المعاشرة الحسنة
قيد الدراسة2
نقل أحد الشخصيات العلمية الذي كان قد سافر إلى سوريا لزيارة السيدة زينب سلام اللّه عليها: انّه راى المرحوم السيد محسن الأمين صاحب (أعيان الشيعة) في سوق الحميدية بالشام، وهو في تشييع جنازة أحد علماء العامّة.
عدد الزوار: 81
نقل أحد الشخصيات العلمية الذي كان قد سافر إلى سوريا لزيارة السيدة زينب سلام اللّه عليها: انّه راى المرحوم السيد محسن الأمين صاحب (أعيان الشيعة) في سوق الحميدية بالشام، وهو في تشييع جنازة أحد علماء العامّة. قال: فلحقته وسلمت عليه وصحبته حتى وصلنا إلى المسجد الأموي، فامتلأ المسجد بالمشيعين وتقدم السيد الأمين للصلاة عليه بطلب من أولياء الميت ولمّا أتمّ الصلاة ازدحم الناس عليه يحيّونه ويقبلون يديه. فتعجبت من ذلك وسألت السيد قائلاً: أو ليس هؤلاء من العامة، فكيف طلبوا منك الصلاة على جنازة عالمهم؟ ثمّ كيف يقبّلون يديك وهم يعلمون بأنّك من علماء الشيعة وشخصياتهم؟ فأجاب السيد: إنّ ذلك كلّه نتيجة الرفق بهم والمداراة طوال عشرة سنين. ثمّ واصل كلامه وقال: إني لما قدمت الشام أغرى بعض الجهال بي أشد المخالفين عليّ، ليؤذونني حتى إنّهم علّموا أطفالهم يرمونني في السوق بالحجارة، ويسحبون عمامتي من رأسي أحياناً من الخلف، فصبرت على ذلك، وقابلت مسائهم بالإحسان، وأذاهم بالغفران، وشيّعت جنائزهم، وعدت مرضاهم، وتفقدت غائبهم، وعاشرت حاضريهم بوجه منطلق، حتى تبدّل البغض حباً، والعداء ودّاً، والفرقة الفة وإنسجاماً.
مع شاعر أهل البيت عليهم السلام يقال: أن المرحوم السيد حيدر الحلي شاعر أهل البيت، المعروف بولائه وجودة شعره دخل يوماً على الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سرّه قائد ثورة التنباك، وألقى عليه قصيدة كان قد نظمها بالمناسبة، فأمر له الميرزا بجائزة قدرها عشرون ليرة ذهبية. فقال له ابن عمه الميرزا إسماعيل الشيرازي قدس سرّه وكان هو أيضاً شاعراً قديراً وعالماً نحريراً وقد حصل لجدارته مرتبة مشاورة الميرزا: ان السيد حيدر هو شاعر أهل البيت ومن أبنائهم، وصلة شعراء أهل البيت أكثر من ذلك، وجائزتهم أكبر. فقال له الميرزا: صدقت يا ابن العم، ثمّ أمر له بجائزة قدرها ستمائة ليرة ذهبية.
المعاشرة الحسنة
نقل أحد الشخصيات العلمية الذي كان قد سافر إلى سوريا لزيارة السيدة زينب سلام اللّه عليها: انّه راى المرحوم السيد محسن الأمين صاحب (أعيان الشيعة) في سوق الحميدية بالشام، وهو في تشييع جنازة أحد علماء العامّة. قال: فلحقته وسلمت عليه وصحبته حتى وصلنا إلى المسجد الأموي، فامتلأ المسجد بالمشيعين وتقدم السيد الأمين للصلاة عليه بطلب من أولياء الميت ولمّا أتمّ الصلاة ازدحم الناس عليه يحيّونه ويقبلون يديه. فتعجبت من ذلك وسألت السيد قائلاً: أو ليس هؤلاء من العامة، فكيف طلبوا منك الصلاة على جنازة عالمهم؟ ثمّ كيف يقبّلون يديك وهم يعلمون بأنّك من علماء الشيعة وشخصياتهم؟ فأجاب السيد: إنّ ذلك كلّه نتيجة الرفق بهم والمداراة طوال عشرة سنين. ثمّ واصل كلامه وقال: إني لما قدمت الشام أغرى بعض الجهال بي أشد المخالفين عليّ، ليؤذونني حتى إنّهم علّموا أطفالهم يرمونني في السوق بالحجارة، ويسحبون عمامتي من رأسي أحياناً من الخلف، فصبرت على ذلك، وقابلت مسائهم بالإحسان، وأذاهم بالغفران، وشيّعت جنائزهم، وعدت مرضاهم، وتفقدت غائبهم، وعاشرت حاضريهم بوجه منطلق، حتى تبدّل البغض حباً، والعداء ودّاً، والفرقة الفة وإنسجاماً. مع شاعر أهل البيت عليهم السلام يقال: أن المرحوم السيد حيدر الحلي شاعر أهل البيت، المعروف بولائه وجودة شعره دخل يوماً على الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سرّه قائد ثورة التنباك، وألقى عليه قصيدة كان قد نظمها بالمناسبة، فأمر له الميرزا بجائزة قدرها عشرون ليرة ذهبية. فقال له ابن عمه الميرزا إسماعيل الشيرازي قدس سرّه وكان هو أيضاً شاعراً قديراً وعالماً نحريراً وقد حصل لجدارته مرتبة مشاورة الميرزا: ان السيد حيدر هو شاعر أهل البيت ومن أبنائهم، وصلة شعراء أهل البيت أكثر من ذلك، وجائزتهم أكبر. فقال له الميرزا: صدقت يا ابن العم، ثمّ أمر له بجائزة قدرها ستمائة ليرة ذهبية.
الساعات الأخيرة
قيل لصاحب الفصول: إذا علمت انّ أجلك قد اقترب، ولم يبق من حياتك إلاّ ساعات قليلة، فماذا كنت تصنع فيها؟ إنه سؤال دقيق يرتبط بأمر مصيري بالنسبة إلى الإنسان، فإنّ آخر ساعات الحياة هي التي يتمكّن فيها الإنسان بما يفعله من خير أن يقرّر سعادته في تلك الدار الآخرة، فإنّ من إختتم عمره بعمل صالح ختم له بخير، وفي الدعاء: (واجعل أفضل أعمالنا عند اقتراب آجالنا) فما هو أفضل الأعمال حتّى يجعلها عالم جليل كصاحب الفصول خاتمة عمره؟ فهو إذن سؤال دقيق طرحه سائل ذكيّ على رجل خبير، فلننظر ما هو جوابه؟ إلتفت صاحب الفصول إلى السائل وقال: كنت أجلس على دكّة باب الدار لأقضي حوائج الناس، فلعلّ محتاجاً يأتي ويطلب منّي حاجة فأقضيها له، حتّى ولو كانت حاجته طلب إستخارة. وهذا الجواب من هذا العالم الجليل يدلّ على أهميّة قضاء حوائج الناس وإيصال النفع إليهم، فإنّ خير الناس أنفعهم للناس. وهكذا أراد صاحب الفصول قدس سرّه في جوابه أن يكون خير الناس في عقباه، بإختتام عمره بخدمة الناس كما كان طيلة عمره في خدمتهم، ليعلمنا طريق السعادة ويرشدنا إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.
أنفع الأعمال
قال لي أحد الأخيار: انه رأى والدي السيّد ميرزا مهدي قدس سرّه في المنام بعد وفاته، وهو بحالة جيّدة يُغبط لها، قال: فدنوت منه وسلّمت عليه وسألته: ما كان أنفع الأعمال الدنيويّة التي وجدتم ثوابها هناك؟ قال: كان أنفع الأعمال بحالي هو: ما كنت أعطيه للفقراء الّذين يقصدونني إلى داري ويريدون منّي مبالغ قليلة يستعينون بها على أمورهم كما هي عادة الفقراء فإن إسعافهم في ذلك اليوم كان أنفع الأعمال بحالي هذا اليوم. ولعلّه هذا إرشاد إلى ما جاء في الروايات من تحريض الناس على عدم ردّ الفقير، فقد ورد الخبر بعدم ردّ السائل ولو كان على ظهر فرس، كما ورد الخبر بأنّ اللّه تبارك وتعالى خلق الجنّة لاُناس وقفوا أنفسهم لخدمة الناس وإسعاف الفقراء والمساكين. تفقّد أحوال المسلمين كان من دأب الميرزا الكبير وكذا يكون دأب العظماء هو: أن يفحص ويسأل عن أحوال أهل البلاد ويتفقّد شؤونهم، فإذا جاءه أحد من بلد لا يعرفه سأله عن مختلف شؤون ذلك البلد، عن عدد نفوسهم، وعن كيفيّة اقتصادهم، وثقافتهم ومعاملة الحكومة معهم، وعدد المسلمين وغير المسلمين هناك، وإلى غير ذلك من الأسئلة؟ في ذات يوم جاءه جماعة من البلاد البعيدة، فأخذ على عادته يتفقّد أحوالهم، فلمّا وصل السؤال إلى كيفيّة اقتصادهم، قال أحدهم: إنّنا من الفقر بمكان حتّى لا يستطيع كلّ واحد منّا الانفراد بزوجة خاصة، فنحن مثلاً ثلاثة عشر رجلاً ولنا زوجة واحدة. قال الميرزا مندهشاً: ماذا قلت؟ فأعاد الكلام عليه قائلاً: نحن ثلاثة عشر رجلاً ولنا زوجة واحدة مشتركة بيننا. فتأثّر الميرزا تأثّراً كبيراً وقال لهم: ألم تعلموا أنّ المرأة لا يحقّ لها إلا زوج واحد؟ قالوا: لا. قال: أليس عندكم عالم أو رجل دين يرشدكم؟ قالوا: لا. عندها طلب الميرزا من بعضهم البقاء في سامرّاء لتحصيل العلم، وقال مشوّقاً لهم: أخبروا أهل بلدكم: بأنّ من يأتي إلى هذه البلاد لطلب العلم، فإنّي مستعدّ لبذل نفقاته. أقول: لقد سنّ الميرزا بعمله هذا سنّة حسنة، فإنّ قسماً من طلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة وقم المشرّفة حالياً من ذلك المكان، وحيث إنّ ذكر بلدهم قد يكون خدشاً لكرامتهم أمسكنا القلم عن بيانه.
من شؤون المرجعيّة
لقد كان من عادة علمائنا المراجع أن لا يقطعوا الحقوق الشهريّة عن الطلبة غير المجدين رجاء استقامتهم واجتهادهم، مقتدين في ذلك بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث لم يقطع إعطاء الخوارج من بيت المال، إلا حين حاربوا المسلمين وعاثوا في الأرض الفساد، وقد نفعه عليه السلام ذلك، بحفظ مثاليته، وبإتمام الحجّة على الخوارج، وبرجوع كثير منهم عن غيّه، وذلك لما شاهدوه من عدله وحسن تعامله، ونفع الحوزات أيضاً باستقامة كثير ممّن كانوا غير مجدين، ورجوعهم إلى الجدّ والاجتهاد وخدمة الإسلام والمسلمين. كما انّه كان من عادة علمائنا المراجع أن لا ييأسوا كلّ اليأس عمّن انحرف عنهم، ولا يطمئنّوا كلّ الاطمئنان إلى من إنضمّ إليهم، وذلك اتّباعاً لما ورد عنهم عليهم السلام: لولا تثقّ بأخيك كلّ الثقة، فإنّ صرعة الإسترسال لن تستقال.
وقد أخذ الشاعر هذا المعنى ونظّمه في بيت فقال: إحذر عدوّك مرّة وإحذر صديقك ألف مرّة ولما رأوه من عدم يأس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المنحرفين في زمانه وقد إنخرط بعضهم بمرّ الزمان في سلك أقوى مؤيّديه وأعظم مناصريه. واجبات اجتماعيّة التجارب دلّت على انّ اللازم على الإنسان خصوصاً العالم والحاكم أن لا يعادي أحداً، مهما عاداه ذلك الشخص وناواه، إلا في موارد خاصّة أمره اللّه تعالى بمعاداته، وذلك للمثل المشهور المستفاد من الروايات والأحاديث الشريفة الآمرة بعدم الإستهانة بأمور مهما كانت تلك الأمور ضئيلة وقليلة كالنار، والعداوة، والمرض فإنّها وإن كانت تأتي في بادئ أمرها ضئيلة، لكنّها تستفحل وتطغى فلا يدري الإنسان ما يكون نهايتها؟ فربّما أحرقت نار صغيرة مدينة كبيرة، وربّما كانت كلمة جارحة سبباً لحرب طاحنة، وربما صار مرض بسيط بداية لوباء عظيم يسبّب موت آلاف من الناس.
قيل لصاحب الفصول: إذا علمت انّ أجلك قد اقترب، ولم يبق من حياتك إلاّ ساعات قليلة، فماذا كنت تصنع فيها؟ إنه سؤال دقيق يرتبط بأمر مصيري بالنسبة إلى الإنسان، فإنّ آخر ساعات الحياة هي التي يتمكّن فيها الإنسان بما يفعله من خير أن يقرّر سعادته في تلك الدار الآخرة، فإنّ من إختتم عمره بعمل صالح ختم له بخير، وفي الدعاء: (واجعل أفضل أعمالنا عند اقتراب آجالنا) فما هو أفضل الأعمال حتّى يجعلها عالم جليل كصاحب الفصول خاتمة عمره؟ فهو إذن سؤال دقيق طرحه سائل ذكيّ على رجل خبير، فلننظر ما هو جوابه؟ إلتفت صاحب الفصول إلى السائل وقال: كنت أجلس على دكّة باب الدار لأقضي حوائج الناس، فلعلّ محتاجاً يأتي ويطلب منّي حاجة فأقضيها له، حتّى ولو كانت حاجته طلب إستخارة.
وهذا الجواب من هذا العالم الجليل يدلّ على أهميّة قضاء حوائج الناس وإيصال النفع إليهم، فإنّ خير الناس أنفعهم للناس. وهكذا أراد صاحب الفصول قدس سرّه في جوابه أن يكون خير الناس في عقباه، بإختتام عمره بخدمة الناس كما كان طيلة عمره في خدمتهم، ليعلمنا طريق السعادة ويرشدنا إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة. قال لي أحد الأخيار: انه رأى والدي السيّد ميرزا مهدي قدس سرّه في المنام بعد وفاته، وهو بحالة جيّدة يُغبط لها، قال: فدنوت منه وسلّمت عليه وسألته: ما كان أنفع الأعمال الدنيويّة التي وجدتم ثوابها هناك؟ قال: كان أنفع الأعمال بحالي هو: ما كنت أعطيه للفقراء الّذين يقصدونني إلى داري ويريدون منّي مبالغ قليلة يستعينون بها على أمورهم كما هي عادة الفقراء فإن إسعافهم في ذلك اليوم كان أنفع الأعمال بحالي هذا اليوم.
ولعلّه هذا إرشاد إلى ما جاء في الروايات من تحريض الناس على عدم ردّ الفقير، فقد ورد الخبر بعدم ردّ السائل ولو كان على ظهر فرس، كما ورد الخبر بأنّ اللّه تبارك وتعالى خلق الجنّة لاُناس وقفوا أنفسهم لخدمة الناس وإسعاف الفقراء والمساكين. تفقّد أحوال المسلمين كان من دأب الميرزا الكبير وكذا يكون دأب العظماء هو: أن يفحص ويسأل عن أحوال أهل البلاد ويتفقّد شؤونهم، فإذا جاءه أحد من بلد لا يعرفه سأله عن مختلف شؤون ذلك البلد، عن عدد نفوسهم، وعن كيفيّة اقتصادهم، وثقافتهم ومعاملة الحكومة معهم، وعدد المسلمين وغير المسلمين هناك، وإلى غير ذلك من الأسئلة؟ وفي ذات يوم جاءه جماعة من البلاد البعيدة، فأخذ على عادته يتفقّد أحوالهم، فلمّا وصل السؤال إلى كيفيّة اقتصادهم، قال أحدهم: إنّنا من الفقر بمكان حتّى لا يستطيع كلّ واحد منّا الانفراد بزوجة خاصة، فنحن مثلاً ثلاثة عشر رجلاً ولنا زوجة واحدة. قال الميرزا مندهشاً: ماذا قلت؟ فأعاد الكلام عليه قائلاً: نحن ثلاثة عشر رجلاً ولنا زوجة واحدة مشتركة بيننا. فتأثّر الميرزا تأثّراً كبيراً وقال لهم: ألم تعلموا أنّ المرأة لا يحقّ لها إلا زوج واحد؟ قالوا: لا. قال: أليس عندكم عالم أو رجل دين يرشدكم؟ قالوا: لا. عندها طلب الميرزا من بعضهم البقاء في سامرّاء لتحصيل العلم، وقال مشوّقاً لهم: أخبروا أهل بلدكم: بأنّ من يأتي إلى هذه البلاد لطلب العلم، فإنّي مستعدّ لبذل نفقاته. أقول: لقد سنّ الميرزا بعمله هذا سنّة حسنة، فإنّ قسماً من طلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة وقم المشرّفة حالياً من ذلك المكان، وحيث إنّ ذكر بلدهم قد يكون خدشاً لكرامتهم أمسكنا القلم عن بيانه.
لقد كان من عادة علمائنا المراجع أن لا يقطعوا الحقوق الشهريّة عن الطلبة غير المجدين رجاء استقامتهم واجتهادهم، مقتدين في ذلك بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث لم يقطع إعطاء الخوارج من بيت المال، إلا حين حاربوا المسلمين وعاثوا في الأرض الفساد، وقد نفعه عليه السلام ذلك، بحفظ مثاليته، وبإتمام الحجّة على الخوارج، وبرجوع كثير منهم عن غيّه، وذلك لما شاهدوه من عدله وحسن تعامله، ونفع الحوزات أيضاً باستقامة كثير ممّن كانوا غير مجدين، ورجوعهم إلى الجدّ والاجتهاد وخدمة الإسلام والمسلمين. كما انّه كان من عادة علمائنا المراجع أن لا ييأسوا كلّ اليأس عمّن انحرف عنهم، ولا يطمئنّوا كلّ الاطمئنان إلى من إنضمّ إليهم، وذلك اتّباعاً لما ورد عنهم عليهم السلام: لولا تثقّ بأخيك كلّ الثقة، فإنّ صرعة الإسترسال لن تستقال. وقد أخذ الشاعر هذا المعنى ونظّمه في بيت فقال إحذر عدوّك مرّة وإحذر صديقك ألف مرّة
ولما رأوه من عدم يأس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المنحرفين في زمانه وقد إنخرط بعضهم بمرّ الزمان في سلك أقوى مؤيّديه وأعظم مناصريه.
واجبات اجتماعيّة
التجارب دلّت على انّ اللازم على الإنسان خصوصاً العالم والحاكم أن لا يعادي أحداً، مهما عاداه ذلك الشخص وناواه، إلا في موارد خاصّة أمره اللّه تعالى بمعاداته، وذلك للمثل المشهور المستفاد من الروايات والأحاديث الشريفة الآمرة بعدم الإستهانة بأمور مهما كانت تلك الأمور ضئيلة وقليلة كالنار، والعداوة، والمرض فإنّها وإن كانت تأتي في بادئ أمرها ضئيلة، لكنّها تستفحل وتطغى فلا يدري الإنسان ما يكون نهايتها؟ فربّما أحرقت نار صغيرة مدينة كبيرة، وربّما كانت كلمة جارحة سبباً لحرب طاحنة، وربما صار مرض بسيط بداية لوباء عظيم يسبّب موت آلاف من الناس.