العبادة والالتزامات الأخلاقية
قيد الدراسة2
ينقل عن الميرزا الكبير المجدّد الشيرازي قدس سره انّه كان يقول: إذا لم يحضر إمام الجماعة إلى الصلاة، فعلى المأمومين أن يذهبوا إلى تشييعه، وإذا لم يحضر المدرّس إلى الدرس، فعلى التلاميذ أن يذهبوا إلى عيادته...
عدد الزوار: 72
العبادة والالتزامات الأخلاقية
ينقل عن الميرزا الكبير المجدّد الشيرازي قدس سره انّه كان يقول: إذا لم يحضر إمام الجماعة إلى الصلاة، فعلى المأمومين أن يذهبوا إلى تشييعه، وإذا لم يحضر المدرّس إلى الدرس، فعلى التلاميذ أن يذهبوا إلى عيادته... كناية عن لزوم حضور الإمام إلى الصلاة حتّى في أشقّ أحواله، ماخلا الموت، وحضور المدرّس إلى الدرس في جميع أحواله ماخلا المرض.
مصارعة الهوى
ذكر لي أحد الأصدقاء انه كان في طهران، حين ورود المرحوم الشيخ علي المقدس، إليها وهو في طريقه إلى خراسان، فدعي من قبل الأهالي إلى الصلاة بهم جماعة، فوافق الشيخ على طلبهم وصلّى بهم أيّاماً، وإزدحم المسجد بالمصلّين من كافة طبقات الناس، وخاصّة بالمقدّسين والأخيار، حتى حسده بعض الناس. وذات يوم حين كان راكباً على حمار له وهو في طريقه إلى زيارة السيّد عبد العظيم الحسني رضوان الله عليه في ري وإذا به يسقط من فوق الحمار على اُمّ رأسه إلى الأرض وينقل من فوره إلى المستشفى ويبقى فيها تحت العلاج والمراقبة عدّة أسابيع، وكان في أوائل الحادث على أثر إصطدامه الشديد بالأرض مغمى عليه مما سنحت الفرصة لحسّاده أن يقولوا عنه ان قد جُنّ من أثر الصدمة. حتى إذا بريء الشيخ مما نزل به وخرج من المستشفى طُلِب منه مواصلة إمامته للصلاة، فلبّى الطلب وخرج وقت الصلاة إلى المسجد، وإذا به يرى انه قد إزدحم المسجد بالمصلّين إزدحاماً منقطع النظير وقد توافد الناس للصلاة خلفه من كل صوب ومكان.
فلما رأى ذلك وكان قد وصله مقالة حاسديه، أخذ يحدث نفسه قائلاً: أين الذين كانوا يقولون عنك إنك قد جننت وفسد عقلك ليسقطوك عن أنظار الناس؟ فليحضروا حتى يشاهدوا هذا الاجتماع الكبير، والحشد الهائل من المصلّين! وبمجرّد أن تمّ حديث الشيخ مع نفسه إنتفض وكأنّه أفاق من غشوة، وجذب عنان مركبه ولوّى برأسه ليرجع من حيث أتى. فقال له بعض من كان بصحبته: إلى أين يا سماحة الشيخ؟ فأجاب قائلاً: إلى البيت. قال: ولم؟ قال: لأنّه قد حدثتني نفسي بحديث تبيّن لي منه: انّ إمامتي للصلاة من الآن ليست خالصة لوجه اللّه تبارك وتعالى، وإنما هي مشوبة بهوى نفسي، وإلا فما أنا والتباهي بكثرة المصلّين المؤتمّين بي؟ وما أنا والردّ على الطاعنين فيّ والباغين عليّ؟ ثم رجع. ولما علم الناس برجوعه، إزدحموا عليه، وكلما حاولوا إرجاعه لم يقبل بالرجوع ولم يؤمّ بعد ذلك صلاة جماعة مدّة بقائه في طهران، وإنما جمع أمره وسافر إلى مدينة مشهد المقدّسة للتشرّف بزيارة الإمام الرضا (صلوات اللّه وسلامه عليه).
قائد ثورة العشرين بين العبادة والعمل قيل: إنّه إقترح بعض رجال الدين على المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره قائد ثورة العشرين ضد الإحتلال البريطاني الإقتراح التالي قائلاً: انكم أسوة للناس وقدوتهم لكل خير، ولذا من الأفضل ان تقبّلوا عتبة الإمام الحسين عليه السلام حتى يتعلم الناس هذا التأدّب منكم. فأجاب الميرزا قائلاً اني أقبّل عتبة العباس عليه السلام والحر رضوان الله عليه فكيف بالإمام الحسين عليه السلام؟ وهكذا كانوا يعلمون الناس التوجه إلى قادة الإسلام وأئمة المسلمين من أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم. *ونقل لي والدي رحمه اللّه تعالى عن عمي السيد ميرزا عبد اللّه قدس سره الذي كان ملازماً للميرز علماً بأن الميرزا قدس سره من أخوال والدي وعمي انه مع طول ملازمته للميرزا لم تقع عينه في عيني الميرزا إلا مرّتين، حيث ان الميرزا كان شديد الحياء، كبير التواضع، كثير الفكرة، مطراقاً لا يرفع رأسه حتى مع من يريد ان يكلمه إلا نادراً، ولذلك لم تقع عين أحد في عينيه عادة.
ونقل لي والدي قدس سره أيضاً: بأنّ الميرزا إنحرفت صحته وتدهور مزاجه وحاله، وإتفق ان أهله سافروا مدينة بلد لزيارة السيد محمد أخ الإمام الهادي عليه السلام فأخذ عمي المذكور يباشر إدارة أموره الداخلية ويهيّء له طعامه وشرابه معتنياً به في ذلك من حيث الجودة والتركيز، فتحسّنت حاله وإعتدلت صحته، وتبيّن ان الإنحراف في صحته إنما كان قد نشأ من سوء التغذية، ومن عدم التركيز في الطعام الذي كان يقدم إليه، ولم يكن من عادته ان يأمر أحداً بشيء إطلاقاً وخاصة في مجال الغذاء واللباس وما أشبه ذلك مما يخصّه.
ونقل أحد علماء النجف الأشرف قائلاً: صحبت أنا وجماعة، الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره ذات مرة إلى زيارة مسجد السهلة، وبعد ان أتم أعماله خرج وخرجنا معه بإتجاه مسجد الكوفة، ولما إبتعدنا مقداراً عن المسجد، إذا به يبحث عن شيء ويلتفت يميناً ويساراً، فسألناه عما إذا فقد شيئاً، فلم يجبنا بشيء، وإنما رجع إلى ورائه حتى دخل المسجد وجاء إلى مكانه الذي كان قد جلس فيه، وإذا بقلمه ومحبرته قد نسيهما هناك، فأخذهما وإلتحق بنا، ثمّ لما سألناه أرانا القلم والمحبرة وقال: قد نسيتهما في مكاني فرجعت وأخذتهما. فتبين لنا انّه من عفّة نفسه لم يحب تكليف أحد حتى بمثل هذا التكليف البسيط.
وحكى أحد تجار كربلاء المقدسة وكان وكيلاً في توزيع الخبز من قبل الميرزا قدس سره قائلاً: وكنت ذات مرّة قد أتيت إلى دار الميرزا للمحاسبة، فلم أجده، فإحتملت ان يكون على السطح فصعدت السطح فإذا بي أراه مفترشاً جبهته الأرض، ساجداً للّه تعالى وهو يبكي ويناجي ربه، قال: فقلت في نفسي: لعله لا يحب أن أراه بهذه الحالة، فرجعت إلى صحن الدار وأخذت أناديه برفيع صوتي، فقال: من المنادي؟ قلت: أنا، فأذن لي بالصعود إليه بعد ان قام ولبس عباءته وقبائه وعمامته ورادئه ومسح دموع عينيه وتراب وجنتيه، فصعدت فرأيته في حالة طبيعية، فصفيت حسابي معه وودّعته وخرجت. إلى غير ذلك من أحواله العجيبة وزهده وورعه وتقواه، حتى قال أحد تلامذته، كنا إذا سُئِلنا عن عدالة الميرزا، نقول لهم: إسألوا عن عصمته الصغرى؟ الشيخ كاشف الغطاء لم يفعل مكروه يقال: أنّه سئل الشيخ جعفر، صاحب كتاب كشف الغطاء قدس سره عن أنّه هل من الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو الإمام عليه السلام لا يعصي اللّه تعالى طيلة عمره وكيف يمكن ذلك؟ فأجاب قائلاً: وهل تتعجّبون من ذلك؟ فإنّه لا عجب إذ انّي لست بمعصوم ولم أفعل مكروها طيلة أربعين سنة، فكيف بالإمام المعصوم عليه السلام؟نعم إنّ علمائنا الأخيار هم كذلك، ومن اللازم على الجميع الإقتداء بهم وخصوصاً طلاب العلوم الدينيّة، فإنّ خير الدنيا وسعادة الآخرة في التقوى وإجتناب معصية اللّه تبارك وتعالى.
من آثار الوضوء
قيل لوالدة الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره: هنيئاً لك على ما رزقك اللّه من ولد وبارك لك فيه، فلقد بلغ في العلم والتقوى درجات رفيعة، ومقامات عالية، قلّ ما يبلغهما أحد مثله. فقالت في جوابهم: انّي كنت اتوقع منه أكثر مما ترونه فيه، وأرقى ممّا وصل إليه اليوم، وذلك لأنّي لم ارضعه حتى رضعة واحدة من غير وضوء، فقد تحملت البرد والحر، في الصيف والشتاء وفي السفر والحضر وفي كل حال حتى توضأت ثمّ أرضعته، فكيف لا يكون هكذا من نشأ كذلك؟
2009-07-28