1- زينب الكبرى (عليها السلام) لم تُصب بالحيرة، وأدركت أيّ طريقٍ ينبغي أن تسلكه، ولم تترك إمامها وحيداً وتذهب.
2- عندما يُقال إنّ الدمّ انتصر على السّيف في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، فإنّ عامل هذا الانتصار هو زينب (عليها السلام).
3- زينب الكبرى (عليها السلام) هي امرأة التّاريخ، وليست امرأةً ضعيفة. هي قدوةٌ للرّجال العظماء والنّساء العظيمات في العالم.
4- لقد كانت حادثة كربلاء مرّة جدّاً ومهولة، وكان ينبغي لشخصٍ ما أن يجمع هؤلاء كلّهم، وهذا الشخص هو زينب (عليها السلام).
|
بسم الله الرحمن الرحيم
* الخيارات هي الّتي صنعت زينب (عليها السلام)
إنّ زينب الكبرى (عليها السلام) امرأةٌ عظيمة. فمن أين تنبع هذه العظمة التي تحملها هذه المرأة الجليلة في أعين الشّعوب الإسلاميّة؟ لا يصحّ القول إنّها نابعة من كونها كانت ابنة عليّ بن أبي طالب ((عليه السلام))، أو أخت الحسين بن عليّ والحسن بن عليّ (عليهما السلام)، فالنّسب لا يُمكنه دوماً أن يخلق مثل هذه العظمة، لقد كان لجميع أئمّتنا بناتٌ وأمّهاتٌ وأخوات، ولكن مَن منهنّ كانت كزينب الكبرى (عليها السلام)؟! إنّ قيمة زينب الكبرى وعظمتها إنّما تنبع من موقفها وحركتها الإنسانيّة والإسلاميّة العظيمة على أساس التكليف الإلهيّ. فعملها وقرارها ونوعيّة حركتها، ذلك كلّه منحها هذه العظمة. وكلّ مَن تقوم بمثل هذا العمل، حتّى ولو لم تكن بنت أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّها ستحصل على مثل هذه العظمة. فمنشأ هذه العظمة هو من هنا، أوّلاً من تشخيصها للموقف، سواءٌ قبل تحرّك الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء، أم في لحظات المحنة في يوم عاشوراء، أم في الأحداث القاصمة التي تلت شهادة الإمام الحسين (عليه السلام)، وثانياً من اختيارها لما يتناسب مع كلّ موقف، فهذه الخيارات الّتي صنعت زينب (عليها السلام).
فقبل التحرّك إلى كربلاء، نجد وجهاء، كابن عبّاس وابن جعفر وشخصيّات معروفة في صدر الإسلام، ممّن يدّعي الفقاهة والشّهامة والرّئاسة، قد تحيّروا ولم يكونوا يعلمون ما يفعلون، ولكنّ زينب الكبرى لم تُصب بالحيرة، وأدركت أيّ طريقٍ ينبغي أن تسلكه، ولم تترك إمامها وحيداً وتذهب. فهي لم تُدرك صعوبة الطّريق فحسب، بل شعرت به أكثر من غيرها. لقد كانت امرأةً حاضرة لأن تُضحّي بأسرتها لأجل أداء المهمّة، ولهذا أحضرت أطفالها وأبناءها معها. كانت تشعر بكيفيّة الواقعة. في تلك السّاعات العصيبة حيث لا يقدر أقوى النّاس على إدراك ما ينبغي له فعله، لقد أدركت السيّدة زينب (عليها السلام) ذلك، ودعمت إمامها، وجهّزته للشهادة. وبعد شهادة الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام)، وحين أظلمت الدنيا، وتكدّرت القلوب والنفوس وآفاق العالم، أضحت هذه السيّدة الكبرى نوراً ومنارةً. لقد وصلت زينب (عليها السلام) إلى حيث لا يصل سوى أعظم النّاس في تاريخ البشريّة؛ أيّ الأنبياء (عليهم السلام).
* لولا زينب (عليها السلام)
في الواقع، إنّ كربلاء من دون زينب (عليها السلام) ما كانت لتكون كربلاء. وما كانت عاشوراء من دون زينب الكبرى (عليها السلام) لتكون تلك الحادثة التّاريخيّة الخالدة. لقد برزت هذه الشّخصيّة لابنة عليٍّ (عليه السلام) من أوّل الحادثة إلى آخرها، بحيث يشعر المرء أنّ حسيناً ثانياً كان في لباس امرأةٍ وفي ثوب ابنة عليّ. وفي غير ذلك، ماذا كان سيحدث بعد عاشوراء؟ لعلّ الإمام السجّاد (عليه السلام) كان ليُقتل، ولعلّ نداء الإمام الحسين (عليه السلام) ما كان ليصل إلى أحد. في تلك المرحلة، وقبل شهادة الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام) أيضاً، كانت زينب كمواسٍ وصديقٍ وشخصٍ لم يشعر الإمام الحسين (عليه السلام) مع وجوده بالوحدة أو بالتّعب. إنّ المرء ليُشاهد مثل هذا الدّور في وجه زينب (عليها السلام) وفي كلماتها وفي حركاتها.
* زينب (عليها السلام) والمواجهة الأخرى
عندما يُقال إنّ الدمّ انتصر على السّيف في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، وهو كذلك، فإنّ عامل هذا الانتصار هو زينب (عليها السلام)، وإلا فإنّ الدمّ في كربلاء قد انتهى. واقعةٌ عسكريّة انتهت بهزيمةٍ ظاهريّة لقوى الحقّ في ميدان عاشوراء. أما ذلك الشيء الّذي أدّى إلى تبديل هذه الهزيمة العسكريّة الظاهريّة إلى انتصارٍ قطعيٍّ دائميّ هو شخصيّة زينب الكبرى (عليها السلام). فالدور الّذي قامت به زينب (عليها السلام)، هو أمرٌ في غاية الأهميّة. وقد دلّت هذه الواقعة على أنّ المرأة ليست موجودةً على هامش التاريخ، بل هي في صلب الأحداث التّاريخيّة المهمّة. إنّها حادثةٌ حيّةٌ ومحسوسةٌ يُشاهد فيها الإنسان زينب الكبرى (عليها السلام) تظهر بهذه العظمة المحيّرة والسّاطعة في الميدان، وتقوم بعملٍ يذلّ العدوّ ويُحقّره، عدوٌّ قد انتصر في المعركة العسكريّة بحسب الظّاهر، واقتلع المعارضين وقمعهم، وجلس على عرش النّصر في مقرّ سلطته وفي قصر رئاسته، فتسِم جبينه بوصمة العار الأبديّ، وتبدّل انتصاره إلى هزيمة. هذا هو عمل زينب الكبرى (عليها السلام). لقد أظهرت زينب (سلام الله عليها) أنّه يُمكنها أن تُبدّل الحجاب وعفاف المرأة إلى العزّة الجهاديّة، إلى جهادٍ عظيم.
* يا لها من شخصيّة قويّة!
وما بقيَ من خُطَب زينب الكبرى (عليها السلام)، ممّا هو في متناول الأيدي، يظهر عظمة حركة زينب الكبرى (عليها السلام). فخطبتها الّتي لا تُنسى في أسواق الكوفة لم تكن كلاماً عاديّاً، ولا موقفاً عاديّاً لشخصيّةٍ كبرى، بل بيّنت بتحليلٍ عظيم أوضاع المجتمع الإسلاميّ في ذلك العصر بأجمل الكلمات وأعمق وأغنى المفاهيم في مثل تلك الظّروف. انظروا إلى قوّة الشخصيّة تلك، يا لها من شخصيّة قويّة.
فقبل يومين، كانت قد فقدت أخاها وقائدها وإمامها في تلك الصحراء، فقدته مع جميع الأعزّاء والشباب والأبناء، وهذا الجمع المؤلّف من بضع عشرات من النساء والأطفال قد أُسروا وأُحضروا على مرأى من أعين النّاس وحُملوا على نياق الأسْر، وجاء النّاس للمشاهدة، وبعضهم كان يُهلّل، وبعضهم كان يبكي، ففي خضمّ هذه المحنة، تسطع فجأةً شمس العظمة، فتستعمل اللهجة نفسها الّتي كان يستعملها أبوها أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على منبر الخلافة مخاطباً أمّته، فتنطق بالطّريقة نفسها، وباللهجة والفصاحة والبلاغة نفسها، وبذلك السموّ في المضمون والمعنى نفسه: «يا أهل الكوفة، يا أهل الخَتْل والغدر»، أيّها المخادعون، أيّها المتّظاهرون، لعلّكم صدّقتكم أنّكم أتباع الإسلام وأهل البيت، ولكن سقطتم في الامتحان وصرتم في الفتنة عُمياً، «ألا وهل فيكم إلّا الصّلِف والنّطِف وملق الإماء، وغمز الأعداء؟»، فتصرّفكم وكلامكم لا ينسجم مع قلوبكم. لقد غرّتكم أنفسكم وظننتم أنّكم مؤمنون، وتصوّرتم أنّكم ما زلتم ثوريّين، ظننتم أنّكم ما زلتم أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حين أنّ واقع الأمر لم يكن كذلك. لم تتمكّنوا من الصّمود والنّجاح في الفتنة، ولم تتمكّنوا من النّجاة بأنفسكم، «... إنّما مثلكم كمثل التي ﴿نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ﴾»، فقد أصبحتم كالّتي بدّلت الحرير أو القطن إلى خيوط، ثمّ أرجعت تلك الخيوط ونقضتها إلى قطن أو حرير، فمن غير بصيرةٍ ووعيٍ للظّروف، ومن غير تمييز بين الحقّ والباطل، أبطلتم أعمالكم وأحبطتم سوابقكم. فالظّاهر ظاهر الإيمان، واللسان يطفح بالادّعاءات الثوريّة، أمّا الباطن فهو باطنٌ أجوف خالٍ من المقاومة أمام العواصف المعارضة. فهذا يُعدّ من الآفات.
فبهذا البيان القويّ والكلمات البليغة، وفي ظلّ تلك الظّروف الصّعبة، تحدّثت زينب الكبرى (عليها السلام). فلم يكن الأمر بحيث نرى مجموعة من المستمعين يجلسون أمام زينب ويستمعون إليها وهي تتحدّث معهم كخطيبٍ عاديّ، كلّا، بل كان هناك عددٌ من الأعداء، وحملة الرّماح يُحيطون بهم، وكان هناك أُناسٌ مذبذبون أمثال أولئك الّذين سلّموا مسلماً إلى ابن زياد، وأولئك الّذين كتبوا الرّسائل للإمام الحسين (عليه السلام) وتخلّفوا عنه، وأمثال أولئك الذين كان ينبغي لهم أن يواجهوا ابن زياد في ذلك اليوم، ولكنّهم اختبؤوا في بيوتهم، هؤلاء كانوا في سوق الكوفة. وكان هناك عددٌ من الأشخاص الذين أظهروا ضعف النّفس، وهم الآن يشاهدون ابنة أمير المؤمنين (عليها السلام) ويبكون.
* زينب (عليها السلام) جوهر المرأة المسلمة
كانت زينب الكبرى (عليها السلام) في مواجهة هذه الجماعات المتفاوتة الّتي لا يُمكن الثّقة بها، ولكنّها كانت تتحدّث بهذه الطّريقة المحكمة. فهي امرأة التّاريخ، وهذه المرأة لم تعد ضعيفة. ولا يصحّ اعتبارها امرأةً ضعيفة. فهذا جوهر المرأة المؤمنة حيث تُظهر نفسها في مثل هذه الظّروف الصّعبة. هذه هي المرأة الّتي تُعدّ قدوةً لكلّ الرّجال العظماء والنّساء العظيمات في العالم. فهي تُبيّن علل الثّورة النبويّة والثّورة العلويّة، وتقول إنّكم لم تتمكّنوا من معرفة الحقّ في الفتنة، ولم تستطيعوا أن تعملوا بتكليفكم، وكانت النّتيجة أن يُرفع رأس فلذة كبد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الرّماح. من هنا يمكن فهم عظمة زينب (عليها السلام).
* زينب (عليها السلام) ليلة العاشر
وأوّل ليلة عاشوراء، هناك حيث يُمكن أن يُقال إنّ زينب الكبرى (عليها السلام) قد فقدت صبرها من شدّة الغمّ، يقول الإمام السجّاد (عليه السلام) الّذي كان مريضاً: كنت نائماً في الخيمة، وكانت عمّتي زينب (عليها السلام) جالسةً قربي تداويني، وكانت الخيمة المجاورة لنا هي خيمة أبي (عليه السلام)، فقد كان جالساً، وكان جون غلام أبي ذر مشغولاً بإعداد سيف حضرة الإمام (عليه السلام)، والجميع يُهيّئ نفسه لأجل القتال في الغد، يقول: رأيت فجأةً أبي يدندن ويقرأ أشعاراً كان مضمونها بأنّ الدّنيا قد أدبرت والدّهر غدّار والموت قد أقبل:
«يا دهرُ أفٍّ لك من خليل كم لك في الإشراق والأصيل».
فعندما كان ينشد شخصٌ هذا الشّعر فقد كان هذا دليلاً على أنّه أصبح واثقاً من أنّه سوف يرتحل عن هذه الدنيا عمّا قريب. يقول الإمام السجّاد (عليه السلام): سمعت هذا الشّعر، وأدركت رسالته ومعناه، وعلمت أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ينعى نفسه، ولكنّني تمالكت نفسي. نظرت لأرى عمّتي زينب (عليها السلام) فجأةً وقد غرقت في حزنٍ شديد، فنهضت وذهبت إلى خيمة أخيها وقالت له: أخي! أراك تنعى نفسك. لقد كنّا إلى اليوم نأنس بك، وعندما رحل أبونا عن هذه الدّنيا قلنا يوجد إخوة لنا، وعندما استُشهد أخي الإمام الحسن (عليه السلام)، قُلت ما زال لديّ الإمام الحسين (عليه السلام)، ولقد استأنست بك طيلة هذه السنوات، واعتمدت عليك وأنا اليوم أراك تنعى نفسك.
لزينب (عليها السلام) الحق في أن تتألّم. ولعلّ الحالة الّتي كانت عليها زينب (عليها السلام) في ذلك اليوم كانت حالة غير عاديّة. أنا أتصوّر أنّ الوضع الذي كان موجوداً يوم العاشر بالنّسبة إلى زينب كان وضعاً استثنائيّاً. فلا يُمكننا مقارنة وضعها بوضع أيّ من النّساء، ولا حتّى بالإمام السجّاد (عليه السلام). لقد كان وضع زينب (عليها السلام) وضعاً صعباً ومرهقاً إلى حدٍّ بعيد. فجميع الرجال قد استُشهدوا يوم عاشوراء. ولم يبقَ في عصر عاشوراء رجل واحد في المخيّم كلّه سوى الإمام السجّاد (عليه السلام) الّذي كان أيضاً مريضاً، وكان قد سقط هناك، ولعلّه كان في حالة من الإغماء. الآن، إذا نظر المرء إلى هذا الوضع، مخيّم فيه نحو ثمانين أو أربعة وثمانين نفراً ما بين طفلٍ وامرأة، محاصرون في وسط بحرٍ من الأعداء، فكم يحتاجون من العمل والجهد؟! والبعض عطشى، والبعض جوعى، بل لعلّه يُمكن القول إنّ الجميع كانوا عطشى وجوعى، وجميع القلوب مضطربة وخائفة، وأجساد الشهداء مقطّعة إرباً إرباً وقد سقطت على الأرض، بعضهم إخوتهم، وبعضهم أبناؤهم. وعلى كلّ حال لقد كانت حادثة مرّة جدّاً ومهولة، وكان ينبغي لشخصٍ ما أن يجمع هؤلاء كلّهم، وهذا الشخص هو زينب (عليها السلام).
* زينب (عليها السلام) والمسؤوليّة الكبرى
لم تكن زينب (عليها السلام) مجرّد شخصٍ قد فقد أخاه أو ولديه أو إخوته الآخرين أو هؤلاء الأعزّاء كلّهم، ثمانية عشر شابّاً من شباب بني هاشم والأصحاب الأوفياء، لقد كان هناك شيءٌ آخر لا يقلّ أهميّة عمّا جرى وهو أنّها كانت، بين هؤلاء الأعداء كلّهم، مسؤولة عن هذا الحمل الثقيل لحراسة هذه البقيّة من النساء والأطفال الّذين تفرّقوا وتشتّتوا، كما كان عليها أن ترعى الإمام السجّاد (عليه السلام) أيضاً. لذا، الله وحده يعلم في بضع السّاعات تلك التي تلت وقوع الحادثة، وإلى حين حلول وقت التحرّك والرّحيل، وتحديد الأعداء ما الذي سيفعلونه بهم، في بضع الساعات تلك التي ضمّت تلك الليلة المظلمة والحالكة والعصيبة، الله وحده يعلم ما الذي جرى على زينب الكبرى (عليها السلام). لهذا كانت زينب (عليها السلام) طوال هذه الساعات في حركةٍ دائمة تركض ناحية هذا الطفل، وناحية تلك المرأة، وناحية تلك الأمّ الثكلى، وناحية تلك الأخت المفجوعة بأخيها، وناحية ذلك الطفل الرّضيع، تقوم بحركةٍ دائمة بين الأفراد وتجمعهم وتواسيهم وتعطف عليهم. لكن في لحظة من اللحظات، كان صبرها يفيض، فتبدأ بمخاطبة أخيها، وتذهب إلى أخيها الشهيد، ملاذها الوحيد وملجأها. لدينا في الروايات أنّ زينب الكبرى جاءت إلى جسد أخيها المقطّع ونادت من أعماق قلبها: «يا محمّداه. صلّى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء مرمّلٌ بالدماء».
|
أعزّوا الإسلام كزينب (عليها السلام)
زينب الكبرى (عليها السلام) هي تجسيدٌ للعزّة، كما كان الحسين بن عليّ (عليهما السلام) في كربلاء تجسيداً للعزّة يوم عاشوراء. كانت نظرتها إلى الحوادث تختلف عن نظرة الآخرين، وعلى الرغم من تلك المصائب كلّها، حين أراد العدوّ أن يشمت بها، قالت: «ما رأيت إلّا جميلاً». ما رأيته كان جميلاً، شهادةً، ألماً، ولكنّه في سبيل الله، لحفظ الإسلام، لإيجاد تيّارٍ على امتداد التاريخ كي تفهم شعوب الأمّة الإسلاميّة ماذا ينبغي أن تفعل، كيف يجب أن تتحرّك، وكيف يجب أن تقف وتصمد؛ هذا العمل العظيم للملحمة الزينبيّة، هذه عزّة وليّ الله.
|
كِد كيدك، واسعَ سعيك
العدوّ ضعيف، وعندما يكون العدوّ ضعيفاً فإنّه يكثر من إطلاق الترّهات وإثارة الضجيج. ولا ينبغي لهذا الضجيج أن يؤدّي إلى فزع المسؤول الفلانيّ، أو إلى خطأ الشابّ الفلانيّ، فيتصوّر بأنّ الأوضاع وخيمة، لا، لا. فيوم كانت الثورة الإسلاميّة غرسة ضعيفة، وتعاضد هؤلاء وتعاونوا على استئصالها من جذورها، لم يستطيعوا. فكيف الآن، وقد تحوّلت تلك الغرسة الضعيفة إلى هذه الشجرة الضخمة القويّة، وهذه الشجرة الطيّبة العظيمة! إنّهم عاجزون عن ارتكاب أيّ حماقة. إنّها ذات العبارة التي قالتها السيّدة زينب (عليها السلام) ليزيد: «كِد كَيدَكْ، وَاسْعَ سَعْيَك، فَوَالله لا تمحو ذِكرَنا». افعل ما بدا لك، لكن اعلم أنّك لا تستطيع ارتكاب أيّ حماقة.
2021-12-14