يتم التحميل...

قاعدة السلطنة

القواعد الفقهية

المعنى: المراد من السلطنة هنا هو تسلط المالك على ماله بنحو كامل شامل، فله أن يتصرف كيف يشاء، وليس له أي مانع بالنسبة إلى انحاء التصرفات المحللة،

عدد الزوار: 121

المعنى: المراد من السلطنة هنا هو تسلط المالك على ماله بنحو كامل شامل، فله أن يتصرف كيف يشاء، وليس له أي مانع بالنسبة إلى انحاء التصرفات المحللة، فكلما شك في جواز التصرف والتسلط يتمسك بالقاعدة ويثبت الجواز. كما قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: قاعدة سلطان المالك - وتسلط الناس على أموالهم - أصل لا يخرج عنه في محل الشك.

المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
 1 - النبوي المعروف: الناس مسلطون على أموالهم. فهذا النبوي هو مدلول القاعدة بتمامه وكماله والقاعدة متخذة منه، فلا كلام ولا اشكال في تمامية الدلالة وعموميتها، كما قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: وأما قوله عليه السلام: "الناس مسلطون على أموالهم". كان عمومه باعتبار أنواع السلطنة، فهو إنما يجدي فيما إذا شك في أن هذا النوع من السلطنة ثابتة للمالك وماضية شرعا في حقه أم لا؟

والاشكال إنما هو في السند، لأن النبوي مرسل، أضف إلى ذلك أنه لم يذكر في الكتب الأربعة، فعليه لا يصلح أن يكون هذا النبوي بعنوانه دليلا في المقام، ولكن الذي يسهل الخطب أن مدلوله يستفاد من الروايات الواردة في أبواب المعاملات. منها ما رواه الحسن بن علي بن شعبة عن الصادق عليه السلام، سؤالا عن معائش الناس، في حديث طويل الذيل: وكل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته. الى أن قال عند بيان وجوه الحلال: ما يجوز للأنسان إنفاق ماله وإخراجه بجهة الحلال في وجوهه، وما يجوز فيه التصرف والتقلب من وجوه الفريضة والنافلة يدل هذا الحديث على قاعدة سلطنة المالك بالنسبة الى ماله، دلالة تامة كاملة. ولكنه بما أن الحديث مرسل لا يمكن المساعدة عليه تجاه الاستدلال، فلا يستفاد منه هناك إلا تأييدا دورا جانبيا للمطلوب. ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: سأله رجل من أهل النيل عن أرض اشتراها بفم النيل، وأهل الأرض يقولون: هي أرضهم، وأهل الاسنان يقولون: هي من أرضنا، فقال: "لا تشترها إلا برضا أهله".

دلت على عدم جواز الاشتراء بدون إرتضاء المالك، وهذا هو معنى سلطنة المالك على ماله، وكيف كان فالروايات الدالة على مدلول القاعدة كثيرة جدا، ولا يسعنا المجال لذكرها.

2 - السيرة: قد استقرت السيرة عند العقلاء بأن صاحب المال مسلط على ماله تمام التسلط ولا تحديد ولا ردع إلا في مورد الضرر والحرمة وعليه أفتى الفقهاء بأن التمليك بدون إذن المالك باطل كما قال السيد الحكيم رحمه الله: وبالجملة تملك العين بلا إذن من المالك بأي سبب كان التملك، خلاف قاعدة السلطنة.

3 - التسالم: قد تحقق التسالم بين الفقهاء على مدلول القاعدة ولا خلاف ولا اشكال فيه بينهم، وعليه أفتى الفقهاء بأخذ الغرامة من الغاصب بدلا عن السلطنة الفائتة خلال الغصب كما قال سيدنا الاستاذ: في المأخوذ من الضامن بعنوان الغرامة: إن كان المأخوذ بدلا عن السلطنة الفائتة كما تقتضيه قاعدة السلطنة ضمن الغاصب جميع شؤون العين، سواء كانت تلك الشؤون فائتة أم لا.

فروع الأول: إذا شك في أصل التملك فهل يتمسك بالقاعدة لا ثباته أم لا؟ التحقيق: عدم جواز التمسك، لأن التسلط فرع التملك فلا يمكن اثباته به، كما قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: إذا قطعنا بأن سلطنة خاصة كتمليك ماله للغير نافذة في حقه ماضية شرعا، لكن شك في أن هذا التمليك الخاص هل يحصل بمجرد التعاطي مع القصد أم لا بد من القول الدال عليه؟ فلا يجوز الاستدلال على سببية المعاطاة في الشريعة للتمليك، بعموم تسلط الناس على أموالهم.

الثاني: قد تكون قاعدة السلطنة من مسقطات الضمان كما قال العلامة الاصفهاني رحمه الله عند بيان المسقطات للضمان: أحدها قاعدة السلطنة، بتقريب أن التسليط على ماله بحيث لا يكون عليه عوض وخسارة نحو من التسليط، ونفوذه من المالك يقتضي عدم فعلية الخسارة عليه.

الثالث: قال المحقق الحلي رحمه الله: يستحق الأجير الاجرة بنفس العمل، سواء كان في ملكه أو في ملك المستأجر، ولا يتوقف تسليم أحدهما على الاخر. وقال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: وذلك لاطلاق الأمر بالوفاء، وقاعدة التسلط.

الرابع: قال السيد الحكيم رحمه الله في إشتراط عبادة الصبي باذن الولي: إعتبار إذن الأبوين أو خصوص الأب خلاف قاعدة السلطنة على النفس، المستفاد من دليل قاعدة السلطنة على المال بالفحوى1.


1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي..

2012-10-08