرى كيف هي صورة التاريخ إزاء المرأة؟
أ- المرأة عند العرب في الجاهلية
كانت المرأة العربية في الجاهلية أحط من أي سلعة فهي لا ترث، وليس لها حق المطالبة، وزواجها يرجع إلى أمر وليها، وليس لها حق الاعتراض ولا المشورة، حتى أن الولد يمنع أرملة أبيه من الزواج... وكانت المرأة تمنع من الزواج إلا من قريبها لوجود حق الدَّم عليها! والعرب مثل غيرهم من الشعوب القديمة كانوا يفرحون إذا ولد لهم ولد ذكر، ويغتمون إذا ولد لهم أنثى... إلى حدِّ وأد البنات ودفنها حيَّة1..
ب- المرأة في بلاد فارس
لم يكن وضع المرأة عندهم أحسن مما كانت عليه في بلاد النيلمصر والبلاد الصينية،... إن قوانين زرادشت، كانت جائرة وظالمة بحق المرأة، فإنّها كانت تعاقبها أشد العقوبة إذا صدر عنها أقل خطأ 2...
ج- المرأة في بلاد اليونان
لم تكن المرأة عندهم إلا خلقاً من الدرك الأسفل، في غاية المهانة والذل، في كلّ جانب من جوانب الحياة الاجتماعية، وأما منازل العز والكرامة في المجتمع فكانت كلها مختصة بالرجل.
د- المرأة في بلاد الرومان
القوانين والأنظمة الرومانية، كانت تميل إلى الظلم والحرمان والاضطهاد تجاه المرأة. فالرجل في مجتمعهم له في الأسرة حقوق الملك كاملة.. إزاء هذا الوضع كان للمرأة رد فعل عكسي بعد حين فأخذت تنجرف في تيار الفساد والاستهتار.. وتراخت عرى الأخلاق وصيانة الاداب في المجتمع الروماني، وانفلتت الشهوات، فأصبحت المسارح مظاهر للخلاعة والتبّرج الممقوت3.
وهنا يشير سماحة القائد دام ظله إلى لفتة مهمّة وهي:" أن أساس المدنية الأوروبية المعاصرة هي الثقافة الرومانية، أي أن الأصول والخطوط التي كانت موجودة في الامبراطورية الرومانية هي التي تحكم الثقافة الغربية كلها، ومن خلفها الثقافة الأمريكية وحثالات الغرب. هي نفسها اليوم الملاك والمعيار. ففي تلك العصور الغابرة كانوا يرفعون المرأة إلى أعلى المناصب أيضاً، وكانوا يحترمونها، وكانوا يزينونها ويبرجونها، لكن من أجل ماذا؟ لإشباع خصلة بشرية عند الرجل هي الأكثر ترابية ومادّية، وما أشدّها من إهانة وتحقير للإنسان ولجنس المرأة. في إيران أيضاً كان الوضع هكذا، لقد سمعتم عن مجالس النساء للملوك الساسانيين، ماذا تعني صالات ومجالس النساء تلك؟ إنها تعني إهانة المرأة. رجل واحد يمتلك القدرة فيسمح لنفسه بالاحتفاظ بألف امرأة في مجلسه! ولو كان جميع أفراد الشعب في عهد ذلك الملك يمتلكون القدرة مثله، لاحتفظ كل واحد منهم لنفسه بألف امرأة أو خمسماية أو أربعماية أو مئتين! أي نظرة تلك إلى المرأة؟! ".
هـ- المرأة الهندية
تتخذ المرأة مملوكة، وينزل الرجل منها منزلة المالك أو المعبود! ثم بعد هذا الهوان والذُّل، يقدِّمونها ضحية على نيران زوجها المتوفى فيلحقونها به وهي حيَّة بإحراقها في النار! وكان الهنود يحرمون المرأة من جميع حقوق الملكية، ومن الإرث أيضاً، وهم يسلمونها إلى أي رجل، بغير رضاها أو مشورتها، وكان الشعب الهندي يعتقد، أن المرأة هي مادة الإثم وعنوان الانحطاط الخلقي والروحي، ولا يسلم لها حتى بوجود الشخصية المستقلة كإنسان كامل 4.
*المرأة حقوق وحرية وحجاب, سلسلة في رحاب الولي الخامنئي, نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- المرأة في ظل الإسلام، مريم نور الدين فضل اللَّه، ص12 وما بعدها
2- م.ن، ص26.
3- م.ن، ص30 29.
4- م.ن، ص32 31.