يتم التحميل...

من خلق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم

رحيل الرسول الأكرم(ص)

كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجلس ولا يقوم إلاّ على ذكر، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أنَّ أحداً أكرم عليه منه، ومن جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف...

عدد الزوار: 115

كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجلس ولا يقوم إلاّ على ذكر، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أنَّ أحداً أكرم عليه منه، ومن جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يردَّه إلاّ بها أو بميسور من القول قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً.

وصاروا عنده في الحق متقاربين يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دائم البشر سهل الخُلُق، ليّن الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحّاش ولا عيّاب ولا مدّاح يتغافل عما لا يشتهي قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار في الكلام وما لا يعنيه.

وترك الناس من ثلاث، كان لا يذم أحداً ولا يعيِّره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلاَّ فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ونصتوا له حتى يفرغ، وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام.

وكان سكوته صلى الله عليه وآله وسلم على أربع: الحلم والحذر والتقرير والتفكر.

ولقد دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسجد وعليه ثوب نجراني غليظ الضَّفَّة فأتاه أعرابي من خلفه فأخذ بجانب ردائه فاجتذبه حتى أثَّرت الضفة في صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أعطنا من مال الله عزَّ وجلَّ الذي عندك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر له.

وقالت عائشة: مارأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب خادماً له ولا ا مرأة قط، ولا ضرب بيده شيئاً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله عزَّ وجلَّ، ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلاّ أن يكون لله، فإن كان لله انتقم. فوصفه الله تعالى بأسمى وصف: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ( القلم:4). ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسم في مكة غير الصدوق الأمين.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يتكلف في أموره يأكل على الأرض، ويجلس ويمشي في الأسواق، ويلبس العباءة، ويجالس المساكين ويقعد القرفصاء ويتوسَّد يده ويقول: إنما أنا عبدٌ آكل كما يأكل العبد وأشرب كما يشرب العبد.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرداً مثل سائر الناس لا يتميز عليهم برئاسة، ولا يتكبر عليهم بنبوة ولا يشمخ عليهم بنسب.

بينما تلاحظ أغلب الناس سابقاً ولاحقاً يترفعون على سائر الأمّة بعلومهم ومناصبهم وأنسابهم وأموالهم الوضيعة.

فقد دخل رجل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فلم يعرفه صلى الله عليه وآله وسلم لعدم تميزه عنهم بمجلس سام ولباس فاخر وحرس زاجر مما اضطره للقول: أيّكم محمد؟

فقالوا له: هذا الرجل الأبيض المتكىء.

وقد وصف جعفر بن أبي طالب الرجل الجاهلي خير وصف لتتوضح رسالة الأخلاق التي قادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال لملك الحبشة: "كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منَّا الضعيف".

فكنا على ذلك حتى بعث الله تعالى إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته، وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة.....

وقد وصفه محمد بن إسحاق قائلاً: كان أعظمهم خَلقاً وأكرمهم مخالطة وأحسنهم جواراً، وأعظمهم خُلُقاًوأصدقهم حديثاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزهاً وتكرماً، حتى ما كان اسمه في قومه إلاّ الأمين لما جمع الله عزَّ وجلَّ فيه من الأمور الصالحة.

وما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلاّ قال لبيك. وكان أشدّ حياءً من العذراء في خدرها.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام.

وصفات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحميدة توجب علينا معرفتها واتّباعها، فهو لا يضحك إلاّ نادراً بل يتبسم حتى قالوا ما كان أحد أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يخزن لسانه إلاّ فيما يعنيه ويؤلُّفهم ولا ينفِّرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترز منهم، ويتفقد أصحابه ويحسِّن الحسن ويقويه ويقبِّح القبيح ويوهنه، وكان لا يقوم ولا يجلس إلاّ على ذكر فكان دائم البشر سهل الخُلق ليِّن الجانب ليس بعيّاب ولا مدّاح وكان ينام على الحصير فيؤثر في جنبه.

وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبدأ من لقيه بالسلام متواصل الأحزان دائم الفكرة لا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها. ودعا خاتم الأنبياء إلى الخير والصلاح والعدل قائلاً:النظافة من الايمان. ومن أخلاق الأنبياء التنظف.

وأحسنوا مجاورة النعم وموجبات النعم قالها الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون(الأعراف:96).

وقال زعيم الحضارة الانسانية صلى الله عليه وآله وسلم: لا تستعن بنعمه على معاصيه.

وإنّ الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده. كما قال تعالى:﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ - الضحى - الآية – 11.

ومن نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلِّم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.

وأعون شيء على صلاح النفس القناعة، ومن لم يهذب نفسه لم ينتفع بالعقل. وكيف ينصح غيره من يغشُّ نفسه، وآفة النفس الوله بالدنيا.

وما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين، والمنافق من إذا وعد أخلف وإذا فعل أساء وإذا قال كذب وإذا ائتمن خان، وإذا رزق طاش.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتِّباع الجنائز وعيادة المريض وتسميت العاطس ونصرة المظلوم وإجابة الداعي وإبرار القسم.


وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سمع فاحشة فأفشاها فهو كمن أتاها ومن سمع خيراً فأفشاه فهو كمن عمله.1


1_ السيرة النبوية / الشيخ نجاح الطائي _ اخلاق النبي(ص).

2013-01-09