يتم التحميل...

سر وجوب الزكاة

مواعظ حسنة

السر في ايجاب الزكاة، بل فضيلة مطلق انفاق المال، ثلاثة امور: الاول: كي لا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد، اذ المحبة لا تقبل الشركة، و التوحيد باللسان قليل الجدوى، و انما تمتحن درجة الحب بمفارقة سائر المحاب، و الاموال محبوبة عند الناس، لانها آلة تمتعهم بالدنيا،

عدد الزوار: 27

السر في ايجاب الزكاة، بل فضيلة مطلق انفاق المال، ثلاثة امور:

الاول: كي لا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد، اذ المحبة لا تقبل الشركة، و التوحيد باللسان قليل الجدوى، و انما تمتحن درجة الحب بمفارقة سائر المحاب، و الاموال محبوبة عند الناس، لانها آلة تمتعهم بالدنيا، و لاجلها يانسون بهذا العالم، و يخافون من الموت و يتوحشون منه، مع ان فيه لقاء المحبوب، فامتحنوا في صدق دعواهم الحب التام لله تعالى بمفارقتهم عن بعض محابهم، اعنى المال، و لذلك قال الله سبحانه: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التوبة:111.

و لفهم هذا السر في بذل الاموال، انقسم الناس بحسب درجاتهم في التوحيد و المحبة ثلاثة اقسام: (قسم) صدقوا التوحيد و وفوا بعهده، و لم يجعلوا قلوبهم الا محلا لحب واحد. فنزلوا عن جميع اموالهم، و لم يدخروا شيئا من الدرهم و الدينار و غيرهما من انواع المال، و لم يتعرضوا لوجوب الزكاة عليهم، حتى قيل لبعضهم: كم يجب من الزكاة في مائتي درهم؟ فقال: اما على العوام-بحكم الشرع-فخمسة دراهم، و اما نحن، فيجب علينا بذل الجميع. و سئل الصادق عليه السلام "في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال: اما الزكاة الظاهرة، ففي كل الف خمسة و عشرون، و اما الباطنة، فلا تستاثر على اخيك بما هو احوج اليه منك‏". و (قسم) درجتهم دون هذا، و هم الذين امسكوا اموالهم، و لكنهم راقبوا مواقيت الحاجات و مراسم الخيرات، و يكون قصدهم من الامساك الانفاق على قدر الحاجة، دون التنعم، و صرف الفاضل عن قدر الحاجة الى وجوه البر. و هؤلاء لا يقتصرون على اعطاء مجرد ما يجب عليهم من الزكاة و الخمس، بل يؤدون جميع انواع البر و المعروف او اكثرها و (قسم) اقتصروا على اداء الواجب، فلا يزيدون عليه و لا ينقصون منه. و هو ادون الدرجات و اقل المراتب، و هو درجة العوام الراغبين الى المال، لجهلهم بحقيقته و فائدته، و ضعف حبهم للاخرة.

الثاني: تطهير النفس عن رذيلة البخل، فانه من المهلكات و انما تزول هذه الرذيلة ببذل المال مرة بعد اخرى حتى يتعود اذ حب الشي‏ء لا ينقطع الا بقهر النفس على مفارقته، حتى يصير ذلك اعتيادا. و على هذا، فالانفاق يطهر صاحبه من خبث البخل المهلك، و انما طهارته بقدر بذله، و بقدر فرحه باخراجه و استبشاره بصرفه الى الله تعالى

الثالث: شكر النعمة، فان لله سبحانه على عبده نعمة في نفسه و نعمة في ماله. فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن، و المالية شكر لنعمة المال. و ما اقبح بالغني المسلم ان ينظر الى فقير مسلم، و قد ضيق الرزق عليه و احوج اليه، ثم لا تسمح نفسه بان يؤدى شكر الله تعالى على اغنائه عن السؤال، و احواج غيره اليه، باعطاء عشر او ربع عشر من ماله.


*جامع السعادات / العارف النراقي –ج1 فصل سر وجوب الزكاة.

2012-02-17