احترام العلماء الصالحين
قيد الدراسة2
المحدث القمي في مفاتيح الجنان يقول المحدث الجليل القمي رحمه الله حول دعاء الجوشن الكبير: الثاني استحباب قراءة هذا الدعاء في أول شهر رمضان، وأما قراءته في خصوص ليالي القدر، فليس في الأخبار ذكر لذلك، لكن العلامة المجلسي قدس الله روحه، قال في ذيل أعمال ليالي القدر في زاد المعاد
عدد الزوار: 76احترام العلماء الصالحين
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات..﴾ٍ(المجادلة:11)
المحدث القمي
في مفاتيح الجنان يقول المحدث الجليل القمي رحمه الله حول دعاء الجوشن الكبير: الثاني استحباب قراءة هذا الدعاء في أول شهر رمضان، وأما قراءته في خصوص ليالي القدر، فليس في الأخبار ذكر لذلك، لكن العلامة المجلسي قدس الله روحه، قال في ذيل أعمال ليالي القدر في زاد المعاد: وقد ورد في بعض الروايات قراءة دعاء الجوشن الكبير في كل ليلة من هذه الليالي الثلاث وكلامه في هذا المجال كاف، أحله الله دار السلام1. ويقول هذا المحدث العظيم في ترجمة أحد فلاسفة الشيعة الكبار: وقد نبه بعض العلماء إلى أخطائه ولكن حيث (أني أنا) الحقير لا أرى نفسي أهلاً لنقل عثرات العلماء، فضلاً عن العظماء والقادة، فلا جرم أطوي كشحاً، وأرجع إلى ترجمته. وقد جاء في ترجمة هذا المحدث الجليل القمي: كان شديد الاحترام لأهل العلم وخصوصاً السادات وأولاد رسول الله.. وإذا وجد سيد في المجلس لم يكن يتقدم عليه ولا يمد رجله باتجاهه.
وينقل ابنه عن المرحوم سلطان الواعظين قوله: في أوائل طبع "مفاتيح الجنان"، كنت ذات يوم في سرداب سامراء، وكان الكتاب بين يدي وكنت مشغولاً بالزيارة، رأيت شيخاً يلبس عباءة عادية (من النسيج اليدوي) وعمامة صغيرة، جالساً مشغولاً بالذكر، وسألني الشيخ: لمن هذا الكتاب ؟.. قلت: للمحدث القمي.. وبدأت أمدح الكتاب، قال الشيخ: لا يستحق المدح إلى هذا الحد، فلا تمدح بدون مبرر.. قلت مغضباً: قم واذهب من هنا، فوضع الجالس بجانبي يده عليَّ وقال: تأدب!.. إنه هو المحدث القمي، فقمت وقبلته واعتذرت منه، وانحنيت لأقبّل يده، ولكنه لم يسمح بذلك، وانحنى وقبّل يدي وقال: أنت سيد. يقال: قبل وفاة المحدث القمي بساعات جاؤوه بمقدار من عصير التفاح، وكانت طفلة من السادة في منزله رحمه الله، فقال المحدث: قدموا ذلك لهذه الطفلة العلوية أولاً لتشرب ثم اعطونيه. وهكذا كان.. قدم العصير للطفلة فشربت قليلاً، ثم شرب المحدث الباقي بقصد الاستشفاء2.
الشيخ جعفر الكبير(كاشف الغطاء): يقول صاحب كتاب اللمعات في كتابه هذا: قال أستاذنا الشيخ حسن بن الشيخ جعفر الكبير صاحب كتاب (كشف الغطاء) في مجلس الدرس ذات يوم: كان الشيخ الكبير في الليالي ينام قليلاً ثم يستيقظ ويبقى مشغولاً بالمطالعة إلى وقت صلاة الليل، ثم يأخذ بالتضرع والمناجاة إلى طلوع الفجر. ذات ليلة سمعنا صراخه ونحيبه، وكان كأنه يلطم على رأسه، ركضت أنا وإخوتي فرأيناه وقد تغيّرت حالته وقد بللت دموعه ثيابه، وهو يلطم على رأسه ووجهه، امسكنا بيديه، وسألناه عن السبب قال: صدر مني خطأ، ذلك أني أول الليل كنتأفكر في مسألة فقهية بيّن العلماء الكبار حكمها، وكنت أبحث عن دليل الحكم في أحاديث أهل البيت عليه السلام فراجعت كتب الأحاديث عدة ساعات، ولم أجد مستندها، وتعبت وقلت بسبب التعب الشديد: جزى الله العلماء خيراً حكموا حكماً بدون دليل ثم نمت، فرأيت في عالم النوم أني ذهبت إلى الحرم المطهر لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام، وعندما وصلت إلى محل نزع الأحذية رأيت في الصُّفة سجاداً، ومنبراً عالياً في صدر المجلس، وشخصاً موقراً ذا وجه جميل ونوراني جالساً على المنبر، وقد أخذ بالتدريس، وكان المكان غاصاً بالعلماء الاعلام، يستمعون إلى الدرس، سألت شخصاً: من هم هؤلاء؟.. ومن هو الجالس على المنبر ؟.. قال: هو المحقق الأول صاحب الشرائع، وهؤلاء الذين تحت المنبر هم علماء الشيعة.. فسررت وقلت في نفسي: حيث أني منهم طبعاً سيحترمونني، وعندما صعدت إلى حيث كانوا سلمت، ولكنهم أجابوا جواب المكره العابس، وأرشدوني إلى مكان للجلوس، فغضبت لذلك، والتفت إلى المحقق وقلت: ألست من فقهاء الشيعة، فلِمَ تتعاملون معي هكذا؟..
فقال المحقق بمنتهى الحدة: يا جعفر، بذل علماء الإمامية جهوداً وأنفقوا الكثير حتى جمعوا أخبار الأئمة الأطهار من أطراف المدن من الرواة، وصنفوا كل حديث في محله بأسماء الرواة، وأحوالهم، وتصحيحها، وتوثيقها أو تضعيفها، حتى يأتي أمثالك ويجدوا مستند الأحكام ودليلها.. أنت جلست عدة ساعات على السجادة ولاحظت عدداً من الكتب الموجودة لديك ولم تلاحظ بعد كل ما لديك وفوراً، اعترضت على العلماء ونسبت إليهم أنهم أفتوا بدون مستند ودليل، في حين أن هذا الرجل الموجود تحت المنبر، أورد هذا الحديث في عدة أماكن من كتابه، وذلك الكتاب موجود بين كتبك ومؤلفه هذا الشخص الذي يسمى الملا محسن الفيض الكاشاني. أضاف الشيخ جعفر: فارتعدت فرائصي من كلام المحقق، واستيقظت من النوم، وبسبب ذنبي والندم عليه أصبحت على هذه الحالة التي ترون3.
أعلى درجات الأدب
يقول أحد تلامذة العلامة الطباطبائي: كان لاستاذنا العلامة الطباطبائي رحمه الله علاقة وإعجاب شديد باستاذه المرحوم القاضي.. كان حقاً يرى نفسه أمامه صغيراً، وكان يبحث في شخصية المرحوم القاضي عن دنيا من العظمة والأبهة وأسرار التوحيد والملكات والمقامات. ذات يوم قدمت له هدية عطر، تناول العطر بيده وفكر قليلاً وقال: مرت سنتان على وفاة استاذنا المرحوم القاضي، ومنذ ذلكالوقت وإلى الآن لم أتعطر.. يضيف تلميذه: وإلى هذه الفترة الأخيرة كلما كنت أقدم له عطراً كان يقفل القنينة ويضعها ولم أرَ أنه تعطر.. مع أنه مضى على وفاة استاذه ست وثلاثون عاما4ً.
1- مفاتيح الجنان/85.
2- حاج وشيخ عباس قمي مرد تقوا وفضيلت/62/64.
3- زندكَاني وشخصت شيخ أنصاري/155/157.
4- مهرتابان/ 15/16.