قاعدة الصحة
القواعد الفقهية
المعنى: معنى القاعدة هو حمل فعل المسلم على الصحة، وموضوعها الشك في صحة العمل "بان لا تكون صورة العمل محفوظة"، ومنشأ الشك قد يكون احتمال فقدان ..
عدد الزوار: 108
المعنى: معنى القاعدة هو حمل فعل المسلم على الصحة، وموضوعها الشك في صحة العمل "بان لا تكون صورة العمل محفوظة"، ومنشأ الشك قد يكون احتمال فقدان الشرط وقد يكون احتمال وجود المانع، وهذا هو المورد المتيقن للقاعدة، كما قال سيدنا الاستاذ: والقدر المتيقن من موارد أصالة الصحة هي الصورة "التي كان الشك فيها" من جهة إحتمال عدم الشرط أو وجود المانع مع احراز قابلية الفاعل والمورد. ولا فرق في حدوث الشك هنا بين كونه في اثناء العمل أو بعد اتيانه، كالشك في صحة البيع من ناحية احتمال الخلل شرطا أو مانعا فعند ذلك تحمل المعاملة على الصحة عملا بالقاعدة وتكون القاعدة حاكمة على الاستصحاب وكذلك الأمر في سائر المعاملات والعبادات والمراد من الصحة هنا هو ما يترتب عليه الأثر فهذه الصحة في مقابل الفساد لا في مقابل القبيح كما قال سيدنا الاستاذ: معنى أصالة الصحة هو ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير، ولا اختصاص لاصالة الصحة بهذا المعنى بعمل المؤمن، بل جارية في حق جميع المسلمين، بل الكافرين أيضا في بعض الموارد.
والأمر كما أفاده ويكون متعلق الشك في القاعدة هو صحة العمل بعد إحراز أصل العمل، كما قال سيدنا الاستاذ: لا بد في جريان أصالة الصحة من إحراز أصل العمل الجامع بين الصحيح والفاسد، إذ السيرة قائمة على الحمل على الصحة فيما أحرز أصل العمل وشك في صحته وفساده.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1 - قوله تعالى: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ أفادت وجوب الاجتناب عن سوء الظن الذي نتيجته حمل فعل المسلم على الصحة. والتحقيق أن الدلالة غير تامة، لأن حسن الظن لا يساوق الصحة.
2 - الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب. منها موثقة اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام: "إذا إتهم المؤمن أخاه أنماث الايمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء". دلت على أن اتهام المؤمن يذهب الايمان عن القلب، فيقال: إن نتيجته حمل فعل المسلم على الصحة. والتحقيق أن عدم الاتهام أعم من المطلوب. ومنها العلوي المعروف: "ضع أمر أخيك على أحسنه" دل على حمل فعل المسلم على أحسن الوجوه. والتحقيق: أن مدلول العلوي هو حمل فعل المسلم على الحسن في مقابل القبيح لا الصحة في مقابل الفساد فالدلالة غير تامة.
3 - الاجماع: قال الفاضل النراقي رحمه الله: أن المتمسكين بهذه القاعدة يستندون فيها إلى الأجماع والكتاب والسنة. ثم إستشكل على هذه الأدلة وأفاد عدم تماميتها.والتحقيق أن الأجماع التعبدي مع الاستناد للاية والرواية غير محصل.
4 - السيرة: قد استقرت السيرة عند المتشرعة قاطبة على مدلول القاعدة "حمل فعل المسلم على الصحة"، وتكون هذه السيرة ممضاة في شرع الأسلام، ونطاق السيرة واسع فلا يختص بالشك في المعاملات بل تعم المعاملات والعبادات، فالمدرك الوحيد الذي لا يقبل النقاش هي السيرة القطعية، كما قال سيدنا الاستاذ عند بيان المدارك للقاعدة: الرابع السيرة القطعية من جميع المسلمين المتدينين على ترتيب آثار الصحة على أعمال الناس من العبادات والمعاملات والعقود والايقاعات، ولذا لا يقدم أحد على تزويج امرأة لاحتمال كون العقد الواقع بينها وبين زوجها باطلا، وهذه السيرة متصلة بزمان المعصوم عليه السلام ولم يردع عنها، وهذا الدليل هو الدليل التام الوافي في اثبات المقام. والأمر كما أفاده. ولا يخفى أن قاعدة الصحة موردا كقاعدة الفراغ تختص بالشبهات الموضوعية، والفرق بينهما هو أن قاعدة الفراغ لا تجري في أثناء العمل ولا تجري بالنسبة إلى عمل الغير بخلاف قاعدة الصحة، كما قال سيدنا الاستاذ: والميز بينهما من وجهين:
الأول: أن قاعدة الفراغ جارية بالنسبة إلى العمل الصادر من نفس الشاك على ما هو المستفاد من أدلتها، ومورد أصالة الصحة هو عمل الغير.
الثاني: أن قاعدة الفراغ مختصة بما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل، غاية الأمر انا عممناها للجزء أيضا، فتجري عند الشك في صحة الجزء أيضا بعد الفراغ منه على ما ذكرناه، وأما أصالة الصحة فلا إختصاص لها بالشك بعد الفراغ بل هي جارية عند الشك في صحة العمل في أثنائه أيضا، كما إذا كان أحد مشغولا بالصلاة على الميت وشككنا في صحة هذه الصلاة، لاحتمال كون الميت مقلوبا مثلا فتجري أصالة الصحة بلا إشكال.
فرعان الأول: قال سيدنا الاستاذ: الصورة الاولى، أن يعلم أن العامل جاهل بصحة عمله وفساده، إما من جهة الجهل بالحكم، أو من جهة الجهل بالموضوع، فيكون إحتمال الصحة، لمجرد إحتمال المصادفة الاتفاقية للواقع. "فقال" فالظاهر عدم جريان أصالة الصحة فيها، إذ ليس لنا دليل لفظي نتمسك بعمومه أو إطلاقه، بل الدليل على أصالة الصحة إنما هو السيرة على ما عرفت، وهي دليل لبي لا بد فيه من الاقتصار على القدر المتيقن.
الثاني: قال سيدنا الاستاذ: الصورة الثانية أن لا يعلم علمه "العامل" بالصحة والفساد، وجهله بهما، "فقال" فالظاهر جريان أصالة الصحة فيها، فإن السيرة قائمة على ترتيب الاثار على أعمال الناس بلا تفحص عن حال العامل، من حيث كونه عالما أو جاهلا1.
1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي..
2012-10-08