الحلف بعمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
القسم في القرآن
حلف سبحانه بحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرّة واحدة، وقال حينما عرض قصة لوط:قالَ هؤلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلين*لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِين...
عدد الزوار: 112
حلف القرآن الكريم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مرَّتين، فتارة بعمره وحياته، وأُخرى بوصفه وكونه شاهداً.
الحلف بعمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حلف سبحانه بحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرّة واحدة، وقال حينما عرض قصة لوط:﴿قالَ هؤلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلين*لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِين﴾.1
تفسير الآيات
أخبر سبحانه في هذه السورة أنّ الملائكة لمّا خرجوا من عند إبراهيم و أتوا لوطاً يبشرونه بهلاك قومه، ولمّا حلّوا ضيوفاً عند لوط فرح الفجّار بورودهم، فقال لهم لوط مشيراً إلى بناته: انّ هوَلاء بناتي فتزوجوهنّ إن كنتم فاعلين وكانت لكم رغبة في التزويج، ولكن قوم لوط أعرضوا عمّا اقترح عليهم نبيّهم لوط وكانوا مصرّين على الفجور بهم، غافلين عن أنّ العذاب سيصيبهم، واللّه سبحانه يحلف بحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول:﴿ لعمركَ انَّهُمْ لَفي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون﴾ فلا يبصرون طريق الرشد فَأَخذتهُم الصَّيحة أي الصوت الهائل مشرقين أي في حال شروق الشمس.
المقسم به
المقسم به هو عبارة عن العمر، أعني في قوله: "لعمرك" يقول الراغب: العَمر والعُمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة، فإذا قيل طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه، إلى أن قال: والعَمر والعُمر واحد لكن خصَّ القسم بالعَمر دون العُمر، كقوله سبحانه: ﴿لَعَمْرُكَ انَّهُمْ لَفي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون.﴾
وأما العُمُر فكما في قوله سبحانه:﴿فطالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُر﴾ ، وفي آية أُخرى:﴿لَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُركَ سِنين﴾.
فاللفظان بمعنى واحد لكن يختص القسم بواحد منهما.2
المقسم عليه
هو قوله:﴿ انَّهُمْ لَفي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون﴾، والمراد أقسم بحياتك وبقائك يا محمد، انّهم لفي سكرتهم وانغمارهم في الفحشاء والمنكر متحيرين لا يبصرون طريق الرشد.
وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه
قال ابن عباس: ما خلق اللّه عزّوجلّ وماذرأ ولا برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت اللّه أقسم بحياة أحد إلاّ بحياته فقال لعمرك. 3
وجه الصلة أنّه سبحانه بعث الاَنبياء عامة، والنبي الخاتم خاصة لهداية الناس وإنقاذهم من الضلالة وإيقاظهم من السكرة التي تعمُّ الناس، وبما أنّ القوم كانوا في سكرتهم يعمهون وفي ضلالتهم مستمرون، حلف سبحانه تبارك وتعالى بعمر النبي الذي هو مصباح الهداية والدليل إلى الصراط المستقيم.4
1- سورة الحجر/71_73
2- المفردات: 347، مادة عمَر.
3- مجمع البيان: 3|342.
4- الأقسام في القرأن / الشيخ السبحاني ص53_55