قاعدة من حاز ملك
القواعد الفقهية
المعنى: معنى القاعدة هو أن الحيازة سبب للملك، والمقصود من الحيازة عرفا هو الأستيلاء والسيطرة العرفية على الشئ الذي لم يكن مسبوقا بالملكية،
عدد الزوار: 147
المعنى: معنى القاعدة هو أن الحيازة سبب للملك، والمقصود من الحيازة عرفا هو الأستيلاء والسيطرة العرفية على الشئ الذي لم يكن مسبوقا بالملكية، كما يقول سيدنا الاستاذ: إذا قال: من حاز ملك، يقال: إن الحيازة سبب لملكية الحائز. ولا يخفى أن متعلق الحيازة يكون ما يناسبها كالغابات والجبال والصحاري للمراتع والاحتطاب وغيرهما من الأستفادة المادية، وعليه تختلف مع الأحياء وذلك، لأن الأحياء وإن كان من الأستيلاء ولكن بما أن له معنى خاصا الأعمار، في إطار مخصوص "الأراضي الموات" فيكون معناه إحياء الأرض بعد ما كانت ميتة وهذا هو المتفاهم عرفا، فعليه تبين فرق الأحياء مع الحيازة.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1 - الاية: وهي قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾ يمكننا أن نستدل بهذه الاية لأثبات الملكية بواسطة الحيازة بأن ما في الأرض من المباحات الأصلية خلقت لتملك الأنسان، وطريقة التملك هو الاستيلاء، فمن استولى على شئ من المباحات كان له فهو يملكه.
2 - الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب. قال سيدنا الاستاذ: فإنا لم نعثر بعد الفحص التام على رواية تدل على الملكية في حيازة المباحات الأصلية ما عدا رواية واحدة وهي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فأخذه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: للعين ما رأت ولليد ما أخذت. والتحقيق أنه يمكننا أن نستدل على المطلوب بغير هذه المعتبرة أيضا وإن كان نتيجة الأستدلال هو التأييد فحسب. وعليه فالاستناد الى الروايات يكون على النهج التالي. منها النبوي المعروف الذي تقدم ذكره في قاعدة الحق لمن سبق: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به. دل على أن السبق في الأستيلاء الحيازة إلى شئ سبب للملك. ومنها صحيحة محمد بن مسلم التي تقدم ذكرها في قاعدة "من أحيا أرض" عن المعصوم عليهم السلام قال: "وأيما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عملوه فهم أحق بها وهي لهم".
فبما أن ظاهر الشئ في قوله شيئا من الأرض يشمل المراتع والغابات وبما أن ظاهر العمل في قوله أو عملوه يشمل الحيازة دلت على أن الحيازة هو المملك، هذا إذا قلنا بان كلمة عملوه هي الكلمة الأصلية في الرواية، وأما إذا قلنا أن الكلمة الأصلية هي عمروه بقرينة الروايات الاخر وتناسب المعنى "مناسبة إحياء الأرض مع الأعمار" فعند ذلك يختص مفاد الرواية بإحياء الأرض ولا يشمل المورد. وقال السيد الحكيم رحمه الله في البحث عن التملك بالحيازة: يستدل عليه بما دل على أن من حاز ملك، فإن المضمون المذكور وإن لم يرد به النص بلفظه فقد ورد ما يدل على معناه، مثل قوله عليه السلام "في معتبرة السكوني": "لليد ما اخذت وللعين ما رأت".
3 - السيرة العقلائية: قد استقرت السيرة عند العقلاء على أن من حاز شيئا من المباحات ملكه. قال سيدنا الاستاذ: ويرشدنا إلى ذلك "سببية الحيازة للملك" مضافا إلى إطلاق معتبرة السكوني المتقدمة ملاحظة السيرة العقلائية.
4 - التسالم قد تحقق التسالم عند الفقهاء على مدلول القاعدة فلا خلاف فيه بينهم قال المحقق الحلي رحمه الله في باب الشركة: والاشبه "بالقواعد واصول المذهب" في الحيازة اختصاص كل واحد بما حازه. وقال الشهيد رحمه الله في عمل الانسان لنفسه: ولو حاز شيئا من المباحات بنية التملك ملكه.
والتحقيق أن الحيازة على قسمين:
1 - السيطرة التي تتحقق بواسطة العمل والجهد كاصطياد الحيوان البري أو البحري وعندئذ لا إشكال في تحقق الملك بواسطة الحيازة للسيرة القطعية الممضاة مضافا إلى النص الخاص.
2 - السيطرة التي توجد بالاستيلاء بدون بذل الجهد كالأحاطة بالأراضي الحية لأجل الأستفادة من الرعي وغرس الأشجار وغيرهما وبما أن ملاك التملك هو الأستيلاء فيتحقق التملك هناك نتيجة الاستيلاء.
فروع الأول: هل يشترط في الحيازة أن يكون الحائز مسلما أو لا؟ التحقيق: عدم الأشتراط، لعدم الدليل على الأشتراط، قال سيدنا الاستاذ: كل ماء جرى بنفسه أو إجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية فمن حازه باناء أو غيره ملكه بلا فرق بين المسلم والكافر في ذلك.
الثاني: هل يشترط في الحيازة قصد التملك أم لا؟ قال سيدنا الاستاذ: ربما يقال باعتبار قصد التملك في حيازة المباحات فلا ملكية بدونه ويستدل له بما ثبت بالنص والفتوى من أن من اشترى سمكة فأخرج من جوفها درة فهي للمشتري دون البائع. "وذلك لعدم قصد التملك من البائع فذكر الجواب واشكل عليه" إلى أن قال: الصحيح في الجواب أن يقال أن النص المشار إليه لا دلالة فيه على إعتبار قصد التملك بل قصارى ما يدل عليه إعتبار قصد الحيازة وبما أن الصائد البائع لم يعلم بما في الجوف فهو طبعا لم يقصد حيازته، ولا بد من قصد الحيازة في تملك المباحات، فلو استولى على مباح حال نومه فحازه لم يكف في تملكه قطعا، وذاك بحث آخر... ففرق بين أن تكون الحيازة مقصودة وأن يكون التملك مقصودا وكلامنا في الثاني، أما الأول فلعله لا ينبغي الأشكال فيه.
الثالث: قال سيدنا الاستاذ: يجوز حيازة مواد القرى الدراسة وأجزائها الباقية، من الأخشاب والأحجار والاجر وما شاكل ذلك، ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.
الرابع: قال سيدنا الاستاذ: من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها وملكها، ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه، وخروجها من إمكان إستيلاء غيره عليها. فيتحقق الملكية هناك نتيجة للحيازة المتحققة بالاستيلاء1.
1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي..
2012-10-08