يتم التحميل...

العبادة

قيد الدراسة2

الإمام الخميني: ويقول أحد ملازمي الإمام في النجف الأشرف: يقرأ سماحته كل يوم عشرة أجزاء من القرآن في شهر رمضان، أي أنه في كل ثلاثة أيام يختم القرآن مرة.. كان الأخوة يفرحون أنهم ختموا القرآن مرة فيكتشفوا أن الإمام قد ختمه في نفس المدة عشراً أو إحدى عشرة مرة، وأتصور أن برنامجه الآن ما يزال كذلك.

عدد الزوار: 78

﴿وََمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(الذاريات:56)


الإمام الخميني: ويقول أحد ملازمي الإمام في النجف الأشرف: يقرأ سماحته كل يوم عشرة أجزاء من القرآن في شهر رمضان، أي أنه في كل ثلاثة أيام يختم القرآن مرة.. كان الأخوة يفرحون أنهم ختموا القرآن مرة فيكتشفوا أن الإمام قد ختمه في نفس المدة عشراً أو إحدى عشرة مرة، وأتصور أن برنامجه الآن ما يزال كذلك. ذات ليلة في شهر رمضان كنت نائماً، كان بيت الإمام صغيراً (45 متراً) استيقظت، سمعت صوتاً، ثم تبيّن أنه الإمام كان واقفاً في الظلام يصلي، وقد رفع يديه في القنوت وهو يدعو ويبكي.. كانت عادته في شهر رمضان أن يبقى إلى الصباح مشغولاً بالصلاة والدعاء، وبعد صلاة الصبح ينام قليلاً، ثم يبدأ بمزاولة أعماله1. جاء في بعض المطبوعات عن ابن الإمام قوله: في اليوم الأول لمغادرة الشاه لطهران كنا في نوفل لوشاتو، اجتمع حول منزل الإمام حوالي ثلاثمائة إلى أربعمائة صحفي، أعدّ للإمام مكان ووقف فيه، وكانت جميع الكاميرات تعمل.. كان المقرر أن يشترك كل عدة أشخاص من الصحفيين في سؤال واحد، أجاب الإمام على عدة أسئلة، سؤالين أو ثلاثة وسمع صوت آذان الظهر.. وفوراً غادر الإمام المكان وقال: الآن يفوت وقت فضيلة الظهر، فتعجب جميع الحاضرين من أن الإمام غادر المكان بدون مبرر، فطلب منه شخص أن يصبر عدة دقائق ليجيب على الأقل على أربعة أو خمسة أسئلة أخرى، فأجاب الإمام مغضباً: غير ممكن أبداً.

العالم الجليل الميرزا سليمان التنكابني
: يقول صاحب قصص العلماء حول والده المرحوم الميرزا سليمان التنكابني، الذي كان من تلامذة الحكيم الكبير والشهير الآخوند ملا علي النوري رحمه الله: كان والدي مواظباً على الصلاة أول وقتها وقراءة النوافل الراتبة، وكان يقرأ جزءا ًمن القرآن يومياً، وأيضاً سورة يس في كل صباح مع مائة مرة(لا إله إلا الله الملك الحق المبين) وبعض الأذكار الأخرى، وكان يقرأ سورة الواقعة في قنوت الوتيرة (نافلة العشاء) ولم يترك صلاة الليل أبداً. استيقظت ذات يوم وقت السحر، فرأيته يبكي بكاءً مريراً، وبعد مدة عندما توقف بكاؤه سألته عن السبب، فقال: كنت أقرأ في قنوت صلاة الوتر المناجاة الخمس عشرة وكنت أبكي، فجأة سمعت من السقف صوتاً يقول: أيها العالم العامل.. ولم يصرح المرحوم الوالد بأكثر من ذلك، ثم قال: عندما سمعت ذلك الصوت استولى عليَّ البكاء بحيث لم أتمكن من إتمام الصلاة، ولا إرادياً جلست وبكيت، وما دمت على قيد الحياة فلست راضياً أن تخبر أحداً بذلك. يقول صاحب قصص العلماء: كان المرحوم يقرأ مناجاة الخمسة عشر في قنوت الوتر دائماً2.

السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني
: أورد المرحوم الشيخ عباس القمي في ترجمته: وهذا السيد الجليل كان بكّاءً وكثير المناجاة، وقد نقل أنه في إحدى ليالي شهر رمضان دخل حرم أمير المؤمنين عليه السلام وجلس بعد الزيارة في جهة ما فوق الرأس المقدس، وبدأ بقراءة دعاء أبي حمزة، وبمجرد أن بدأ بعبارة (إلهي لا تؤدبني بعقوبتك) سيطر عليه البكاء، وأخذ يكرر هذه العبارة ويبكي حتى أغمي عليه وأخرجوه من الحرم المطهر3.

الإفراط والتفريط


للأسف فإن الكثيرين مبتلون في هذا الأمرالعبادة إما بالإفراط أو التفريط.. فالبعض وهم طبعاً قلة يعدون على الأصابع بمجرد أن يتعلموا عدة مصطلحات حرفية، وحفظ عدة أبيات من ألفية ابن مالك، يبتلون بالتكبر والتبختر والتفرعن، إلى حد أنهم يصبحون وكأنهم فتحوا الفضاء أو فلقوا الذرة، فيديرون ظهورهم لصلاة الجماعة والدعاء وزيارة عاشوراء و... ويجعلون وردهم دائماً ما يلي: إن مقام العالم أسمى من مقام العابد، والدعاء، وقراءة القرآن، والزيارة، شغل العجائز ومن ليسوا مشغولين بالدراسة، والعمل الإجتماعي، إن الدراسة واجبة، وهذه الأمور مستحبة. هؤلاء المساكين لا يعلمون أن أشخاصاً كالفيلسوف السبزواري رغم مقامه العلمي والعرفاني الشامخ، كان دائماً يتفرغ للعبادة ثلاث ساعات أول الليل، وكذلك الشيخ الأعظم الأنصاري، وفي زماننا الإمام الخميني مع أنه محيط العلوم والمعارف، ورغم كل مشاغله الإجتماعية فإنه يولي هذا الأمر أهمية كبرى، ويهتم به أيما اهتمام. العلم بدون زيارة عاشوراء وأمثالها ليس في الحقيقة (علماً) ولا يستحق أن يسمى (العلم الإلهي) بل ليس أكثر من معرفة بعض الإصطلاحات الجافة. وطبقاً لما قاله الإمام الصادق عليه السلام فإن نورانية العلم وحقيقته لا تحصل بقراءة بعض الكتب الأدبية والأصولية والفقهية، بل (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء) ومن حيث المبدأ فإن الدراسة ليست هدفاً، بل هي مقدمة لإقامة أحكام الله تعالى وتوجه عباده إليه.

في مقابل هذا الفريق فريق آخر تشبثوا بالدعاء والزيارة فقط، ا جانباً كل أبعاد الإسلام الأخرى، وانشغلوا بهذا البعد فقط، وبشكل ناقص أيضاً ومخرب ومضر، وحصروا هذا الدين الحنيف بالزيارات وأمثالها، فهم لا يدرسون أو يقتصرون في الـ24 ساعة على درس واحد ويمضون أكثر أوقاتهم بالبطالة والكسل، ويعتذرون بأننا (مشغولون ببناء النفس وتهذيبها) وأن (العلم يجلب الغرور) وهو (الحجاب الأكبر) وأمثال ذلك، بحيث أنه يجب أن يقال حول هذه لأقوال من هؤلاء الأشخاص: (كلمة حق يراد بها باطل). هؤلاء أيضاً مخظئون جداً، وكما يرفض الإسلام الفريق الأول فإنه يرفض الفريق الثاني، وينطبق عليهما معاً كلام أمير المؤمنين عليه السلام: لا ترى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً4. ألا يعلم هؤلاء الأشخاص أنه لو كان بالإمكان أن يصبح الإنسان عالماً بالدعاء وإدارة السبحة وتحريكها، فما هي الضرورة التي أوجبت على كبار علمائنا كما تقدم أن يبذلوا كل تلك الجهود المضنية في الدراسة، ويعانوا كل أنواع الحرمان والمشاكل والصعوبات والمصائب. هذا الفريق تكون عاقبة أفراده أنهم يصبحون جهلاء، وبعد فترة يضلون، ولا يستفيدون شيئاً إلا كونهم عبئاً على المجتمع، ويصرفون أموال بيت المال، ويريقون ماء وجه الشيعة. من الجدير بهؤلاء أن يطلعوا على ما جاء في مفاتيح الجنان في أعمال الليلة الواحدة والعشرين والثالثة والعشرين اللتين هما ليلة القدر وربيع العباد و(ليلة القدر خير من ألف شهر) ويقرؤوا هذه الجملة: وقال شيخنا الصدوق: ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل5. نستنتج مما تقدم حتى الآن أن الإفراط والتفريط كلاهما خطأ، وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام:اليمين والشمال مضلة، والطريق الوسطى هي الجادة6.


1- فرازهائي أز أبعاد روحي أخلاقي وعرفاني إمام خميني/19.
2- قصص العلماء/73.
3- منتهى الآمال: ج5/63.
4- نهج البلاغة: صبحي الصالح 479 باب الحكم الحكمة/70..
5- مفاتيح الجنان/222].
6- نهج البلاغة/صبحي الصالح/58/ خ16.

2009-07-28