قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل
القواعد الفقهية
المعنى: معنى القاعدة هو أنه إذا احتمل الضرر في عمل من الأعمال يجب دفعه بحصول المؤمن والمراد من الضرر هنا هو الضرر الأخروي العقاب لعدم الدليل..
عدد الزوار: 246
المعنى: معنى القاعدة هو أنه إذا احتمل الضرر في عمل من الأعمال يجب دفعه بحصول المؤمن والمراد من الضرر هنا هو الضرر الأخروي العقاب لعدم الدليل على وجوب دفع الضرر الذي كان ما دون العقاب، أضف الى ذلك أن الضرر الأخروي هو المتيقن. ولا يخفى أن موارد القاعدة هي الشبهات الحكمية قبل الفحص فيجب على المكلف الفحص حتى اليأس، وبعد ذلك ينتهي الأمر إلى الاصول العملية، فالقاعدة بحسب الحقيقة هي قاعدة وجوب الفحص، كما قال المحقق صاحب الكفاية رحمه الله: قد استقل العقل بقبح العقوبة والمؤاخذة على مخالفة التكليف المجهول بعد الفحص واليأس عن الظفر بما كان حجة عليه فانهما بدونها عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان، وهما قبيحان بشهادة الوجدان. ولا يخفى أنه مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل. ومن هنا يتبين الفرق بين مورد القاعدة واصالتي البراءة والاحتياط فإن مورد قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل هي الشبهة قبل الفحص ومورد قاعدة البراءة والاحتياط هي الشبهة بعد الفحص كما قال سيدنا الاستاذ: أن احتمال التكليف في الشبهة المقرونة بالعلم الأجمالي والشبهة الحكمية قبل الفحص كان موردا لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل إرشادا إلى تحصيل المؤمن، ولا مجال فيه لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان. وإن كان الأحتمال في الشبهة الحكمية. بعد الفحص فيما إذا لم يكن هناك منجز خارجي عن علم إجمالي أو إيجاب إحتياط أو غيرهما كان موردا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولا مجال لجريان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1 - لا شك في أن العقل السليم يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل: مطلقا فحينئذ إذا وقع شخص في معرض الضرر ولم يجتنب عنه واصبح متضررا كان هذا الشخص مذموما عند العقلاء، وعليه يجب دفع الضرر المحتمل سيما الضرر الأخروي العقاب "ويحكم العقل بوجوب دفع ذلك الضرر العقاب" قطعا.
ويرشدنا إليه قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة﴾ِ .
2 - الدليل الأصلي: من المعلوم أن في الشبهة المقرونة بالعلم الأجمالي وفي الشبهة الحكمية كان للحكم دليل معتبر من العلم والحجة الشرعية، وقد حصلت الشبهة نتيجة الأجمال الواقع في المتعلق، فعلى مقتضى الدليل الأصلي لا بد من الفحص عند الشبهة وحصول المؤمن وهذا هو مدلول القاعدة. ما هو المقصود من الوجوب في القاعدة؟ التحقيق: أن وجوب دفع الضرر من المستقلات العقلية وعليه كان الوجوب إرشاديا كما قال سيدنا الاستاذ: بعد عدم كون الوجوب هنا نفسيا ولا غيريا ولا طريقيا: فتعين أن يكون وجوب دفع الضرر المحتمل إرشاديا بمعنى أن العقل يحكم ويرشد إلى تحصيل المؤمن من عقاب مخالفة التكليف الواقعي على تقدير تحققه. والأمر كما ذكره. الشبهة الموضوعية: المشهور عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية إلا في مورد الاستطاعة والديون، لاحتمال المخالفة العملية الكثيرة. ولكن يمكن أن يقال حسبما استفدناه من سيدنا الاستاذ أن مقتضى الأصل الأولي هو الفحص ولكن بما أن هناك قواعد كثيرة تدل على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية كقاعدة الطهارة والحل والسوق فلا يبقى تحت الأصل الأولي إلا موارد قليلة كالدماء والفروج وكيف كان فالموارد معلومة.
فروع الأول: قال سيدنا الاستاذ: من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة، فإن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل وجب، وإن لم يتمكن لخوف الضرر اجتزأ بالمسح عليها. فهذا الحكم يبتني على اساس دفع الضرر المحتمل. ويسانخه ما أفاد المحقق صاحب الجواهر رحمه الله في وجوب التيمم عند الخوف: المدار في ثبوت الضرر هنا وغيره مما كان كذلك على علمه أو ظنه المستفاد من معرفة أو تجربة أو اخبار عارف. وذلك لوجوب دفع الضرر المظنون، وللتعليق على الخوف المتحقق به في السنة ومعاقد الاجماعات، بل قد يقال: بتحققه مع الشك فضلا عن الظن، بل مع الوهم القريب الذي لا يستبعده العقلاء، ولعله لا يخلو من قوة.
الثاني: قال المحقق النائيني رحمه الله: إذا اريد من الضرر المحتمل الدنيوي، فلو إستقل بوجوب دفعه لحكم الشارع على طبقه، بقاعدة الملازمة، فإن حكم العقل.
بذلك واقع في مرتبة علل الاحكام الشرعية دون معلولالتها، وما كان كذلك يكون مستتبعا للحكم الشرعي، - كما اوضحناه في بعض مباحث القطع - إلا أن استقلال العقل بذلك في غير الأعراض والنفوس والأموال في الجملة ممنوع.
الثالث: قال سيدنا الاستاذ: لا ملازمة بين إرتكاب الحرام وترتب الضرر الدنيوي، بل ربما تكون فيه المنفعة الدنيوية، كما في موارد الانتفاع بمال الغير غصبا، نعم يترتب الضرر الدنيوي على ارتكاب بعض المحرمات، كأكل الميتة وشرب السم1.
1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي.
2012-10-08