ملكية الفرد للمال
مواعظ في سطور
من الأمور المهمة التي تبناها الإسلام كأساس للنظام الإجتماعي في هذه الحياة هي نقطة الاعتدال، والأخذ بالحد الوسط في كل شيء يخص الفرد من أعمال وشؤون، وقد ساق القرآن الكريم مثالاً لهذه الصورة فقال سبحانه: "وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا"
عدد الزوار: 279
من الأمور المهمة التي تبناها الإسلام كأساس للنظام الإجتماعي في هذه الحياة هي نقطة الاعتدال، والأخذ بالحد الوسط في كل شيء يخص الفرد من أعمال وشؤون، وقد ساق القرآن الكريم مثالاً لهذه الصورة فقال سبحانه: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾(الإسراء:29).
فلا إسراف ولا تقتير بل أمر وسط بين أمرين، والآية الكريمة وإن كان موردها الصرف والانفاق، ولكن آيات القرآن دستور لايخصص المورد فيها الوارد بل الوارد فيها فقرة من فقرات الدستور الإسلامي تؤخذ تلك الفقرة كحكم أو كقاعدة تعم جميع الموارد وفي جميع العصور إلا أن يدل دليل من آيات أخرى، أو من السنة الكريمة على الاختصاص وعدم الشمول.
واذاَ فالآية الكريمة تشير إلى أن التوازن نقطة أساس لابد من المحافظة عليها وأن الاخلال بها يضر المجتمع، ويجر عليه الويلات.
ومن هذا المنطق تنظر الشريعة المقدسة إلى حرية الفرد في التملك والصرف، والأخذ، والعطاء فهي لا تترك الفرد يتمتع بحرية مطلقة في نطاق التملك، والحصول على الثروة كيف يشاء، ومن أي طريق كان ليكون هو المالك الوحيد، ولاحق فيه لغيره يملك ما يشاء، ينفق حسب ما يريد من دون قيد أو شرط.
ولكنها في الوقت نفسه لا تحرمه من حقه الطبيعي فتسلب منه الملكية الفردية، وتجعل ما يحصل عليه ملكاَ لغيره، وخاضعاّ للسلطة بحيث يكون الفرد عاملاً لا يملك لنفسه إلا ما يقيم له حياته المعاشية في أبسط أنواعها. لا هذا ولا ذاك بل حد وسط بين الأمرين.
الإسلام يحترم الفرد ويأخذ بعين الاعتبار ما يحقق له كرامته ولكن في نطاق المجموعة وحدود المجتمع الذي يعيش فيه لأنه كما يلحظ المصلحة الخاصة كذلك يضع في حسابه المصالح العامة، بل قد تقدم المصالح العامة في بعض الموارد على المصلحة الخاصة لو أقتضت الضرورة لمثل هذا الاجراء ومن ذلك.
1- لو أسر الكفار بعض المسلمين: وجعلوهم في الصف الأول، وفي الخط الأمامي من المعركة ليكونوا عقبة في طريق زحف المسلمين، فإن الشارع المقدس يأمر المسلمين بالتقدم، ولو أقتضى ذلك قتل هؤلاء المسلمين الأسارى وحينئذ فلهؤلاء الجنة، ولورثتهم الدية تستحصل من بيت المال.
2- الاحتكار: وهو حبس السلعة والامتناع عن بيعها لأنتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين إليها وعدم وجود الباذل لها. وهذا العمل حرام من حيث المبدأ، ويجبر المحتكر على البيع من دون أن يعين له السعر.
نعم إذا كان السعر الذي إختاره مجحفاً بالعامة أجبر على الأقل. وهناك كثير من هذا الموارد لاحظ الشارع المقدس فيها المصلحة العامة فقدمها على المصلحة الخاصة. ومن هذا القبيل ما نحن فيه، وبالنسبة إلى ما يحصل عليه الفرد من الثروة والتصرف فيه فإن الإسلام يبيح له ذلك ليعمل طاقاته في سبيل الإنتاج، ولكن لاينافي هذا أن يضع له مقاييس خاصة لابد من رعايتها حفاظاً منه على التوازن وعقبة في طريق التضخم الذي ينشأ من جراء هذه الحرية بدون قيد أو شرط، ولئلا ينعم بعضهم على حساب الآخرين أو يتخم بعضهم، ويجوع آخرون. وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام: "ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير "1. ومن هذا العرض نخلص إلى أن الفرد في حياته المعاشيه حر ومقيد.
حر: في التملك والتصرف في قبال الأنظمة والتي تسلبه الحرية، وتجعله أداة لغيره.
ومقيد: بالنسبة إلى بعض أسباب التملك، أو بالقيود التي توضع عليه بعد التملك رعاية للمصالح التي تقتضيها طبيعة المعايشة في المجتمع الاسلامي. 2
1- وسائل الشيعة ج 9ص19.
2- الانفاق في سبيل الله /عز الدين السيد علي بحر العلوم ص10_13.