ثورة مسلم عليه السلام
مسلم بن عقيل ثبات وشهادة
ولما علم مسلم ما جرى على هانىَ العضو البارز في الثورة من الاعتداء والاعتقال، بادر إلى اعلان الثورة على ابن زياد، فأوعز إلى أحد قاده جيشه عبدالله بن حازم أن ينادي في أصحابه، وقد ملاَ بهم الدور، فاجتمع إليه زهاء أربعة آلاف مقاتل أو أربعون ألفاً،
عدد الزوار: 280
ولما علم مسلم ما جرى على هانىَ العضو البارز في الثورة من الاعتداء والاعتقال، بادر إلى اعلان الثورة على ابن زياد، فأوعز إلى أحد قاده جيشه عبدالله بن حازم أن ينادي في أصحابه، وقد ملاَ بهم الدور، فاجتمع إليه زهاء أربعة آلاف مقاتل أو أربعون ألفاً، كما في رواية أخرى، وتعالت أصواتهم بشعار المسلمين يوم بدر " يا منصور أمت.. ".
وقام مسلم بتنظيم جيشه فاسند القيادات العامة إلى من عرفوا بالولاء والاِخلاص لاَهل البيت عليهم السلام، وزحف بجيشه نحو قصر الاِمارة، وكان ابن زياد قد خرج إلى الجامع، وقد ألقى خطاباً على الجماهير تهدّد فيه على كل من يخلع يد الطاعة، ويناهض الدولة، وحينما أنهى خطابه سمع الضجّة وأصوات الثوّار وهتافاتهم بسقوطه فهاله ذلك، وسأل عن السبب فأخبر أن مسلم بن عقيل قد أقبل في جمهور من شيعته لحربه، ففزع الجبان، واختطف الرعب لونه، وأسرع نحو القصر يلهث كالكلب من شدّة الفزع والخوف وضاقت عليه الدنيا إذ لم تكن عنده قوة عسكرية تحميه سوى ثلاثين شرطياً وعشرين رجلاً من أشراف الكوفة الذين عرفوا بالعمالة للاَمويين. وتضاعف جيش مسلم، وقد نشروا الاعلام والسيوف، ودقّت طبول . الحرب، وأيقن الطاغية بالهلاك إذ لم يكن يأوي إلى ركن شديد.
حرب الأعصاب
وأمعن الطاغية في أقرب الوسائل، وأكثرها ضماناً لاِنقاذه فرأى أن لا طريق له سوى حرب الاَعصاب، ونشر الدعايات الكاذبة، وكان عالماً بتأثيرها على نفوس الكوفيين، فأوعز إلى عملائه من أشراف الكوفة ووجوهها أن يندسّوا بين صفوف جيش مسلم، فيذيعون الاِرهاب، وينشرون الخوف، وانطلق العملاء بين قطعات جيش مسلم، فأخذوا يبثّون الاَراجيف والكذب، وتناولت دعاياتهم ما يلي:
أ- تهديد أصحاب مسلم بجيوش أهل الشام، وانّها سوف تنكل بهم إن بقوا مصرّين على متابعة مسلم.
ب- ان الحكومة سوف تقطع مرتباتهم وتحرمهم من جميع مواردهم الاقتصادية.
ج- إن الدولة ستزجّ بهم في مغازي أهل الشام.
د- إن الحكومة ستعلن فيهم الاَحكام العرفية، وتسوسهم بسياسة زياد بن أبيه التي تحمل اشارات الموت والدمار.
وكانت هذه الاشاعات كالقنابل على رؤوسهم، فقد انهارت أعصابهم واضطربت قلوبهم، وجبنوا كأبشع ما يكون الجبن، وولّوا منهزمين على أعقابهم، وهم يقولون: " ما لنا والدخول بين السلاطين.. ".
ولم يمض قليل من الوقت حتى فرّ معظمهم، وبقي ابن عقيل مع جماعة قليلة وقصد بهم نحو الجامع الاَعظم ليؤدّي صلاة العشائين، ففرّوا منهزمين في أثناء الصلاة، فقد قذف في قلوبهم الرعب، وسرت فيهم أوبئة الخوف، وما أنهى ابن عقيل صلاته حتى انهزموا جميعاً ولم يبق معه إنسان يدلّه على الطريق أو يأويه، وقد لبس الكوفيون بذلك ثياب العار والخزي، وأثبتوا أن ولاءهم لاَهل البيت عليهم السلام كان عاطفياً، وغير مستقرّ في دخائل قلوبهم، وأعماق نفوسهم وأنّهم لا ذمّة ولا وفاء لهم.
وسار مسلم فخر بني هاشم متلدّداً في أزقّة الكوفة، وشوارعها يلتمس فيها داراً لينفق فيه بقية الليل، فلم يظفر بذلك، فقد خلت المدينة من المارة، كأنّما أعلن فيها منع التجول، فقد أغلق الكوفيون عليهم الاَبواب مخافة أن تعرفهم مباحث الاَمن، وعيون ابن زياد بأنّهم كانوا مع ابن عقيل فتلقي عليهم القبض، وتعرّضهم للتنكيَل وسوء العذاب .
* رائد الكرامة والفداء في الاسلام / باقر شريف القرشي ص140_142.
2011-11-28