يتم التحميل...

واضع الشريعة هو خالق الطبيعة

مواعظ حسنة

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: (ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً)1 ابتدع الخلق: أوجده من لا شيء، وبلا تقليد ومحاكاة الخالق سابق إذ لا خالق سواه (واخترعهم على مشيته اختراعاً) عطف تفسير على ابتدع الخلق ( ثم سلك بهم طريق إرادته...

عدد الزوار: 24
قال الإمام زين العابدين عليه السلام: (ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً)1 ابتدع الخلق: أوجده من لا شيء، وبلا تقليد ومحاكاة الخالق سابق إذ لا خالق سواه (واخترعهم على مشيته اختراعاً) عطف تفسير على ابتدع الخلق ( ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته ) يفترق الإسلام عن غيره من الأديان بأنه يجرد البشرية كلها من حق التشريع، والتحليل، والتحريم، ويحصر الشريعة بخالق الطبيعة، وليس للنبي منها إلا التبليغ، أجل ! يترك الإسلام الإمتثال، والتنفيذ، لحرية الإنسان بعد أن يأمره بالخير، وينهاه عن الشر، ويبشره بالثواب على الطاعة، وينذره بالعقاب على المعصية، ولا يلجئه قهراً على فعل واجب، ولا ترك محرم حيث لا إنسانية بلا حرية، ومعنى هذا أن الإنسان مسير تشريعاً، مخير تنفيذاً، ومسؤول عن سلوكه، وتصرفاته، فإذا امتنع بإرادته، واختياره عن فعل الواجب، وترك المحرم استحق العقاب ، لأن من امتنع عن الأختيار فقد إختار أن لا يختار.

وبهذه التفرقة بين التشريع، والتنفيذ يتضح مراد الإمام عليه السلام بقوله: سلك بهم طريق إرادته... وأنه تعالى قد بين حلاله، وحرامه لعباده في كتبه، وعلى لسان رسله، ليتقوا، ويهتدوا، ويعملوا متعاضدين لحياة أفضل2، وأكمل، وفي هذا المعنى العديد من الآيات، منها قوله تعالى:

﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران:103.

﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ البقرة:73.

﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ البقرة:242.

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ البقرة:219.

﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ الأنعام:155.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
الحج:77.

1- لاحظ فقرات الدعاء الأول من الصحفة السجادية.
2- في ظلال الصحيفة السجادية / العلامة محمد جواد مغنية ص 51_53.

2011-10-24