يتم التحميل...

موقع الصبر وأهميته في الروايات

مواعظ حسنة

عند الرجوع إلى بعض الأحاديث التي تدور حول الصبر نجدها تحكي وتدل على أهمية الصبر في الإسلام والشرائع الإلهية كافة، حيث يمكننا أن نلخص التعبير عن هذه الأهمية بهذه الجملة وهي أنه كان وصية جميع الأنبياء والأولياء والقادة الحقيقيين لأتباعهم وخلفائهم وكل من يسير على دربهم.

عدد الزوار: 113

عند الرجوع إلى بعض الأحاديث التي تدور حول الصبر نجدها تحكي وتدل على أهمية الصبر في الإسلام والشرائع الإلهية كافة، حيث يمكننا أن نلخص التعبير عن هذه الأهمية بهذه الجملة وهي أنه كان وصية جميع الأنبياء والأولياء والقادة الحقيقيين لأتباعهم وخلفائهم وكل من يسير على دربهم.

إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الأب الرحيم والمعلم الشفيق الذي أمضى عمره في السعي والجهاد متحملاً لكل الآلام في سبيل تحقيق الهدف الذي يصبو إليه، نرى أنّه في اللحظة التي يودع فيها هذه الحياة الدنيا، وعندما تصبح يده عاجزة عن متابعة العمل والسعي وبذل الجهد للوصول إلى الهدف الذي صرف عمره من أجله، فإنه يعهد إلى وارثه لأجل المضي به وإكمال المسير نحوه ويوصيه بما يمكّنه من بلوغ ذلك المقصد الأسمى.

فما هي هذه الوصية الأخيرة الذي ينطق بها إلى وارثه الذي أوكل إليه أمر هذه المهمة الخطرة؟

إنه لن يقول له إلا ما هو عصارة تجاربه كافة، وسيقدم له ثمرة سعيه العلمي والعملي، ساعياً لتبيين ذلك في جملة تختصر المطلوب، ضمن وصية تختزن بداخلها كل المعارف والإدراكات القيّمة لتتحول إلى هاد ومرشد دائم لذلك التلميذ الوارث، وكأن النقطة النهائية في حياة الأول تصبح نقطة بداية تكامل وارتقاء للتالي.

بعد هذه المقدمة نرى أن آخر وصية للأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين وبناة المجتمع الإلهي السامي وآخر هدية فكرية قدموها لخلفائهم هي الوصية بالصبر.

وننتقل الآن إلى محطة نتوقف فيها عند حديثين مرويين عن أهل البيت عليهم السلام في موضع الصبر. الحديث الأول عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر عليه السلام : "لمّا حضرت الوفاة أبي علياً بن الحسين ضمّني إلى صدره وقال: "يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ـ وبما ذكر أنّ أباه أوصاه ـ يا بني، اصبر على الحق وإن كان مرّاً .1

وفيما يتعلق براوي الحديث فهو أبو حمزة الثمالي من خواص الأتباع الخلّص لأهل البيت عليهم السلام، وكان من العناصر الأساسية في جبهة الدفاع عن التشيع. لذا ما نقله عن الإمام الباقر عليه السلام صحيح معتبر.

لقد خلَفَ الإمام الباقر عليه السلام أباه الإمام السجاد (عليه السلام) حاملاً أمانة الحفاظ على ميراثه ومتابعة طريقه ومشروعه. وكان وجوده عليه السلام استمراراً لوجود أبيه الذي كان بدوره استمراراً لوجود الإمام الحسين بن علي عليه السلام. فكل واحد من أفراد سلسلة الإمامة كان يمثّل استمرار مشروع السابق له، وكانوا جميعاً استمراراً لوجود النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. لقد كانوا جميعاً نوراً واحداً ونهجاً واحداً يرمون تحقيق هدف واحد.

وإذا عدنا إلى الحديث نجد من عبارة "يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة" أن المشار إليه هو الإمام الحسين عليه السلام الذي نعلم جميعاً أين كان وبأية حالة، حين حضرته الوفاة.

ففي تلك الأجواء الشديدة ليوم عاشوراء ووسط بحر الآلام والمصائب وفي هذه الظروف الدموية التي خيمت على كربلاء، والأعداء يحاصرون معسكر الإمام الحسين، نجده يستفيد من فرصة صغيرة قبل أن يحمل حملته الأخيرة على معسكر الأعداء، فيرجع من ساحة القتال إلى معسكره ويعقد لقاءاً قصيراً مع أفراد أسرته ويتحدث مع ولده وخليفته علي بن الحسين لمدة قصيرة، لكنّها مهمة جداً، ويوصيه بالصبر . 2


1- الكافي ج 2ص172.
2- بحث حول الصبر / الامام الخامنئي دام ظلّه.

2012-12-31