يتم التحميل...

ترك آدم(ع) للأولى وكيفية قبول توبته وكيفية نزوله من الجنة وحزنه عليها

النبي آدم عليه السلام

في كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين وخلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء والطين وهمة النساء الرجال. و في العلل والأمالي مسندا إلى الحسن بن علي عليه السلام قال...

عدد الزوار: 521

في كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين وخلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء والطين وهمة النساء الرجال.

و في العلل والأمالي مسندا إلى الحسن بن علي عليه السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألوه عن مسائل فقالوا أخبرنا عن الله لأي شي‏ء وقت هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار فأجاب إلى أن قال وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها من الشجرة فأخرجه الله من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة واختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز وجل وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدني وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته فافترض الله عز وجل هذه الثلاث ركعات على أمتي ثم قال فأخبرني لأي شي‏ء توضأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ودنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام وهو أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطار الحلي والحلل عن جسده ثم وضع يده على رأسه وبكى فلما تاب الله عليه فرض الله عليه وعلى ذريته الوضوء على الجوارح الأربع وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره أن يغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناوله منه وأمره أن يمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم قال أخبرني لأي شي‏ء فرض الله الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوم وفرض الله على آدم أكثر من ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أكل آدم من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوم وفرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضل من الله عز وجل عليهم وكذلك كان على آدم ففرض الله على أمتي ذلك ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ.

تفسير علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن موسى عليه السلام سأل ربه أن يجمع بينه وبينآدم عليه السلام فجمع فقال له موسى يا أبت أ لم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأمرك أن لا تأكل من الشجرة فلم عصيته قال يا موسى بكم وجدت [حل على] قبل خلقي في التوراة قال بثلاثين سنة قال فهو نسلك قال الصادق عليه السلام فحج آدم موسى عليه السلام.

أقول: وجد أن الخطيئة قبل الخلق أما في عالم الأرواح كما قيل بأن تكون روح موسى عليه السلام اطلعت على ذلك في اللوح والمراد أنه وجد في التوراة أن تقدير خطيئة آدم عليه السلام كان قبل خلقه بثلاثين سنة وفي الأخبار دلالة عليه وقوله فحج أي غلبه في الحجة.
و هذا من فروع مسألة القضاء والقدر وراجع إلى العلم القديم وهي المعركة الكبرى بين علماء الإسلام وضل به خلق كثير وطوائف لا تحصى فوردوا النار بهاتين المسألتين.

و عنه عليه السلام: لما خرج آدم من الجنة نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال يا آدم أ ليس الله خلقك بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك الملائكة وزوجك حواء أمته وأسكنك الجنة وأباحها لك ونهاك مشافهة أن لا تأكل من الشجرة فأكلت منه وعصيت الله فقال آدم عليه السلام إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا.

معاني الأخبار وعيون الأخبار بإسناده إلى الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام يا ابن رسول الله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة ومنهم من يروي أنها العنب ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد فقال كل ذلك حق قلت فما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال يا أبا الصلت إن شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدني وإن آدم عليه السلام لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته وبإدخاله الجنة قال في نفسه هل خلق الله بشرا أفضل مني فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم عليه السلام يا رب من هؤلاء فقال عز وجل من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهما فتسلط الشيطان عليه حتى أكل من الشجرة التي نهي عنه وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة عليها السلام بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل منها آدم فأخرجهما الله عز وجل عن جنته وأهبطهما عن جواره إلى الأرض.

أقول: اختلفوا في الشجرة التي ورد النهي عنها فقيل كانت السنبلة.

و رووه عن ابن عباس ويدل عليه بعض الأخبار وقيل هي الكرمة وقيل شجرة الكافور.

و قيل التينة وقيل شجرة العلم علم الخير والشر وقيل هي شجرة الخلد التي كانت تأكل منها الملائكة والكل مروي في الأخبار وهذه الرواية تجمع بين الروايات وأكثر الأقوال وسيأتي ما هو أجمع للأقوال والأخبار والمراد بالحسد هنا الغبطة التي تركها هو الأولى وقوله وتمنى منزلتهم دال عليه وحينئذ فمعنى شجرة الحسد الشجرة التي كان سبب الأكل منها الحسد.

علل الشرائع بإسناده إلى الباقر عليه السلام قال: لو لا أن آدم أذنب ما أذنب مؤمن أبد ولو لا أن الله عز وجل تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا.

و فيه عن أبي عبد الله عليه السلام: لما أهبط الله آدم من الجنة ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال حزنه وبكاؤه على ما ظهر به فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال ما يبكيك يا آدم قال لهذه الشامة التي ظهرت بي قال قم فصل فهذا وقت الأولى فقام فصلى فانحطت الشامة إلى صدره فجاءه في الصلاة الثانية فقال يا آدم قم فصل فهذه وقت الصلاة الثانية فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته فجاء في الصلاة الثالثة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه فجاءه في الصلاة الرابعة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى رجليه فجاءه في الصلاة الخامسة فقال آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة فقام فصلى فخرج منها فحمد الله وأثنى عليه فقال جبرئيل عليه السلام يا آدم مثل ولدك في هذه الصلاة كمثلك في هذه الشامة من صلى من ولدك في كل يوم وليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة.

و فيه أنه سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام لم صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال: من قبل السنبلة كان عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة وأطعمت آدم حبتين فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظ الأنثيين.

و فيه عن أبي عبد الله عليه السلام: كيف صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال لأن الحبات التي أكل منها آدم وحواء في الجنة كانت ثماني عشرة أكل آدم منها اثنتي عشرة حبة وأكلت حواء ستا فلذلك صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.

أقول: يجمع بين الخبرين بحمل ما تقدم على أول سنبلة أخذاها كذلك حتى صار ثماني عشرة والمراد أنها كانت على شعبة فيها ثلاث حبات وكانت الشعبة ست.

و عنه عليه السلام: في حديث طويل قال فيه إن آدم جاء من الهند وكان موضع قدميه حيث يطأ عليه العمران وما بين القدم إلى القدم صحاري ليس فيها شي‏ء ثم جاء إلى البيت فطاف الحديث.

و في ذلك الكتاب عن ابن مسعود وسئل عن أيام البيض ما سببها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن آدم لما عصى ربه عز وجل ناداه مناد من لدن العرش يا آدم اخرج من جواري فإنه لا يجاورني أحد عصاني فبكى وبكت الملائكة فبعث الله عز وجل إليه جبرئيل فأهبطه إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت وبكت وانتحبت وقالت يا رب خلقا خلقته ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك فبذنب واحد حولت بياضه سوادا فنادى مناد من السماء صم لربك اليوم فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر أن صم لربك فصام فذهب ثلثا السواد ثم نودي في اليوم الخامس عشر بالصيام فصام وقد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض التي رد الله فيها على آدم من بياضها ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك ولولدك من صامها في كل شهر فإنما صام الدهر ثم قال فأصبح آدم وله لحية سوداء كالحمم فصرف يده إليها فقال يا رب ما هذه فقال هذه اللحية زينتك بها أنت وذكور ولدك إلى يوم القيامة.

معاني الأخبار بإسناده إلى المفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاه وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلى الله عليه وآله وسلم فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال فهؤلاء حججي على خلقي لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني جعلته معهم في روضات جناتي فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحمله وبأثقالها يدعيها لنفسه دون خبرتي فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنه وأشفقن من ادعاء منزلته وتمني محلها من عظمة ربها فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُم ولا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا يا ربنا لمن هذه المنزلة فقال الله جل جلاله ارفعا رأسيكما إلى ساق العرش فرفعا رأسيهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلى الله عليه وآله وسلم مكتوبة من ساق العرش من نور الجبار جل جلاله فقالا يا ربنا ما أكرم هذه المنزلة عليك فقال لولاهم لما خلقتكما إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ قالا ربن ومن الظالمون قال المدعون لمنزلتهم بغير حق قالا ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان العذاب فأوحى الله إليهما يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنوار حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ وقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهم وبقيا عريانين فناداهما ﴿أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَن وإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَن وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش فلما أراد الله عز وجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليه السلام فقال لهما إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز وجل إلى أرضه فاسألا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما فقالا اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلا تبت علين ورحمتنا فتاب الله عليهما فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أممهم فيأبون حمله ويشفقون من ادعائه وحملها الإنسان الذي قد عرفت فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة وذلك قول الله عز وجل ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والْأَرْضِ والْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَه وأَشْفَقْنَ مِنْه وحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.

أقول: لا يتوهم أن آدم عليه السلام صار يتمنى منزلتهم من الظالمين المدعين لمنزلتهم حتى يستحق بذلك أليم النكال فإن في عده من الظالمين هنا نوعا من التجوز لأنه تشبه بهم في التمني ومخالفة الأمر الندبي لا في ادعاء المنزلة وغصبه والقتل عليه وحمل الأمانة غير حفظها كما يدل عليه قوله فلم تزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة إلى قوله فيأبون حملها فالمراد بحملها ادعاؤها بغير حق وغصبه وقال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حمله ومن لم يحمل الأمانة فقد أداها فآدم عليه السلام لم يكن من الحاملين للأمانة على ما ذهب إليه بعض المفسرين وفسروا الإنسان بآدم وقوله الذي قد عرفت هو الأول وهذا مشهور لا أصل له لأن الثاني.

كما قال الصادق عليه السلام: سيئة من سيئات الأول.

﴿وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.

و عن ابن عباس قال: لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله الحمد لله رب العالمين فقال له ربه يرحمك ربك فلما أسجد له ملائكته تداخله العجب فقال يا رب خلقت خلقا أحب إليك مني فلم يجب ثم قال الثالثة فلم يجب ثم قال الله عز وجل له نعم لولاهم ما خلقتك فقال يا رب فأرينهم فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش فقال يا رب من هؤلاء قال يا آدم هذا محمد نبي وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبي ووصيه وهذه فاطمة ابنة نبي وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا ابنة نبي ثم قال يا آدم هم ولدك ففرح بذلك فلما اقترف الخطيئة قال يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي فغفر الله له بهذا فهذا الذي قال الله عز وجل ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ فلما هبط إلى الأرض صاغ خاتما فنقش عليه محمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين ويكنى آدم بأبي محمد عليه السلام.

معاني الأخبار بإسناده إلى الصادق عليه السلام قال: لقد طاف آدم عليه السلام بالبيت مائة عام ما ينظر إلى وجه حواء ولقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العظيمين من الدموع ولقد قام على باب الكعبة ثيابه جلود الإبل والبقر فقال اللهم أقلني عثرتي واغفر لي ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها فقال الله عز وجل قد أقلتك عثرتك وغفرت لك ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها.

أقول: فيه دلالة على أن الجنة التي أخرج منها هي جنة الخلد لأنها التي سيعود إليه وكذلك الأخبار السابقة وما بمعناها الدالة على أنه نظر إلى منزلة محمد وعلي وإلى أنه رآهم مكتوبين على أركان العرش فإن العرش سقف لجنة الخلد كما جاء في الحديث أن الجنة فوق السماء وسقفها العرش والتأويل بالجمل على أنها جنة البرزخ التي تأوي أرواح المؤمنين بعيد لما عرفت وحينئذ فطريق الجمع ما مر من حمل الأخبار الدالة على أنها من بساتين الدنيا على التقية.

و في ذلك الكتاب الحديث عن الصادق عليه السلام.

و فيه أن الكلمات التي تلقاهاآدم عليه السلام فتاب عليه هي النبي وأهل بيته عليه السلام ثم قال المفضل فما يعني عز وجل بقوله ﴿فَأَتَمَّهُنَّ قال يعني أتمهن إلى القائم عليه السلام اثني عشر إماما تسعة من ولدالحسين عليه السلام.

أقول ورد أن الكلمات هي قوله تعالى ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ... الآية.

و ورد أيضا أنها قوله سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك الدعاء.

و ورد غيره أيضا.

و الجمع بين الروايات الجمع بينها إلا أن الأصل هو ما روي عن السادة الأطهار صلى الله عليه وآله وسلم من أنها أسماؤهم.

و في الحديث: أن آدم عليه السلام لما كثر ولده وولده كانوا يتحدثون عنده وهو ساكت فقالوا يا أبة ما لك لا تتكلم فقال يا بني إن الله جل جلاله لما أخرجني من جواره عهد إلي وقال أقلل كلامك ترجع إلى جواري.

قصص الراوندي بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: ن آدم عليه السلام نزل بالهند فبنى الله تعالى له البيت فلما خطا من الهند فكان موضع قدميه حيث خطا عمران وما بين القدم والقدم صحاري.

أقول: المشهور في الأخبار عن السادة الأطهار صلى الله عليه وآله وسلم أن نزولآدم عليه السلام كان على الصف ونزول حواء على المروة وهذا الخبر وما روي بمعناه يدل على أن نزولهما كان بالهند وحمله بعض أهل الحديث على التقية لأنه المشهور بين العامة أن آدم عليه السلام هبط على جبل في سرنديب يقال له نود وحواء هبطت في جدة مع أنه يمكن أن يقال إن هبوطهما على الصف والمروة بعد دخولهما مكة من اهبطوا مصرا.

العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يجمع بينه وبين آدم عليه السلام حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل فقال له موسى يا أبت أنت الذي خلقك الله بيده وأباح لك جنته ثم نهاك عن شجرة واحدة فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها حتى أغراك إبليس فأطعته فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك فقال آدم عليه السلام ارفق بأبيك يا بني فيما لقي من أمر هذه الشجرة يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر والخديعة فحلف لي بالله إنه في مشورته علي لمن الناصحين وذلك أنه قال لي منتصحا إني لشأنك يا آدم لمغموم قلت وكيف قال قد كنت أنست بك وبقربك مني وأنت تخرج مما أنت فيه إلى ما أستكرهه فقلت له وما الحيلة فقال إن الحيلة هو ذا معك أ فلا أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فكلا منها أنت وزوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين وحلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين ولم أظن يا موسى أن أحدا يحلف بالله كاذبا فوثقت بيمينه فهذا عذري فأخبرني يا بني هل تجد فيما أنزل الله أن خطيئتي كائنة من قبل أن أخلق قال له موسى بدهر طويل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحج آدم موسى قال ذلك ثلاثا.

أقول: أما أن تلك الشجرة شجرة الخلد فهو غير كاذب فيما قاله إلا أن من أكلها أفادته الخلد في الجنة إذا كان الأكل مباحا منها يكون مأمورا به وإذا كان الأكل منهيا عنه يكون أثره المترتب عليه ما وقع على آدم من إخراجه من الجنة في ذلك اليوم وقوله بدهر طويل يرجع حاصله إلى أن الله سبحانه علم بذنب آدم وقدره موافقا للعلم القديم كما هو حال جميع مقدرات الله سبحانه ومقدراته.

العياشي عن عبد الله بن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر كم لبث آدم عليه السلام وزوجته في الجنة حتى أخرجهما منها فقال إن الله تبارك وتعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه ثم أسجد له ملائكته وأسكنه جنته من يومه ذلك فو الله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس وما باتا فيه وصيرا بفناء الجنة حتى أصبحا ﴿فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُم وناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ فاستحى آدم من ربه وخضع وقال ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا قال الله لهما اهبطا من سماواتي إلى الأرض فإنه لا يجاورني في جنتي عاص ولا في سماواتي.

و قال أبو عبد الله عليه السلام: إن آدم لما أكل من الشجرة ذكر ما نهاه الله عنها فندم فذهب ليتنحى من الشجرة فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليه وقالت له أ فلا كان فرارك قبل أن تأكل مني.

و في هذا الحديث دلالة على أن تلك الجنة كانت في السماء والظاهر أنها شجرة الخلد.

و في تفسير الإمام العسكري عليه السلام ولا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ: شجرة العلم شجرة علم محمد وآل محمد آثرهم الله تعالى به على سائر خلقه فقال الله تعالى ﴿وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شجرة العلم فإنها لمحمد وآله خاصة دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إل وهم منها ما كان يتناوله النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب ولا نصب وهي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار المأكول وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والأطعمة فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم هي برة وقال آخرون هي عنبة وقال آخرون هي عنابة وقال الله ﴿وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ تلتمسان بذلك درجة محمد وآل محمد في فضلهم فإن الله عز وجل خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين والآخرين من غير تعلم ومن تناول بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ بمعصيتكم والتماسكما درجة قد أؤثر بها غيركما إذا رمتما بغير حكم الله قال الله تعالى ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها عن الجنة بوسوسته وغروره بأن بدأ بآدم فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين إن تناولتما منها تعلمان الغيب وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة وتكونا من الخالدين لا تموتان أبد وكان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الحية وكان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها فرد آدم على الحية أيتها الحية هذا من غرور إبليس كيف أروم التوصل إلى ما منعني ربي وأتعاطاه بغير حكمه فلما أيس إبليس من قبول آدم عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبه وقال يا حواء أ رأيت هذه الشجرة التي كان الله حرمها عليكما قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الخراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها إن رمتما فاعلما بذلك أنه قد أحل لكم وأبشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة الناهية فوقه فقالت حواء سوف أجرب هذا فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره وأما من جعلته متمكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فإن أطاع استحق ثوابي وإن عصى وخالف أمري استحق عقابي فتركوه ولم يتعرضوا لها بعد ما هموا بمنعها بحرابهم فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها فقالت صدقت الحية وظنت أن المخاطب بها هي الحية فتناولت منه ولم تنكر من نفسها شيئا فقالت لآدم عليه السلام أ لم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لن وتناولت منه ولم تمنعني ملائكته ولم أنكر شيئا من حالي فلذلك اغترآدم عليه السلام وغلط فتناول فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها بغرور ﴿فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من النعيم وقُلْنَا يا آدم ويا حواء ويا أيتها الجنة ويا إبليس ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وآدم وحواء وأولادهما أعداء للحية وإبليس وأولاده ﴿أعداؤكم ولَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ للمعاش ومَتاعٌ إِلى حِينٍ لموت وكانت الحية من أحسن دواب الجنة وهبوطها كان من الجنة وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخول الجنة الحديث.

أقول: اختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم وحواء حتى وسوس إليهم وإبليس كان قد أخرج من الجنة حين أبى السجود وهما في الجنة.

فقيل إن آدم كان يخرج إلى باب الجنة وإبليس لم يكن ممنوعا من الدنو منه فكان يكلمه وكان هذا قبل أن يهبط إلى الأرض وبعد أن أخرج من الجنة.

و قيل: إنه كلمهما في الأرض بكلام عرفاه وفهماه منه.

و قيل: إنه دخل في شدق الحية وخاطبهما من شدقها قال صاحب الكامل إن إبليس أراد دخول الجنة فمنعته الخزنة فأتى كل دابة من دواب الأرض وعرض نفسه عليها أن تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم وزوجته فكل الدواب أبى عليه ذلك حتى أتى الحية وقال لما أمنعك من ابن آدم فأنت في ذمتي إن أدخلتني فجعلته ما بين نابين من أنيابها ثم دخلت به وكانت رأسية على أربع قوائم من أحسن دابة خلقها الله كأنها بختية فأعراها الله تعالى وجعلها تمشي على بطنها انتهى.

و قيل: راسلهما بالخطاب وظاهر الآيات تدل على المشافهة وورد أن السم الذي في أنياب الحية من مقعد الشيطان فيه أما لأنه أثر فيه السم ولأن السم خلق هناك بسببه.

أقول: أعظم شبهة المخطئة للأنبياء عليهم السلام قصة آدم عليه السلام حيث سماه عاص بقوله ﴿وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى.

و أجاب عنه علم الهدى طاب ثراه: بأن العصيان مخالفة الأمر أعم من كونه واجب وندب وأطال في تحقيق المقام وكل هذا يرجع إلى قوله عليه السلام.

حسنات الأبرار سيئات المقربين: وقد حققنا جملة القول في هذه المقالة الواردة في الأنبياء والأئمة عليهم السلام في شرحنا على الصحيفة السجادية عند شرح دعاء الإمام علي بن الحسين عليه السلام إذا استقال من ذنوبه.

و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رن إبليس أربع رنات أولهن يوم لعن وحين أهبط إلى الأرض وحين بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم على حين فترة من الرسل وحين أنزلت أم الكتاب ونخر نخرتين حين أكل يعني آدم من الشجرة وحين أهبط من الجنة.

أقول: الرنة الصوت والصياح والنخير الصوت من الأنف والأول للحزن والثاني للفرح.

و عنه عليه السلام: البكاءون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن الحسين عليه السلام فأما آدم فبكى للجنة حتى صار في خديه مثل الأودية.

و في حديث آخر: أنه بكى حتى خرج من إحدى عينيه من الدموع مثل ماء دجلة ومن الأخرى مثل ماء الفرات.

و عنه عليه السلام: لما أهبط الله عز وجل آدم عليه السلام من الجنة أهبط معه مائة وعشرين قضيبا منها أربعون ما يؤكل منها داخله وخارجه وأربعون منها ما يؤكل داخله ويرمى خارجه وأربعون منها ما يؤكل خارجه ويرمى بداخله وغرارة فيها بذر كل شي‏ء والغرارة الجوالق معرب جوال.

علل الشرائع عن بكير بن أعين قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام هل تدري ما كان الحجر قال قلت لا قال كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند الله عز وجل فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالعهد والميثاق الذي أخذه الله عليهم ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكر الميثاق ويجدد عنده الإقرار كل سنة فلما عصىآدم عليه السلام وأخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد ووصيه وجعله باهتا حيران فلما تاب على آدم حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم وهو بأرض الهند فلما رآه أنس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة فأنطقه الله عز وجل فقال يا آدم أ تعرفني قال لا قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك وتحول إلى الصورة التي كان بها في الجنة مع آدم عليه السلام فقال لآدم أين العهد والميثاق فوثب إليه آدم وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حول الله عز وجل جوهر الحجر درة بيضاء صافية تضي‏ء فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما فكان إذا أعيا عليه حمله عنه جبرئيل عليه السلام حتى وافى به مكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد له الإقرار كل يوم وليلة ثم إن الله عز وجل لما أهبط جبرائيل عليه السلام إلى أرضه وبنى الكعبة هبطا إلى ذلك المكان بين الركن والباب وفي ذلك الموضع تراءيا لآدم حين أخذ الميثاق وفي ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق فلتلك العلة وضع في ذلك الركن ونحي آدم من مكان البيت إلى الصف وحواء إلى المروة وجعل الحجر في الركن فكبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا.

و فيه عنه عليه السلام:: قال أهبط آدم عليه السلام من الجنة إلى الصف وحواء إلى المروة وقد كانت امتشطت في الجنة فلما صارت في الأرض قالت ما أرجو من المشط وأنا مسخوط علي فحلت مشطها فانتشر من مشطها العطر الذي كانت امتشطت به في الجنة فطارت به الريح فألقت أثره في الهند فلذلك صار العطر بالهند.

و في حديث آخر: أنها حلت عقيصتها فأرسل الله عز وجل على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحا فهبت به في المشرق والمغرب.

و فيه عن أمير المؤمنين عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل مما خلق الله عز وجل الكلب قال خلقه من بزاق إبليس قال وكيف ذلك يا رسول الله قال لما أهبط الله عز وجل آدم وحواء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فغدا إبليس الملعون إلى السباع وكانوا قبل آدم في الأرض فقال لهم إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراءون أعظم منهما تعالوا فكلوهما فتعاوت السباع معه وجعل إبليس يحثهم ويصيح بهم ويعدهم بقرب المسافة فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز وجل من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر والآخر أنثى فقاما حول آدم وحواء الكلبة بجدة والكلب بالهند فلم يتركا السباع أن يقربوهم ومن ذلك اليوم صار الكلب عدو السبع والسبع عدو الكلب.

و فيه عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: إن الله عز وجل أوحى إلى جبرئيل عليه السلام أني قد رحمت آدم وحواء فاهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة فاضرب الخيمة مكان البيت وقواعدها التي رفعها الملائكة قبل آدم فهبط بالخيمة على مقدار أركان البيت فنصبه وأنزل آدم من الصف وحواء من المروة وجمع بينهما في الخيمة وكان عمود الخيمة قضيبا من ياقوت أحمر فأضاء نوره جبال مكة فامتد ضوء العمود وهو موضع الحرم اليوم فجعله الله حرما لحرمة الخيمة والعمود لأنهما من الجنة ومدت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام وأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل أن اهبط إلى الخيمة بسبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الشياطين ويؤنسون آدم ويطوفون حول الخيمة فكانوا يطوفون حوله ويحرسونها ثم إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى جبرئيل عليه السلام بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحواء فنحهما عن موضع القواعد وارفع قواعد بيتي لملائكتي وخلقي من ولد آدم فهبط عليهم وأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن البيت ونحى الخيمة عن موضع البيت وقال يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض سألوا الله عز وجل أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أن أنحيك وأرفع الخيمة فرفع قواعد البيت بحجر من الصف وحجر من المروة وحجر من طور سيناء وحجر من جبل السلام وهو ظهر الكعبة فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل عليه السلام أن ابنه وأتمه فاقتلع جبرئيل عليه السلام الأحجار الأربعة من موضعها بجناحه فوضعها حيث أمره الله تعالى في أركان البيت على قواعده ونصب أعلامها ثم أوحى إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه من حجارة أبي قبيس واجعل له بابين بابا شرق وبابا غربا فأتمه جبرئيل عليه السلام فلما فرغ طافت الملائكة حوله فلما نظر آدم وحواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان.

و فيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن آدم عليه السلام لما أهبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل الله تبارك وتعالى عليه قضيبين من عنب فغرسهما فلما أورق وأثمر وبلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطا فقال له آدم ما لك يا ملعون فقال إبليس إنهما لي فقال كذبت فرضيا بينهما بروح القدس فلما انتهيا إليه قص عليه آدم عليه السلام قصته فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شي‏ء إلا احترق وظن إبليس مثل ذلك قال فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهم وبقي الثلث فقال الروح أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله وما بقي فلك يا آدم.

العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بكى أحد بكاء ثلاثة آدم ويوسف وداود فقلت ما بلغ بكاؤهم فقال أما آدم عليه السلام فبكى حين أخرج من الجنة وكان رأسه في باب من أبواب السماء فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته فأما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه وكان ليزفر الزفرة فيحرق ما ينبت من دموعه وأما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوم ويسكت يوما.

علل الشرائع وعيون الأخبار عن صفوان بن يحيى قال: سئل أبو الحسن عليه السلام عن الحرم وأعلامه فقال إن آدم عليه السلام لما أهبط من الجنة هبط على أبي قبيس والناس يقولون بالهند فشكا إلى ربه عز وجل الوحشة وأنه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة فأهبط الله عز وجل عليه ياقوتة حمراء فوضعت في موضع البيت فكان يطوف بها آدم عليه السلام وكان يبلغ ضوؤها الأعلام فعلمت الأعلام على ضوئها فجعله الله عز وجل حرما.

أقول: فيه دلالة على ما قدمنا سابقا من الأخبار الواردة بنزوله عليه السلام بالهند محمول على التقية.

و أما الجمع بين هذين الخبرين من نزول الياقوتة وما تقدم من نزول الخيمة فقد ورد في بعض الروايات أن تلك الخيمة كانت ياقوتة.

و قيل: في وجه الجمع بنزولهما متعاقبين ومتقاربين.

الكافي بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم طفق يخصف عليه من ورق الجنة وطار عنه لباسه الذي كان عليه من حلل الجنة فالتقط ورقة فستر بها عورته فلما هبط عبقت أي لصقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت فصار في الأرض من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنة فمن هناك الطيب بالهند لأن الورقة هبت عليها ريح الجنوب فأدت رائحتها إلى المغرب لأنها احتملت رائحة الورقة في الجو فلما ركدت الريح بالهند عبق بأشجارهم ونبتهم فكان أول بهيمة أرتعت من تلك الورقة ظبي المسك فمن هناك صار المسك في سرة الظبي لأنه جرى رائحة النبت في جسده وفي دمه حتى اجتمعت في سرة الظبي.

و فيه عنه عليه السلام: قال إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم عليه السلام أمره بالحرث والزرع وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان وغرسها لتكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها فقال إبليس لعنه الله يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض وقد كنت بها قبلك ائذن لي آكل منها شيئا فأبى أن يطعمه فجاء إلى حواء فقال لحواء إنه قد أجهدني الجوع والعطش فقالت له حواء عليه السلام إن آدم عهد أن لا أطعمك من هذا الغرس لأنه من الجنة ولا ينبغي لك أن تأكل منه فقال لها فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه فقال ذريني أمصه ولا آكله فأخذت عنقودا من العنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه شيئا لما كانت حواء قد أكدت عليه فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه فأوحى الله عز وجل إلى آدم عليه السلام أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه الله وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص من العنبة ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخره وجميع ثماره وما يخرج منها ثم إنه قال لحواء عليها السلام فلو أمصصتيني من هذا التمر كما أمصصتيني من العنب فأعطته ثمرة فمصه وكانت العنبة والتمر أشد رائحة وأذكى من المسك الأذفر وأحلى من العسل فلما مصهما عدو الله ذهبت رائحتهم وانتقصت حلاوتهما ثم إن إبليس الملعون ذهب بعد وفاة آدم عليه السلام فبال في أصل الكرمة والنخلة فجرى الماء في عروقهما ببول عدو الله فمن ثم يختمر التمر والعنب أي يتغير ريحهم ويصير منتنا فحرم الله عز وجل على ذرية آدم كل مسكر لأي الماء جرى ببول عدو الله في النخل والعنب وصار كل مختمر خمرا لأن الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله إبليس لعنه الله.

و عنه عليه السلام: قال العجوة أم التمر وهي التي أنزلها الله تعالى لآدم من الجنة.

و عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال كانت نخلة مريم عليها السلام العجوة نزلت في كانون ونزل مع آدم عليه السلام العتيق والعجوة ومنها تفرق أنواع النخيل.


* النور المبين /المحدّث العلامة نعمة الله الجزائري.

2012-11-28