إيمان فاطمة بنت أسد عليها السلام
السيدة فاطمة بنت أسد (ع)
ويستفاد من الروايات أن فاطمة بنت أسد عليها السلام كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لـه تعالى على دين إبراهيم عليه السلام ولم تكن تعبد الأصنام أبداً لا كسائر الجاهليين، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت من السابقات إلى الإسلام
عدد الزوار: 281
ويستفاد من الروايات أن
فاطمة بنت أسد عليها السلام كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لـه تعالى على دين
إبراهيم عليه السلام ولم تكن تعبد الأصنام أبداً لا كسائر الجاهليين، فلما بعث رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت من السابقات إلى الإسلام والمؤمنات بنبوته صلى
الله عليه وآله وسلم.
من عظمة المولود
لا يخفى أنّ الإمام علي عليه السلام هو أعظم شخصية بعد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وهذا ما نصّت عليه الأدلّة المتواترة عند العامّة والخاصّة، ولذا فإنّه
عليه السلام كان أعظم ولد أبي طالب وأشرفهم منزلة، ومن هنا فقد أشرنا إلى كيفية
ولادته عليه السلام دون سائر اُخوته، خاصّة أنّ الروايات الشريفة ومصنّفات التاريخ
قد أشارت إلى ولادته بالتفصيل، ومن ذلك:
ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري حيث قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم عن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: إنّ الله تبارك
وتعالى خلقني وعلياً من نور واحد قبل أن يخلق الخلق بخمسمائة ألف عام، فكنّا نسبّح
الله ونقدّسه، فلمّا خلق الله تعالى آدم عليه السلام قذف بنا في صلبه واستقررت أنا
في جنبه الأيمن وعلي في الأيسر، ثم نقلنا من صلبه في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام
الطيّبة، فلم نزل كذلك حتّى أطلعني الله تبارك وتعالى من ظهر طاهر وهو عبد الله بن
عبد المطّلب فاستودعني خير رحم وهي آمنة، ثمّ أطلع الله تبارك وتعالى علياً من ظهر
طاهر وهو أبو طالب واستودعه خير رحم وهي فاطمة بنت أسد، ثم قال: يا جابر ومن قبل أن
وقع علي عليه السلام في بطن اُمّه كان في زمانه رجل عابد راهب يقال لـه المثرم بن
دعيب بن الشيقتام وكان مذكوراً في العبادة قد عبد الله مائة وتسعين سنة ولم يسأله
حاجة، فسأل ربّه أن يريه وليّاً لـه، فبعث الله تبارك وتعالى بأبي طالب إليه، فلمّا
أن بصر به المثرم قام إليه فقبّل رأسه وأجلسه بين يديه، فقال: من أنت يرحمك الله؟
قال: رجل من تهامة.
فقال: من أي تهامة؟
قال: من مكّة.
قال: ممّن؟
قال: من عبد مناف.
قال: من أي عبد مناف؟
قال: من بني هاشم.
فوثب إليه الراهب وقبّل رأسه ثانياً، وقال: الحمد لله الذي أعطاني مسألتي ولم يمتني
حتّى أراني وليّه.
ثم قال: أبشر يا هذا فإنّ العلي الأعلى قد ألهمني إلهاماً فيه بشارتك.
قال أبو طالب: وما هو؟
قال: ولد يخرج من صلبك هو ولي الله تبارك اسمه وتعالى ذكره وهو إمام المتّقين ووصي
رسول ربّ العالمين، فإن أدركت ذلك الولد فأقرئه منّي السلام وقل له: إنّ المثرم
يقرأ عليك السلام.
فبكي أبو طالب وقال له: ما اسم هذا المولود؟
قال: اسمه علي.
فقال أبو طالب: إنّي لا أعلم حقيقة ما تقوله إلاّ ببرهان بيّن ودلالة واضحة.
قال المثرم: فما تريد أن أسأل الله لك أن يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك؟
قال أبو طالب: اُريد طعاماً من الجنّة في وقتي هذا.
فدعا الراهب بذلك، فما استتمّ دعاؤه حتّى أتى بطبق عليه من فاكهة الجنّة رطبة وعنبة
ورمّان، فتناول أبو طالب منه رمّانة ونهض فرحاً من ساعته حتّى رجع إلى منزله
فأكلها، فتحوّلت ماء في صلبه فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي عليه السلام وارتجّت
الأرض وزلزلت بهم أياماً حتّى لقيت قريش من ذلك شدّة وفزعوا وقالوا: قوموا بآلهتكم
إلى ذروة أبي قبيس حتّى نسألهم أن يسكنوا ما نزل بكم وحلّ بساحتكم. فلمّا اجتمعوا
على ذروة جبل أبي قبيس فجعل يرتجّ ارتجاجاً حتّى تدكدكت بهم صمّ الصخور وتناثرت
وتساقطت الآلهة على وجهها، فلمّا بصروا بذلك قالوا: لا طاقة لنا بما حلّ بنا.
فصعد أبو طالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه، فقال: أيّها الناس إنّ الله تبارك
وتعالى قد أحدث في هذه الليلة حادثة وخلق فيها خلقاً إن لم تطيعوه ولم تقرّوا
بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم ولا يكون لكم بتهامة مسكن.
فقالوا: يا أبا طالب! إنّا نقول بمقالتك.
فبكى أبو طالب ورفع يده إلى الله عزّوجلّ وقال: إلهي وسيّدي أسألك بالمحمّدية
المحمودة وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلاّ تفضّلت على تهامة بالرأفة
والرحمة، فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فتدعو بها
عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها.
فلمّا قربت ولادته أتت السيّدة فاطمة إلى بيت الله وقالت: ربّ إنّي مؤمنة بك وبما
جاء من عندك من رسل وكتب، مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم عليه السلام فبحقّ الذي بنى
هذا البيت وبحقّ المولود الذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي، فانفتح البيت ودخلت
فيه، فإذا هي بحواء ومريم وآسية واُمّ موسى وغيرهن، فصنعن مثل ما صنعن برسول الله
وقت ولادته، فلمّا ولد سجد على الأرض يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ
محمّداً رسول الله وأشهد أنّ علياً وصي محمّد رسول الله، بمحمّد يختم الله النبوّة
وبي تتم الوصية وأنا أمير المؤمنين، ثمّ سلّم على النساء وسأل عن أحوالهن وأشرقت
السماء بضيائه، فخرج أبو طالب يقول: أبشروا فقد ظهر ولي الله يختم به الوصيين وهو
وصي نبي ربّ العالمين .
* أمهات المعصومين عليهم السلام/ السيد محمد الشيرازي.