صلاة العيد تحت السماء
عيد الفطر السعيد
رواه محمد بن أبي قرة في كتابه، باسناده الى سليمان بن حفص، عن الرجل عليه السلام قال: الصلاة يوم الفطر بحيث لا يكون على المصلي سقف الا السماء. أقول: وقد ذكرنا في عدة مواضع من كتابنا ان السماء كأنها كعبة الدعاء بالساكنين فيها الملائكة وأرواح الأنبياء،
عدد الزوار: 117
رواه محمد بن أبي قرة في كتابه، باسناده الى سليمان بن حفص، عن الرجل عليه السلام قال: الصلاة يوم الفطر بحيث لا يكون على المصلي سقف الا السماء. أقول: وقد ذكرنا في عدة مواضع من كتابنا ان السماء كأنها كعبة الدعاء بالساكنين فيها الملائكة وأرواح الأنبياء، وهي محل العلاء، وهي باب اطلاق الأرزاق والآمال ونزول الوحي وتدبير ما يكون، قال الله جل جلاله: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾، فالبروز والوقوف على باب الله بهذه الصفات، هو أقرب الى اجابة الدعوات وقضاء الحاجات.
دعاء مروي عن زين العابدين قبل صلاة العيد
رويناه باسنادنا الى الشيخ أبي محمد بن هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه، باسناده الى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان،فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالناس في الخروج الى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي اريد الى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا. فما مررت بسكة من سكك المدينة الا رأيت أهلها خارجين الى البقيع، فيقولون: إلى أين تريد يا جابر ؟ فأقول: الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أتيت المسجد، فدخلته، فما وجدت فيه الا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته، فلما انفرغ من صلاته سجد سجدة الشكر. ثم انه جلس يدعو وجعلت اؤمن على دعائه، فما أتي آخر دعائه حتى بزغت الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم انه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه وقال: إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي، لا لحاجة منك إلي بل تفضلا منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما، ولا ينقصني أحد منهما شيئا، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا، من غير عمل عملته، فعلمته مني فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا. فلما بلغت بي أجل الكتاب من علمك بي ووفقتني لمعرفة وحدانيتك والاقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولدا. فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي، مننت بمن هديتني به من الضلالة، واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة، وفككتني به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، أزلف خلقك عندك، وأكرمهم منزلة لديك، فشهدت معه بالوحدانية، وأقررت لك بالربوبية والرسالة، وأوجبت له على الطاعة.
فأطعته كما أمرت، وصدقته فيما حتمت، وخصصته بالكتاب المنزل عليه والسبع المثاني الموحات إليه، وأسميته القرآن، وأكنيته الفرقان العظيم. فقلت جل اسمك: ﴿ ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم﴾ وقلت جل قولك له، حين اختصصته بما سميته به من الأسماء: (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾، وقلت عز قولك: ﴿يس*وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾، وقلت تقدست أسماؤك: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾، وقلت عظمت آلاؤك: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾. فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته، وقرنت القرآن معه، فما في كتابك من شاهد قسم، والقرآن مردف به، الا وهو اسمه، وذلك شرف شرفته به وفضل بعثته إليه، تعجز الألسن والأفهام عن وصف مرادك به،وتكل عن علم ثنائك عليه. فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ﴾،وقلت عززت وجللت: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾، وقلت تباركت وتعاليت في عامة ابتدائه: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾، و ﴿الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾، و﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾، و ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾، و ﴿آلم *ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾، وفي أمثالها من سور الطواسين والحواميم. في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك، واستودعته سر غيبك، فأوضح لنا منه شروط فرائضك، وأبان لنا عن واضح سنتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، وأنار لنا مدلهمات الظلام، وجنبنا ركوب الاثام، وألزمنا الطاعة،ووعدنا من بعدها الشفاعة. فكنت ممن أطاع أمره، وأجاب دعوته، واستمسك بحبله، فأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، والتزمت الصيام الذي جعلته حقا فقلت جل اسمك: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾. ثم إنك أبنته فقلت عززت وجللت من قائل: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾، وقلت: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾.
ورغبت في الحج بعد إذ فرضته الى بيتك الذي حرمته، فقلت جل اسمك: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيل﴾، وقلت عززت وجللت: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ...﴾. اللهم إني أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا، ومن الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم، وليكبروا الله على ما هدايهم. وأعني اللهم على جهاد عدوك في سبيلك مع وليك، كما قلت جل قولك: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾، وقلت جلت أسماؤك: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾.
اللهم فأرني ذلك السبيل، حتى اقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك، فأكون من الفائزين. إلهي أين المفر عنك، فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك، فكن بي رؤوفا رحيما، وأقبلني وتقبل مني، وأعظم لي فيه بركة المغفرة ومثوبة الأجر،وأرني صحة التصديق بما سألت، وإن أنت عمرتني إلى عام مثله، ويوم مثله، ولم تجعله آخر العهد مني، فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك. وأشركني يا إلهي في هذا اليوم، في جميع دعاء من أجبته، من المؤمنين والمؤمنات،وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك، فاني راغب إليك لي ولهم، وعائد بك لي ولهم، فاستجب لي يا أرحم الراحمين.
* اقبال الأعمال / ابن طاووس.
2012-08-16