يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 224 - ذو الحجة 1442 هـ

ذو الحجة

عدد الزوار: 56

 

- 1- لقد تزوّجت خير نساء العالم بخير رجال العالم وكان مهرها مهر السنّة، وجهازها جهازاً بسيطاً ومتواضعاً.
2- ما يجعل الإنسان سعيداً في زواجه هو أن يتزوّج الكفؤ، ويتمتّع بالصلاح والدين والعفّة والشرف.
3- تزوّجوا، فالزواج لن يضيف إلى أوضاعكم المعيشيّة صعوبات خاصّة، بل على العكس، سيغنيكم الله تعالى من فضله.
4- خصّصوا ساعات من الليل أو النهار وأوقات الفراغ لأسركم. ولينعم نساؤكم وأبناؤكم بمحبّتكم، ورعايتكم، واهتمامكم وعاطفتكم.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* زواج عليّ وفاطمة (عليهما السلام)
لقد تزوّجت خير نساء العالم بخير رجال العالم وكان مهرها مهر السنّة، وجهازها جهازاً بسيطاً ومتواضعاً. وحياة أمير المؤمنين والسيّدة الزهراء (عليهما السلام) مثال. لقد تزّوج أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل رجال العالم بفاطمة الزهراء (عليها السلام) أفضل نساء العالم أجمع. واعلموا بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن أفضل رجال العالم من الناحية المعنويّة فحسب، بل كان بطلاً عظيماً عرفته ميادين الحروب. والسيّدة الزهراء (عليها السلام) كذلك، فقد كانت ابنة أهمّ شخصيّة في الإسلام. فابنة أهمّ شخصيّة في الإسلام، وخير الرجال في ذلك الزمان تزوّجا بمهرٍ كهذا وجهازٍ كهذا.

* المهر المرتفع عادة جاهليّة
ولا تظنُّنّ بأنّ البذخ والمظاهر والمهر المرتفع لم يكونوا موجودين حينذاك، وأنّ الناس لم تكن تعرف مثل هذه الأمور. ففي تلك الأيّام كان رؤساء القبائل وأشراف العرب يهيّئون الجهاز الكبير والمعتبر عندما كانوا يزوّجون بناتهم. على سبيل المثال، كان بعضهم يطلب كمّيات كبيرة من الذهب، أو مئة ناقة، أو ألف دينار أو عشرة آلاف دينار كمهر لابنته. المهر المرتفع عادة جاهليّة. وجاء النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ونسخها. والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) -أي كلا العائلتين- كلاهما كانا يُعدّان من عائلات قريش الشريفة؛ أي من العائلات العزيزة والكريمة، لكنّهما لم يكونا من أهل الدنيا والتفاخر وجمع الأموال، وإلّا فالمواصفات العائليّة لهما من وجهة نظر الناس ومعايير ذلك الزمان كانت في المرتبة الأعلى. فأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كانت له إلى حينها تلك الافتخارات، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) أفضل النساء في عالم الإسلام الصغير يومذاك، وابنة الشخص الأوّل في المدينة، كانا يعلمان بتلك الأمور، لكن بما أنّ الدنيا حقيرة في أعينهما، ولأنّهما لم يكونا يوليان أهمّيّة لمظاهر الحياة، لم يدخلا هذه الأمور إلى قضيّة تتّسم باللطافة والمعنويّة، ألا وهي الزواج. فالمال والذهب والأمور الماديّة أحقر من أن يدخلاها في قضيّة كهذه.

* مهر الزهراء (عليها السلام) وجهاز عرسها
ما كان مهر الزهراء (عليها السلام)؟ وما كان جهازها؟ وكيف كان عرسها؟ بعض الأدوات الرخيصة الثمن التي وردت في الكتب: حصير، وسادة محشوّة بليف النخيل، ثوب، طاحونة يدويّة، إناء للماء، وظرف نحاسيّ. وإذا ما حسبناه بعملة اليوم، فلربّما لا يتجاوز مهر السيّدة الزهراء (عليها السلام) المئتي ألف تومان! وجهاز تلك السيّدة العظيمة والوسائل والأدوات التي هيّئت لها، لربّما لا يساوي في عملة اليوم ثمن قطعة لباس ترتديها امرأة متوسّطة الحال في يومنا هذا. هذه هي القدوة.

* لتبدأوا حياتكم المشتركة بهذا الشكل
هل حصل ذلك والنبيّ لا يملك الاستطاعة؟ لا، إنّه كان يستطيع. وبإشارةٍ منه كان هناك أشخاص حاضرون وبكلّ محبّة ورغبة، للإتيان بمال وافر وجهاز كبير وتقديمه لذينك العروسين، لكنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يرد ذلك، فذلك الجهاز البسيط وذلك المهر المتواضع، وذلك السلوك الموحي بالفقر كان متعمّداً، وذلك لكي يتعلّم الآخرون، ويدركوا بأنّ زواج الفتية والفتيات في عائلة رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) والمهر فيه لم يكن يتجاوز مهر السنّة، وأنّهم لم يجعلوا من أنفسهم أسرى للمظاهر. نحن لا يمكننا العمل مثلهم، لكنّهم علّمونا ذلك وحدّدوا لنا الطريق. قالوا لنا: لتبدأوا حياتكم المشتركة بهذا الشكل.

* بهذه الأمور يستمرّ الزواج
يوجد في الإسلام معايير معتبرة لاختيار الزوج مختلفة عن المعايير الجاهليّة. فالمعايير الجاهليّة تنظر إلى الاسم والمقام والمال والرتبة والثروة والعمل وأمثالها. وبما أنّ هؤلاء من أهل الدنيا، فهم يسعون وراء المظاهر الدنيويّة، وأوّل ما ينظرون في اختيار الزوج إلى مستواه العلميّ، وثروته، وشكله وهيئته. ومع أنّ الإنسان ينجذب بنحو طبيعيّ إلى هذه الأمور ويحبّها، إلّا أنّ أيّاً منها لا يؤدّي لزوماً إلى السعادة. فما يجعل الإنسان سعيداً في زواجه هو أن يتزوّج الكفؤ، ويتمتّع بالصلاح والدين والعفّة والشرف. وقد ورد في الروايات أنّ من تزوّج المرأة لمالها أو لجمالها، قد يحرمه الله منهما. وورد أيضاً، بأنّ من فتّش في أمر زواجه عن التديّن والتقوى، فإنّ الله سيعطيه المال والجمال. وقد تساءلت في نفسي ذات يوم وقلت: كيف يهب الله المرء الجمال بعد الولادة وفي جريان حياته؟ هو يغني الإنسان الفقير، لكن، كيف يهبه الجمال؟ لكنّني بعدها تنبّهت إلى أنّ الجمال هو من يجلب المحبّة. فإذا ما وُهبت المحبّة من الله تعالى، يصبح الوجه القبيح في نظر الإنسان جميلاً.
إن نظرت بعيني المجنون فلن ترى سوى جمال ليلى
يطلب الإسلام منّا أن نراعي أمرين: الأوّل، أن يكون الشخص الذي تريد الزواج به متديّناً طاهراً وعفيفاً، وأن تنظر إلى الجوانب المعنويّة فيه. الثاني، أن تفتّش عنه عند الحاجة. فعندما يشعر الرجل أنّه بحاجة إلى الزواج، فليذهب وليفتّش عن المرأة العفيفة والطاهرة، وكذا يكفي المرأة بأن تقبل بالزواج من الرجل العفيف والطاهر.

* النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يزوِّج جُبيراً
لذا، نرى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلب من رجل قبيح المنظر أسود اللون فقير، لا حسب له ولا نسب، يُدعى جبيراً -والذي قلّما تجد في المدينة رجلاً بقبحه وفقره- أن يذهب ويطلب ابنة أحد أشراف المدينة الأثرياء المعروفة بحسنها وجمالها. فلا يجيب جبير مستنكراً، أنا لست أهلاً لأتزوّج مثلاً الفتاة الفلانيّة، وأنا قبيح المنظر، جاهل، لا حسب ولا نسب ولا مال لي. فهو لا يشعر بمثل هذا الشعور، بل يقول: أنا رجل، ومسلم، ماذا تريد بعد ذلك؟ بالطبع، والد الفتاة يتزلزل إيمانه قليلاً. والفتاة فتاة حزب اللهيّة متديّنة، كالفتيات الحزب اللهيّات في يومنا هذا بحمد لله. بمجرّد أن تعلم بأنّ الرسول هو الذي أرسل هذا الرجل لخطبتها، تقول لوالدها: لماذا رفضته؟ ماذا تريد تلك الفتاة؟ كانت تقول إنّ هذا رجل، ومسلم، وأنا امرأة ومسلمة، ونحن كفؤ بعضنا لبعض، «المؤمن كفو المؤمنة والمسلم كفو المسلمة» هذا هو المعيار الديني.

* إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ
عندما يُطرح موضوع الزواج يجيب الشباب، ماذا نفعل بعد أن نتزوّج بالبيت، وبالشغل؟ هذه هي القيود نفسها التي تقف عائقاً أمام الأعمال الأساسيّة والأصليّة. يقول تعالى: ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ (النور:32)؛ أي إنّ الله سبحانه سيكفيهم. تزوّجوا، فالزواج لن يضيف إلى أوضاعكم المعيشيّة صعوبات خاصّة، بل على العكس، سيغنيكم الله تعالى من فضله. هذا ما قاله الله تعالى.
بناءً عليه، ينبغي التفتيش عن هذه القيم التي يوليها الإسلام أهمّية. لذا يجيب الإمام الصادق (عليه السلام) شخصاً سأله في أمر الزواج: اعلم، حيث إنّك تريد الزواج أنّك ستختار شريكة بيتك وعمرك، فانظر من تختار، وانظر لأخلاقها، ودينها، وعفافها، ثمّ أقدم بعد ذلك. ينبغي لكم أن تختاروا الزوجة على أساس الرواية القائلة: «ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله».

* فليتنازل أحد الزوجين للآخر
إن التكيّف والتواؤم مع الزوج أفضل صنوف التواؤم. لا ينبغي للزوجين أن يظنا بأنهما سيحصلان على ما يقولانه، وأن يحصل كلّ ما يحبّانه ويوفّر لهما الراحة، لا، فلا ينبغي لهذا أن يحصل. عليهما أن يقرّرا بأن يتوافق أحدهما مع الآخر. وهذا التوافق لازم وضروريّ. إذا رأيت أنّ مرادك لن يحصل إلّا بالتنازل، فتنازل؛ فكلاكما رفيقان، وفي موضع ما يتنازل الرجل، وفي موضع ما تتنازل المرأة. أحدكما يتغاضى هنا عن ميله ورغبته، والآخر في موضع آخر، لتتمكّنا من العيش معاً.

* «جهاد المرأة حسن التبعّل»
ورد في الحديث الشريف: «جهاد المرأة حسن التبعّل». ماذا يعني حسن التبعّل؟ في عهد النظام الطاغوتي، عندما كنت وأمثالي في ميدان الكفاح، كان النظام يكشف أمرنا عاجلاً أم آجلاً، فيبعث عملاءه وراءنا، فيأتون ويسحبوننا من بيوتنا أمام أعين زوجاتنا وأولادنا ويأخذوننا إلى معتقلات التعذيب التابعة للسافاك. لقد جرّبت السجن، وتحمّلت التعذيب، لكنّني كنت أعلم بأنّ المعاناة الأكبر تعانيها زوجتي؛ القلق، الخوف، الهلع، الاضطراب، والغصّة، لا يدعون لها مجالاً للهدوء لحظة. كنت أدرك هذا الأمر. حتّى حين كنت أفكّر وأنا في السجن، أو في الحبس الانفرادي، كنت أجد أنّ وضعها أصعب من وضعي، فكان قلبي يحترق لأجلها. ثمّ بعد ذلك، حين كنت أخرج من السجن، وأسألها وأتحرّى الأوضاع، فعلى الرغم من أنّها لم تكن ترغب في الكلام، إلّا إنّني كنت أدرك ماذا جرى معها. أن يربّي المرء بعض الأطفال، من دون مدخول، ولا مال، ولا وسيلة راحة، ولا أمن، ويأتي إليك بعض الأشخاص ويشمتونك، وهل هناك أسوأ من هذا؟ كنّ وحيدات في البيوت، دون رجال، ولم يكن معلوماً مصير آباء أطفالهنّ، كنّ الأكثر معاناة. بعض النساء حين كنّ يذهبن إلى لقاء أزواجهنّ في السجن، ويسأل الأزواج عن حالهنّ يجبن بأنّهنّ جيّدات. وحين كانوا يسألونهن إن كنّ يعانين من مشاكل ماليّة، كنّ يقلن: لا، وضعنا المادّي جيّد. ماذا عن الأطفال؟ هل هم بصحّة جيّدة؟ ولِمَ لم تأتِ بهم معك؟ كانت تقول: كانوا يلعبون، ورأيتهم مسرورين، لم أرد أن أعكّر عليهم صفو الجوّ. ثمّ بعد ذلك يتبيّن بأنّ الطفل قد كان مريضاً لشهر من الزمن. هذه المرأة لم تكن تريد لزوجها داخل السجن أن يعرف بمرض ابنها حتّى لا يصاب بالقلق. وحين كان يسأل عن حالها كانت تجيب بأنّها في أحسن حالاتها، مع أنّها نفسها كانت بحاجة إلى الرعاية.

* كونوا نماذج في الحياة الزوجيّة
أيّها الشباب الأعزّاء، ينبغي لكم أن تكونوا نماذج في الحياة الزوجيّة. فالرجل المؤمن، والذي يسير في طريق الله، عليه أن تكون جميع ميادين حياته وساحاتها إلهيّة. وإحدى هذه الميادين التعامل مع العائلة، وخاصّة الزوجة والأولاد. عليكم أن تصبحوا مظهر الأخلاق، قد تغضبون خارج البيت بسبب وقوع حادثة صغيرة ما، لكن لا ينبغي لهذا الغضب أن ينعكس داخل البيت. كونوا ودودين مع زوجاتكم، وتعاملوا مع أبنائكم كآباء بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، ولا تتعاملوا معهم كغرباء.

* اقضوا وقتاً مع أُسَرِكم
اهتمّوا بعائلاتكم، ولا تقولوا هناك أعمال مهمّة وخطيرة على عاتقنا، ولو تأخّرنا ساعة أو ساعتين، ولم نضحك في وجوههم، لا نكون قد كفرنا، ولن تقع السماء على الأرض، لا. إنّني أوصي مسؤولي البلاد كافّة، وأقول لهم: خصّصوا ساعات من الليل أو النهار وأوقات الفراغ لأسركم. ولينعم نساؤكم وأبناؤكم بمحبّتكم، ورعايتكم، واهتمامكم وعاطفتكم. ولا ينزعجوا من البيت والحياة. بعضنا يخرج من البيت في الصباح الباكر ويعود عند العاشرة مساءً. لا! نحن عادةً نوصي مَن تتوافر لديهم الإمكانيّة، أن يأتوا إلى البيت حتّى وقت الظهيرة، ويقضوا وقتاً مع نسائهم وأولادهم، يتناولوا طعامهم في جوّ عائليّ، ويقضوا ساعة مع بعضهم، ومن ثمّ ينصرفون لمتابعة أعمالهم. وأن يأتوا أيضاً في الوقت المناسب، أوّل الليل لرؤية أولادهم، وليكن لديهم اجتماع عائليّ حقيقيّ.

 
 

وصيّة القائد (دام ظله) للزوجات

 

احتسبن أجركنّ عند الله

أيّتها السيّدات، إنّ المشقّات التي تتحمّلنها بسبب عمل أزواجكنّ لا يذهب منها مقدار ذرّة هدراً، فاحتسبنها عند الله، واطلبن أجرها منه تعالى، وسيكافئكنّ الله تعالى عليها. لطالما قلت، إنّ أجر النساء في هذه الأمور هو نصف الأجر بالحدّ الأدنى. ولقد سُئلت: لِمَ تقول بالحدّ الأدنى، القسمة العادلة هي بأن يُقسّم الأجر الإلهيّ على كلّ من المرأة والرجل بالتساوي، خمسون في المئة للرجل وخمسون في المئة للمرأة، لِمَ يكون أجر المرأة أكثر؟ أقول: السبب في هذا هو أنّ الرجل عندما ينجز عملاً ما فإنّ ذلك يكون أمام أعين الجميع والكلّ يراه، وعليه فإنّه ينال بعض الثناء والمديح من الناس، وهذا بعض من أجره، أمّا المرأة التي تكون في بيتها، ولا أحد يعلم ما عانت وتعاني، فلن ينالها شيء من المدح والتصفيق والتهليل، لذا، يكون أجرها أكبر بهذا المقدار.

 
 

من توجيهات القائد (دام ظلّه)

 

أولادكم بحاجة إلى محبّتكم

أولادكم اليوم بحاجة إلى مصدر محبّة وهذا المصدر هو مؤسّسة الأسرة. اهتمّوا بأولادكم، وتعاملوا معهم بأبوّة وبصداقة. أفضل الآباء من هم رفاق لأبنائهم وبناتهم. فهم الكبار الذين يتحلّون بالإرشاد والتوجيه والمحبّة الأبويّة الفاتحة للآفاق، ويشكّلون بالنسبة إلى أولادهم الرفيق الذي يشكون له همومهم. إن كان لابنكم أسئلة وكلام وهمّ يشكوه، فينبغي لأذنك وأذن زوجتك أن تكون الأذن الأولى التي تستمع له.

2021-08-10