يتم التحميل...

لقد واجه الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام في ولاية العهد تجربةً تاريخيّةً عظيمةً في معرض حربٍ سياسيّةٍ خفيّة تحدّد نتيجتها انتصار أو هزيمة مصير التشيّع.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما فعله الإمام الرضا عليه السلام
إنّ العمر المبارك للإمام الرضا عليه السلام الذي قارب الـ 55 سنة، مليءٌ بالعظمة والعمق والأبعاد المختلفة. فمن هذه الـ 55 سنة، كانت مدّة إمامته19 عليه السلام سنة تقريباً، وكان لها أثرٌ كبير في تعميق المعنى الحقيقيّ للإسلام، والارتباط بأهل البيت عليهم السلام، والتعريف بمدرسة هؤلاء العظماء.

كان الأصدقاء والمقرّبون والمحبّون، في ذلك الوقت الذي وصل فيه الإمام عليه السلام إلى الإمامة، يتساءلون: ماذا يمكن لعليّ الرّضا أن يفعل في مثل هذا الجوّ؟ هذا الجوّ الشديد من القمع الهارونيّ الذي كانوا يقولون بشأنه: "وسيفُ هارون يقطرُ دماً"؟ ماذا يريد هذا الشاب أن يفعل، في مثل هذه الظروف، للاستمرار في خطّ جهاد أئمّة الشّيعة وفي المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه؟ لقد كانت هذه بداية إمامة علي بن موسى الرّضا عليه السلام. وبعد هذه السّنوات الـ 19 أو الـ 20 التي شكّلت نهاية مرحلة إمامته عليه السلام، ترون كيف أنّ ذلك الفكر المتعلّق بولاية أهل البيت عليهم السلام والارتباط بآل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان قد انتشر في العالم الإسلاميّ، بحيث إنّ الجهاز الظّالم والدكتاتوري للعباسيّين أصبح عاجزاً عن مواجهته. هذا ما فعله عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام.

شعر دِعبِل يجولُ في البلدان
لقد سمعتم أنّ دِعبِل الخزاعيّ قد قدم إلى مرو، في خراسان، وأنشد تلك الأشعار المعروفة في مدح الإمام الرّضا، ثمّ حصل بعدها على جائزة، وبقي أيّاماً عدّة في مرو وفي سائر مدن خراسان، ثمّ بعد ذلك تحرّك باتّجاه بغداد والكوفة. وأثناء الطّريق هجم قطّاع الطّرق على القافلة التي كان فيها دِعبِل ونهبوها. كان أهل هذه القافلة جالسين ويشاهدون وينظرون إلى أموالهم كيف تُنهب، وكان رئيس عصابة اللصوص جالساً على صخرة على مرتفع ويتفرّج بتبختر على أسرى وسجناء هذه القافلة، وهذه الأموال التي كانوا يصادرونها ويجمعونها ويضعونها في أكياس. فسمع دِعبِل زعيم اللصوص هذا يترنّم في نفسه، وينشد شعراً، فأصغى إليه ولاحظ أنّه شعره. وكان بيتاً من تلك القصيدة، التي قد أنشدها قبل شهر أو شهر ونصف على سبيل الفرض في مرو، "أرى فيئهم في غيرهم...". لقد كان زعيم اللصوص على طريقٍ بين الريّ والعراق وقد حفظ هذا الشّعر. فسأله دِعبِل: هل تعلم لمن هذا الشّعر؟ فقال: هذا الشعر هو لدِعبِل الخزاعي. فقال: حسنٌ، أنا دِعبِل الخزاعي! فعندما رأى زعيم العصابة أنّ هذا الشّخص هو دِعبِل الخزاعي قام واحتضنه وقبّله وقال: ببركة حضور هذا الشّخص في هذه القافلة أرجعوا الأموال كلّها. فأرجعوا الأموال كلّها واحترموا أفراد القافلة وتركوهم وذهبوا.

هذه الحادثة صغيرة في التاريخ، ولكنّها ذات معنى كبير. فشعرٌ يُنشد حول الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام في مرو، وبعد قرابة شهر يصبح محفوظاً في الريّ والعراق حتى على ألسن قطّاع الطّرق ويُكرّر! فماذا يعني هذا؟ إنّه يعني أنّ أرضيّة الترويج لأهل البيت عليهم السلام والاسم المبارك للإمام الرضا عليه السلام قد أصبحت مساعدة بحيث إنّ الألسن تتناقل هذا الشّعر - في الوقت الذي كان فيه الشّعر من أكثر الأمور تأثيراً ونفوذاً على المستوى الإعلاميّ - في مدّة قصيرة ويصل إلى شخصٍ هو، على سبيل المثال، قاطع طريق وسط الصحراء. فهذا مؤشّرٌ على الحركة العظيمة التي تحقّقت في عصر الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام من أجل الترويج لمدرسة أهل البيت عليهم السلام. لقد أصبحت محبّتهم شائعة. وحضورهم ووجودهم في المجتمع الإسلاميّ، كان قد نفذ إلى أعماق قلوب النّاس.

المحبّة: أجرُ الرسالة
منذ بداية تاريخ التشيّع وإلى يومنا هذا كان ثمّة عنصرٌ أساس في التشيّع ومسيرة التشيّع، وهو ذلك التيّار العاطفي المستند إلى المنطق والمعتمد على الحقيقة، لا العاطفة الخاوية. لهذا أنتم ترون في القرآن أن أجر الرسالة هو المحبّة والمودّة في القربة ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ﴾(الشورى:23). وهذه نقطة فائقة الأهمية يجب الالتفات إليها. فالخدش في هذه المحبّة بأي شكلٍ وبأية صورة يُعدّ خيانة لهذه المسيرة العظيمة لمحبّة أهل البيت عليهم السلام واتّباعهم. يجب الحفاظ على هذه المحبّة. لهذا أنتم ترون أنّ الأئمة عليهم السلام ينظرون نظرةً خاصّةً إلى أمثال دِعبِل الخزاعي والسيد الحِميَري وكُميت بن زيد الأسدي. في حين أنّ أمثال زرارة ومحمد بن مسلم وعظماء من هذا القبيل كانوا موجودين حول الأئمة عليهم السلام ولم تكن لهم هذه النظرة وهذا الاهتمام. كلُّ ذلك لأن بُعد الارتباط العاطفي والمحبّة يوجد في شعر الشعراء ومدح المادحين وذكر الذاكرين على نحوٍ أتمّ وأوفى، وهذا لا يوجد في أماكن أخرى؛ وإذا وُجد يكون تأثيره ضعيفاً؛ فالشعر والمدح والذكر كان لها هذا الدور الهام في تاريخ التشيع.

حركةٌ قلّ نظيرها
لقد استطاع الإمام الرضا عليه السلام بقبوله ولاية العهد أن ينهض بحركة لا نظير لها في تاريخ حياة الأئمّة. ولقد تمثّل ذلك بظهور دعوة الإمامة الشيعيّة على مستوى كبير في العالم الإسلاميّ وخرق ستار التقيّة الغليظ في ذاك الزمان، حيث تمّ إيصال نداء التشيّع إلى أسماع جميع المسلمين. فمنبر الخلافة القويّ جُعل تحت تصرّف الإمام عليه السلام. وقد قام الإمام عليه السلام من خلاله برفع ندائه وإعلان ما كان يُقال طيلة 150 سنة في الخفاء والتقيّة للخواص والأصحاب المقرّبين، وبالاستفادة من الإمكانات الرائجة في ذلك الزمان الّتي لم تكن إلا تحت سيطرة الخلفاء والمقرّبين منهم في الرّتب العالية، أوصل ذلك النداء إلى أسماع الجميع.

سنَةُ الخير
وبعد سنةٍ من ولاية العهد نجد الخطب حافلة بذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام في المدينة، وفي الكثير من الأقطار الإسلاميّة. فأهل بيت النبيّ الّذين كانوا يُشتمون علناً على المنابر لسبعين سنة، وفي السنوات الّتي تلتها، لم يكن شخص ليجرؤ على ذكر فضائلهم، فعاد في زمانه عليه السلام ذكر عظمة وفضائل أهل البيت في كلّ مكان، كما أنّ أصحابهم ازدادوا جرأة وإقداماً بعد هذه الحادثة، وتعرّف الأشخاص الّذين كانوا يجهلون مقام أهل البيت عليهم السلام إليهم وصاروا يحبُّونهم وأحسّ الأعداء الّذين أخذوا على عاتقهم محاربة أهل البيت بالضعف والهزيمة.

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

 
 

من توجيهات القائد دام ظله

 

قدِّموا الإسلام النقيّ

يجب أن يكون جهدنا وسعينا في تقديم الإسلام النقي الناصع، الإسلام الذي يواجه الظالم ويدافع عن المظلوم. إن هذا الأمر سيرضي تطلعات الشاب الذي في أوروبا أو أميركا أو في المناطق النائية من العالم، سوف يسرُّه أنْ يعلم أنّ الإسلام يشكِّل طاقةً ودافعاً وفكراً يواجه الظالمين والطغاة ويسعى نحو تحقيق مصالح المظلومين، وعنده برنامج في هذا المجال ويعتبر هذا الأمر من مسؤولياته. الإسلام الذي يدعو إلى العقلانية، الإسلام الذي يملك فلسفة عميقة، إسلام الفكر، علينا أن نقدِّم الإسلام الذي أعطى أهمية بالغة للعقل والفكر واللّب وأمثالها، الإسلام الذي يدعو إلى التعقّل ويرفض السطحيّة والتمسّك بالقشور، يرفض التحجّر، يأبى للإنسان أن يكون أسيراً لأوهامه وخيالاته، الإسلام النقي الصافي، علينا أن نبيّن لهم أنّ هذا هو الإسلام، الإسلام الملتزم مقابل الاستهتار واللامبالاة.

 
 

خواطر

 

التزامُه دام ظله بالقانون

نقلاً عن حجّة الإسلام والمسلمين علي حقّاني: "عندما يتمُّ مسح الغبار عن المرقد الشريف للإمام الرضا عليه السلام، تُعطى للشخصيات التي تُدعى للقيام بهذا العمل بعض المناديل المعطّرة لأداء هذا الأمر.

وكان السيد القائد يأخذ المناديل ويمسح بها الغبار، ثم يبارك بها وجهه ورأسه.

في إحدى المرات، ومع أن الإشراف على الآستانة الرضوية يتم تحت رعاية الولي الفقيه، إلا أن السيد القائد استأذن من المتولي الفعلي عليها وعلى الحرم الشريف وقال للشيخ واعظ الطبسي: "هل أستطيع الاحتفاظ بهذا المنديل لنفسي؟" فقد أراد أن يتمّ هذا الأمر من خلال التنسيق والالتزام بالقانون.

 
 

نشاطات القائد

 

ردُّه دام ظله على رسالة رئيس الجمهورية بشأن المفاوضات النوويّة (15/07/2015).
أعرب سماحة الإمام القائد الخامنئي دام ظله، فی جوابه عن رسالة الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلاميّة في إيران بخصوص المفاوضات النووية، عن شكره للجهود الكبيرة لرئيس الجمهورية وثمّن الجهود المضنية والدؤوبة للفريق النووي المفاوض، معتبراً التوصل إلى نتيجة لهذه المفاوضات، خطوة هامة، وأشار سماحته إلى عدم إمكانية الثقة ببعض الحكومات الستّ في الطرف المقابل للمفاوضات، مؤكداً: من الضروري ملاحظة النص المعدّ بدقة ووضعه في المسار القانوني المقرر، وفي حال المصادقة عليه، يجب مراقبة حالات نقض العهود لدى الطرف المقابل، وسدّ الطريق أمامها.

وأعرب قائد الثورة الإسلاميّة المعظم عن أمله بأن یحافظ الشعب الإیراني العزیز علی وحدته ورصانته لیمكن تحقیق المصالح الوطنیة في أجواء هادئة وحكیمة.

استقباله دام ظله كبار المسؤولين وسفراء البلدان الإسلاميّة في أوّل أيّام عيد الفطر السعيد (18/07/2015).
لدی استقباله حشداً من کبار مسؤولي الدولة وسفراء البلدان الإسلاميّة، اعتبر الإمام القائد الخامنئيدام ظله أنّ الوحدة والتماسك یمثّلان الوصفة الناجعة للعالم الإسلاميّ، مؤکداً أنّ الحروب المذهبیة والطائفیة التي تجري حالیاً في المنطقة؛ صُمِّمت وفُرضت بهدف صرف انتباه الشعوب الإسلاميّة عن الکیان الصهیوني، وقال: إنّ سیاسات الجمهوریة الإسلاميّة في المنطقة هي علی النقیض تماماً من سیاسات الاستکبار وعلی رأسه أميرکا، لأنّ إیران لا تثق أبداً بأميرکا، لأنّ الساسة الأميرکیّین یتسمون بعدم المصداقیة وعدم الإنصاف.

إقامته دام ظله صلاة عيد الفطر المبارك في مصلّى الإمام الخميني قدس سره بطهران (18/07/2015).
أقام سماحة الإمام القائد الخامنئي دام ظله صلاة العيد في مصلى الإمام الخمیني قدس سره بالعاصمة طهران.

وهنّأ سماحته المسلمين بعيد الفطر، معتبراً شهر رمضان لهذه السنة شهر هطول أمطار البركة الإلهية على شعب إيران بالمعنى الحقيقي للكلمة، مضيفاً: الصيام في أيّام الصيف الطويلة الحارة، وجلسات القرآن الكبیرة والكثیرة، ومجالس الدعاء والتوسل والتضرُّع إلى الله الجميلة، وموائد الإفطار البسيطة في المساجد والمعابر العامة، وأخيراً مظاهرات يوم القدس العالمي العظيمة، من علامات هذه البركة السماوية.

وأشار سماحته دام ظله إلى شعارات "الموت لإسرائيل" و"الموت لأميركا" التي رفعها شعب إيران في يوم القدس العالمي، قائلاً: الاتجاهات العظيمة لحركة الشعب يجب فهمها من هذه الشعارات وليس من ألسن الأجانب المغرضين، والتي يُكرِّر بعض سيّئي الفهم ما تقوله في الداخل أيضاً للأسف.

 
 

استفتاء

 

وهبُ المال
س: وهب شخصٌ في حياته أمواله كلّها لحفيده. فهل تنفذ هذه الهبة في جميع أمواله، حتّى فيما لا بدّ من صرفه له بعد موته من نفقات الكفن والدفن وغيرهما؟
ج: لو تمّ قبض الأموال الموهوبة بعد هبتها في حياة الواهب وبإذنه، نفذت الهبة في تمام ما تحقّق قبضه.

ذَهَبُ المرأة
س: بعدما طلّقتُ زوجتي أخذتُ منها الذهب وأدوات الزينة وغير ذلك ممّا كنتُ قدِ اشتريتُه بمالي وأعطيتها إيّاه في أثناء زواجنا بعنوان أدوات الزينة، فهل يجوز لي الآن التصرُّف في هذه الأشياء؟
ج: لو كان ما أعطيته لزوجتك بعنوان العارية لتستفيد منه، أو كنت قد وهبته لها، ولكن كان باقياً بحالته السابقة لديها إلى حين أخذه منها، ولم تكن هي من قرابتك، ففسختَ الهبة، واسترجعتَ الأموالَ الموهوبة، جاز لك التصرُّف في ما أخذته منها من ذلك، وإلّا فلا.

2015-09-01