علاقة الزمن بالأحكام الشرعية وأهميته
مواعظ في سطور
الاحكام الشرعية ادخلت الوقت وعناصر الزمن كجزء اساس منها وشرط من شروط صحتها. بحيث جاء في بعضها مشكلا الفترة التي يتطلبها العمل العبادي فلا يمكن ان ينجز باسرع من وقته المحدد كما في الصيام والصوات الخمس.
عدد الزوار: 258
الاحكام الشرعية ادخلت الوقت وعناصر الزمن كجزء اساس منها وشرط من شروط صحتها. بحيث جاء في بعضها مشكلا الفترة التي يتطلبها العمل العبادي فلا يمكن ان ينجز باسرع من وقته المحدد كما في الصيام والصوات الخمس. ونلاحظ في البعض الآخر من الاحكام ان الفترة الزمنية لوحدها تمثل التزاماً بالحكم الشرعي دون القيام باي عمل او ذكر محدد كما في عدة النساء، اذ ان الانتظار بعد وفاة الزوج او بعد طلاق الزوجة، هو الحكم الواجب في هذه الحالة. مما يعني ان الإسلام جعل الوقت في بعض الاحكام بمثابة الاطار الذي يحتوي العبادة وجعله في البعض الآخر يمثل العبادة دون ان يتداخل معه التزام آخر.
واذا تحولنا عن المضامين العبادية للوقت وارتباط عناصر الزمن بالتشريعات الإسلامية فاننا نلتقي مع تأكيدات كثيرة على اهمية الوقت، وذلك من خلال ما ابرزه القرآن الكريم في العديد من الآيات. حيث جعل الوقت يأخذ دلالات متعددة كالقداسة والموعظة والنعمة والتجربة وغيرها من الافكار والدلالات. وهي تشكل في محصلتها مفاهيم حركية رائعة للزمن. فالقرآن الكريم لم يتعامل مع الزمن من الزاوية الحسابية بل جعله قيمة حركية حية تتفاعل مع الإنسان في حياته الشخصية والعامة وحفزّه لان يتفاعل بدوره مع هذه القيمة بشكل دائم لا انقطاع له.
وللزمن أهمية ذاتية وهذا ما يبدو من خلال الآيات التي ذكرت الزمن على نحو القسم فلقد وردت في القرآن الكريم عدة آيات يقسم فيها الله تعالى بالزمن ومكوناته. الامر الذي يشير الى الاهمية الكبيرة التي اولاها الله سبحانه للزمن ولأجزائه وانه من القضايا المحترمة والمقدسة في الحياة والتي يجب النظر اليها نظرة واعية متفهمة. باعتبار ان الله تعالى اتخذها عنواناً يقسم به في بداية الكلام الذي يقرر فيه تعالى الحقائق التي يريدها. وفي معظم هذه الآيات الكريمة، لا يأتي القسم مفرداً انما متعدداً بذكر عدة اجزاء من الوقت في سياق الآية الواحدة او الآيات المتتالية.
قال تعالى:
﴿وَالْعَصْرِ ﴾ العصر:1 .
﴿وَالضُّحَى﴾ الضحى:1 .
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ الضحى:2 .
﴿والنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴾ الشمس:3.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾ الشمس:4 .
ولعل سورة الشمس هي أكثر سورة تحتوي على اقسام متتالية لله تعالى في ظواهر الكون والزمان والمكان والنفس البشرية وما تنطوي عليه من عوامل الخير والشر.
وقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ﴾ الفجر:1.
﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ الفجر:2.
ان هذا القسم الالهي بعناصر الزمن وتكراره في مواضع عديدة يشير الى الاهمية التي اولاها الله تعالى له من اجل ان يقف الإنسان المسلم على هذه الحقيقة، فيتأمل حركة الزمن بدقة ويستثمر الوقت بجدية على اعتبار ان القسم الالهي به يثير في الذهن عوامل الدراسة والتقصي. وفي قسم آخر من الآيات القرآنية، نلتقي مع الزمن في بعده المسيطر على الإنسان والحياة، حيث لا يكون بمقدور البشر التأثير على حركته والتحكم في وحداته، انما هو يمضي حسب القانون الكوني الذي وضعه الله تعالى، وبذلك سيطرت الوحدات الزمنية على الاشياء والكائنات حتى اصبح الزمان هو الاطار الذي لا يمكن للإنسان ان يتحداه او يخترق قوانينه.
وحين نقرأ هذا القسم من الآيات، نلاحظ ان القرآن الكريم، جعل من الزمن مادة تأمل للإنسان من اجل ان يكتشف عظمة الله وقدرته كأساس لتثبيت ايمانه به سبحانه ومن ثمّ الالتزام بمنهجه العبادي الذي رسمه له. حيث نجد في هذه الآيات الكريمة تأكيداً على القدرة الالهية من خلال مفردة الوقت ووحدات عناصر الزمن، وضرورة التأمل فيها ودراستها بنظرة موضوعية متفحصة.
قال تعالى: ﴿أنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ البقرة:164 .
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ﴾ آل عمران:190.
والآيات كثيرة في هذا المجال وهذا ما يدل على ان الانسان عليه يحترم الزمن والوقت وان يجعل الزمن ممتلئا بالطاعات والعبادات .1
1- كتاب قيمة الزمن ص20_23.
2012-08-22