حقوق الرعية
رسالة الحقوق للإمام زين العابدين(ع)
فأَمَّا حُقُوقُ رَعِيَّتِكَ بالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ1 أَنَّكَ إنَّمَا اسْتَرْعَيْتَهُمْ بفَضْلِ قُوَّتِكَ عَلَيْهِمْ فَإنَّهُ إنَّمَا أَحَلَّهُـــــــــــمْ مَحَلَّ الرَّعِيَّةِ لَكَ ضَعْفُهُمْ وَذُلُّهُمْ، فَمَــــا أَوْلَى...
عدد الزوار: 453
18. حق الرعية بالسلطان
فأَمَّا حُقُوقُ رَعِيَّتِكَ بالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ1 أَنَّكَ إنَّمَا اسْتَرْعَيْتَهُمْ بفَضْلِ قُوَّتِكَ عَلَيْهِمْ فَإنَّهُ إنَّمَا أَحَلَّهُـــــــــــمْ مَحَلَّ الرَّعِيَّةِ لَكَ ضَعْفُهُمْ وَذُلُّهُمْ، فَمَــــا أَوْلَى مَنْ كَفَاكَهُ ضَعْفُهُ وَذُلُّهُ حَتَّى صَيَّرَهُ لَكَ رَعِيَّةً وَصَيَّرَ حُكْمَكَ عَلَيْهِ نَافِذاً، لا يَمْتَنِعُ مِنْـــــــــــــــــكَ بعِزَّة وَلا قُوَّة وَلا يَسْتَنْصِرُ فِيمَا تَعَاظَمَــــــهُ مِنْكَ إلا (باللهِ) بالرَّحْمَةِ وَالْحِيَاطَةِ2 وَالأَناةِ3، وَمَـــــــــا أَولاكَ إذَا عَرَفْتَ مَا أَعْطَــــــــــاكَ الله مِنْ فَضْلِ هذِهِ الْعِزَّةِ وَالقُوَّةِ الَّتِي قَهَرْتَ بهَـــــــــــا أَنْ تَكُونَ لِلّهِ شَاكِراً، وَمَـــــنْ شَكَرَ الله أَعْطَاهُ فِيمَا أَنعَمَ عَلَيْهِ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ.
19. حق الرعية
بالعلموأمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بالعِلْمِ فَأَنْ تَعْلَــمَ أَنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَكَ لَهُمْ 4 فِيمَـــــــا آتاكَ مِنَ الْعِلْمِ وَولاّكَ مِنْ خَزَانةِ الْحِكْمَةِ، فَــــــــــإنْ أَحْسَنْتَ5فِيمَــــــا ولاّكَ اللهُ مِنْ ذلِكَ وَقُمْتَ بهِ لَهُمْ مَقَامَ الخَـــــازِنِ الشَّفِيقِ النَّـــــــاصِحِ لِمَـــولاهُ فِي عَبيدِهِ، الصَّــــــابرِ الْمُحْتَسِب الَّذِي إذَا رأَى ذا حَـــــاجَة أَخرَجَ لَهُ مِنَ الأَمْوَالِ الَّتِي فِي يَدَيهِ كُنْتَ رَاشِدًا، وَكُنْتَ لـــــــــــــِذَلِكَ آمِلاً6 مُعْتَقِدًا وَإلاّ كُنْتَ لَهُ خَائِنًا وَلِخَلقِهِ ظَالِمًا وَلِسَلْبهِ وَعِزِّهِ مُتَعَرِّضًا.
20. حق الزوجة
وَأمَّــــــــــــــا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بمِلْكِ النّكَاحِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ جَـعَـلَـهَـا سَكَنًا وَمُسْتَرَاحًا وَأُنْسًـــــــــا وَوَاقِيةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِد مِنْكُمَا يَجِبُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى صَاحِبهِ، ويَعْلَـــــــــــــمَ أَنَّ ذَلِكَ نِعْمَةٌ مِنْهُ عَلَيْهِ. وَوَجَبَ أَنْ يُحْسِــــــــــنَ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ وَيُكْرِمَهَا ويَرْفَقَ بهَا وَإنْ كَانَ حَقُّكَ عَلَيْهَا أَغْلَظَ7 وَطَاعَتِكَ بهَا أَلْزَمَ فِيمَا أَحْببْتَ وَكَرِهْتَ مَا لَمْ تَكنْ مَعْصِيةً، فإنَّ لَهَا حَقُّ الرَّحــــــــْمَةُ وَالْمُؤَانَسَةِ، وَمَوْضِعُ السُّكُونِ إلَيهَا قَضَاءَ اللَّذَّةِ الَّتِي لا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَــــــــا وَذَلِكَ عَظِيـــــمٌ. وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.
21. حق الرعية بملك اليمين
وَأمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بمِلْكِ اليَمِينِ فَأَنْ تَعْلَمَ أنَهُ خَلْقُ رَبكَ، وَلَحْمُــــكَ وَدَمُــــكَ وَأَنَّـــــــــــكَ تَمْلِكُهُ لا أنْتَ صَنَعْتَهُ دُونَ اللَّهِ وَلا خَلَقْتَ لَهُ سَمْعًـــــا وَلا بَصَرًا وَلا أَجْرَيتَ لَهُ رِزْقًا وَلَكِنَّ اللَّهَ كَفَاكَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَخَّرَهُ لَكَ وَائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ وَاسْتَوْدَعَكَ إيَّـــــاهُ لِتَحْفَظَهُ فِيهِ وتَسِيرَ فِيهِ بسِيرَتِهِ فَتُطْعِمَهُ مِمَّا تَأْكُلُ وَتُلْبسَهُ مِمَّا تَلْبَسُ وَلا تُكَلِّفَهُ مَـــــــــا لا يُطِيقُ، فَإنْ كَرِهْتَ(هُ) خَرَجْتَ إلَى اللَّهِ مِنْهُ وَاسْتَبْدَلْتَ بهِ وَلَـمْ تُعَذِّبْ خَلْقَ اللَّهِ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ.
1- في مكارم الأخلاق: أنَّهُم صارُوا رَعيتَكَ لِضَعْفِهِم و قُوَّتِكَ فيَجِبُ أنْ تَعدِلَ فيهم و تَكونَ لَهم كالوالِدِ الرَّحيمِ،و تَغْفِرَ لَهم جَهْلَهُم و لا تُعاجِلَهُم بالعُقوبَةِ، و تشكر الله عزَّ وجَلَّ علي ما آتاكَ مِنَ القُوَّةِ عليهِم
2- الحياطة: الحفاظة والحماية والصيانة
3- الأناة: الوقار والحلم وأصله الانتظار.
4- هنا لعله قد سقطت كلمة "خازنا" من قلم النسّاخ
5- في المكارم الأخلاق: فَإنْ أحْسَنْتَ في تعلُّّمِ الناسِ و لَم تَخرِقْ بهم و لَم تَضْجُرْ عليهم زادَكَ الله مِنْ فَضلِهِ، و إنْ أنت مَنَعْتَ الناسَ علمَكَ أو خَرَقْتَ بهم عِنْدَ طَلَبَهِم العِلمَ مِنكَ كانَ حقاً عَلي اللّهِ عز وجل أن يَسْلِبَكَ الْعِلْمَ و بَهاءَهُ و يَسقُطَ مِنَ القلوب مَحَلَّكَ
6- الآمل: خادم الرجل وعونه الذي يأمله.
7- في مكارم الأخلاق:فانَّ لَها عَلَيْكَ أنْ تَرْحَمَها لأَنَّها أسيرُكَ و تُطْعِمُها و تَكْسُوها،فِإذا جَهِلَتْ عَفَوْتَ عَنْها