يتم التحميل...

ما فعله المعتز بالإمام الحسن العسكري(ع)

شهادة الإمام العسكري(ع)

كانت سيرة المعتز مع الامام العسكري عليه السلام كسيرة اسلافه من ملوك بني العباس مع اهل البيت عليهم السلام، ومما يلحظ على تلك السيرة ان المعتز قد وضع الامام العسكري عليه السلام تحت الرقابة الشديدة، ولم يعد بامكانه الاتصال باصحابه الا في ظروف خاصة،

عدد الزوار: 256

كانت سيرة المعتز مع الامام العسكري عليه السلام كسيرة اسلافه من ملوك بني العباس مع اهل البيت عليهم السلام، ومما يلحظ على تلك السيرة ان المعتز قد وضع الامام العسكري عليه السلام تحت الرقابة الشديدة، ولم يعد بامكانه الاتصال باصحابه الا في ظروف خاصة، و تعرض الامام عليه السلام للاعتقال في زمانه وضيق عليه في السجن، وكان عليه السلام لايتكلم ولايتشاغل بغير العبادة، فيصوم النهار ويقوم الليل.

واودع عليه السلام في سجن صالح بن وصيف، وكان العباسيون يوصونه بالتضييق عليه، ويدسون العيون في داخل السجن مع اصحابه.

عن محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن موسي، قال: "دخل العباسيون على صالح بن وصيف عند ما حبس ابومحمد عليه السلام، فقالوا له: ضيق عليه ولاتوسع، فقال لهم صالح: ما اصنع به وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صاروا من العبادة والصلاة والصيام الي امر عظيم، ثم امر باحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شانكما في امر هذا الرجل؟فقالا له: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله، ولايتكلم ولايتشاغل بغير العبادة، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لانملكه من انفسنا، فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين"1.

وعن ابي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: "كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الاحمر انا والحسن بن محمد العقيقي، ومحمد بن ابراهيم.العمري وفلان وفلان، اذ ورد علينا ابو محمد الحسن عليه السلام واخوه جعفر، فخففنا له، وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول انه علوي، قال: فالتفت ابومحمد عليه السلام وقال: لولا ان فيكم من ليس منكم لاعلمتكم متى يفرج عنكم، و اوما الي الجمحي ان يخرج فخرج. فقال ابومحمد عليه السلام: هذا الرجل ليس منكم فاحذروه، فان في ثيابه قصة قد كتبها الي السلطان يخبره بما تقولون فيه، فقام بعضهم ففتش ثيابه، فوجد فيها القصة، يذكرنا فيها بكل عظيمة، ويعلمه انا نريد ان ننقب الحبس ونهرب..."2.

وحاول المعتز الفتك باالامام عليه السلام على يد سعيد بن صالح الحاجب الذي قتل المستعين بعد ان حمله الي سامراء فتناهت انباء تلك المحاولة الي اسماع الشيعة، فكتب بعضهم الي الامام عليه السلام يتساءل عن ذلك، فطمانه باالمصير الذي ينتظر المعتز قبل ان ينفذ عزمه.

عن محمد بن بلبل قال: "تقدم المعتز الي سعيد الحاجب ان اخرج ابامحمد الي الكوفة، ثم اضرب عنقه في الطريق، فجاء توقيعه عليه السلام الينا: الذي سمعتموه تكفونه، فخلع المعتز بعد ثلاث وقتل"3.

وعن المعلى بن محمد، قال: اخبرني محمد بن عبدالله، قال: "لما امر سعيد الحاجب بحمل ابي محمد عليه السلام الي الكوفة، كتب ابوالهيثم بن سيابة اليه: جعلت فداك، بلغنا خبر اقلقنا وبلغ منا كل مبلغ؟ فكتب عليه السلام: بعد ثلاث ياتيكم الفرج. فقتل الزبير ـ اي المعتز ـ يوم الثالث".

وكان الامام عليه السلام قد توجه الي الله تعالى باالدعاء عليه، فقد روي عن محمد بن علي الصميري انه قال: "دخلت على ابي احمد عبيدالله بن عبدالله وبين يديه رقعة ابي محمد عليه السلام فيها: اني نازلت الله في هذا الطاغي ـ يعني الزبير ـ وهو اخذه بعد ثلاث. فلما كان في اليوم الثالث فعل به مافعل"4.

خلع المعتز وقتله:

كان خلع المعتز في رجب سنة 255هـ، وكان سبب خلعه ان الجند وعلى راسهم القادة الترك اجتمعوا فطلبوا منه ارزاقهم، فلمايكن عنده ما يعطيهم، فسال من امه ان تقرضه مالا يدفعهم عنه به، فلم تعطه واظهرت انه لاشيء عندها، فاجتمع الاتراك على خلعه وقتله، فدخل اليه بعض الامراء فتناولوه بالدبابيس يضربونه، وجروا برجله واخرجوه وعليه قميص مخرق ملطخ بالدم، فاوقفوه في وسط دارالخلافة في حر شديد حتي جعل يراوح بين رجليه من شدة الحر، وجعل بعضهم يلطمه وهو يبكي ويقول له الضارب: اخلعها والناس مجتمعون. ثم ادخلوه حجرة مضيقا عليه فيها، ومازالوا عليه بانواع العذاب حتي خلع نفسه من الخلافة وولي بعده المهتدي بالله، ثم سلموه الي من يسومه سوء العذاب، ومنع من الطعام والشراب ثلاثة ايام حتي جعل يطلب شربة من ماء البئر فلم يسق، ثم ادخلوه سربا وجصصوا عليه، فاصبح ميتا، واشهدوا عليه جماعة من الاعيان انه مات وليس به اثر5.

ما قاله الإمام العسكري بعد هلاك المعتز:

حينما قتل المعتزخرج توقيع من الامام العسكري عليه السلام يؤكد عزم المعتز على قتل الامام عليه السلام قبل ان يولد له، وفي ذلك دلالة واضحة على اعتقاد بني العباس بان المولود هو صاحب الزمان عليه السلام الذي يقصم الجبارين ويقيم دولة الحق.

عن احمد بن محمد بن عبدالله، قال: "خرج عن ابي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري: هذا جزاء من اجترا على الله في اوليائه، يزعم انه يقتلني وليس لي عقب، فكيف راي قدرة الله فيه؟و ولد له ولد سماه محمدا..."6.


1- الكافي1 : 512/23 ـ باب مولد ابي محمد الحسن العسكري عليه السلام من كتاب الحجة ، الارشاد2 : 334.
2- الثاقب في المناقب : 577/526 ، الخرائج والجرائح2 : 682/1و2 ، نور الابصار : 183 ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 470 ، اعلام الوري2 : 141.
3- المناقب لابن شهراشوب4 : 464.
4- الغيبة للطوسي : 208/177 ، الخرائح والجرائح1 : 451/36 ، مهج الدعوات : 274 ، دلائل الامامة : 427/391 ، الثاقب في المناقب : 576/523.
5- الكامل في التاريخ6 : 200 ، الفخري في الاداب السلطانية : 243 ، البداية والنهاية11 : 16 ، سير اعلام النبلاء12 : 533.
6- اصول الكافي1 : 329/5 ـ باب الاشارة والنص الي صاحب الدار عليه السلام ، اكمال الدين : 430/3 ـ باب42.

2012-03-02