صدقة الإخلاص
ذو الحجة
نبارك لصاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته دام ظله وللمسلمين جميعاً الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى تصدَّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته، والتي أنزل الله تعالى فيها آية الولاية...
عدد الزوار: 167
نور الأسبوع: صدقة الإخلاص
المناسبة: ذكرى تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم
نبارك لصاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته دام ظله وللمسلمين جميعاً الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى تصدَّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته، والتي أنزل الله تعالى فيها آية الولاية فقال عز وجل: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾1 والخطاب في هذه الآية المباركة تحصر الولاية بثلاثة هم: " الله " والرسول" و" الذين آمنوا … " وقد كرَّم الله تعالى صاحب الصدقة فعبَّر عنه بصيغة الجمع وكرَّم من يتولاّه بعد الله ورسوله فسماهم "حزب الله " ووصفهم بالغالبين.
قصة الآية:
تكاثرت الروايات على ان الآيتين السابقتين نزلتا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمّا تصدق بخاتمه وقام صحابة النبي الكرام بنقل قصة التصدق هذه، وعلى رأس هؤلاء الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه الذي كان يصر على نشر هذه القصة المباركة إيماناً منه أنها واحدة من القيم الكبرى والفضائل العظمى التي أرادها الله خالدة خلود القرآن الكريم فقال رضوان الله عليه: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم أشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبي صلى الله عليه وآله فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله من صلاته رفع رأسه الى السماء وقال: " اللهم موسى سألك فقال: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾2 فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾3.
اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم واشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أشدد به ظهري ". قال أبو ذر رضوان الله عليه: فما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله الكلمة حتى نزل جبرائيل عليه السلام من عند الله تعالى إلى الرسول الأكرم وقال يا محمد اقرأ، " ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
أهمية الصدقة:
ان نزول آية الولاية في تصدَّق أمير المؤمنين عليه السلام يدل على القيمة الكبرى للصدقة في الاسلام والتي ورد فيها أحاديث كثيرة تدل على مكانتها عند الله تعالى فهي كما ورد على لسان الرسول الأكرم: (تقع في يد الله قبل أن تقع في يد العبد) (وتطفئ غضب الرب) (ووتدفع البلاء) وهي كما أكد نبينا الأكرم (سبب لاستنزال الرزق) (ومداواة المرض) (ورحمة للموتى) وهي ذات الآثار الجليلة التي عبَّر عنها الامام الصادق عليه السلام بقوله: " الصدقَّة تدفع ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاً من البلاء " " ارض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله "
الصدقة بين القيمة والإخلاص:
ان نزول آية الولاية بعد تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه يدل على مكانة التصدَّق، إلا ان المكانة والقيمة الحقيقية ليست لهذا العمل المجرَّد بل للخلفية الإيمانية والروحية التي حركت الامام علي عليه السلام للتصدُق بخاتمه، وهذا ما لم يفهمه بعض من عاصر النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله وفاجأه نزول آية الولاية بسبب تصدُق الامام عليه السلام فقال: " تصدقت بأربعين خاتماً وأنا أصلِّي لينزل فيَّ ما نزل في أمير المؤمنين فلم ينزل". ولم يدرك هذا الرجل ان الله تعالى لا ينظر لصورة العمل وكميته بل لمدى الإخلاص الذي انطلق منه ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
1- (سورة المائدة المباركة) .
2- سورة طه المباركة من الآية 25 إلى الآية 32
3- سورة القصص المباركة الآية 35