يتم التحميل...

قاعدة الأقرار

القواعد الفقهية

المعنى: الأقرار لغة وعرفا عبارة عن جعل الشئ ذا قرار وثبات، ويكون المراد من الأقرار هنا في الفقه هو اعتراف المقر بما في ذمته من الدين والحق..

عدد الزوار: 192

المعنى: الأقرار لغة وعرفا عبارة عن جعل الشئ ذا قرار وثبات، ويكون المراد من الأقرار هنا في الفقه هو اعتراف المقر بما في ذمته من الدين والحق والضمان وغيرها. والأقرار هو أقوى الطرق لأثبات الحكم على المكلف، ومقدم على الطرق الاخر، ولا شك في نفوذ الأقرار وترتب الأثر عليه، وعليه فإذا إعترف المكلف بشئ على نفسه يثبت ما اعترف به قطعا، كما إذا أقر شخص بكونه مديونا لشخص آخر كان ذلك الاقرار حجة قطعية ويثبت عليه الدين بواسطة الأقرار. ومن المعلوم أن مورد الأقرار إنما هو الامور التي تكون ضررية وكلفة بالنسبة إلى المقر، فعليه لا يكون الأعتراف بالأمر الذي ينتفع به المقر نفعا دنيويا حجة له، بل لا يطلق الأقرار على ذلك الاعتراف بحسب الاصطلاح.

المدرك: الأقرار أصلا ودليلا من ضروريات الفقه ومن مرتكزات المتشرعة، كما قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: والأصل في شرعيته الأقرار بعد الأجماع من المسلمين أو الضرورة، السنة المقطوع بها. من طرق العامة والخاصة التي تسمع بعضها، بل في الكتاب العزيز ما يدل على إعتباره في الجملة نحو قوله تعالى: أأقررتم واخذتم على ذلكم أصري قالوا أقررنا وقوله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم... مضافا إلى النبوي المستفيض أو المتواتر: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

ويستدل على حجيته بالأدلة الأربعة:
1 - الايات: منها قوله تعالى:﴿أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَ. ومنها قوله تعالى:  ﴿ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ومنها قوله تعالى:   ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ يقال: إن هذه الايات تدل على حجية الأقرار.

 والتحقيق: أنه لا دلالة لتلك الايات على المطلوب، وذلك لأن المراد من الأقرار في الاية الاولى والثانية هو قبول العهد والميثاق، والمراد من الاعتراف في الاية الثالثة هو التوبة فالمعترفون هم التائبون، فلا علاقة لها بنفوذ إقرار العقل على نفسه.

2 - الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب وتبلغ درجة التواتر. منها صحيحة عبد الله بن مغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين كان معهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الاخر: هما بيني وبينك قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: "أما الذي قال هما بيني وبينك فقد اقر بان أحد الدرهمين يس له فيه شئ، وأنه لصاحبه ويقسم الثاني بينهما نصفين". دلت على نفوذ الأقرار ومؤاخذة المقر على ما أقر به. ومنها النبوي المشهور بين الفريقين وهو قوله صلى الله عليه وآله: "إقرار العقلاء على أنفسهم جائز". ومنها صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عن علي عليهما السلام الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية. دلت بعد القاء الخصوصية عن المورد على كون الأقرار طريقا لاثبات متعلق الأقرار على المقر.

3 - السيرة: قد استقرت السيرة العقلائية منذ بداية التاريخ لحد الان على نفوذ الأقرار، فإن معظم المعاملات عند العقلاء يبتني على أساس الأقرار، ويترتب عليه الأثر عندهم في مختلف الامور.

4 - التسالم: قد تحقق التسالم عند الفقهاء بالنسبة إلى نفوذ الأقرار ولا إشكال فيه ولا خلاف، فالأمر متسالم عليه عندهم.

فرعان الأول: لا ريب في صحة إقرار العاقل البالغ وأما إقرار الصبي فهل يترتب عليه الأثر أم لا؟
التحقيق أن أدلة الأقرار لا تشمل إقرار الصبي قطعا ولا أقل من أنها منصرفة من الصبيان فلا شك في أن المراد من قولهم إقرار العقلاء هم البالغون. كما قال الشيخ الأنصاري: يكفي في ذلك المقام مقام الاستدلال على إثبات القاعدة ما أجمع عليه نصا وفتوى من نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم، لكن لا ينفع ذلك في إقرار الصبي فيما له أن يفعله. وذلك للفرق الواضح بين المقامين.

الثاني: قال المحقق الحلي: ويقبل الأقرار المجهول.
وقال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله بأن الأقرار هنا يثبت الحق للمقر له: وإن كان مورده مجهولا لعموم إقرار العقلاء وحينئذ فيلزم بتفسيره الرافع للجهالة1.


1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي.

2012-10-08