يتم التحميل...

الموضوع: نافذة على عالم عظيم وخالد

حديث

الحاضرون: ادوارد شيفر نادزه (وزير خارجية الاتحاد السوفيتي) علي اكبر ولايتي (وزير الخارجية) محمد جواد لاريجاني 1، علي رضا نوبري (السفير الإيراني في موسكو)

عدد الزوار: 134

التاريخ: 7 اسفند 1367 هـ. ش/ 19 رجب 1409 هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
الحاضرون: ادوارد شيفر نادزه (وزير خارجية الاتحاد السوفيتي) علي اكبر ولايتي (وزير الخارجية) محمد جواد لاريجاني 1، علي رضا نوبري (السفير الإيراني في موسكو)

بسم الله الرحمن الرحيم

( التقى وزير خارجية الاتحاد السوفيتي الإمام الخميني وسلّمه رسالة خطية من الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف، وفي بداية اللقاء تحدث شيفرنادزه قائلًا: اشكر سماحة الإمام لمنحي هذه الفرصة للقاء بسماحته. لقد انيطت بي مهمة تسليم الرسالة الجوابية التي بعث بها الرئيس ميخائيل غورباتشوف إلى سماحة الإمام الخميني. وسأحاول الإشارة باختصار إلى فحوى هذه الرسالة .. في البدء أود أن اقول ان موضوع تبادل الرسائل بين قادة بلدينا يعد بحد ذاته ظاهرة فريدة تتسم بها العلاقات بيننا. وانا اعتقد بأن الأوضاع الجديدة تساعد في دخول العلاقات بين البلدين مرحلة نوعية جديدة للتعاون في مختلف المجالات.

يشير السيد غورباتشوف في رسالته إلى أن رسالة سماحتكم الموجهة إلى سكرتير عام اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي، غنية بمفاهيم كثيرة، وقد اطلع عليها جميع اعضاء المجلس الرئاسي للاتحاد السوفيتي .. لا شك أن لدينا وجهات نظر مشتركة إزاء موضوعات رئيسية. ولكن ثمة مواضع نختلف بشأنها ولكن ليس ذات أهمية.

تضمنت رسالتكم ملاحظات عميقة فيما يتعلق بمصير البشرية. ويعتقد السيد غورباتشوف بأننا متفقون بشأن أهم الموضوعات، أي يجب أن يؤمن الناس ببعضها البعض كي تحقق البشرية خلودها. فاذا لم يتحد الناس فان خطر الفاجعة يهدد البشرية جمعاء، وان القوة الكامنة لمثل هذه الفاجعة اوجدها الإنسان نفسه.

يعتقد السيد غورباتشوف بأن النضال على طريق تحقيق عالم خالٍ من الاسلحة الذرية وبعيد عن الغطرسة واجب الشعوب كافة.

وفيما يخص السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي، فاننا نتطلع إلى رجحان القيم المشتركة لكل الشعوب وافضلية هذه القيم مقارنة بالمصالح الأخرى سواء الطبقية أو القومية.

يذكر السيد غورباتشوف في رسالته بان حديث سماحتكم بالنسبة لنوايا القيادة الإيرانية الحسنة إزاء إقامة علاقات طيبة وحسن الجوار مع الاتحاد السوفيتي، حظي بردود فعل جيدة من قبل قادة الاتحاد السوفيتي. فنحن نتمتع بحدود مشتركة طويلة، كما لدينا علاقات‏ ثقافية وتاريخية عريقة بين الشعبين. و تتوفر لدينا أسس جديدة لاستمرار علاقاتنا على قواعد جديدة. أي على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والحقوق المتساوية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض.

ويذكر السيد غورباتشوف في رسالته بأننا نتبع في سياستنا الدولية مبدأ احترام حرية الاختيار لكل إنسان وكل شعب. وبالتالي فان بلدنا وجميع أبناء شعبنا رحبوا بثورتكم الكبيرة خير ترحيب. فالاستبداد الشاهنشاهي في إيران استغل شعبه وتعامل معه بكل بربرية، واضاع كرامته ومصداقيته من أجل كسب رضا القوى الاجنبية. وان ثورتكم كانت تجسيداً لإرادة شعبكم واننا دعمنا وندعم هذه الإرادة دائماً.
يكتب السيد غورباتشوف في رسالته بأن شعبنا سعى إلى ترجمة إرادته أيضاً وكان ذلك في عام 1917. وخلال مسيرتنا واجهنا مشاكل كثيرة، وقد حفلت بنجاحات باهرة في ذات الوقت الذي ارتكبت اخطاء فاحشة، وكان هناك انتهاك لحقوق الإنسان أيضاً حيث نعمل نحن الآن على تلافي هذه الأخطاء وإدانتها، ورغم كل المشكلات التي واجهتنا، استطعنا أن ندافع عن مكتسباتنا لأن اختيار الشعب كان اختياراً صحيحاً. اردت أن أقول لسماحتكم بأن قضية حرية الاختيار مطروحة اليوم ضمن اهتمامات الساحة الدولية المعاصرة. ولكن نحن نتساءل لماذا ينبغي لنا أن نبحث عن طريق لمواصلة الحياة: هل أن طريقنا هذا طريق قديم، أم طريق جديد وثوري؟ فنحن نعتقد أنه جديد وثوري. نحن في بلدنا لدينا ثورة ولكن ثورة سلمية بدون خنادق ودون اللجوء إلى القوة. نحن نريد أن يعرف سماحة الإمام بأن بلدنا يواصل نهج التجديد وإعادة البناء. إعادة البناء الاقتصادي والسياسي. تجديد لقيمنا ونمط تفكيرنا وتجديد نظرياتنا السابقة.

يشير السيد غورباتشوف في رسالته إلى أن تحولات عظيمة شهدها العالم مؤخراً، ونرى أنه بإمكاننا القول بأننا نقف على اعتاب نظام اقتصادي وسياسي جديد. وقد تم التوقيع على اتفاقيات مهمة للغاية تهدف للتخلص من جانب كبير من الأسلحة النووية. كما وجدت آفاق جيدة للتخلص من الأسلحة الكيماوية، وكذلك آفاق جيدة للحيلولة دون اندلاع مواجهة عسكرية بين الدول. ولكن كل هذا ليس هدية الامبرياليين وانما هي إرادة الشعوب وإرادة العصر .. لا يوجد خيار آخر. ان سباق التسلح ونقله إلى الفضاء سوف يقود إلى كارثة إنسانية. ففي مناطق عديدة من العالم هناك نزاعات دامية في طريقها إلى الزوال .. اننا نرحب بحرارة بانتهاء الحرب الإيرانية- العراقية بكل صراحة، واننا على استعداد للتعاون معكم لتعزيز السلام في الشرق الأوسط والشرق الأدنى والعالم بأسره.

إن التواجد العسكري الواسع في الخليج الفارسي يقلقنا. أقصد التواجد العسكري لغير دول المنطقة. وهي ظاهرة خطيرة للغاية يجب التخلص منها. اننا نتطلع لأن يكون لنا معكم تعاون‏ جيد للتوصل إلى نتائج مرضية في إيجاد حل عادل للمأزق الأفغاني .. ولندع الشعب الأفغاني يقرر مصيره بنفسه بعيداً عن التدخل الأجنبي.

وإضاف شيفرنادزه: نقطة أخرى تضمنتها رسالة السيد غورباتشوف وهي أن فخامته يعرب عن استعداده لتطوير التعاون الاقتصادي والتعاون في كافة المجالات التي كان لدينا تعاون جيد فيها. واننا على استعداد لتعزيز التواصل بين شعبينا من خلال المحافل الاجتماعية والروحانيين أيضاً.

لقد ابلغنا دعوة سماحتكم لزيارة قم من قبل علماء الإسلام في بلدنا ولا شك سوف يأخذونها بنظر الاعتبار.

وأخيراً قال المبعوث الخاص للرئيس السوفيتي: كان هذا أبرز النقاط التي تناولتها رسالة السيد غورباتشوف. وقد حملني خالص تحياته وتمنياته لسماحتكم بطول العمر وللشعب الايراني بالسعادة و.) فردّ الإمام الخميني قائلًا: سلّمه الله تعالى بمشيئته، ولكن ارجو أن تقولوا لفخامته بأني أردت أن اضع أمامكم آفاقاً أوسع .. كنت أرغب أن افتح نافذة أمام السيد غورباتشوف تطل على عالم كبير، أي عالم ما بعد الموت وهو عالم خالد. المحور الأصلي في رسالتي هو هذا. آمل أن يسعى فخامته ثانية في هذا المجال.

(وفي نهاية اللقاء رحب سماحة الإمام بخروج القوات السوفيتية من أفغانستان وأكد على حسن الجوار وتطوير العلاقات في مختلف المجالات لا سيما في مواجهة تحركات الغرب المغرضة وخروج القوات الأجنبية من الخليج الفارسي، واعرب عن أمله في أن يحيا الشعبين الإيراني والسوفيتي بسلام ووئام دائمين‏).

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج21، ص:272,270


1- عضو الوفد الثلاثي الذي بعث به الامام الخميني الى الزعيم السوفيتي غورباتشوف.

2011-07-01