العلاقة مع الاخوان -1-
العلاقة مع المجتمع
احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ، وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالْمُقَارَبَةِ، وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الْعُذْرِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَة عَلَيْكَ.
عدد الزوار: 106
"احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ، وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالْمُقَارَبَةِ، وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الْعُذْرِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَة عَلَيْكَ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ، لاَ تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ، وَامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ، حَسَنةً كَانَتْ أَمْ قَبِيحَةً".
تمهيد
كما حث الإسلام الناس على اكتساب الإخوان حتى جعل ذلك من علامات القدرة والقوة، فقد ورد في رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم"2.
كذلك وردت الرواية وتعاليم أئمة أهل البيت عليهم السلام بتحديد قواعد العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الإخوان، والتي تحفظ هذه المودة التي تكون بينهم. وهذه القواعد هي التي يوصي بها الإمام عليه السلام ولده.
وقد ورد في التشريع الأخلاقي الإسلامي بيان مجموعة من الحقوق الثابتة بين الإخوان، وقد ورد في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع هذه الحقوق والتي تصل إلى ثلاثين حقا: "للمسلم على أخيه ثلاثون حقا، لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو! يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضه، ويشهد ميته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليه، ولا يعاديه، وينصره ظالما ومظلوما، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه"2.
عدم قطيعة الإخوان
لقد أوصى الإسلام بعدم القطيعة مع الإخوان، ومن هذه الوصايا:
1- "إحمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة"
الصرم هو الصد والقطيعة، هل أبادر إذا قاطعني أي أخ من الإخوان بسبب أو دون سبب مبرر إلى مقاطعته أيضا؟ إن العداوة تستمر وتكبر بسبب المبادرة إلى المقابلة بالمثل وهذا لا ينبغي ان يكون عليه الحال بين الإخوان، فمبدأ المقابلة بالمثل هو بين الأعداء لا بين الإخوان.
عن الإمام علي عليه السلام: "لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه، فيسد عليه طريق الرجوع إليك، فلعل التجارب ترده عليك"3.
عنه عليه السلام: "لا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته"4.
2- "وعند صدوده على اللطف والمقاربة".
قد تجد لدى أخيك نوعاً من الجفاء والصدود، ومقابل ذلك عليك ان تبادر إلى مودته وإظهار اللطف به، ويكفي فائدة في ذلك أن تقصد به وجه الله عز وجل كما ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى الأخ توده في الله عز وجل عبادة"5.
3- "وعند جموده على البذل".
لو وجدت من أخيك نوعا من الاحجام عن الكرم او الانفاق، أو شيئاً من البخل فلا تبادله بالبخل عليه او الجمود بل بادر بالبذل، فإنك بذلك تخرجه عن تلك الحالة إلى حالة الكرم.
4- "وعند تباعده على الدنو".
قد لا يبادر الأخ إلى القطيعة ولكنه يبتعد، فلا تبادر بدورك إلى الابتعاد، بل بادر إلى الدنو والاقتراب منه، فلعله يعاني من مشكلة لم يحب أن يطلعك عليها، فإذا وجد أنك لم تبادله بالبعد، بل بقيت على دنوك منه بادر إلى إطلاعك، فكنت عونا له للخلاص مما يعانيه.
5- "وعند شدته على اللين".
الإنسان خاضع لما يحيط به من ظروف وما يعيشه من حالات، فقد يبادر إلى استعمال القسوة او الشدة مع إخوانه وسواء كان ذلك مبررا له او غير مبرر، فإن ما ينبغي لنا المبادرة إليه هو ان نعامله بلين ونحمل فعل الشدة منه على العذر.
6- "وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك".
إذا أساء لك أخوك فلا تبادره بالإساءة بل بادره بالإحسان محتملاً له العذر، فقد ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية: "لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، لعل له عذرا وأنت تلوم به".
الحذر في العلاقة
1- "إياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو أن تفعله بغير أهله".
الإمام الصادق عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كل وقت فهو العاقل، والثاني في معنى الداء وهو الأحمق، والثالث في معنى الدواء فهو اللبيب"6.
وعنه عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: مواس بنفسه، وآخر مواس بماله، وهما الصادقان في الإخاء، وآخر يأخذ منك البلغة، ويريدك لبعض اللذة، فلا تعده من أهل الثقة"7.
2- "لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك".
لا شك في أن الإنسان لا يمكنه أن يصادق عدوه، أو أن يصادق عدو صديقه، لأن مجرد صداقة العدو تجعل من النفس تستريب وتشك في أن تكون الصداقة غير خالصة، بل مشوبة بنوع من النفاق.
3- "وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة".
النصيحة للأخ كما تكون بطلب من ذلك الأخ، وذلك متى وقع في مشكلة او أراد أمرا وطلب النصيحة فيه، وإما أن تكون ابتداء متى وقع الأخ فيما لا يرضى به الله عز وجل، أو ابتعد عن طريق الحق، فقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يرده عنه وهو يقدر عليه فقد خانه"8.
وفي رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام قال: "أما حق أخيك، فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله".
*وصايا الأمير، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، تشرين الثاني 2008م ، ص103-109.
2- المجلسي محمد باقر المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية المصححة الأنوار مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية المصححة، ج 74، ص 236.
3- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية المصححة: 77/209.
4- نهج البلاغة: الكتاب 31.
5- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية المصححة: 74/279.
6- الحراني ابن شعبة الوفاة: ق 4 تحف العقول الطبعة: الثانية مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 323.
7- الحراني ابن شعبة الوفاة: ق 4 تحف العقول الطبعة: الثانية مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ص 323.
8- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية المصححة: 75/65. 2009-08-14